logo

logo

logo

logo

logo

ألبرت الكبير

البرت كبير

Saint Albert the Great - Saint Albert le Grand

ألبرت الكبير

(1206 ـ 1280م)

 

فيلسوف لاهوتي ألماني، وعالم موسوعي، وأستاذ القديس توما الإكويني [ر]. ولد ألبرت الكبير Saint Albert le Grand في بافارية. ودرس في جامعة بولونية ثم في جامعة بادوفة، وفي هذه المدينة انضم إلى رهبنة الدومينكان. وتوفي بعد حياة حافلة في كولونية بألمانية.

درس في باريس بدءاً من عام 1240م، وبعد خمس سنين حاز لقب أستاذ في اللاهوت. وشرع في التعليم في جامعة باريس على أساس كتب أرسطو، التي كانت محرّمة رسمياً، فأصاب نجاحاً وشهرة، وحين عاد إلى كولونية رُسّم أسقفاً عليها.

إن شهرة ألبرت الكبير في التأليف جعلت قائمة كتبه طويلة جداً لما نُحِل من مؤلفات، ومع ذلك فإن أعماله المتعددة والمتنوعة تشمل شروحه على مؤلفات أرسطو (المنطق، والطبيعيات، وما بعد الطبيعة، والأخلاق، والسياسة)، وشروحه على الكتب المقدسة وعلى مؤلفات كثيرة في الفلسفة والأخلاق، كما تشمل المعارف والعلوم التي كانت سائدة في الفلسفة اليونانية مثل الفلك وعلم الحيوان والرياضيات. وقد طبعت مؤلفاته في الغرب في 38 مجلداً في نهاية القرن التاسع عشر وما تزال أعمال النشر مستمرة لاستكمال مؤلفاته، وإعطاء مسرد نقدي لها.

ساعد تأسيس الجامعات وتطوير الرهبنات المستعطية في الغرب على توفير مناخ فكري أدى إلى اكتشاف أرسطو والاتصال بالفلسفة العربية. كما ساعدت تلك العوامل على تغيير نظام التعليم وعلى دمج العرب واليهود في إطار إحياء الفلسفة المشائية. لكن دخول المنطق والميتافيزيقية الأرسطية اللاهوتَ المسيحي انتهى إلى الدعوة إلى مجمع كنسي في باريس 1210م وصدر على إثره قرار بتحريم كتب أرسطو حول الفلسفة الطبيعية وكذلك الشروحات حوله، ثم امتد التحريم ليشمل عام 1215م كتب ما بعد الطبيعة. وتبعت تلك الخطوات حملة أخرى على أرسطو، من بينها اللجنة التي أُلِّفَتْ بإيعاز من البابا غريغوريوس التاسع لتنقية كتب أرسطو من الأفكار التي تمثل خطراً على العقيدة المسيحية. ولما أخفقت هذه اللجنة في أداء مهمتها، فتحت أبواب جامعة باريس، بدءاً من عام 1255م، أمام الفكر الأرسطي. وولج أرسطو الجامعة وبرفقته الفلاسفة والشرَّاح العرب الذين أسهموا في إدخال المشائية المشوبة بالأفلاطونية إلى الغرب، مما يعد ثورة في تاريخ الفكر الغربي. وفي هذا السياق يمكن تقدير الدور الخطير الذي قام به ألبرت الكبير وهو دور تابعه من بعده تلميذه توما الإكويني.

اعتقد ألبرت الكبير أن الحق هو ما يحمله اللاهوت، أما الفلسفة  فلها حدودها. وحين تتفق الفلسفة مع اللاهوت يكون في ذلك خير كبير، أما إذا اختلفت مع اللاهوت فعذرها أن وسائلها إنسانية. وإن هذه التفرقة التي منحت اللاهوت موقعاً ممتازاً في صلب الحقيقة بوصفه وحياً، تقيم علاقة جدلية جديدة بين النقل (الوحي) وبين العقل (الفلسفة)، ويبدو هذا التوفيق بين الدين والفلسفة متأثراً بالنهج الذي سلكه ابن رشد من قبل. علماً أن ألبرت الكبير كان يملك موقفاً نقدياً من أرسطو لمصلحة الدين أكثر مما هو لدى ابن رشد.

وقد حافظ ألبرت الكبير على وجهة نظر الدين في مشكلة الخلق، ورأى بأن قدم العالم عند أرسطو لا يفي بتصوير إله قادر على الخلق من العدم.

