logo

logo

logo

logo

logo

قباني (نزار-)

قباني (نزار)

Qabbani (Nizar-) - Qabbani (Nizar-)

قباني (نزار ـ)

(1342 ـ 1419هـ/1923 ـ 1998م)

 

نزار بن توفيق قباني شاعر العرب في القرن العشرين، ولد بدمشق لأسرة تهتمّ بالعلم والثقافة، وتشتغل بالتجارة ومنها أبو خليل القباني رائد المسرح الغنائي في سورية ومصر، وكان والده حريصاً على أن يتعلّم ولده الثقافتين العربية والفرنسية بعيداً عن المدارس التي كانت سائدة في دمشق والتي تهتم بإحدى الثقافتين، ولذلك أدخله الكلية العلمية الوطنية التي كانت تجمع بين الثقافتين العربية والفرنسية، ثم تخرج في كلية الحقوق بالجامعة السورية سنة 1944؛ ليعمل في السلك الدبلوماسي، فألحق بسفارة بلده في القاهرة، ثمّ تنقل في هذه الوظيفة من بلد إلى آخر إلى أن استقال سنة 1966؛ ليؤسس داراً للنشر باسمه في بيروت.

أتقن نزار قباني ـ إضافة إلى اللغة العربية ـ اللغة الفرنسية في بلده وفي أثنا عمله في باريس، كما أتقن اللغة الإنكليزية التي تعلمها في موطنها في أثنا عمله في السفارة السورية في لندن (1952ـ1955)، وتعلم اللغة الإسبانية في موطنها حين كان يعمل في السفارة السورية في مدريد (1962ـ1966)، كما عمل في السفارة السورية في بكّين وطوكيو، وتزوج نزار مرتين كانت الأولى من زهرة آقبيق في سنة 1946، وأنجب منها هدبا وتوفيق، ولكنّ هذا الزواج أخفق؛ ليتزوج مرة ثانية من بلقيس الراوي (عراقية)، وأنجب منها عمر وزينب، ومن أهمّ الأحداث التي أثرت في مسيرة حياته الشعرية انتحار أخته وصال سنة 1938، لأنها لم تستطع أن تتزوج بمن تحبّ، فكان هذا الحدث المؤلم دافعاً قويّاً في اتجاه شعره الغزلي إلى قضية أساسية هي تحرير المرأة.

أصدر نزار قباني قصيدة طويلة بعنوان «دنيا الحروب» عام 1941، ثم أصدر بعد ذلك نحو إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية، وكانت مجموعته الشعرية الأولى «قالت لي السمرا » سنة1944 التي كتب مقدمتها منير العجلاني، ثم أصدر بعد ذلك مجموعاته الشعرية الآتية: «طفولة نهد» و«سامبا»، و«أنتِ لي» و«قصائد» و«حبيبتي» و«الرسم بالكلمات» و«يوميات امرأة لا مبالية» و«قصائد متوحشة» و«كتاب الحبّ»، وهذه المجموعات العشر هي مجموع ما تضمنه المجلد الأول من الأعمال الشعرية الكاملة، كما تضمن المجلد الثاني سبع مجموعات شعرية أخرى هي: «أشعار خارجة على القانون» و«أحبّكِ.. أحبُّكِ والبقية تأتي» و«إلى بيروت الأنثى مع حبّي» و«100رسالة حب» و«كل عام وأنت حبيبتي» و«أشهد أن لا امرأة إلاّ أنتِ» و«هكذا أكتب تاريخ النسا »، وتضمن المجلد الثالث بعض أعماله السياسية، وأهمها: «هوامش على دفتر النكسة» و«الممثلون» و«الاستجواب» و«فتح» و«شعرا الأرض المحتلة»، وتضمن المجلّد الرابع من أعماله الكاملة مايأتي: «قصيدة بلقيس» و«الحبّ لا يقف عند الضو الأحمر» و«سيبقى الحبّ سيّدي». أما المجلد الخامس فقد تضمن «الأوراق السّرية لعاشق قرمطي» و«لا غالب إلاّ الحبّ» و«هل تسمعين صهيل أحزاني»، في حين يتضمن المجلد السادس بعض أعماله الشعرية السياسية، وهي «قصائد مغضوب عليها» و«تزوجتك أيتها الحرية» و«الكبريت في يدي ودويلاتكم من ورق» و«هوامش على دفتر النكسة».

