logo

logo

logo

logo

logo

أبو الفداء (اسماعيل بن علي-)

فداء (اسماعيل علي)

Abu al-Fida’ (Isma’il ibn Ali-) - Abou al-Fida’ (Isma’il ibn Ali-)

أبو الفداء (إسماعيل بن علي -)

(672-732هـ/1273-1331م)

 

إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر شاهنشاه بن أيوب بن شادي السلطان المؤيد عماد الدين أبو الفداء وهو ابن الملك نور الدين بن المظفر تقي الدين ابن الملك المنصور ناصر الدين بن الملك المظفر تقي الدين الأيوبي، كما جاء في طبقات ابن قاضي شُهْبَه. مؤرخ شاعر جغرافي مشارك في علوم الطب والهيئة والمنطق والفلسفة وصنّف في كل منها.

ولد في دمشق وغدا أميراً من أمرائها الأيوبيين إذ كانوا يقطنونها، تمرس منذ نعومة أظفاره في ميادين القتال ولمّا يبلغ الحادية عشرة من عمره، وشارك في تجريدات (جماعات عسكرية) ضد المغول مع والده وعمه، كما اشترك في التجريدات الحربية التي كان يقودها الملك الناصر قلاوون صاحب الكرك الذي بالغ في خدمته حتى أصبح من أقرب المقربين إليه، ومنذئذ أكسبته هذا المشاركات قوة ومراساً وحنكة في أساليب القتال مما دفع صاحب الكرك الناصر بن قلاوون إلى إعطاء أبي الفداء وعداً بأن يجعله ملكاً على مملكة أجداده بحماة، ولهذا كان أبو الفداء لا يترك أي تجريدة قتال أو سانحة لهو أو رحلة صيد، إذ كان بارعاً في ذلك، إلا ورافق السلطان الناصر حينما أصبح ملكاً وسلطاناً في القاهرة كما كان يرافقه بالحج أيضاً، وبات أبو الفداء ينتظر تحقيق هذا الوعد. وبرز أبو الفداء أيضاً في الإدارة والحنكة السياسية ،وتمرس في ذلك حينما كان الملك المظفر الثالث محمود الأيوبي ملك حماة يرسله في سفارة إلى السلطان في مصر، وأسند إليه مهاماً كبيرة في الدولة. كل هذه الصفات والمهارات أهلته ليكون ملكاً على حماة، وذلك عندما سنحت الفرصة أمامه، وكانت هذه السانحة بعد وفاة الملك المظفر الثالث ملك حماة فجأة من دون وجود وريث من صلبه لخلافته.

استغل السلطان الناصر محمد بن قلاوون الخلاف بين الأمراء الأيوبيين، فأرسل إلى حماة الأمير سنقر المملوكي نائباً عنه على حماة، واستبعد كل الأمراء الأيوبيين أولاد عم المظفر الثالث، ولم يُدْخل أبي الفداء في هذه الاختلافات.

لم تستمر نيابة قره سنقر بحماة غير سنة واحدة، وأتى بعده عام 699هـ/1299م الأمير كتبغا المنصوري الحموي نائباً عن السلطان عليها، ولكنه غادرها إثر هجوم المغول مجدداً على حماة، وصمد أبو الفداء إزاء هذا الهجوم ثمَّ مالبث أن التحق بجيش كتبغا المتجه إلى القاهرة. وبعد انحسار خطر المغول عن حماة عاد كتبغا إليها لممارسة مهام النيابة وظل إلى حين وفاته عام 702هـ/1302م، فعيَّن السلطان مكانه الأمير سيف الدين قبجق، وبقي أبو الفداء ينتظر دوره في حكم حماة معتمداً على وعود السلطان له.

