logo

logo

logo

logo

logo

الكهولة

كهوله

= - =

الكهولة

 

الكهولة هي مرحلة النضج والاكتمال، والضعف والانحدار من العمر، يصل الكهل فيها إلى استقلاله الذاتي وتكييف آماله لمظاهر بيئته ومطالبها. ويرى علماء النفس أن مرحلة الكهولة تقع ما بين 45-65 سنة من عمر الإنسان، وهي من الناحية الفيزيولوجية تبدأ بتناقص نمو الإنسان عن مستوى الذروة وقمة نضج شخصيته نفسياً واجتماعياً التي بلغها في مرحلة اكتمال الشباب[ر]، وهي من الناحية الزمنية وعاء من السنين تمَّ فيها التحول الفيزيولوجي، وهو أمر قد يختلف فيه الناس باختلاف موقعهم الجغرافي، فقد يتأخر بلوغ الإنسان مرحلة الكهولة أو يتقدم تبعاً لاختلاف الوراثة والبيئة والجنس.

يرغب الكهول في تأكيد دورهم في حياة مجتمعهم، فهم الذين يوفرون ما يناسب أبناءهم من مناخ يلائم نموهم وييسر إعدادهم وتأهيلهم لما سيقومون به في المستقبل، وهم الذين يسهمون في التنمية، فنجاحها يتوقف أساساً على مدى وعيهم بأهدافها، وعلى مهارتهم في إحداثها وتطويرها، وبإرادتهم ووعيهم تستمر فلسفة المجتمع وتتعمق رؤيته للعالم والكون والفن وتتطور، ويشارك الكهول في صنع الرأي العام وفي قيادته وتوجيهه، وتعتمد المؤسسات الاجتماعية على قدرتهم في أداء أدوارها وعلى كفايتهم في اختيار الوسائل والأساليب الضرورية للوصول إلى الأهداف المرسومة للمؤسسات، وهم الذين يكسبون مجتمعاتهم خصائصها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

ويعاني الإنسان في مرحلة الكهولة تغيرات جسدية: بنائية ووظيفية، فتتباطأ أجهزته عن تأدية وظائفها عما كانت عليه حالها في مرحلة سابقة، وقد يكون حظ المرأة في هذا أكثر من الرجل، حيث تتخذ الكهولة عندها طابعاً مميزاً ببلوغها الإياس، ويحدث هذا التغير في بلادنا بين سن الخامسة والأربعين والخمسين، ويعد هذا تعبيراً عن تجاوزها سنوات الشباب والقدرة على الإنجاب[ر]، ومن ناحية أخرى فإن أعراض الإياس قد تختلف في شدتها ونوعها من سيدة إلى أخرى باختلاف الحالة الصحية العامة وطبيعة تركيب الجسم والمزاج، ولا تظهر هذه الأعراض بترتيب أو نسق واحد عند كل النساء. وبوجه عام فإن الدخول في مرحلة الكهولة يأتي مرفوقاً بتغيرات تظهر تدريجاً، من أبرزها:

- جفاف أنسجة الخلايا وتباطؤها في النمو وفي تأدية وظائفها.

- نقص معدل تمثيل الغذاء وامتصاصه، الأمر الذي يظهر سلباً على قوة البدن.

- تباطؤ في سرعة ردود الفعل العصبية- العضلية.

- تراجع في قوة الحواس الخمس، وازدياد في حجم القلب مما يؤثر سلباً على قيامه بوظائفه ترافقه زيادة في تصلب الأوعية الدموية.

- تأخر التئام الكسور العظمية والجروح، وفي شفاء الإصابات والنقاهة منها.

- ضعف في قساوة العظام وزيادة في هشاشتها وتعرضها للكسور، وفي قوة العضلات وقدرتها، وفي تحمل الكهل للآثار الناجمة عن ارتفاع درجة الحرارة وهبوطها والإفراط في تناول الطعام والجفاف واستهلاك الأملاح.

إن الحياة الانفعالية للكهل شديدة التعقيد والعمق والحدة، وإن أي خبرة جديدة ينبغي ألا تعارض أو تناقض مشاعره واتجاهاته وقيمه السابقة، وإن الخبرة الجديدة يجب أن تكون في موقع القبول والاندماج في حياته الانفعالية.

وتتميز لدى الكهل ثلاث بؤر انفعالية هي: المحبة والغضب والخوف، وتتأثر دوافعها تأثراً عميقاً بالسن التي بلغها وبالثقافة التي نشأ فيها وبالجماعة التي عاش بين ظهرانيها. وللكهل حاجاته النفسية الاجتماعية، فمن تمام التعرف النفسي بالكهول النظر في حاجاتهم، فهي قوى كبيرة في شتى اتجاهاتها، وتختلف عن حاجات من هم أصغر سناً منهم أو أكبر تعقيداً وعمقاً، فهي متعددة ومتنوعة، تتأثر بالظروف والعوامل الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشون فيها، وهي حاجات أفراد في جماعة وثقافة معينة وإن التعرف عليها يكون من الكهول أنفسهم، انطلاقاً من واقع حياتهم، وليس من تصورات سابقة مهما كانت درجة تنظيمها واستيعابها.