أما المجلدان السابع والثامن فهما في نثر نزار، وتضمن المجلد السابع الأعمال النثرية الآتية: «الشعر قنديل أخضر» و«قصتي مع الشعر» و«عن الشعر والجنس والثورة» و«المرأة في شعري وفي حياتي»، في حين يتضمن المجلد الثامن الأعمال الآتية: «ما هو الشعر؟» و«العصافير لا تطلب تأشيرة دخول» و«لعبت بإتقان وها هي مفاتيحي» و«جمهورية جندستان»؛ وهي مسرحية، وهناك أعماله الشعرية التي أصدرها في مجموعات، كـ«أنا رجل واحد... وأنتِ قبيلة من النسا » الصادر في سنة 1993.

نزار قباني شاعر النصف الثاني من القرن العشرين بلا منازع، فهو أكثر شعرا العربية إنتاجاً وشهرة ومبيعاً وجماهيريةً؛ لأسلوبه السهل الممتنع، وشفافية شعره، وغنائيته الأخّاذة، وقد اشتغل هذا الشاعر على موضوعين رئيسين: المرأة والسياسة.

نزار قباني شاعر المرأة في العربية، فقد نحت صورتها وسوّاها إلى أن جعلها وردةً دائمة الأريج من جهة، وهو الذي دعاها إلى أن تثور على وضعها الدوني من جهة أخرى، فكان شعره فيها جمالياً وتحرّريّاً، ففي أعماله الأولى «قالت لي السمرا » و«طفولة نهد» و«سامبا» و«أنت لي» و«قصائد» شي من الحسية ووصف لمفاتن الجسد وجماليته في الوقت نفسه، وفي شعره في هذه المرحلة اهتمام بالغ باللغة، مما يقرّبه من المذهب البرناسي من جهة ورمزية سعيد عقل من جهة ثانية، فهو يقول من قصيدة بعنوان «اسمها»:

إسْمُها في فمي.. بكا ُ النوافيرِ

رحيلُ الشّذا...حقولُ الشقيق

حزمةٌ من توجّعِ الرّصدِ.. رَفٌّ

من سُنُونُو يهمُّ بالتحليقِ

كنهورِ الفيروزِ يهدرُ في روحي

وينسابُ في شعوري العميقِ

كلهَاثِ الكرومِ، كالنشوة الشقرا

غامتْ على فمِ الإبريقِ

كمرُورِ العطور مبتلّة الريشِ

على كلِّ منحنى ومضيقِ

وعند استعراض بعضٍ من عنوانات قصائده في هذه المرحلة يُدرك أحد الأسباب التي جعلت نزاراً يمتلك شهرة غير مسبوقة في الشعر العربي، فقد تحدَّى مجتمعاً مازال محافظاً في النصف الأول من القرن العشرين، فجا ت قصائد نزار تلبّي حاجة القارئ، وتسمو بجمالياتها عن العادي والمألوف اللذين كانا يهيمنان على الشعر العربي في ذلك العصر، فمن عنواناته في مجموعته «قالت لي السمرا » «مذعورة الفستان ـ زيتية العينين ـ فم ـ القرط الطويل ـ رافعة النهد ـ نهداك ـ البغي»، وفي مجموعته «طفولة نهد»: «الضفائر السود ـ شمعة ونهد ـ إلى ساق ـ حلمة ـ العين الخضرا ـ الشفة ـ إلى مضطجعة ـ القبلة الأولى ـ همجية الشفتين ـ ذئبة  ـ امرأة من دخان ـ نار ـ طائشة الضفائر ـ المستحمة ـ عند امرأة ـ مصلوبة النهدين»، وهكذا تستمرّ هذه العنوانات في مجموعاته الأخرى. 

يتعانق في قصائد نزار في المرأة الوصفان الحسيّان: الخارجي والداخلي، والجمال والرغبة، والصراحة والتلميح؛ ولذلك كان نزار قريباً من المرأة وإحساساتها، وأراد منها أن تكون ندّاً لرفيقها الذكر وشريكاً له في المجتمع الإنساني، ولاتكون هذه الشراكة سليمة إلا إذا كانت مبنية على أساس متين؛ هو الحبّ والتفاهم والصداقة والاحترام، فمن ذلك المقطع الأول من قصيدته «صباحك سكِّر»:

إذا مرّ يوم ٌ. ولم أتذكّرْ

به أن أقولَ: صباحُكِ سكّرْ..