كما دافع عن نظرية تعدد النفوس الفردية مخالفاً ابن رشد وألف في ذلك رسالة بعنوان «وحدة العقل ضد الرشديين»، كذلك رفض بوضوح نظرية ابن سينا في العقل الفعال. وبعد مناقشة الأدلة المتناقضة قرر ألبرت الكبير أن لكل نفس إنسانية عقلها الفعال وعقلها المنفعل. أما ما يطلق عليه الفلاسفة اسم «العقل المستفاد»، فهو العقل الممكن، وقد تجمعت فيه المعارف بالتدريج نتيجة الدراسة والبحث. ومع ذلك فإن العقلين الممكن والفعال لا يكفيان للمعرفة الإنسانية، بل لا بد من تدخل النور الإلهي، أو الروح القدس، كي تستطيع الصور المعقولة تحريك النفس.

تتميز فلسفة ألبرت الكبير في البحث عن دور الفلسفة والعلوم وعن قيمتها وحدودها الدقيقة. فقد طالب باستقلالها مبيّناً أن لها كاللاهوت موضوعاً ومنهجاً خاصين بها. وأن تطورها يجب أن يتم بمعزل عن اللاهوت. وقد قرر أن اللاهوت لا يستطيع اللجوء إلى البراهين الفلسفية العقلية لإثبات بعض العقائد الدينية، مثل عقيدة التثليث.

ولهذا الفيلسوف مأثرة أخرى في تاريخ الفلسفة الوسيطة الغربية، وهي استيعابه التهديد الناجم عن الغزو الفكري الأرسطي القادم من العالم العربي، فبدلاً من الاستمرار في تحريم هذا التيار تحريماً يعرض الحضارة المسيحية للخطر، قام ألبرت بتكليف من البابا غريغوريوس التاسع، بغرز تعاليم أرسطو و«كثلكة» العقل الذي بدأ يسيطر على الطابع الفكري للقرن الثالث عشر. والعقل كما أدركه ألبرت ليس القدرة على الاستنتاج والصياغة الفكرية، بقدر ما هو القدرة على الملاحظة، والتقيد بالخبرة وتأويلها تأويلاً واضحاً، وذلك بالانتقال من المعلولات إلى العلل، لأن الخبرة في مستوى الأحداث هي الوحيدة التي تمنح اليقين.

ويمكن فهم روح هذا الفصل بين الدين والفلسفة في هذا الرأي لألبرت الكبير: «إذا اختلف أوغسطين مع الفلاسفة فينبغي تصديق الأول من دون الآخرين، ولكن إذا تعلق الأمر بالفيزياء، فإنني أصدق أرسطو، لأنه كان يعرف الطبيعة خير معرفة».

لقد أعاد ألبرت الكبير صياغة اللاهوت المسيحي بعد فهم الفلسفة الأرسطية والاطلاع على أعمال الفلاسفة العرب، ومع أنه لم يتوصل إلى فلسفة أصيلة تحت تأثير التجاذب بين أرسطو وأوغسطين، فإنه أدخل العقل والعلم إلى الغرب وأرسى دعائم صلة جديدة بين الفلسفة والدين أتاحت بناء فلسفة وسيطة في الغرب كان هو من أهم روادها.

غسان فنيانوس

 

الموضوعات ذات الصلة

 

توما الأكويني ـ ابن رشد.

 

مراجع للاستزادة

 

ـ زينب محمود الخضيري، أثر ابن رشد في فلسفة العصور الوسطى (القاهرة 1983).

ـ عبد الرحمن بدوي، فلسفة العصور الوسطى (الطبعة الثالثة 1979).

ـ يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الأوربية في العصر الوسيط (بيروت 1979).

ETIENNE GILSON, La Philosophie au Moyen Age (paris 1962).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 208
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1050
الكل : 58481250
اليوم : 53764

الأكدية (اللغة-)

الأَكَّديّة (اللغة ـ)   تنتمي اللغة الأَكَّدية Akkadian language إلى أسرة اللغات المسماة «الساميّة»، وتمثّل ـ بحسب التقسيم الجغرافي الشائع لها ـ المجموعة الشرقية منها. شاعت في بلاد الرافدين Mesopotamia منذ منتصف الألف الثالث ق.م، واستمر استخدامها حتى القرن الأول الميلادي. سميت بالأَكَّديّة نسبة إلى مدينة أَكَّد أو أَكّاد عاصمة أقدم مملكة ساميّة في بلاد الرافدين.
المزيد »