logo

logo

logo

logo

logo

كلب بن وبرة (قبيلة-)

كلب وبره (قبيله)

Kalb ibn Wabra tribe - Tribu de Kalb ibn Wabra

كَلْبُ بْنُ وَبْرة (قبيلة ـ)

 

قبيلة كبيرة مشهورة من قبائل العرب، ذات بطون كبيرة كثيرة، يرجع نسبها إلى كلبِ بن وَبْرة ابن تغلب بن حُلوان بن عِمران بن الحافِِ بن قُضاعة، وقضاعة مُختلَفٌ في نَسَبِه إلى مَعَدّ بن عدنان أو إلى حِـمْيَر[ر: قضاعة].

ولفظ «كَلْب» في العربيّة يدلُّ على كلّ سَبعٍ عَقورٍ، وكانَ لكلب بن وبرة إخوة عدّة سُمّوا بأسماء السـباع، مثل أسـد ونَمِر وثَعْلَب، وكان يقال لأمِّهم أمّ الأَسْبُعِ، وبِهِم سُمّيَ «وادي السّباع».

ويَعُدّ النّسّابون العرب «كلب بن وبرة» أَحَد «الحمقى الـمُنْجِبين» لكثرة نَسْلِهِ، حتى ذَكروا أنّ بَدْوَ كلبٍ وحدَهم يزيدونَ على قيسٍ وخِنْدِفَ في البَدْوِ والحَضَر؛ ويَعُدُّون القبيلة إحدى «جماجم العرب»، والجُمجمة هي القبيلة التي تَجمَعُ البطون فيُنْسَبُ إليها دونَهم، فإذا قيل: «فلان الكلبيّ» استُغنِي عن النسبة إلى شيء من بطونها.

بطون كلبٍ كثيرةٌ، وربّما نُسِبَ إليها، مثل بني جَنَاب بن هُبَل وهم بطون منهم: بنو عُلَيْم بن جَنَاب وبنو عَدِيِّ ابن جَناب وغيرهما؛ ومن بطون كلب: بنو عامر الأكبر بن عوف، وهم بطن عظيمٌ جداً، وكان عامر الأكبر أخا عامر ابن صَعْصْعة لأمّه، وليس في العرب أكثر منهما عدداً، وكان عدد بني عامر الأكبر في الديوان حين مات هشام بن عبد الملك أربعين ألفاً؛ ومن بطون كلب: بنو كِنانة بن عوف، وهم كنانةُ كلب، منهم بنو عبد وَدّ، وبنو عامرِ الأجدارِِ.

 ومنازل كلب كانت قديماً في تهامة مع سائر قبائل قضاعة، أيامَ كان أولادُ مَعَدّ مقيمين فيها جميعاً كأنهّم قبيلة واحدة قبل أن يكثُرَ عددُهم، وفيها موضعٌ لكلب يُعرَفُ بجَدِيرِ كلب؛ ثمّ وقعت حربٌ بين قضاعة وسائِر معدّ فقُهِرت وأَجْلَتْ عن منازلها، فمال معظم بني كلب إلى جبل (حَضَن) وما جاوره من حدود نجد، وانضمّ بعضهم إلى فَهْمِ بن تيم اللاّت بن أسد بن وبرة، فساروا إلى البحرين وتَنَخُوا فيها، ثمّ ساروا إلى الحيرة، وكانت لمَنْ فيها من كلب مكانة، ولبني عَدَسَةَ منهم حِصْنٌ مشهورٌ فيها، وممّن عُرِفَ من كلبٍ في الحيرة المتجرّدة بنت المنذر بن الأسود الكلبيّة، كانت تحت ابن عمها أسود بن المنذر بن حارثة ثم تزوجها المنذر بن المنذر والد النعمان، ثم خَلَف عليها النعمانُ زَواج مَقْتٍ، ومنهم وبرة بن رُومانس الكلبيّ أخو النعمان بن المنذر لأمّه، وكان ابنهُ المنذر بن وبرة رأساً من رؤوس المرتدّين؛ ثم انتشرت قبائل نزار ابن معدّ وخرجت من تهامة، فأزالوا مَنْ أقام بحضَن وما جاوره عن منازلهم، فانحازوا إلى «الرّبذة» وما خلفها إلى جبل «طَمِيّة» بنجد؛ ثمّ وقعت الحرب بين قبائل كلب نفسها، فظعنت قبائل عامر بن عوف إلى أطراف الشام وناحية «تَيْماء»، ونزلَتْ كِنانةُ كلبٍ ومَنْ حالفها من سائر البطون بـ«دُومَةِِ الجندل» وما حولهَا إلى قريب من جَبَلَيْ طيّىء وطريق تيماء؛ فكانت بلاد كلبٍ في الجاهلية واسعةً جداً تدخل فيها «بادية السّمَاوة» بين العراق والشّام، وهي خاصّةٌ بهم لا يشاركهم فيها أحد، ولهذا كانوا يُعَدّون مِنْ «أَرحاء العرب»، وهي القبائل المُشَبَّهة بالرّحى، تكون لها أرض تَحْمِيها ولا تَظعَنُ عنها.