ورحتُ أخطٌّ كطفلٍ صغيرٍ

كلاماً غريباً على وجه دفترْ

فلا تضْجري مِنْ ذهولي وصمتي

ولا تحسبي أنّ شيئاً تغيّرْ

فحين أنا. لا أقولُ : أُحبُّ..

فمعناهُ أني أُحبّكِ أكثرْ....

وقد حاول نزار من جانب آخر أن يحرّر جسد المرأة من أن يكون سلعة تُباع وتُشرى إلى غاية إنسانية نبيلة، ومن إرادة مسلوبة إلى سلطة الإرادة، فهي إنسان كامل لها ما للرجل من إرادة وإحساسات وعواطف، وهي صاحبة الحق الكامل في حياتها، ولذلك دعاها إلى الثورة على بعض العادات الدخيلة في المجتمع في كثير من قصائده، كما دعاها إلى رفض الظلم والتمرد على كل ما يقف في طريق تحقيق إنسانيّتها، وقد تجلّى ذلك في عمله الشعري الرائد «يوميات امرأة لا مبالية» الذي استهله بهذا الخطاب النزاري العنيف:

 ثُوري ! أحبّكِ أن تَثُوري..

ثُوري على شرق ِ السبايا.. والتكايا.. والبخُورِ

ثُوري على التاريخ ِ، وانتصري على الوهم ِ الكبيرِ

لا ترهبي أحداً، فإنَّ الشمسَ مقبرةُ النسورِ

ثوري على شرق ٍ يراكِ وليمة ً فوق السريرِ

وثمة أمر ينبغي أن يشار إليه في هذا المقام، وهو أن القارئ يجد كثيراً من الأوصاف الحسية في بعض قصائد نزار، وهي في حقيقة الأمر لا تتناقض كل التناقض مع دعوته إلى تحرير المرأة، وقد تجلّت هذه الظاهرة في عمله الطويل «يوميات امرأة لا مبالية»، فالخطان يسيران جنباً إلى جنب، فالاعترافات تكشف عن اعتزاز هذه الأنثى بجسدها الذي أراده خالق الكون على ما هو عليه، وهي في الوقت ذاته تسعى إلى أن تكون إنساناً حرّاً ومسؤولاً.

أما شعره السياسي فهو لا يقلّ عن شعره في المرأة شهرةً وانتشاراً على الرغم من أنّ نزاراً لم ينتم ِ إلى أيّ حزب سياسي يحتضنه، ويشجّع شعره، كما هي الحالة عند معظم الشعرا العرب المعاصرين المشهورين، وعلى الرغم من أنّ صوت نزار كان قبل النكسة 1967م مخصصاً في الجملة لموضوعات المرأة جمالاً وتحريراً إلا أن المجتمع العربي لم يغب عن ذهنه، وقد تبدى ذلك في قصيدته «غرناطة» وهي حوارية بينه وبين صبية إسبانية حسنا :

سارت معي.. والشعر يلهث خلفها

 كسنابلٍ تُركت بغير حصادِ

يتألق القُرْط الطويل بجيدهــا  

 مثل الشموع بليلةِ الميلادِ

ومشيتُ مثل الطفل خلف دليلتي 

 وورائيَ التاريخ.. كومُ رمادِ

الزخرفاتُ أكادُ أسمعُ نَبْضها     

 والرَّزْكشاتُ على السُّقوفِ تنادي

قالت: هنا الحمرا ُ زهوُ جدودنا  

 فاقرأ على جدرانها أمجادي

أمجادُها!! ومسحتُ جرحاً نازفاً  

ومسحتُ جرحاً ثانياً بفؤادي

يا ليتَ وارثتي الجميلة أدركتْ   

 أنَّ الذين عَنَتْهُمُ أجدادي..

