logo

logo

logo

logo

logo

الكلاعي (سليمان بن موسى-)

كلاعي (سليمان موسي)

Al-Kala’i (Sulayman ibn Musa-) - Al-Kala’i (Sulayman ibn Musa-)

الكَلاَعي (سليمان بن موسى ـ)

(565 ـ 634هـ/1170ـ 1237م)

 

أبو الرَّبيع، سليمان بن موسى بن سالم، الحِمْيري، الكَلاَعي، الأندلسي، ويعرف بـ(ابن سالم)، وينسب إلى (ذي الكَلاَع الأصغر) ملك اليمن الذي عاش في آخـر أيام الجاهلية، فكتب إليه النبي r مع جرير بن عبد الله البَجَلي، فأسلم وأعتق يوم أسلم أربعة آلاف عبد، ثم هاجر بقومه في أيام عمر بن الخطاب t إلى المدينة المنورة، ثم سكن حمص وتولى قيادة أهلها في جيش معاوية أيام صِفِّين وقتل بها.

كان أبو الربيع الكلاعي محدِّث الأندلس، وآخر الحفاظ والبلغاء في عصره. ولد سنة 565هـ في بعض ثغور بَلَنْسِيَة الشرقية، وما لبث أن انتقل به أهله وهو ابن عامين إلى بلنسية، فاستقر فيها، ونشأ على حب العلم وارتياد حلقات العلماء. ثم ارتحل سنة 587هـ في طلب العلم في بلاده الأندلس، فزار مَرْسِيَة وإشبيلية وغَرْناطة وشاطِبة ومالَقة… وحصَّل في رحلته هذه مختلف العلوم والفنون، ونال الإجازة من كثير من العلماء والشيوخ.

ولما رجع إلى بلده بلنسية أخذ أهل العلم يتوافدون إليه من المشرق والمغرب للأخذ عنه والسماع منه؛ فكثر تلاميذه، وحظي معظمهم بالإجازة منه في شتى العلوم.

وقد عرف عنه أنه كان حسن الهيئة والمركب والملبس والصورة، كريم النفس، يطعم فقراء الطلبة وينشطهم ويتحمل مؤونتهم. وكان من ألمع هؤلاء الطلبة محمد بن عبد الله بن الأبَّار صاحب كتاب «التكملة» وأكبر مصنِّف لمعاجم الرجال أطلعه الأندلس، فقد صرح بأنه وضع كتابه هذا استجابة لطلب أستاذه أبي الربيع، وأنه استفاد من مكتبته العامرة بالكتب والدواوين النفيسة، وأن أستاذه أجاز لـه غير مرة جميع ما رواه وجمعه وأنشأه حفظاً ولفظاً، وأنه انتفع به في علم الحديث كل الانتفاع.

أجمعت مصادر التراجم الأندلسية على أن الكلاعي كان إماماً متقدماً في علم القراءات، بارعاً في علوم القرآن والتجويد، مبرزاً في فنون المعقول والمنقول والموزون والمنثور، وكـان حافظاً للحديث، تام المعرفة بطرقه، ضابطاً لأحكام أسانيده، ذاكراً لرجاله، عارفاً بالجرح والتعديل. وكان حسن الخط، لا نظير لـه في الإتقان والضبط، مع الاستبحار في الأدب والتأريخ، والاشتهار بالبلاغة والفصاحة وإنشاء الرسائل.

وقد نُدب للعمل في ديوان الإنشاء فاستعفى، وولي القضاء فعرف بالعدل والاستقامة، كما ولي الخطابة في جامع بلنسية. وكان إضافة إلى علمه ذا جلالة ونبل ورياسة وفضل، حتى أصبح المتكلمَ عن الملوك في مجالسهم، والمنبئ عنهم لما يريدونه على المنبر في المحافل.

أما في ميدان الشعر فقد أُثر عنه شعر وجداني رائق، تغلب عليه الحكم الدينية والنفحات الصوفية، فمن ذلك قوله في المناجاة الإلهية:

                    أمَوْلَى الموالي ليس غيرُك لي مَوْلَى

                                                  وَمَا أحدٌ يا ربِّ منكَ بذا أَوْلَى

                    تَبَاركَ وجْـهٌ وُجِّهتْ نَحْوَهُ المُنَـى

                                                 فأوْزَعَهَا شُكرَاً وأوسَعها طَوْلا

                    ومـا هو إلا وَجهُك الدَّائـمُ الـذي

                                                أَقَلُّ حُلى عَلْيَائِهِ تُخْرِسُ القَوْلا

وكان من أُولي العزم والبسالة والإقدام والشهامة، يحضر الغزوات ويباشر بنفسه القتال مقبلاً غير مدبر. فلما شدد الإسبان الحصار على بلنسية كبرى قواعد شرقي الأندلس خرج الكلاعي يتقدم الصفوف زاحفاً إلى العدو في موقعة أَنِيشة وهو ينادي بالمنهزمين: أمن الجنة تفرون! حتى قُتل صابراً محتسباً والراية في يده، وفُقد معه خلق كثير بين قتيل وأسير. وفي تلك الموقعة أنشأ ابن الأبَّار قصيدة طويلة يرثي فيها شيخه الكلاعي ومن استشهد معه، جاء فيها:

