logo

logo

logo

logo

logo

شوبان (فريدريك-)

شوبان (فريدريك)

Chopin (Fryderic-) - Chopin (Fryderic-)

شوبان (فريدريك ـ)

(1810ـ 1849)

 

فريدريك فرانسوا شوبان Frédéric François Chopin مؤلف موسيقي وعازف بيانو بولندي. ولد في تسيلاتسوفا ـ فولا Zelazowa- Wola (بالقرب من العاصمة وارسو) وتوفي في باريس. والده نيكولا Nicolas من أصل فرنسي (من مواليد مدينة نانسي) وأمه جوستينا كرتسيساروسكا J.Krzyzaroska بولندية.

كان فريدريك منذ طفولته ذكياً خيالي النزعة، يتمتع بروح الدعابة ويحب الموسيقى. وكان يكتب أشعاراً في سن السادسة من عمره. وعندما انتقلت الأسرة إلى وارسو، عُيِّن والده مدرساً للغة الفرنسية في إحدى ثانوياتها.

تلقى فريدريك شوبان دروسه الموسيقية الأولى عن والدته، ثم درس العزف على البيانو[ر] على يد الموسيقي التشيكي تسيفني A.Zywny، الذي أوحى إلى تلميذه بعبقرية كل من باخ[ر] J.S.Bach وموتسارت[ر] Mozart، وأنهى دراسته هذه عام 1822. ثم درس الانسجام[ر] (الهارموني) Harmony، والطباق[ر. الصيغ الموسيقية] (الكونتربوينت) Counterpoint، والتأليف الموسيقي على يد المؤلف الموسيقي إلسنر J.Elsner، مدير كونسرفاتوار (المعهد الموسيقي) وارسو، عندما انتسب شوبان إليه، ودامت دراسته فيه حتى عام 1829.

أظهر شوبان منذ صغره حساسية وميلاً نحو الموسيقى، ولاسيما في العزف على البيانو والتأليف الموسيقي. ففي سن السابعة من عمره، ألف «بولونيز» Polonaise (رقصة بولندية ثلاثية الإيقاع) للبيانو، ولحن سير (مارش) عسكري. وفي سن الثامنة، عزف على البيانو أمام الجمهور، لأول مرة، في حفلة عامة. وفي أثناء دراسته في الكونسرفاتوار، ألف «تنويعات» Variations على لحن ألماني (1824)، و«روندو» Rondo (قطعة موسيقية، من أصل فرنسي، كانت شائعة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر) (1825)، و«بولونيز» في سي بيمول Sib ت(1826))، و«تنويعات» على لحن لروسيني[ر] G.Rossini للفلوت[ر. الناي] Flute والبيانو (1826)، و«تنويعات» أخرى (1827) نشرت بعد ثلاث سنوات في فيينا.

 أثبت شوبان جدارته في العزف على البيانو، وبدأت صالات الموسيقى تتخاطفه، وتوسعت شهرته، فغادر بولندا عام 1828، في رحلة موسيقية إلى برلين. ألف، فيما بعد، أعمالاً مثل: «روندو» لاثنين من البيانو (رقم العمل 73)، و«الفانتازيا الكبرى» للبيانو والأوركسترا[ر. الفرقة الموسيقية] (العمل 13)، و«روندو كراكوفياك» Krakowiak للبيانو والأوركسترا (العمل 14)، و«بولونيز» (العمل 71)، وقدم «سوناتا»[ر] Sonata في مقام[ر. الموسيقى]، دو الصغير (العمل 4) هدية لأستاذه إلسنر. وفي عام 1829، قدم في فيينا حفلتين موسيقيتين نالتا نجاحاً باهراً مما شجعه على نشر عمله الموسيقي «تنويعات» للبيانو والأوركسترا تحت عنوان «هناك سنتصافح!» Là, ci darem la mano، إذ عندما اطلع المؤلف الموسيقي الألماني روبرت شومان[ر] R.Schumann على هذه القطعة صاح «ارفعوا قبعاتكم أيها السادة لهذه العبقرية».