وكذلك تبدى اهتمامه بالمجتمع في قصيدته الشهيرة «خُبزٌ وحشيشٌ وقمر»، إذ حاول أن يتلمس فيها أسباب التخلف الاجتماعي الذي تعيشه الأمة، فوصف حالات التواكل التي تنتاب المواطنين وهم يتسجدون السما ، ويزورون قبور الأوليا ، ويمضغون التبغ والأفيون، ويبحثون عن الخبز ويهتزون طرباً لبطولات القدما :

في بلادي.. في بلاد البسطا

حيثُ نجترُّ التواشيح الطويله..

ذلك السُّلُّ الذي يفتك بالشرقِ

التواشيح الطويله..

شرقنا المجترُّ.. تاريخاً

وأحلاماً كسوله

وخرافاتٍ خوالي..

شرقنا الباحثُ عن كلِ بطوله

من أبي زيدٍ الهلالي..

ولكن لما حصلت النكسة بصدمتها التاريخية البالغة أصبح نزار شاعر السياسة الأول في قصيدته التي أحدثت ضجّة حينذاك، وتلقـّـفها الناس كالخبز والما والدوا «هوامش على دفتر النكسة» ومن مقاطعها:

يا وطني الحزينْ

حوَّلتَني بلحظةٍ

من شاعرٍ يكتبُ شعرَ الحبّ والحنينْ

لشاعر ٍيكتبُ بالسّكّينْ

كان نزار ضمير المرأة، فأصبح ضمير الأمة، فغنى كما لم يغنِّ شاعر من قبل لدمشق، فهي في شعره أمّ الدنيا ومدينة الطيب ومركز الفتح العربي، وقلب العروبة في كلّ زمان ومكان، وهو جز لا يتجزّأ منها، فهي موطنه وأرض أجداده، وفيها ملاعب طفولته وصباه وشبابه، ثم هي مدينة الجمال والتاريخ والبطولات، ولذلك يقول في إحدى قصائده:

قمرٌ دمشقيّ ٌ يُسافرُ في دمــــي       

 وبلابلٌ وسنابِلٌ.. وقبــــــــَابُ

الفلّ ُ يبدأ من دمشق بياضـــــهُ      

 وبعطرها تتطيَّبُ الأطيـــــابُ

والما ُ يبدأ من دمشق.. فحيثما      

 أسندتَ رأسَكَ، جدولٌ ينسابُ

والشعر عصفورٌ يمد ّجناحــــه      

 فوق الشآم ِ وشـــــاعرٌ جوَّابُ

والخيلُ تبدأ من دمشقَ وعندها      

 تبقى اللغاتُ، وتُحفظُ الأنسابُ

ودمشقُ تُعطي للعروبةِ شكلها      

 وبأرضها تتشكّلُ الأحقـــــــابُ

وغنّى نزار لبيروت كما غنّى لدمشق، وخاصة أنها المدينة التي احتضنته طويلاً، وآلمه ما حلَّ بها من أحداث موجعة في الحرب الأهلية، فنظم لها عدداً من القصائد، ومنها «يا ستّ الدنيا يا بيروت» و«سبع رسائل ضائعة في بريد بيروت» و«بيروت محظيتكم... بيروت حبيبتي» و«إلى بيروت الأنثى مع الاعتذار»، ومن قصيدته الأولى:

ماذا نتكلَّمُ يا بيروت

وفي عينيكِ خلاصة ُ حزن البشريَّهْ

وعلى نهديكِ المحترقين.. رمادُ الحرب الأهليهْ

من كان يفكّرُ أن نتلاقى - يا بيروتُ- وأنتِ خرابْ؟

من كان يفكّر أن تنمو للوردةِ آلافُ الأنيابْ ؟

من كان يفكّرُ أنّ العينَ تقاتلُ في يوم ٍ ضدَّ الأهدابْ؟

وغنّى نزار للقدس الجريحة غنا ً ممزوجاً بالحسرة على واقعها الراهن متفائلاً بمستقبلها العربي:

يا قدسُ يا حبيبتي/ غداً.. غداً سيزهرُ الليمونْ

وتفرحُ السنابلُ الخضرا ُ والغصونْ

وتضحكُ العيونْ

وترجعُ الحمائمُ المهاجرهْ

إلى السُّقوفِ الطاهرة

وغنّى للحرية أيضاً وغنّى للوحدة العربية، ورفض أن يكون هذا العالم المجزأ وطنه العربي في قصيدته «قرص الأسبرين»:

ليس هذا الوطن المصنوعُ من عشرين كانتوناً..