ولمّا جاء الإسلام وحُرِّرَت بلاد الشام وغيرها انتقل كثير منهم فأقاموا في «دمشق» وما حولهَا، فكانت «المِزّة» قريتَهم وعُرِفَتْ باسم «مِزّةِ كلب»، وأقام كثيرون منهم في بِقاع لُبنان فعُرِفَ باسـم «بِقاع كلب»، وأقام قومٌ من بني عامر الأكبر في «حُوّارين» قرب «القريتَيْن» وفي «تدمر» وما حولهَا، ومن المدن والقرى التي أقامت فيها بطون كلب: سَلَمْيَة وحمص وحماة وشَيْزَر ومَـنْبِج وما حول حلب، وأقام قومٌ في مَنْفَلُوط بصعيد مصر، وفي الدَّقَهْليّة والشرقيّة.

 وتؤكد أخبار كلب أنّ الوثنيّة كانت غالبةً عليهم كغيرهم من قبائل العرب في الجاهلية، إذ كان لهم صنم بدُومةِ الجندل هو «وَدّ»، ولم يزالوا يعظّمونه ويَسْدِنونه حتى هدمه خالد بن الوليد في السنة الثامنة للهجرة؛ وكانوا يعظّمون إلى جانبه مناة واللاّت والعُزّى ويغوثَ ورُضَى وفَلْساً وعَـمْرَة وعَبْعباً والأُقَيْصِرَ وغيرَها، وأسماؤهـم تؤكِّد ذلك. ودَخَلَتِ النّصرانيّة في كلبٍ بأخَرَةٍ من العصر الجاهليّ، وكان دخولها فيهم كدخولها في معظم قبائل العرب التي أقامت في الشام والعراق وما جاورهما، وممّن دخل في النصرانيّة منهم بنو عدسةَ -وهي أمّهم- وكانوا في الحيرة، وبنو خالتهم بنو مَدَرة، وذكر ابنُ الكلبيّ أنّ كَلْباً كلَّها أسلمتْ ولم يبق على النصرانية غيرُ بني مَدَرة. ودخل فيها أفرادٌ  ذكِروا بأعيانهم أنّهم كانوا نصارى، منهم الفَرَافِصة بن الأحوص، وأسلم بَنوه، ومنهم مُدْرِكٌ ونائلة زوجُ عثمان t، وامرؤ القيس ابن عديّ أسلم في عهد عمر t وزوّج بناتِهِ علْياً والحسن والحسين رضي الله عنهم.

وفي صدر الإسلام كان مِنْ أوّل من آمن بالنبيّ r حينَ بُعِثَ مَوْلاه  زيدُ بن حارثة الكلبيّ الذي كان يُقال له زيد بن محمد، ثمّ دخل في الإسلام سعد بن خُوليّ الكلبيّ وكان مقيماً في مكّة فهاجرَ ثمّ استُشْهِد يومَ أُحُد؛ وبعدَ الهجرة دخل في الإسلام دِِحْيَة بن خَلِيفة الكلبيّ، وكان حاملَ كتابِ رسول الله r إلى قيصر؛ وفي السّنة السّادسة للهجرة أسلمَ سيّد كلبٍ في دُومةِ الجندل الأصبغُ بن عمرو، وأسلم معه ناسٌ كثيرون منهم؛ ثمّ وفدت وفودٌ من كلب مُعْلِنَةً إسلامها، وجعل النبيّ امرأ القيس بن الأصبغ عاملاً له على بني كلب، وكان من الثابتين على الإسلام أيام الرّدة، فنهض لمقاتلة المرتدّين مع مَنْ ثبتوا على الإسلام؛ وكان آخر جيش جهّزه رسول الله r لقتال الروم بقيادة أسامة بن زيد بن حارثة الكلبيّ، بعدَ ما أرسلَ أباه قائداً على جيش لقتالهم في الشـام، فكانت غـزوة مُؤتة التي اسـتُشْهِد فيها، ولم يرسـل النبيُّ جيشاً فيه زيد إلاّ جعله قائداً له. وفي السنة الرابعة عشرة للهجرة بعث يزيدُ بن أبي سفيان رضي الله عنهما دِحْـيَة الكلبيّ في خيلٍ إلى أهل تدمر من بني كلبٍ فصَالَحَهُ أهلها.