تعاقب على حكم حماة في هذه الآونة أمراء من المماليك حتى عام 712هـ/1312م، حين رسم السلطان في القاهرة أبا الفداء ملكاً على حماة، بموجب مرسوم أصدره في 25 ربيع الآخر من هذه السنة على الرسم المتبع في أجداده. وبالغ السلطان في تكريم أبي الفداء عندما أعلنه ملكاً على حماة من القاهرة وأركبه فيها بشعار الملك وأبهة السلطنة كما تقول المصادر، فمشى الأمراء في خدمته، وقدم له جميع ما يحتاجه في ذلك من التشاريف والإنعامات ولُقِّب بالملك الصالح ثم بعد مدة لقبه السلطان بالملك المؤيد. وأمر السلطان نوابه بأن يكتبوا إلى أبي الفداء بالمقام العالي الشريف المؤيدي السلطاني الملكي المولوي العمادي. وكان أبو الفداء يقابل كل هذه الحفاوة والتكريم حينما يتوجه إلى القاهرة حاملاً إلى السلطان أحسن أنواع الخيول العربية المطهمة والرقيق والجواهر والتحف وغيرها من الهدايا الثمينة، مما يزيد ويؤكد العلاقة بينه وبين السلطان الذي كان كثيراً ما يستدعيه إلى القاهرة لاستشارته في أمور الدولة وهمومها، لما عرف عنه من الحنكة السياسية والإدارية والشجاعة والثقافة العالية.

نعمت حماة في عهد أبي الفداء بنوع من الاستقرار السياسي والأمني والرخاء الاقتصادي والتقدم العمراني، من بناء للقصور وإشادة للجوامع كان منها جامع سماه باسمه وجعله مدفناً له ومعهداً لتدريس العلوم الدينية والدنيوية، ورتب له أوقافاً لتوفير الإنفاق عليه، وبنى فيه حوض ماء وجعله سبيلاً لسقاية الناس. ومن جليل أعماله تكليف الأمراء وجنود الجيش تنظيف قناة الماء بين السلمية وحماة لتوفير سقاية الأراضي والمزروعات بينهما.

وكانت أجمل أوقاته وأحبها إليه هو اجتماعه بالعلماء ورعايتهم ومجالستهم ومحاورتهم في مجلسه الثقافي لمناظرتهم، فقد كان من أبرز علماء عصره الذين كانوا يفدون إلى حماة قبله وفي زمنه إذ كانت حماة في عهد ملوك الأيوبيين مقصد علماء من الوطن العربي ،كما كانت مركزاً للنشاط العلمي الذي تمثَّل في عهود ملوكها وخاصة في عهد أبي الفداء في بناء المدارس التي تجاوز عددها (14) مدرسة. كما وفد إلى حماة في عهده شعراء كثيرون كان في طليعتهم الشاعر ابن نباتة المصري (ت 705هـ) وصفي الدين الحلي (ت 750هـ) الذي كان من ألمع شعراء مجلسه، كما ظهر في هذه المرحلة المؤرخ بن نظيف صاحب التاريخ المنصوري والمؤرخ ابن واصل والطبيب الكمال صلاح الدين الحموي (ت 696هـ) الذي أبدع في دراسة فلسفة الإبصار وانكسار الضوء، والتي أودعها في كتابه «نور العيون وجامع الفنون» الذي وضع فيه ولأول مرة في تاريخ طب العيون رسماً مجسماً لمقطعين للعين أفقي وعمودي، حقق هذا الكتاب ظافر الوفائي.

توفي أبو الفداء وتولّى بعده ابنه الأفضل ناصر الدين محمد الذي لم يستطع المحافظة على مملكة الأيوبيين في حماة. وإثر وفاة السلطان محمد قلاوون السند الأول لأبي الفداء وورثته، عُزل الأفضل عن مملكة حماة وبذلك انتهت المملكة التقوية الأيوبية في حماة وذلك عام 741هـ/1340م، وانحدرت مملكة حماة إلى نيابة تابعة مباشرة للسلطان المملوكي في مصر. وللمكانة المرموقة التي نعمت بها حماة في أثناء حكم أبي الفداء أطلق عليها اسم مدينة أبي الفداء بعد ما كان يطلق عليها مدينة النواعير؛ لوجود 17 ناعورة في داخلها و98 ناعورة في ضواحيها وعلى ضفاف عاصيها.

