logo

logo

logo

logo

logo

مزدك، المزدكية

مزدك، مزدكيه

Mazdak and mazdakism - Mazdak et mazdakisme

مزدك، المزدكية

(487 ـ 531م)

 

المزدكية عقيدة تنسب إلى مزدك بن موبذان الذي ادعى النبوة في زمن الملك قباذ بن فيروز والد أنوشروان.

ولد مزدك في بلاد فارس واختلف في عام ولادته فقيل 467 وقيل 487م. انصرف في حياته، لدراسة فكر زرادشت وماني وتعاليم اليهودية والمسيحية، وتعمق في دراسة الطبقات الاجتماعية المسلَّم بها لدى المجتمع الفارسي، وأدرك أنه قادر على قيادة ثورة اجتماعية، فدعا الناس إلى حل مشكلاتهم ونبذ خلافاتهم بجعل الحق في أموالهم ونسائهم مشاعاً بينهم، وقد نجح سعيه هذا بين الناس عامة والمحرومين منهم خاصة، إلى أن مات مقتولاً.

وقد رويت حادثة مقتله بأشكال مختلفة، ولعل أشهرها وأكثرها قبولاً هي: أنه تطبيقاً لمعتقده الإباحي فقد ألزم الملك قباذ ـ وهو من أتباعه ـ أن يرسل زوجته ليستمتع بها غيره، فتأذى ابنه أنوشروان من ذلك، فقال لوالده الملك: اترك بيني وبينه، فأناظره، فإن قطعني (غلبني) أطعته، وإلا قتلته، فلما ناظره وتفوق عليه وانقطع مزدك عن المناظرة وأفحم قتله وأتباعه وكل من هو على دين الإباحة، ولم يبق منهم إلا نفر قليل تمكنوا من الخلاص واستمروا في معتقدهم، بعد ظهور الإسلام وانتشاره إلى زمن الدولة الأموية في الشام.

اتهم مزدك بالإباحية لكنه رد على ذلك مشيراً إلى حرمان المحرومين من الزواج، وتعدد الزوجات لدى الأغنياء، فقصد أن يكون لكل إنسان امرأة وعدم حرمان أحد، ولكن من دون ارتباط زوجي ملزم.

كان مزدك ينهى الناس عن المخالفة والمباغضة والقتال، ولما كان أكثر ذلك يقع بسبب النساء والأموال فقد أحل جميع النساء فلا حرمة لأي امرأة بين الرجال، فكل النساء مباحة، وأباح الأموال وجعل الناس شركة فيهما كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ.

قامت المزدكية في زمن نشأت فيه مذاهب فكرية عديدة في بلاد النهرين، أقدم ما وصل إلينا منها عبادة النار وعبادة بعض القوى المجردة، ثم تمخضت المعتقدات القديمة ذات المصادر المختلفة عن الديانة المزدكية التي انتشرت في إيران أوسع انتشار والتي قالت بالكونين والأصلين، وكان من معتقداتها أن الإله «مزدا» ومعناه العقل (الذكاء) وهو الإله الحكيم العاقل الذي برز من بين الآلهة المتعددين وهيمن عليهم قد اندمج بالإله «أهورا» إله القوة العاقلة وكوّنا إلهاً واحداً هو «أهورا مزدا» فصار الإله الأول، ثم أقامت الديانة المزدكية في مواجهته إلهاً آخر أسمته «أهريمان» وجعلته إله قوى الشر الموجودة في العالم، فالإله العاقل الحكيم لا يصدر عنه إلا الخير، يقول مزدك إن النور «أهورا مزدا» يفعل بالقصد والاختيار وهو عالم حساس، والظلمة «أهريمان» يفعل على الخبط والاتفاق فهو جاهل أعمى.

وأركان العقيدة المزدكية ثلاثة هي الماء والأرض والنار، وقد حدث عن اختلاطها مدبر الخير ومدبر الشر، فما كان من صفوها فهو مدبر الخير وما كان من كدرها فهو مدبر الشر.