ولم يَدخلْ أهلُ دُومةِ الجندل في طاعةِ عليّ ولا معاوية أيام الفتنةِ، ولذلك كانت المفاوضات للصُّلح بينهما فيها.

وفي أيام بني أميّة كان لبني كلب أثر كبير في الحياة العامّة، ذلك أن كثيرينَ من أشراف قريش رَغِبوا في مصاهرة كلبٍ منذ  أن بدأ تحرير بلاد الشام، وممّن أصهر إليهم عبد الرحمن بن عوف بأمرٍ من النبيِّ r، وعثمانُ وعليّ وابناه ومروان بن الحكم ومعاوية وغيرهم، فكانت ميسونُ بنت بَحْدَل زوجَ معاوية، وليلى بنت الأصبغ زوج مروان؛ وظهرت أسماء رجال كانوا قوّاداً منهم، مثل حسان بن مالك بن بَحْدل الذي شدّ الحكم لمروان بن الحكم، وكان من قبلُ عاملاً على فلسطين والأردنّ، وحُمَيد بن حُرَيث بن بحدل صاحب شرطة يزيد، وسفيان بن الأبرد من أبرز مقاتلي الخوارج، وبشر بن صفوان عامل يزيد بن عبد الملك على مصر ثم على إفريقيَّة، وأخوه حنظلة بن صفوان والي مصر، وأبو الخطّار حسام بن ضرار والي الأندلس الذي سمّى بعض مدنها بأسماء مدن الشام، وكان الأبرش سعيدُ بن الوليد أخصّ الناس بهشام بن عبد الملك، والحكمُ بن عَوَانة والي هشام على خراسان، ثم على السِّند، فقُتِل شهيداً وقُـتِل معه أربع مئة رجل من كلب، وكان علاّمةً بالأخبار والأنساب؛ ولمّا فتح العرب صقلّية كان معظم أمرائها من كلب بن وبرة.

وظهرَ بعد ذلك رجالٌ منهم عُرِفوا بالعلمِ والإمارة، منهم: محمد بن السائب الكلبيّ المفسّر الإخباريّ، وابنه هشام أبو المنذر شيخ النَّسَّابين العرب، وعَوانة بن الحكم بن عوانة الفقيه الإخباريّ، وأسامة بن منقذ الكنانيّ الكلبيّ الأمير الشاعر، وإبراهيم الغزّي الشاعر، والحافظ الإمام المزّي، والمفسِّر ابنُ عطية، والمفسر ابن جُزَيّ، وغيرهم كثير.

محمد شفيق البيطار

الموضوعات ذات الصلة:

زيد بن حارثة ـ صقلية ـ ابن الكلبي (هشام بن محمد ـ) ـ منقذ (بنو ـ) ـ ميسون بنت بحدل الكلبي.

مراجع للاستزادة:

ـ ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (دار المعارف، مصر 1970)

ـ محمد شفيق بيطار، ديوان بني كلب بن وبرة (دار صادر، بيروت 2001).

ـ ابن الكلبي، نسب معد واليمن الكبير، تحقيق محمود فردوس العظم (مكتبة النهضة، دمشق د.ت).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 320
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1047
الكل : 58492022
اليوم : 64536

بودان (جان-)

بودان (جان ـ) (1530ـ 1596)   جان بودان  Jean Bodin  فيلسوف ورجل دولة فرنسي، ولد في أنجو، وتوفي بالطاعون في لاون. وكثير من تفاصيل حياته مشكوك فيها؛ ومنها ما يتعلق بولادته وانتمائه الديني: هل كان كاثوليكياً أو كلفينياً؟ ويعتقد بعضهم بأن أمه يهودية تنصرت. درس بداءة في أنجو، ثم درس الحقوق في تولوز، وهناك أصبح أستاذاً للقانون الروماني، ولم يلبث أن غادرها إلى باريس لممارسة مهنة المحاماة، ثم ترك المحاماة عام 1561 للدخول في خدمة الملك. وفي عام 1570 عُين نائباً عاماً  للمياه والغابات في النرمندي. وكان للحماسة التي أظهرها في الانتصار لحقوق الملك على طبقة النبلاء أن أكسبته عطف الملك.
المزيد »