ومن عشرين دكاناً

 ومن عشرين صرّافاً وحلا ّقاً وشرطيّاً وطبّالاً.. وراقصةً

 يُسَمَّى وطني الكبير

وانتقد مسار الهرولة للتطبيع مع الكيان الصهيوني في «المهرولون» و«عرب ما تحت الصفر» وسوى ذلك كثير كثير.

استطاع نزار أن يحقق طموحه الشعري الذي أعلنه في مقدمة مجموعته الثانية «طفولة نهد»، وهو أن يجعل من الشعر حاجة ضرورية في كل منزل، كالخبز والهوا والما ، وكان نزار انتقائياً في استخدام مفرداته، ففي معجمه الشعري ألفاظ مألوفة وكثيرة الدوران، وفيه ألفاظ لم تستخدم من قبل، كالمناكير والتلفون ورافعة النهد، ولنزار معجم جسدي اعتنى بجزئياته وتفاصيله، وقد استطاع أن يكون صاحب أسلوب لايُقَلَّـد، أو ما يُسمّى بالسهل الممتنع.

تتميّز قصائد نزار ونثره بالثورة والعنف والطفولة والدهشة، وهو الذي حطّم صورة المرأة الجارية والوطن المجزّأ، وكان شعره انقلابيَّاً متجدّداً، ولذلك يصحّ فيه قول جبرا إبراهيم جبرا: «الكثير من شعر هذا العصر سينقرض، والكثير من الأسما اللاّمعة فيه سَتُنْسى، ولكنَّ اسماً واحداً من السهل على المر أن يجزم ببقائه: نزار قباني».

خليل موسى

 مراجع للاستزادة:

 

ـ شاكر النابلسي، الضو واللعبة استكناه نقدي لنزار قباني (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1986).

ـ أحمد زيادة، نزار شاعر الحبّ والمرأة والسياسة ماله وما عليه (دار الأمين، مصر 1996).

ـ عبد العزيز شرف ومحمود الهندي، نزار قباني التجربة الشعرية والسيرة الذاتية (دار قبا للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة2000م).

ـ ماهر حسن فهمي، نزار قباني وعمر بن أبي ربيعة (دار نهضة مصر، القاهرة 1971م).


التصنيف :
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 208
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1044
الكل : 58480657
اليوم : 53171