وللإله ميترا إله النور والعقود الذي خلقه أهورا مزدا منزلة رفيعة.

والإله في المزدكية يجلس على كرسيه في (العالم العلوي)، وبين يديه قوى أربع هي: التمييز والفهم والحفظ والسرور، وفي مقابله يجلس «خسرو» في (العالم الأسفل) ولديه أربعة أنواع من الرجال هم رجال الدين والحرب والحكمة والموسيقا.

 وترى المزدكية أن الإله «أهورا مزدا» قد أوجد هذه الدنيا دفعة واحدة، وخلق لها إنساناً واحداً هو آدم، وجعلها لـه يأكل من طعامها ويشرب من شرابها ويتلذذ بملذاتها ويستمتع بنسائها، فلما مات آدم جعلها ميراثاً بين أولاده بالتساوي ليس لأحد منهم فضل في مال ولا أهل، فمن قدر على ما في أيدي الناس وتناول نساءهم بسرقة أو بخيانة أو بمكر أو بخلافه أو بأي طريقة أخرى فهو مباح وسائغ، وكل ما يزيد من فضل لدى بعضهم فهو محرم عليهم حتى يصير بالتساوي بين العباد سواء.

وقد رفضت المزدكية التفاوت الطبقي والتمايز الاجتماعي السائدين في المجتمع الفارسي، وتمكنت من القضاء عليهما في زمن الملك قباذ بن فيروز بدعوتها إلى إلغاء الطبقية والتحرر من الرق الجسدي والنفسي، لمن يقف في أعلى السلم الطبقي وأدارت جدلاً حامياً حول الأموال والنساء.

كذلك دعت إلى نبذ الخلافات والكراهية والاقتتال وكل ما يدخل الألم في نفوس الناس، وحرمت ذبح الحيوان واكتفت من الطعام بما تنبته الأرض وما يتولد من الطير والحيوان كالبيض واللبن والجبن، وحددت ملكية الغذاء ليوم واحد، واللباس لسنة واحدة، وهي فرق عدة: الكوزكية، وأبو مسلمية والماهنية، والاسبيدجامكية؛ وهي منتشرة في نواحي الأهواز وفارس ونواحي سمرقند والشاش.

زلزلت المزدكية أركان الامبراطورية الساسانية بتيارها المتمرد، وأفكارها الثورية، وظل صداها يتردد لدى الخارجين على الدولة حتى ثورة الزنج والقرامطة.

عدنان أبو عمشة، يوسف الأمير

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد أمين، فجر الإسلام (دار الكتاب العربي، بيروت 1979).

ـ كريستنسن، إيران في عهد الساسانيين، ترجمة يحيى الخشاب (الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة سلسلة الألف كتاب، د.ت).

ـ مرسيا إلياد، تاريخ المعتقدات والأفكار الدينية، ترجمة عبد الهادي عباس (دار دمشق، 1987).

ـ الشهرستاني، الملل والنحل (دار المعرفة، بيروت، د.ت).

ـ البغدادي، الفرق بين الفرق (دار الآفاق، 1982).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 462
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1048
الكل : 58491267
اليوم : 63781

المسلمي الحصني

المَسْلَميُّ الحصْنِيُّ (… ـ .… هـ/… ـ … م)   محمَّد بن يزيد بن مَسْلَمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القُرشيُّ الأمويُّ أبو الأصبع أو الأصبغ المَسْلَميُّ الحصْنِيُّ، أديبٌ شاعرٌ، شعره حسنٌ، وصلَ إلينا قليل منه، عاصر الخليفةَ المأمون، ومدحَهُ. كان ينزل بديار مُضَر بجزيرة الشَّام بالقرية المعروفة بحصن مَسْلمة، من كوُرة الرَّقة؛ فنُسب إليه، وشعره في المدح والهجاء والنقائض، عُرف بعروبيَّته وأظهرَ هذه النَّزعة في شعره، وساءه ما كان في عصره من أقوال الشُّعوبيِّين الذين لم يحفظوا فضل العرب عليهم.

المزيد »