logo

logo

logo

logo

logo

الزمخشري (محمود بن عمر-)

زمخشري (محمود عمر)

Al-Zamakhcari (Mahmoud ibn Umar-) - Al-Zamakhcari (Mahmoud ibn Umar-)

الزَّمخشري (محمود بن عمر)

(467 ـ 538هـ/1074 ـ 1143م)

 

أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الزمخشري ولقبه جار الله، اللغوي والكاتب والشاعر. ولد في زمخشر من إقليم خوارزم، وكانت قصبتها كركانج أو الجرجانية كما سماها العرب وتقع على نهر جيحون، فنسب إليها وعرف بالخوارزمي الزمخشري. نشأ في أسرة مغمورة، وتربى في كنف أب عالم أديب تقي، وأدرك عهد الوزير نظام الملك[ر] الذي ازدهرت على يديه العلوم والآداب. أخذ الأدب عن أبي مضر محمود بن جرير الضبي الأصفهاني، وعلي بن المظفر النيسابوري، وسمع من شيخ الإسلام أبي منصور نصر الحارثي، ومن أبي سعيد الشقاني. أصابه خرّاج في رجله فقطعت واتخذ رجلاً من خشب. وكانت وفاته في الجرجانية.

رحل الزمخشري إلى بخارى ثم إلى بغداد قاصداً الحج. فسعى هبة الله أبو السعادات إلى لقائه مهنئاً له بقدومه وكانت شهرته قد سبقته، فقرظه بمقطعة شعرية ومحضه إعجابه بعد أن تبين له أن الخُبْر فاق الخبر. جاور مكة زمناً فسماه معاصروه جار الله. كان تقياً ورعاً، ويعد إمام عصره في اللغة والنحو والبلاغة والتفسير والحديث. وهو على علمه وفضله جمّ التواضع حسن المعشر. كانت تشد إليه الرحال ويقصد إليه طلاب العلم، فهو متنوع الجوانب متعدد المواهب، والمجلي في مختلف العلوم، تشهد بذلك مؤلفاته المتنوعة القيمة. كما عرف بغزارة معارفه وكثرة مؤلفاته. وللزمخشري شعر جيد جمعه في ديوان، غير أن ما برع فيه هو نثره وإنشاؤه. فهو كاتب بليغ وناثر مبدع، حسن الأسلوب جزل اللفظ متأنق العبارة. ويبدو ذلك فيما دبّجه من رسائله إلى بعض نبهاء عصره، وفي عدد من كتبه ولاسيما «أطواق الذهب». أفرد له مؤلفو كتب التراجم حيزاً كبيراً للحديث عنه وعن كتبه مثل ابن خلكان[ر] وياقوت[ر] وحاجي خليفة[ر].

والزمخشري معتزلي الاعتقاد رحيب التفكير، وكان يجهر برأيه ويقول بخلق القرآن، وقد ظهر مذهبه الفكري الديني في بعض كتبه. أهم مؤلفاته «الكشاف عن حقائق التنزيل»، وهو تفسير لآيات القرآن الكريم، وله منزلة خاصة بين سائر كتب التفسير في الإسلام بسبب منحاه العقلي في الاعتزال. وقد ذاع صيت هذا الكتاب في أوساط علماء المسلمين وأئمة اللغة ولدى المهتمين بتفسير القرآن، فعنوا بشرحه والتعليق عليه، وبتلخيصه وتحشيته، وقد مدحه كثيرون، وانتقده عديدون. ومما يدل على اعتداده بكتابه «الكشاف» وبمنزلته عنده ما نظمه شعراً يقرظه فيه بقوله:

إن التفاسير في الدنـيـا بلا عدد

وليـس فيها لعمري مثل كشافي

إن كنت تبغي الهدى فالزم قراءته

                  فالجهل كالداء، والكشاف كالشافي

  طبع «الكشاف» مراراً في الهند ومصر ولبنان، وما زال يطبع باستمرار. وكتابه الآخر «المفصل في النحو« من أشهر كتبه، وقد حظي أيضاً باهتمام الكثيرين، الذين دأبوا على شرحه وتذييله بالتعليقات، ومن أبرزهم أبو البقاء بن يعيش. احتفى به الدارسون وحرصوا على اقتنائه وتداوله في القديم والحديث، وعمد بعض المستشرقين إلى طباعته في أوربا كما تمت ترجمته إلى الألمانية. وقد تعددت طباعته في الأستانة ولايبزغ ثم القاهرة وبيروت. وكان الزمخشري قد اختصره في كتاب وجيز سماه «الأنموذج»، وقد صدر في طبعات أخرى قليلة.

