logo

logo

logo

logo

logo

الطنطاوي (علي-)

طنطاوي (علي)

Al-Tantawi (Ali-) - Al-Tantawi (Ali-)

الطنطاوي (علي ـ)

(1327ــ 1420هـ/1909ـ 1999م)

 

علي بن مصطفى الطنطاوي، عالم سوري تنتسب أسرته إلى (طنطا) في مصر، استوطن جدّه دمشق، وبرز أبوه الشيخ مصطفى بين علمائها وأصبح أميناً للفتوى فيها. وأما أمّه فمن آل الخطيب وهي شقيقة العالم المجاهد محبّ الدين الخطيب صاحب مجلتي «الفتح» و«الزهراء» القاهريتين.

أخذ الشيخ علي عن والده الذي كان من الفقهاء والمعلمين النبهاء وعن عدد كبير من شيوخ عصره. وتابع دراسته الابتدائية في مدارس خاصة بدمشق ثمّ انتسب إلى مكتب عنبر الثانوية الوحيدة في دمشق آنذاك، وأمضى فيها ست سنوات هي أمتع سنوات عمره وأكثرها أثراً في ثقافته وتوجيهه، ومافتئ يذكرها ويثني على شيوخه فيها عبد الرحمن سلام وسليم الجندي وعبد القادر المبارك حتى آخر عمره. ثمّ تابع دراسته وحصل على الليسانس في الحقوق سنة 1933.

خاض الطنطاوي منذ فجر شبابه حياة واسعة كثرت فيها النزعات المتباينة، واشتد فيها الصراع الفكري، فجعل الإصلاح رسالة لـه ومارس في سبيل ذلك الكتابة والحديث والتعليم، فكان كاتباً أديباً، وكان محرراً في الصحافة ومعلّماً ومربيّاً، وكان فقيهاً وقاضياً. فإذا ذكر الكُتّاب كان الطنطاوي من أوفرهم إنتاجاً وأطولهم باعاً وأكثرهم نشاطاً وأحبّهم إلى القراء. وإذا ذكر المتحدّثون كان أشدّهم أسْراً للسّامعين وأكثرهم حظوة عند الجمهور.

لقد كانت برامجه الإذاعية والتلفازية من أطول البرامج عمراً وأدومها استمراراً، وكان الناس ينتظرون مواعيدها ليسمعوا الشيخ الطنطاوي يتحدث إليهم في برنامج «نور وهداية» أو ليسمعوا حديثه الرمضاني «على مائدة الإفطار».

وإذا ذكر الأدباء كان كما قيل عنه، جاحظ عصره لسعة ثقافته وبراعة أسلوبه وخفة روحه وتنوّع فنونه ما بين مقالة وقصة تاريخية ومسرحية.

وإذا ذكرت الصحافة كان اسمه من ألمع الكتّاب في الصحف السورية «فتى العرب»، و«الأيام»، و«ألف باء»، وفي مجلة «الرسالة» المصرية، التي لازم الكتابة فيها عشرين سنة، ثمّ في مجلة «الثقافة» وفي مجلتي خاله محب الدين الخطيب «الفتح» و«الزهراء»، وفي الصحف العراقية والمصرية والسعودية.

وكانت لـه في الصحافة جولات ردّ فيها على كثير من كتّاب عصره كشفيق جبري، ومحسن البرازي، وزكي مبارك، وأحمد أمين، ومحمد أحمد خلف الله، وغيرهم.

وإذا ذكر المعلّمون كان من أوسعهم ميداناً وأبلغهم أثراً في نفوس طلابه، فلقد درّس في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، وفي الجامعات، في القرى والمحافظات السورية وفي العراق وبيروت والمملكة العربية السعودية … لم يستقر طويلاً في مدرسة واحدة لأنّه كان شعلة نشاطٍ تربوي وتوجيهي، ولم يكن ذلك أمراً مرغوباً فيه من السلطات.

وإذا ذكر القضاء فالطنطاوي علم من أبرز قضاة الشرع، تسلسل في مناصبه حتى تولى منصب القاضي الممتاز بدمشق، ثمّ أصبح مستشاراً لمحكمة النقض.