في أواخر عام 1830، أقام شوبان آخر حفلة موسيقية في وارسو، قدم فيها بعضاً من مؤلفاته مثل «الحوارية»[ر] (كونشرتو) Concerto من مقام مي الصغير للبيانو مع الأوركسترا  (1830) (نشرت على أنها الأولى بينما تكون الثانية واقعياً)، و«دراسات» Études للبيانو المنفرد أبدى فيها تقانة فنية جديدة في الأداء. وفي خريف العام التالي، غادر شوبان وارسو، بعد أن أخمدت القوات الروسية الثورة فيها، وحمل معه حفنة من تراب بولندا وداعاً وذكرى، وقال: «لدي شعور بأني ذاهب إلى الموت». وصل شوبان إلى باريس على أمل متابعة سفره إلى لندن. إلا أنه وجد باريس من أجمل المدن الأوربية، وتعج بكبار الأدباء والفنانين، كما أنها تعد عاصمة الموسيقى آنذاك. قدم شوبان في باريس حفلات موسيقية عدة نالت إعجاباً فائقاً، فشجعه ذلك على البقاء والاستقرار فيها، وكان شوبان وقتئذ شاباً شاحباً أنيقاً وظريفاً، مما جعله معبود الطبقات الارستقراطية الباريسية، فجاذبه الشخصي، وشحوبه المنمق، ورشاقته سحرت الأوساط الاجتماعية الراقية التي كانت ترى في هذه المظاهر فتنة وروعة. وتهافت عليه المجتمع الفرنسي لدراسة العزف على البيانو مما رمّم حاجته المعيشية. كما أنه غدا صديقاً لكثير من الموسيقيين الفرنسيين والأوربيين المقيمين في باريس مثل: برليوز[ر] H.Berlioz الفرنسي، وليست[ر] Liszt المجري، ومندلسون[ر] B.Mendelssohn الألماني، وروسيني[ر] G.Rossini الإيطالي. وتوسعت صداقته مع مشاهير الفن والأدب مثل، المصور ديلاكروا[ر] E.Delacroix، والأديب بلزاك[ر] H.Balzac، وغدت موسيقاه سريعة الانتشار، وأقبل عليها الناشرون من معظم أنحاء أوربا.

كان التأليف الموسيقي والبيانو يستأثران باهتمام شوبان طوال حياته. وقد أنجز بين عامي 1832 و1834، تأليف ونشر كثير من أعماله مثل: 12 دراسة (العمل 10) المقدمة هدية إلى ليست، و6 ليليات Nocturnes (العملان 9 و15)، وتنويعات (العمل 12)، والفانتازيا الكبرى للبيانو مع الأوركسترا على ألحان شعبية بولندية (العمل 13)، والروندو (العمل 16)، و4 مازوركات (العمل 17)، والفالس الكبير (العمل 18)، والبولونيز (العمل 19).

تعرف شوبان أسرة فودزينسكي Wodzinsky، عام 1835، وغدت الابنة ماريا تلميذته في العزف على البيانو، وخطيبته ـ سراً طوال عامي 1836ـ1837، وكان يود زواجها إلا أن والدها رفض هذا الزواج. تعرف شوبان، بوساطة صديقه ليست، الأديبة الفرنسية جورج صاند[ر] G.Sand، بعد أن قطع الأمل من حبه الجارف لماريا، وكان مقر إقامة صاند الدائم في نوهان Nohant ملتقى الأدباء والفنانين، وكان لصاند علاقات غرامية مع بعضهم، ومع ذلك، فقد اجتذبت شهوتها العارمة رقة وسذاجة شوبان الناحل القوام، وذي الكآبة المسيطرة على محياه. وكانت صاند ذات طبيعة مسترجلة مهيمنة، كما كانت شبقة تارة، وأماً حنون تارة أخرى. وقد قال شوبان لأصدقائه عن أول لقاء معها: «يا إلهي كم هي مقيتة صاند هذه!». كانت علاقة شوبان العاطفية مع صاند، التي تكبره بست سنوات، زاخرة بالمفارقات غير الطبيعية من عناية وإهمال، وحب شهواني وأمومي، واستقرار وفوضى، وقبول ورفض، ومع ذلك، فإن معظم أعماله من سوناتات وليال ومازوركات وفالسات التي ألفها في فترة علاقته مع صاند، كانت في غاية الأهمية الفنية.

أمضى شوبان بصحبة صاند شتاء عام 1838 في جزيرة مايوركا Majorque، حيث تسنى له الهدوء وبعض الاستقرار لمزاولة التأليف الموسيقي، إذ كانت أجواء الحفلات الموسيقية في باريس لا تتيح له الفرص لتأملاته الموسيقية. إلا أن هذه الإقامة كانت نذير شؤم إذ ظهرت عليه علائم مرض السل. ومع عناية صاند به، والتي كانت تناديه «عزيزي المريض» إلا أنها أفقدت قدرته ومقاومته للمرض فيزيولوجياً ونفسياً. وكان ذلك، مع مشكلات عائلية أخرى، سبب انفصالهما في شهر آب من عام 1847، مع أنه كان بحاجة ماسة إلى عناية وعطف عائلي لمقاومة مرضه.

في عام 1848، قام شوبان برحلة إلى إنكلترا لتقديم أعماله الموسيقية. وفي العام التالي، أخذ المرض يتفاقم  حتى نال منه إذ توفي في باريس، عندما عاد إليها، ودفن فيها. وكان قد أوصى في حياته أن ينزع قلبه من جثمانه، بعد وفاته، وأن يرسل إلى وارسو ليوارى فيها.