انقراض الحيوانات

انقراض الحيوانات   انقراض الحيوانات Animal Extinction هو اختفاؤها عن سطح الأرض لسبب أو لآخر. ويشير استعراض تاريخ الحياة على الكرة الأرضية إلى اختفاء عدد كبير من الحيوانات وظهور حيوانات أخرى، في فترات متباينة. وتدل وقائع علم المستحاثات على حدوث أربع فترات انطفاء رئيسية خلال عمر الحياة الحيوانية على الكرة الأرضية الذي يقدر بقرابة 600 مليون سنة. وكان أبرز حادثات الانطفاء ما وقع منذ نحو 65 مليون سنة، أي في أواخر العصر الكريتاسي ومطلع الحقب الثالث الذي قضى على الدَّيْناصور الهائل. مما دعا علماء الحياة إلى الاهتمام بهذا الإنطفاء أكثر من غيره، وأدى ذلك إلى ظهور عدد من التفسيرات. فقد رَدَّ بعض الباحثين انطفاء الديناصور إلى تعرض الأرض إلى إشعاعات خطرة نتجت عن انفجار أحد النجوم المجاورة. وعزا آخرون انطفاءه إلى الاختلاف في شدة الحقل المغنطيسي الأرضي الذي أدى إلى حدوث طَفَرات غَيَّرَت عالم النبات، وانتشار بعض السموم والأمراض في عالم الحيوان الذي يتغذى به الديناصور. ويعتقد لويس ولتر ألفاريز Lois walter Alvarez وفرانك آزارو F.Azaro وهيلين مايكل (1980) H.Mickel أن نيزكاً اصطدم بالأرض في أواخر الكريتاسي وأوائل الحقب الثالث أدى إلى زيادة عنصر الإيريديوم المتوافر عادة بغزارة في النيازك. وقد اعتمد هذا الافتراض على ارتفاع نسبة وجود عنصر الإيريديوم في الغضار المكوِّن لصخور تلك الحقبة من الزمن في بعض مناطق إيطالية والدنمارك ونيوزيلنده، والتي بلغت فيها على التوالي 30 و160 و20 مرة بالمقارنة مع المناطق الأخرى من الكرة الأرضية. ويتصور هؤلاء تَشَكُّل سحابة غبار نتجت عن هذا الاصطدام دامت عدداً من السنين حُجبت فيها الشمس عن الأرض، فتدهور العالمُ النباتي، وتبعه العالمُ الحيواني، ومنه الديناصور. لذلك تعد ظاهرة انقراض الحيوانات حادثة طبيعية، فاختفت بعض الأنواع الحيوانية وظهرت أنواع أخرى أكثر تكيفاً مع الشروط البيئية حلت محلها. ولئن كانت الكوارث الطبيعية قد حددت في الماضي طرائق انطفاء العالم الحيواني على اختلاف الآراء في تفسير الحادثات، لقد أجمع الدارسون للعصر الحديث على أن الإنسان العارف Homo sapiens الذي انطلق على هذه الأرض منذ بضع مئات الآلاف من السنين، هو المسؤول الأول عن الإخلال بالتوازن البيئي وعن انقراض عدد من الحيوانات. وهكذا قضى صيادو العصر الحجري في المغرب منذ نحو 12000 سنة على 60% من الثدييات الكثيرة التي عاشت في تلك الرقعة. وكذلك قضى الهنود الحمر في أمريكة الشمالية على قطعان كبيرة من الماموت[ر] والبيزون القديم Bison antiquus عن طريق تخويفها بالنار وقيادتها إلى حفر أو خنادق حُفرت لهذا الغرض. ويعد الصيد في أقدم الأسباب التي أدت إلى انقراض الكثير من الحيوانات. فلقد اعتمد الإنسان على الصيد مدة طويلة من الزمن لتوفير حاجاته الغذائية وخاصة البروتينية. كما اعتُمد على الصيد للتخلص من أخطار الحيوانات من ناحية أخرى. وتحول الصيد إلى عامل انقراض واضح بعد أن تسلح الإنسان بأدوات التخريب الفعالة كالبارود وغيره، وبعد أن تزايد عدد الصيادين زيادة كبيرة. وهكذا تحول الصيد إلى هواية تستمتع بتعقب الحيوان وقتله. ويرجع دور الإنسان الحديث في انقراض الحيوان إلى تخريبه الكَنَف الحيواني، بقَطْعِهِ الغابات وحرقها وتحويلها إلى أراض زراعية أو سهوب رعوية، وبتجفيف المستنقعات لاستصلاحها، الأمر الذي يحرم الحيوانات من مسكنها الطبيعي. وهناك عامل آخر يسهم الإنسان به في تدهور أعداد الحيوانات وانقراضها، هو الثورة الصناعية الحديثة وما نشأ عنها من ملوِّثات، وكان أشدها ضرراً المبيدات الكيمياوية السامة التي استخدمت للتخلص من الآفات الزراعية، والتي تنتقل إلى الحيوانات عن طريق السلسلة الغذائية. فلقد أدت هذه المبيدات إلى انخفاض أعداد الحيوانات انخفاضاً ملحوظاً ولاسيما الطيور