يعد كتاب الزمخشري «أساس البلاغة» معجماً ليس لـه نظير في مصنفات اللغة والمعاجم عند العرب، وهو نسيج وحده في هدفه ومنهجه، لم يقف في تناول مادته عند حدود الألفاظ المفردة كمعهود معاجم اللغة بل تعداها إلى التركيب، ولم يكتف بدلالة اللفظ وإنما نشد التعبير. وهكذا لم تكن مادته ألفاظاً متفرقة جامدة وإنما كانت عبارات حية موحية. يقول في مقدمة كتابه: «ومن خصائص هذا الكتاب تخير ما وقع في عبارات المبدعين. ومنها التوقيف على مناهج التركيب والتأليف، وتعريف مدارج الترتيب والترصيف، بسوق الكلمات متناسقة بدداً، ومتناظمة لا طرائق قدداً …». وقد جنح في منهجه إلى إيراد الحقيقة والمجاز في مادته لتتضح العلاقة بينهما متوخياً التفريق بينهما وإفراد أحدهما عن الآخر. وكان يرفد مادته بعيون كلام الأدباء وأقوال الشعراء بقصد الوقوف على ما يوحيه اللفظ في النفس وفحواه في الذهن ووقعه في المخيلة. وعلى إيجاز «أساس البلاغة» وافتقاره إلى مزيد من التقصي والاستيعاب فإنه مسعى حميد لسد ثغرة واسعة على هذا الصعيد.

وللزمخشري «الفائق» في غريب الحديث وطبع في الهند، و«أطواق الذهب» وهو في الوعظ، ونمط أسلوبه نثر فني يغلب عليه السجع وتوازن العبارات، طبع في أوربا وترجم إلى بعض لغاتها ثم في مصر، وكتاب «المستقصى في الأمثال» جمع فيه أمثال العرب ورتبها ترتيباً معجمياً على حسب أوائلها. وله أيضاً «مقامات الزمخشري»، و«القسطاس» في العروض، و«شرح كتاب سيبويه»، و«نوابغ الكلم»، و«ربيع الأبرار ونصوص الأخبار»، ثم ديوان شعر يضم شعره، وهو مرتب على حروف الهجاء. وله مؤلفات كثيرة أخرى معظمها ما زال مخطوطاً يرقد في مكتبات العالم.

عمر الدقاق

مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق إحسان عباس (دار صادر، بيروت 1978).       

ـ حاجي خليفة، كشف الظنون (مكتبة المثنى، بغداد. نُشر في بيروت).

ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء (دار إحياء التراث العربي، بيروت).    


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 398
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1025
الكل : 58480327
اليوم : 52841

الذووية ـ التوحد

الذَوَوية - التوحد   الذوَوية autism هي الاسترسال في التخيل هرباً من الواقع، لا يلبث أن يتحول إلى رغبة تجعل صاحبها ميالاً لترك أقرانه وزملائه، والانفراد بنفسه إذ يقل نشاطه الاجتماعي والانفعالي والأدبي ويغدو متشبثاً بعبارات وأمثلة تتمحور حول فائدة العزلة والانطواء والابتعاد عن الناس. والطفل الذَوَوي أو التوحدي autism child، يبدأ حياته وهو في حالة انطواء ذاتي تام، وقد تمر به الساعات منصرفاً عن عالمه الواقعي، منكفئاً على ذاته يعيش عبر تخيلاته ويغدو عاجزاً عن إقامة علاقات مع الآخرين، وبذلك تصبح قدرته على الكلام - التي هي أداة الاتصال الرئيسة - محدودة، كما يتزعزع شعوره بمفهوم الزمن، ويتناقص إحساسه بالصيرورة.
المزيد »