وكان معروفاً بظرفه وذكائه وسعة ثقافته وعصبيّة مزاجه، كما كان مشهوراً بصراحته وجرأته في الجهر بما يعتقد أنّه الحق، بدا ذلك في مواقف كثيرة تحمّل نتائجها المرّة في الاغتراب تارة، والحرمان تارة أخرى.

حمل الأديب علي الطنطاوي همّ أمّته إسلاميّاً وعربيّاً ووطنيّاً وسخّر لرسالته لسانه وقلمه، وراح يشارك بقلمه ولسانه في المؤتمرات والندوات في البلاد العربية وفي الباكستان وإندونيسيا مدافعاً عن الإسلام وفقهه وعن اللغة العربية، وقضايا الأمة التي على رأسها التحرّر والاستقلال وقضية فلسطين.

كان الطنطاوي أديباً ذا ثقافة متنوعة، كتب في الأدب واللغة والفقه والتاريخ والاجتماع والتربية، ولم يكن غرضه من كلّ ما كتب فنّاً أدبيّاً أو تاريخاً بل كان في كلّ ذلك صاحب رسالة وداعية إصلاح يريد أن يبلّغ الناس أفكاره بكلّ ما أتيح لـه من فنون القول ووسائل النشر والإعلام. ومنح جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 1990م.

عاش معظم حياته في دمشق تقريباً أحبها وكتب عنها وعن غوطتها ومسجدها، ولكنه اضطر إلى أن يقضي السنوات الأخيرة من حياته بعيداً عنها فأقام في المملكة العربية السعودية حتى وافاه الأجل ودفن في مكة.

تجاوزت كتبه الخمسين ما بين كتاب ورسالة، وتنوّعت موضوعاتها فمنها «قصص من التاريخ» و«رجال من التاريخ» ومنها «القضاء في الإسلام» و«تعريف عام بدين الإسلام» و«في سبيل الإصلاح» و«هتاف المجد» وغير ذلك كثير. واشترك مع أخيه القاضي ناجي الطنطاوي في تأليف كتاب «أخبار عمر» وتحقيق «صيد الخاطر» لابن الجوزي. ولكن أكبر كتبه وأكثرها تصويراً لحياته وبيئته كتابه «ذكريات علي الطنطاوي». وهو نمط فريد من أنماط السيرة الذاتية، فقد جاء في ثمانية مجلدات أشبه بموسوعة فيها حديث عن لغة العصر وأدبه وأعلامه والحياة الاجتماعية والتاريخية فيه. وفيه شخصيته بصراحتها وظرفها، وثقافته بسعتها واستطرادها. وفيه أسلوبه الذي تميّز به، وذلك أنّ الطنطاوي إذا كتب ـ وسواء أكان ما يكتبه تاريخاً أم أدباً أم وصفاً لأحداث أو مدن أو رجال ـ فإنّه لا يكتب عما تراه عينه، ولكنه يكتب عما يشعر به في أعماقه. لقد كان يصوغ شعوره نحو ما يشاهده بأبلغ الألفاظ وأصدقها وأسهلها، فتمتزج عاطفته بالواقع المشاهد لاتؤذيه ولا تخرج عنه ولكنها تصوّره وتشدّ إليه، وذلك من أعظم أسباب إقبال الناس على كتابات الطنطاوي وأحاديثه.

مازن المبارك

مراجع للاستزادة:

 

ـ علي الطنطاوي، ذكريات على الطنطاوي (دار المنارة، جدّة).

ـ مجلة الأدب الإسلامي، العددان 34 و35 في مجلد واحد خاص بعلي الطنطاوي (الرياض سنة 2002).

ـ مجاهد ديرانية، علي الطنطاوي أديب الفقهاء وفقيه الأدباء (دار القلم، دمشق 2001).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 616
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1030
الكل : 58480400
اليوم : 52914

التطعيم النباتي

التطعيم النباتي   عملية التطعيم النباتي vegetal grafting هي تثبيت جزء من نبات محدد يسمى الطعم على نبات آخر يسمى الأصل، فينمو الأول على جذور الثاني بعد الالتحام التام لطبقتيهما المولدتين ومن ثم ينمو النباتان طولياً وقطرياً بانقسام الخلايا في كل منهما. طرائق التطعيم تشمل التركيب أو التطعيم بالقلم أوالتطعيم بالبرعمة.
المزيد »