والأسماك وبعض الحشرات النافعة. وإذا استُعْرضت الأنواع الحيوانية التي انقرضت أو في طريقها إلى الانقراض، يُواجَه الإنسان بكثرتها نوعاً وكماً. لهذا سيُقْتَصَر على ذكر بعض الأنواع المهمة. ففي سورية مثلاً تشير الدراسات إلى انقراض عدد من الأنواع الحيوانية البرية. إذ يُعْتقد أن الفيل السوري Elephas Syriaca اختفى قبل الميلاد. أما الدب السوري البني Ursus Syriaca فقد بقي موجوداً في سورية ولبنان حتى عام 1954، وكذلك اليحمور وأيّل الرافدين Diam mesopotanica. في حين أن الغزال العربي Gazella arabica هو اليوم في طور الانقراض، إذ لم تبق منه إلا أعداد محدودة. ويتعرض هذا الحيوان إلى الإبادة بأحدث وسائل الصيد، إضافة إلى إبادة حمار الوحش السوري. أما ما يتعلق بالطيور في سورية فمع عدم وجود إحصائيات عن الأنواع التي انقرضت فيها أو المهددة بالانقراض يلحظ انخفاض أنواعها وأعدادها انخفاضاً واضحاً. وفي آسيا يعد الأسد Felis leo في طريقه إلى الانقراض. ففي حين كان يعيش الكثير منه في تركية والبلاد العربية في بداية القرن العشرين، لا يوجد منه اليوم سوى 200 فرد تعيش في جزيرة كاتياوار Kathiawar غرب الهند. وفي هذا المجال لابد من الإشارة إلى البنده Panda العملاقة التي لم يُعْرف وجودها إلا في نهاية القرن التاسع عشر، والتي باشرت السلطات الصينية بحمايتها رسمياً، حتى إنها أصبحت شعاراً للصندوق الدولي من أجل حماية الطبيعة الذي يتخذ سويسرة مقراً له. كما يعد نمر الثلج الذي يعيش في المنحدرات السفلى لجبال الألب ضحية من ضحايا الصيادين، وكذلك نمر صنعاء من شمالي شبه الجزيرة العربية ونمر الجنوب العربي من المملكة العربية السعودية. ومن أهم الثدييات التي انقرضت في آسيا البقرة البحرية Sea Cow (من رتبة الخلانيات [ر] Sirenia من الثدييات) التي كانت تعيش في الجزء الشمالي من المحيط الهادي في قطعان كبيرة في المياه القليلة العمق وتتغذى بالطحالب البحرية. وقد انقرضت عام 1768 بسبب بطء حركتها وطيب مذاق لحمها. وفي إفريقية يمكن عد مختلف أنواع الكركدن[ر] (وحيد القرن) في الطريق إلى الانقراض. وكذلك الفيل الإفريقي الذي لم تبق منه إلا أعداد محدودة. كما يهدد الانقراض أيضاً الدب والحمار الوحشي الجزائري والضبع البربري من المغرب، وكذلك الفهد البربري. وفي فرنسة انقرض الأُرخُص Aurochs (وهو ثور بري ضخم يشبه البيزون) منذ أواخر القرن السادس بعد أن قاوم طويلاً في غابات الفوج، وكان سبب اختفائه الصيد المفرط من قبل الغاليين. وقد طاردته الشعوب الأوربية الأخرى، ويتفق المختصون على أن آخر أُرخُص تم قتله عام 1927 في بولندة. وانقرض الذئب [ر] من فرنسة عام 1930، وكذلك الوَشَق (الأَوْس) Lynx، ولم يبق من الدببة في جبال البيرينيه إلا نحو 30 فرداً. وتسعى السلطات المختصة في كل مكان من أوربة إلى حماية الذئب والدب والقُضاعة Otter والبيزون والوَشَق. وفي أمريكة الجنوبية تعتبر لامة جزر الهند (الفَيْكونة Vicuna)، وهو حيوان يشبه الخروف، في طريقه إلى الانقراض. أما في أمريكة الشمالية فقد أشرف البيزون على الاختفاء، إذ كان يوجد منه ما يقارب 75 مليون رأس قبيل الغزو لأمريكة، لم يبق منه في عام 1890 إلا ما يقارب 500 رأس، تم إنقاذها بفضل إنشاء الحديقة الوطنية في ييِلُوسْتُون Yellowstone. أما في البحار فتعد حيتان البَلينة من بين الأنواع المهددة بالانقراض. ويعد الحوت الأزرق في القطب الجنوبي أكثرها عرضة له.   محمد النعمة   الموضوعات ذات الصلة:   البقريات، الحوتيات.   مراجع للاستزادة:   - Alvarez, L.W., Alarez ,W.,Asaro, F., and Mickelm H.V. Extraterrestrial caus for the cretaceaus - tertiary extinction Science. 208 (4448): 1095 - 1108. (1980) - Jastrow, R. The dinosaur masracre: Adouple - barrelled nystry. Science. a (a): 50 - 54. (1983).
المزيد »