إن مجال حاجات الكهول هو مجال حياتهم الذي يتحركون فيه؛ مجال نشاطهم واتصالهم وارتباطهم بالأسرة والعمل والجماعات المختلفة التي يتعاملون معها ومع المجتمع، كذلك قد تنشأ عند الكهول حاجات جديدة تنبثق من استثارتهم، فقراءة موضوع أو معرفته مصادفة قد يكون بداية حاجة إلى الاستزادة من المعلومات ذات العلاقة بذلك الموضوع.

وإن حاجات الكهول النفسية عديدة متنوعة يبرز منها: حاجات معرفية وانفعالية عاطفية، وجمالية، واجتماعية، وقيَمِية. والإنسان في هذه المرحلة قد يتعرض لأمراض نفسية متنوعة، ويقصد بالأمراض النفسية هنا حدوث اضطرابات وظيفية ومزاجية في الشخصية ترجع إلى الخبرات المؤلمة أو الصدمات الانفعالية، أو حدوث اضطرابات في علاقات الفرد مع الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه ويتفاعل معه وترتبط بماضي حياته.

ترافق هذه الاضطرابات أعراض من أهمها الشعور بالقلق والخوف والاكتئاب والوسواس. وسهولة الاستثارة والإحساس المفرط وهيجان في المعاملة مع الآخرين، واضطرابات في النوم والطعام. يحدث كل ذلك من دون المساس بترابط شخصية الكهل أو تكاملها فيبقى قادراً على تحمل المسؤولية كاملة والقيام بالواجبات الملقاة على عاتقه. من هذه الأمراض النفسية الأكثر شيوعاً لدى الكهول:

- القلق: وهو الإحساس بخوف مبهم وشعور مقبض بأن شيئاً غير سار سيحدث في المستقبل، فهو حالة انتظار لخطر يتوقع الشخص حدوثه.

- الهستيريا: تطلق على نوع من الأمراض النفسية التي يتحول فيها الصراع النفسي إلى ظواهر وعوارض جسمية. وتختلف هذه الظواهر تبعاً للمواقف والأحوال، فقد يحس المريض بعدم القدرة على الكلام، أو فقدان البصر المفاجئ، أو بشلل يصيب أحد أعضاء الجسم، وتتميز هذه الأعراض بأنها تحدث فجأة عقب مؤثر نفسي أو صدمة عاطفية، ولا تكون مسبوقة أو مصحوبة بأي مرض جسماني يفسر حدوثها.

يصيب هذا المرض النساء أكثر من الرجال، وقد عُد في العصور القديمة والمتوسطة مرضاً نسائياً محضاً له صلة بالتغيرات المرافقة لبلوغ سن اليأس، حتى إن اسمه اشتق من كلمة «هسترا» اليونانية الدالة على رحم المرأة.

- السيكاستينيا: وهي نوع من اضطراب السلوك، مؤداها أن الأفراد الذين يعانونها يجدون أنفسهم مضطرين إلى التفكير أو التصرف بطرق يعلمون أنها ليست طبيعية، وأهم أنواعها: عصاب الحصار أو القهر، والمخاوف المرضية (الفوبيا).

عدنان أبو عمشة

مراجع للاستزادة:

ـ بيسكوف ليد فورد ج.،علم نفس الكبار، ترجمة: عايف حبيب ودحام الكيالي (الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، بغداد 1984).

ـ الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، علم تعليم الكبار (الجهاز العربي الجزء الأول، القاهرة 1976).

ـ كيد جيمس روبي، كيف يتعلم الكبار، ترجمة: أحمد خاكي (الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، القاهرة 1977).


التصنيف : تربية و علم نفس
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 464
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1055
الكل : 58492137
اليوم : 64651

العكوك (علي بن جبله-)

العكوّك (عليُّ بن جَبَلَة) (160ـ 213هـ/ 777 ـ 828 م)     أبو الحسن، عليُّ بنُ جَبَلَة بن عبد الله الأبناوي، المعروف بالعَكَوَّك (السَّمين القصير)، صفة أطلقها عليه الأصمعي، حين رأى هارون الرشيد معجباً به، وهو ينشده بعض مدائحه الجيدة فلصقت به، وغلبت عليه. وُلد في بغداد بحيِّ الحربية في الجانب الغربيِّ، وكان أصغر إخوته، مما جعل والده يفضله، ويقربه منه، فنال رعايته من دون إخوته، وأخذ إخوته يختلفون به إلى مجالس العلم والأدب بتوجيه من أبيهم، وكان ذكياً فطناً، يستمع إلى دروس العلماء في الشعر واللغة والنحو، وما يدور بينهم من محاورات ومناظرات في المذاهب الكلامية، ففقه أسرار العربية، وحفظ قسطاً وافراً من أشعار العرب الجاهليين والإسلاميين والعباسيين
المزيد »