                    سَقَى الله أَشْلاءً بِسَفْحِ أَنِيْشـةٍ

                                              سَـوَافِحُ تَزْجِيْهَا ثِقالُ الغمائـمِ

                    وما بذَلُوْا إلا نُفُوسَـاً نَفِيْسَـةً

                                             تَحِنُّ إلى الأُخرى حنينَ الرَّوائِمِ

                    سَلامٌ عَلَى الدُّنيا إذا لَمْ يَلُحْ بها

                                             مُحيَّا سُلَيْمَانَ بْنِ مُوْسَى بنِ سَالمِ

                    يَمَانٍ كَلاَعِيٌّ نَمَاهُ إلى الْعُـلا

                                             تَمَـامٌ حَـوَاهُ قَبْلَ عَْقدِ التَّمَائِـمِ

خلَّـف ابن سالم الكلاعي ما يقارب خمسة وعشرين مؤلفاً في مختلف العلوم والفنون، ولعل أوسعها شهرة كتابه «الاكتفا في مغازي المصطفى والثلاثة الخلفا» وهو كتاب يقع في أربعة مجلدات، يستعرض فيه المؤلف تاريخ ابتداء الإسلام وأطرافاً من سيرة رسول الله r، والغزوات التي جرت في أيامه وأيام خلفائه الثلاثة الأول رضي الله عنهم، مستعيناً في ذلك كله بمصنفات من سبقه من أئمة كتَّاب السيرة النبوية، كابن إسحاق وموسى بن عقبة والواقدي وغيرهم ممن لم تصلنا كتبهم كاملة، إلا أنه حذف من تلك المصادر الأنسابَ المطولة والأخبارَ المتعارضة والروايات التي ليس لها علاقة بالمغازي، ولم يُبق إلا ما أيدته الأحاديث الصحيحة المروية عن فحول الصحابة والتابعين «حتى لا يبقى إلا الأخبار المجردة، وخلاصة المغازي التي هي في هذا المجموع المقصودة المعتمدة».

وقد طبع المجلد الأول من هذا الكتاب فقط عام 1931م، بعد أن صححه المستشرق الفرنسي هنري ماسِّه، ويبدأ بذكر نسب رسول الله r، وينتهي بذكر الهجرة إلى أرض الحبشة.

وللكلاعي من الكتب أيضاً «مصباح الظُّلم» في الحديث، نحا فيه منحى كتاب «الشهاب» للقُضاعي، و«الإعلام بأخبار البخاري الإمام» و«نكتة الأمثال ونفثة السحر الحلال» بنى فيه الكلام على ما تضمنه كتاب أبي عبيد البكري من الأمثال واضطرار العرب إليها، و«جَنيُّ الرُّطب في سنِّي الخُطب» جمع فيه خطبه في الجُمع والأعياد. ولـه غير ذلك إضافة إلى مجموع رسائله ومجموع شعره.

محمّد كمال

مراجع للاستزادة:

ـ ابن الأبار، التكملة لكتاب الصلة، تحقيق عزة العطار الحسيني (مصر 1956 ).

ـ عبد السلام الترمانيني، أحداث التاريخ الإسلامي (دار طلاس، دمشق 1994 ).

ـ السيوطي، طبقات الحفاظ، تحقيق علي محمد عمر (مصر 1973).

ـ ابن عبد الملك، الذيل والتكملة، تحقيق إحسان عباس (بيروت 1964 ).

ـ محمد بن شاكر الكتبي، فوات الوفيات، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد (مصر 1955).

ـ علي بن عبد الله النُّباهي، تاريخ قضاة الأندلس، تحقيق بروفنسال (دار الكاتب المصري، 1948).


التصنيف :
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 303
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1045
الكل : 58492017
اليوم : 64531

حكمت (أحمد-)

حكمت (أحمد -) (1870-1927)   أحمد حكمت Ahmed Hikmet، واسمه أيضاً أحمد حكمت مفتو أوغلو، قاص وصحفي تركي ولد وتوفي في إصطنبول. وهو أحد رواد الحركة القومية الطورانية التي أسهمت في إعطاء اللغة والموضوع صبغة أدبية قومية اعتماداً على استعمال اللغة التركية والمفردات البعيدة عن العربية والفارسية التي كانت التركية تستقي منها الكثير، وعلى تناول موضوعات تراثية مأخوذة من الأساطير التي منشؤها أواسط آسيا.
المزيد »