مؤلفات أبي الفداء

ـ «تاريخ أبي الفداء» أو «المختصر في تاريخ البشر»: محقق ويُعدُّ تكملة لكتاب «الكامل» لابن الأثير، يشتمل على ما أضاف إليه أبو الفداء من تراجم لحياة كثير من العلماء والأدباء والشعراء وأخبار عرب الجاهلية، رتبَّه على حوادث السنين وجعله في ثلاثة مجلدات. كما اعتنى بذكر أخبار من تثقف عليهم أبو الفداء وسـاعدوه على الاطلاع على المصـادر القديمة كان من أقربهم إليه المؤرخ ابن واصل (ت 697هـ/1298م)، إذ كان أبو الفداء يتردد إليه ويقرأ عليه شرحه لمنظومة ابن الحاجب في العروض.

ـ «تقويم البلدان»: الذي سجل فيه أبو الفداء كل مشاهداته في رحلاته إلى البلدان التي كان يكلفها من قبل السلطان المملوكي، مع إضافة ما ذكره قبله الرحالة والجغرافيون العرب، اكتسب هذا الكتاب شهرة وأهمية فقال عنه سارتر: «إن أبا الفداء كان أعظم مؤرخ وجغرافي في ذلك العصر على اختلاف الأوطان والأديان».

حاول أبو الفداء في «تقويمه» تعيين مواقع أهم المدن العربية والعالم حسب مواقعها على خطوط الطول والعرض، ورتبه في جزأين اشتملا على جداول بأسماء الأماكن لطول الأقاليم وعرضها مع وصف لها. نشره المستشرقان «رينو» و«دوسلان» Renaule et Deslane، وكان من أهم ما كتبه أبو الفداء عن عاصمة ملكه حماة. وله أيضاً «الكنّاش في العلوم»: وجعله في مجلدات عدة.

وكتاب «الموازين»: صنعه في صغره. ونكت تتعلق بسياسة الخيل وعلاجها، والمعروف أن أبا الفداء كان من المغرمين بالخيول واقتنائها، ولهذه النكت نسخة خطية في خزانة حسن حسني بتونس، وكتاب في «الطب», وله شعر وموشحات كثيرة.

زهير حميدان 

مراجع للاستزادة:

ـ ابن حجر العسقلاني أحمد بن علي، الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة (دار الجيل، بيروت د.ت).

ـ أحمد عيسى، معجم الأطباء (دار الرائد العربي، بيروت 1942).

ـ أحمد رمضان أحمد، الرحلة والرحالة المسلمون (دار البيان العربية للطباعة والنشر والتوزيع، جدة د.ت).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الرابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 328
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1035
الكل : 58480563
اليوم : 53077

ماشادو دي أسيز (جواكيم ماريا-)

ماشادو دي أسيز (جواكيم ماريا ـ) (1839 ـ 1908)   جواكيم ماريا ماشادو دي أسيز Joaquim Maria Machado de Assis روائي برازيلي ولد في ريو دي جانيرو Rio de Janeiro لعائلة فقيرة لم تستطع أن توفّر لـه تعليماً مدرسياً. ولكن إرادة التفوق القوية دفعته إلى التعلم بجهده الذاتي وبمساعدة من حوله، وكان في الوقت نفسه يعمل في المطابع ليكسب قوت عيشه. تعلّم اللغتين الفرنسية والإنكليزية وقرأ في وقت فراغه  لڤكتور هوغو[ر] Victor Hugo ولإدغار آلن  بو [ر] Edgar Allan Poe، وهو مؤسس المجمع البرازيلي للآداب عام 1896.
المزيد »