logo

logo

logo

logo

logo

طارق بن زياد

طارق زياد

Tariq ibn-Ziyad - Tariq ibn Ziyad

طارق بن زياد

(نحو 50 ـ102هـ/670ـ720م)

 

طارق بن زياد بن عبد الله بن ولغو من قبيلة نفزة البربرية، فاتح الأندلس، ويرجح الدارسون نسبه هذا على مزاعم انتمائه إلى فرس همذان أو قبيلة صدف اليمانية صليبية أم ولاء.

كان مولى لموسى بن نصير أمير المغرب المقيم في القيروان وقائده على مقدمة جنده الذين اكتسحوا المغرب الأقصى، ثم جعله نائباً عنه في حكم المنطقة من مقره في طنجة قاعدة الفاتحين حيث جمعت رهائن القبائل البربرية وقامت منها الغارات على مدينة سبتة، التي نظم المقاومة فيها حاكم المدينة يوليان أو اليان من بقايا الحكام البيزنطيين، وساعده فيها ضيق اتصالها بالبر بممر جبلي ضيق وانفتاحها من جميع الجوانب على البحر، مما سهل اتصالها بالأندلس التي ارتبط مع أسرتها المالكة القوطية بروابط وثيقة. لكن الأسرة سقطت إثر وفاة الملك ويتثيا Witiza (غيطشة عند العرب) وقيام القائد رودريغو Rodrigo (لذريق عند العرب) بارتقاء العرش وحرمان أبناء غيطشة منه. نجح يوليان في هذه الأحوال بالاتفاق مع موسى بن نصير على تسليم بلده بشروط مواتية له، وعلى مساعدته العرب على فتح الأندلس بتقديم السفن لحملهم عبر المضيق وتقديم أدلاء لهم من لدنه ومن قبل الأسرة المالكة المخلوعة.

كُلف طارق بن زياد قيادة الحملة الفاتحة المكونة من سبعة آلاف رجل جلهم من البربر، أبحروا في رجب أو شعبان من سنة 92هـ/نيسان 711م على أربع سفن ليوليان نقلت السفن جند طارق على دفعات لتنزلهم في سفح جبل في أقصى جنوبي الأندلس كان يعرف باسم جبل كالبي Kalbe، والمرجح أنه اسم فينيقي قديم، معناه مغارة أو تجويف، وقد تكون تلك المعروفة اليوم بمغارة سان ميغل، لكن الجبل حمل بعدئذ اسم جبل طارق إلى اليوم.

نسبت مصادر مشرقية متأخرة إلى طارق بن زياد، بعد تكامل نزول جيشه على البر، عملية إحراق سفنه وإلقائه خطبة بلغت حد الشهرة. لكن شكوكاً قوية ثارت حول صحة القضيتين خصوصاً وأن ذكرها لم يرد عند المؤرخين الأندلسيين الثقات والمتقدمين. كما أن حرق السفن وقطع الاتصال مع قاعدة الانطلاق يتعارض مع خطوته التالية بعد عملية الانزال، إذ سارع إلى فتح الجزيرة الخضراء التي تكوِّن مع جبل طارق نهايتي قوس تحيط بخليج بحري يضمن رسواً آمناً للسفن. كما تفيد رواية متواترة أن سيده موسى بن النصير قد أمده بخمسة آلاف من الجنود بعد فترة بناءً على طلبه حين عرف توجه لذريق نحوه بجيش ضخم تراوحت تقديرات أعداده بين مائة ألف وأربعين ألفاً. فوق ذلك كله لم تكن السفن ملكاً له. أما الشكوك حول الخطبة فتدور حول نصها الذي أورده ابن خلكان من رجال القرن السابع الهجري/ الثالث عشر ميلادي، وتكرر نقله عنه. فقد شاعت فيه المحسنات البديعية الغريبة عن طبيعة النثر العربي في زمن طارق إضافة إلى تضمنه إشارات لأحداث غير مألوفة ومعتادة حصلت بعد الفتح كاختيار الخليفة لجنده الفاتحين عُزَّاباً ليكونوا لملوك الجزيرة أصهاراً وأختاناً، وهي إشارة إلى زواج عبد العزيز بن موسى بن النصير بعد سنوات من أرملة لذريق، وزواج بعض قوّاده من نساء نبلاء القوط، وكالوعد الوارد بأن يكون المغنم خالصاً للفاتحين لايشاركهم به الخليفة، وهو ما تم في الأندلس بعد الفتح، وعُد لاشرعياً لمخالفته قواعد تقسيم مغانم الفتوحات.

لم يتوغل طارق بعيداً في أرض الأندلس بعد انطلاقه من قاعدته لمواجهة لذريق المتجه جنوباً، بل تقدم إلى الشمال قليلاً نحو بحيرة خاندا Janda التي تمتد عدة كيلومترات بموازاة البحر، وتصب مياهها فيه عبر نهر برباط Barbate الصغير، وهو ما سماه العرب وادي لكّة (أي وادي البحيرة Lago في الإسبانية)، وتقع في موازاتها مرتفعات ريتين مما يوفر للجيش حماية طبيعية لجناحيه. تراوحت اختلافات المصادر حول مدة استمرار المعارك بين يوم واحد وثمانية أيام من بدء 28رمضان سنة 92هـ/19 تموز عام 711م، انسحب فيها من قوات لذريق ابنان لغيطشة كانا قد تصالحا معه وقبلا مناصب في جيشه، واستغلا موقفهما للتفاوض مع طارق ونيل وعد بضمان ملكية الأسرة المقدرة بثلاثة آلاف ضيعة مقابل الغدر بلذريق. وربما كان لانسحابهما دور مؤثر في هزيمة الجيش القوطي بعد اختفاء قائده من ميدان المعركة، حيث لم يعثر إلا على حصانه وقد ساخت قائمتاه في الطين مما يشير إلى إمكانية غرق فارسه.