إن قدرة شوبان الفنية وعذوبته جعلتا منه عازفاً ساحراً. وإن موسيقاه الصافية جعلت منه توأماً روحياً لكل من موتسارت وشوبرت[ر] F.Schubert. فالسير اللحني هو المحرك الأساس في أعماله الموسيقية. وليست هناك زيادة أو نقصان في سير ألحانه التي تتمتع بجمالية شفافة. ومع انفراده في الابتكارات الانسجامية التي استمد منها بعض المؤلفين الموسيقيين المعاصرين له واللاحقين، مثل فاغنز[ر] R.Wagner، وبرامز[ر] J.Brahms، وبارتوك[ر] B.Bartok، فإن شوبان يبقى إبداعياً (رومنسياً) مع همسات من الاتباعية[ر] (الكلاسيكية). وقد ترسخ أسلوبه منذ عام 1830، إذ كان باخ والموسيقى الشعبية البولندية مصدري إلهام أساسيين لأعماله الموسيقية. ومع حبه وإعجابه بموتسارت، يظل باخ الأب الروحي له. وكان شوبان كثيراً ما يعزف لنفسه بعض أعمال باخ قبل أدائه حفلاته الموسيقية أمام الجمهور. وعلى النقيض من ذلك، لم يكن شوبان مكترثاً بموسيقى بعض معاصريه مثل، مييربير[ر] G.Meyerbeer، وبرليوز لمغالاتهما في أعمالهما. أما بتهوفن[ر] L.van Beethoven فكان يدهشه بمؤلفاته الموسيقية. إن عبقرية شوبان وذوقه المرهف، وإحساساته والغم الذي كان يسيطر عليه كانت رمزاً لقوميته البولندية. وكان باخ وموتسارت موسيقييه المثاليين للموسيقى الاتباعية. وأكثر ما تظهر قوميته في موسيقاه، هي في صيغ المازوركا والبولونيز اللتين تكونان أحياناً ذاتي حنين وشعبية بولنديتين، وأحياناً أخرى متأججتين وثوريتين. وقد أشار صديقه  شومان إلى ذلك بقوله: «إن موسيقى شوبان مدافع مدفونة تحت الورود».

استطاع شوبان أن يعبر عن نفسه من خلال القطع الموسيقية القصيرة للبيانو. وقد قيل عنه: إنه شاعر البيانو. فقد كتب ما ينوف على مئتي قطعة موسيقية للبيانو المنفرد، منها نحو: 51 مازوركا، و27 دراسة، و19 ليلية، و26 استهلالاً Prelude، و14 بولونيز، و20 فالساً، و4 من البالاد Ballade، و4 ارتجالات Impromptus، و4 دعابات Scherzos، و4 من الروندو، و3 سوناتات، وبعض القطع المختلفة الأخرى. هذا، إضافة إلى 19 أغنية بولندية، وبعض قطع موسيقى الحجرة[ر] Chamber Music مثل «ثلاثي» Trio للبيانو والكمان والتشيلو[ر الكمان] وسوناتا للتشيلو والبيانو. ومن أعمال البيانو مع الأوركسترا، إضافة إلى ما ذكر سابقاً: الحوارية الثانية من مقام فا الصغير (1929)، و«بولونيز الكبرى» في مقام مي بيمول Mib ت(1836).

وإذا كانت الألحان الشعبية البولونية مصدر إلهام لعبقرية شوبان وأحاسيسه بعد أن اختبر صداها في نفسه، فإن رسالة الشاعر فيتفيتشي إليه، كان لها أعظم الأثر في حياته واتجاهه القومي: «ضع نصب عينيك القومية والقومية فقط، قد تكون هذه الكلمة كلمة فارغة لفنان عادي، لكن ليس بالنسبة لموهبة كموهبتك».

ومن هنا فإن صيغ المازوركا والبولونيز اللتين ترك فيهما لفاغنر على الصعيد الإيديولوجي ولبارتوك على الصعيد التكتيكي دالة كان من الصعب عليهما أن يتجاوزاها دون التفكير بالعمل الكبير الذي قام به، وحاول ليست تقليده، ولكنه لم ينجح لأنه كان بحاجة لإحساس الوطن، وهو الإحساس الذي لم يكن باستطاعة أحد أن ينافسه فيه، وقد أوصى وهو في النزع الأخير قائلاً: «الجسد لفرنسا، والقلب لبولونيا» وأغمض عينيه ومات.

حسني الحريري

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ إميل فويللر موز، تاريخ الموسيقى الغربية، ترجمة صلاح برمدا (وزارة الثقافة، دمشق 1980).

- NorbErt Dufourcq, La musique des origines A nos jours (Larousse Paris 1946).

- M. Kennedy, The Concise Oxford of Music (Oxford Univ. Press N.P 1989).

 


التصنيف : الموسيقى والسينما والمسرح
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 816
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1058
الكل : 58492344
اليوم : 64858

سيفاك (باروير-)

سيفاك (باروير ـ) (1924 ـ 1971)   باروير غازاريان Barouyr Ghazarian هو الاسم الحقيقي للشاعر والناقد والمترجم الذي  اشتهر باسمه المستعار باروير سيفاك Barouyr Sevag، وهو من أشهر وأبرز الشعراء الأرمن. ولد في قرية سوفيداشين التي سميت تيمناً باسمه سيفاكافان Sevagavan.
المزيد »