logo

logo

logo

logo

logo

قبادو (محمود-)

قبادو (محمود)

Qabbado (Mahmoud-) - Qabbado (Mahmoud-)

قبّـادو (محمود ـ)

(1229 ـ 1288هـ/1813 ـ 1871م)

 

الشيخ السيد أبو الثنا محمد قبّادو (أو قابادو) الشريف التونسي مفتي المالكية في الحاضرة «تونس»، وحامل لوا البلاغة والنحو والأدب، والمطلع على أسرار كلام العرب، والعلامة المتفنّن المحقق.

اختلف في اسم أبيه ما بين محمد و علي، ويتصل نسبه بالشيخ معتوق دفين حومة يوسف داي في مدينة تونس العاصمة.

وأصل أسرته من صفاقص ثم انتقلت إلى مدينة تونس، وفيها ولد ابن قبّادو ونشأ متفقهاً على أيدي علما تونس، ولا سيما في جامع الزيتونة، حتى برع في الفقه وصار واسع المعرفة بالأدب والبلاغة والرياضيات، واشتهر بالشعر بل أصبح شاعر عصره غير مدافَع، وكان لا يجارى في التاريخ الشعري (بحساب الجُمَّل) وكان مع اشتهاره بالشعر، وسرعة بديهته فيه، غزير العلم بالفقه متضلعاً من علوم العربية جميعاً، وقد يُرجع إليه أيضاً في عويص المسائل الحسابية، في الجبر والمقابلة، وفي حلّ أشكال أُقليدس.

هجر وطنه سائحاً في وقت مبكر فرحل إلى المشرق، وطاف البلاد وتعلم واستفاد، ولحق بالشيخ محمد ظافر المدني بطرابلس الغرب ولزمه وانتفع به وحصلت له بركته.

واستقرّ به التجوال في الأستانة (القسطنطينية)، فلقيه بها الوزير التونسي أحمد بن أبي الضيِّاف، فرغَّبه في العودة إلى بلده فعاد سنة 1257هـ، وتفرغ للتدريس، وأجاد وأفاد، وأخذ عنه جِلّة من أهل العلم، ومنهم ابن أخته الشيخ محمد النجار، والشيخ محمد السنوسي والشيخ سالم بوحاجب وآخرون.

وفي الوقت نفسه ولي التدريس بجامع الزيتونة بتونس وقضا «باردو» ثم الفتوى على المذهب المالكي سنة 1285هـ حتى وفاته.

اشتهر بقوة الحافظة حتى سماه بعض التونسيين «النابغة الإفريقي» وكان آية الله في الذكا والمحاضرة كما كانت له ذاكرة عجيبة، لا ينسى شيئاً مما سمعه. قيل إنه سمع يوماً رسالة فرنسية. وهو لا يعرف تلك اللغة فأعادها بحروفها.

ويقال إنه تصوف وأكثر من قرا ة كتب «القوم» ولاسيما كتب ابن عربي، وانتهى به الأمر إلى «التجرد» فكان ربما مشى في أسواق تونس حافياً مكشوف الرأس، رافعاً صوته بالتهليل، مخالفاً عادة ذوي الهيئات، هضماً لنفسه وإذلالاً لها.

أما شعره فيمتاز بقوة المبنى وصحة اللغة وجودة العبارة ويشهد له بسعة اطلاعه على أسرار اللغة. وشعره كثير مشتت، جمعه تلميذه أبو عبد الله محمد السنوسي، في ديوان طبع في جزأين بتونس (1295هـ) ورتبه على حروف المعجم وقدّم له بمقدمته عن الديوان وصاحبه، ويليه جملة تقريظات لبعض الأفاضل.

وقد عُرف ابن قبادو ببراعته -كما مرّ- في التاريخ الشعري، وبتشطيره لبعض القصائد القديمة المشهورة، كقصيدة بشر بن عوانة في مبارزة الأسد. يقول في تشطيره لبعض أبياتها:

(أفاطم لو شهدت ببطن خبتٍ)        

لهانت عندكِ الأخبار خُبرا

ولو أشرفتِ في جنحٍ عليـه      

(وقد لاقى الهزبر أخاكِ بشرا)

(إذن لرأيتِ ليثـاً رام ليثـاً)        

وكل منهما بأخيه مُغـرى

يرى كـلٌّ على ثقـةٍ أخـاه        

(هزبراً أغلباً لاقى هزبرا)

ومن مديحه قوله في صديقه الكونت رُشيد الدحداح:

فيا مخبراً لاحت بمرآة طبعِـه      

خبايا طباع الدهر، فهي له تبدو

بقيت رشيداً طبقَ وسمكَ مرشداً       

يُهيّأ من كل الأمور لك الرَّشْـدُ

وله أيضاً قصيدة دالية قالها تهنئةً للسلطان عبد المجيد سنة 1276هـ/1856م ضمّنها عدداً وافراً من التواريخ، وتفنن فيها على طرائق عجيبة.

وله أيضاً منظومة مستقلة عنوانها «فريدة عقد اللآل في التوسل للنبي بالآل»، طبعت في تونس سنة 1288هـ.

توفي محمود قبادو بتونس في الثالث من رجب عن عمر يناهز التاسعة والخمسين.

محمود فاخوري

 مراجع للاستزادة:

 

ـ محمد بن محمد مخلوف، شجرة النور الزكية في طبقات المالكية (دار النشر، بيروت، طبعة مصورة عن طبعة 1349هـ).

ـ لويس شيخو، الآداب العربية في القرن التاسع عشر (دار النشر، بيروت 1924م).

ـ إدورد فنديك، اكتفا القنوع، تصحيح محمد علي الببلاوي (دار النشر، مصر 1313هـ/1896م).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 202
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1037
الكل : 58480474
اليوم : 52988

المعيار والمقاييس في الفن

المعيار والمقياس في الفن   بدأ الفن والعمارة منذ ما قبل التاريخ تلبية لحاجات معاشية أو اجتماعية متصلة بثقافة الإنسان البدائية وبتقاليده وإحساساته الفطرية، وكان هذا الهدف هو المعيار الأساسي critère الذي يكشف عن سمات ذلك الفن وتلك العمارة، وتمثَّل هذا المقياس échelle بالتناسب الذي ولّد مفهوم الجميل والرائع. منذ بداية التاريخ ابتدأ العقل في التدخل على حساب الإحساس الفطري، لكن هذا التدخل استمر وئيداً حتى عهد الأسرات في مصر، حينما أصبح للفن والعمارة قواعد ثابتة استمرت على امتداد الحضارة المصرية. على أن هذا التدخل كان يستند إلى عقائد مصرية قديمة أهمها بعث الحياة بعد الموت، وأبدية الحياة لمن هم في قمة المجتمع. وهذه العقيدة كانت سبب أبدية العمارة. فجميع الروائع المعمارية؛ الأهرامات والقبور والمعابد وما فيها من أعمدة وصروح ومسلات ترمز إلى هذه الأبدية. وفي مجال التصوير فإن جميع الآثار المكتشفة على جدران هذه الأوابد تشير إلى تأكيد الحياة بعد الموت.
المزيد »