كان نتاج المعركة عظيم الأثر في مجريات الأمور بعدها، فإضافة إلى القتلى الكثيرين، غنم الفاتحون نفائس كثيرة إضافة إلى الخيول الكافية لاركابهم جميعاً مما يساعدهم على التحرك السريع في أرض الأندلس، كما عوضوا خسائرهم البشرية بمن لحق بهم من أرض المغرب بعدما عرفوا بالنصر ومغانمه. أتبع طارق نصره هذا بملاحقة فلول المنهزمين الذين تحصنوا بمدينة استجه على نهر تشنيل شمال موقع المعركة، وعلى الطريق الروماني الذي يخترق الأندلس، وكان لها سوران مما جعل المعركة عليها شديدة، وانتهت بتحطيم ما تبقى من الجيش القوطي. وفي هذه الأثناء وصله أمر سيده موسى بن نصير يأمره بالتوقف حيث هو أثر نصره في وادي لكة. لكن يوليان والأدلاء نصحوه بألا يفسح مجالاً للقوط لجمع صفوفهم من جديد وأن يتابع سيره إلى العاصمة طليطلة. عمل طارق بهذه النصيحة وعندما اعترضه في طريقه معقل قرطبة ترك حوله سبعمئة من رجاله بقيادة المولى مغيث، وتابع طريقه لتحقيق المفاجأة، ووصل إلى طليطلة دون توقع من أصحابها فسقطت دون قتال رغم حصانتها وكونها العاصمة، ثم وطد سلطته عليها بالسير مع النهر شمالاً ليفتح وادي الحجارة وعاود للتمركز بها سنة 93هـ/711م في حين كان المولى مغيث يفتح مدينة قرطبة.

نزل موسى بأرض الأندلس في هذا العام بجيش أكبر إذ بلغ ثمانية عشر ألفاً غالبيتهم من العرب وسار في خط إلى الغرب من الخط الذي سلكه طارق محطماً مراكز المقاومة العنيفة الواقعة عليه إلى أن فتح ماردة، فخرج طارق نحوه مستقبلاً والتقاه على مقربة من طلبيرة (Talavera) أي في منتصف الطريق بين ماردة وطليطلة. كان المولى عرضة للوم على مخالفة أمر سيده والتوغل السريع في أرض الأندلس والذي عده موسى تغريراً بالمسلمين، وقد سردت المصادر قصصاً متباينة عن أشكال تعنيف موسى لطارق، لكن الأحداث التي تلت تدل على مدى المبالغة في هذه القصص لأن العلاقة بين القائدين لم يطرأ عليها تغير، إذ تابعا عملية الفتح في اتجاهين: سار طارق عبر جليقية في الشمال الغربي في حين توغل موسى في الشمال الشرقي حتى بلغ أقصاه، ثم عادا للالتقاء في طليطلة من جديد سنة 95هـ/713م، ليتوجها منها إلى دمشق بناء على أمر الخليفة الوليد ابن عبد الملك، الذي توفي بعد وصولهما بقليل، وتسلم أمر محاسبتهما حليفته وأخوه سليمان. كانت النقطة التي استغلت ضد فاتحي الأندلس طريقة توزيع غنائم الفتح؛ إذ عدَّ موسى الأندلس ثغراً يجب إغراء الناس بالبقاء فيه والدفاع عنه بإطلاق يدهم في امتلاك ما يغنمون، في حين رأى الآخرون أن هذه السياسة غير شرعية وتتعارض مع القواعد التي سار عليها المسلمون في توزيع المغنم أرضاً أو غنائم منقولة. كانت النتيجة فرض غرامة ثقيلة على موسى بن نصير، ولا تورد المصادر ذكر أي عقوبة بحق طارق بن زياد. ويغيب ذكره عن المصادر بعد هذا الموقف، ولايعود للظهور إلا عند ابن حزم من رجال القرن الخامس الهجري/الحادي عشر للميلاد، وذلك عند الحديث عن المتحدرين منه والذين نفوا ولاءه لموسى بن نصير وادّعوا نسباً عربياً بانتمائهم إلى بكر بن وائل. كما ذكره في موضع آخر عند حديثه عن أندلسيين معاصرين يتحدرون من ميمون بن جميل وهو ابن أخت لطارق بن زياد.

أحمد بدر

 مراجع للاستزادة:

 

ـ الرقيق القيرواني، تاريخ إفريقية والمغرب، تحقيق المنجي الكعبي ( تونس 1986).

ـ ابن القوطية، تاريخ افتتاح الأندلس (دار الكتاب اللبناني، بيروت 1400هـ/1980م).

 ـ أحمد بدر، دراسات في تاريخ الأندلس وحضارتها (مكتبة أطلس، دمشق 1972).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 425
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1047
الكل : 58480773
اليوم : 53287

أوكرانية (اللغة)

  أوكرانية   اللغة الأوكرانية اللغة الأوكرانية Ukrainian هي اللغة القومية التي يتكلمها الشعب الأوكراني في جمهورية أوكرانية وخارجها، نشأت وتطورت مع نشأة الشعوب السلافية وتطورها. فاللغة الأوكرانية تؤلف مع اللغتين الروسية والبيلوروسية الفرع الشرقي من مجموعة اللغات السلافية التي تنتمي إلى ماشاعت تسميته بأسرة اللغات الهندية ـ الأورُبية. وترجع أصول اللغة الأوكرانية إلى اللغة الروسية القديمة في لهجاتها الجنوبية والجنوبية الغربية.
المزيد »