logo

logo

logo

logo

logo

السوناتا

سوناتا

Sonata - Sonate

السوناتا

 

السوناتا Sonata من أهم الصيغ والقوالب الموسيقية في التأليف الموسيقي الغربي. وهي تعني قطعة موسيقية مخصصة للعزف من أي آلة موسيقية. كما تعني قالباً موسيقياً كلاسيكياً لتميزها عن «المغناة» [ر. الصيغ الموسيقية] (الكانتاتا) Cantata المخصصة للغناء. وقد جاءت كلمة سوناتا، في الأصل، لتدل على فعل العزف sonare، في اللغة الإيطالية، مقابل «الكانتاتا» التي هي من فعل الغناء Cantare. وقد أخذت السوناتا تغدو، تدريجياً، هيكلاً صوتياً ذا معالم خاصة مميزة في التأليف الموسيقي.

في القرن السادس عشر، كانت الأغاني كلها معدة أيضاً للعزف على الآلات الموسيقية. وفي الواقع، فإن هذه الظاهرة ما هي إلا تعديل أو تكييف آلي (أي للآلات الموسيقية) للبوليفونية Polyphony (تعدد التصويت) الغنائية. وقد دُوِّن ذلك مثالاً في كتاب «موسيقى الفيهويلا» Vihuela (آلة موسيقية وترية إسبانية قديمة) عام 1535. كما ورد قالب السوناتا في كثير من الأغاني والرقصات الإيطالية القديمة. وإن أقدم أغنية خصص أداؤها للآلات الموسيقية فحسب، ألفت عام 1572، ودونت في كتاب «مجموعة أغاني المادريغال» Madrigals (أغنية إيطالية عاطفية كانت شائعة بين القرنين 14 ـ 16) لخمسة أصوات لمؤلفه نيكولا فيشنتينو N.Vicentino، ثم اتخذت المادريغال اسم «سوناتاالخمسة» (1580). كما وجدت «أغنيات للعزف» في مؤلفات جوفاني غابرييلي [ر] G.Gabrieli باسم «سمفونيات مقدسة» (1597) Sacrae Symphoniae. وكانت الرقصات الشائعة وقتئذٍ، والمدونة لآلة العود أو لآلة موسيقية أخرى، مصنفة في قالب «متتالية» [ر. الصيغ الموسيقية] (سويت) Suite. ثم بدأت تظهر مؤلفات موسيقية أكثر تطوراً من سابقتها منظمة في ثلاثة أقسام سمي القسم منها «حركة» Mouvement. وتطورت الكتابة للآلات الموسيقية، وصارت أكثر تألقاً منحت عزةً فنيةً للعازفين المنفردين المهرة Solists، والمرافقَين بـ «الجهير المتواصل» Basso Continuo، وهو لحن تؤديه آلة من ذوات لوحة الملامس (المفاتيح) Keyboard مثل الكلافسان [ر. البيانو] Clavecin، أو آلة جهيرة مثل التشيلو Cello أو الكونترباص Double Bass [ر. الكمان]. وفي نهاية القرن السابع عشر، اتخذت السوناتا شكلاً وقالباً خاصاً بها مؤلفاً من عدة حركات وتشكيلات لحنية مختلفة، وصارت تكتب لثلاث آلات موسيقية، اثنتان منها تؤدي اللحن الرئيس، والثالثة تؤدي صوت الجهير المتواصل (المرافِق). وقد لفت هذا الشكل «الثلاثي» Trio من السوناتا اهتمام العازفين والمؤلفين الموسيقيين. ثم حصل انقلاب موسيقي في السوناتا هذه، في بداية القرن الثامن عشر، إذ صارت تؤديها آلة من ذوات لوحة الملامس آخذة الدور الرئيس فيها (بدلاً من الكمان)، بينما صارت الكمان والتشيلو في وضع المرافقة لتلك الآلة.

في القرن الثامن عشر، أهمل تدريجياً استخدام «الجهير المتواصل» ودور آلة لوحة الملامس المرافقة التي صارت تدوّن ألحانها بدلاً من الأداء المرتجل. ومن الأمثلة الأولى الشهيرة للسوناتا المبنية في نظام تقليدي كانت في مجموعة مؤلفات هنري بورسيل[ر] H.Purcell لعامي 1683 و1697، ولاسيما في مجموعة العمل (رقم 5) من مؤلفات كوريلّي [ر]  A.Corelli الذي يعد البنّاء الأول من عازفي مدرسة الكمان الإيطاليين الذين وضعوا لبنة الأساس للسوناتا، منهم لِغرنتسي G.Legrenzi، وترتيني G.Tartini، وفيفالدي[ر] A.Vivaldi وغيرهم. وكان دومينكو سكارلاتي [ر] D.Scarlatti يلقب بأبي سوناتات الكلافسان. وكانت أولى منشوراته بعنوان «سوناتا» مع أنها لم تكن في مواصفاتها.وقد ظهرت سوناتات لبعض هؤلاء الموسيقيين ذات أربع حركات أيضاً. كما أن في مجموعة كوريلي (رقم 5) سوناتات ذات خمس حركات.

تتألف السوناتا التقليدية من ثلاث حركات أساسية متسلسلة: سريعة allegro ـ بطيئة adagio أو معتدلة السرعة andante ـ سريعة، وتكون الحركة الأولى من سلم أو مقام [ر. الموسيقى] السوناتا المعنونة به. وتتسم الحركة الثانية بألحان هادئة ومعبرة، في مقام مجاور للمقام الأساس. أما الحركة الثالثة، فتكون سريعة أو في شكل «الروندو» [ر. الصيغ الموسيقية] Rondö وفي المقام الأساس لتنبئ بالختام. ثم طرأت تعديلات على هذا النظام، إذ أضيفت حركة راقصة مثل «المنويت» [ر. الصيغ الموسيقية] Minuet درجت قبل الحركة الأخيرة. وهكذا، غدت السوناتا ذات أربع حركات (ومن المحتمل أن تكون الحركة الثالثة، في بعض الأحيان، ذات ألحان متنوعة في عدة أشكال). وفي كل الأحوال، فإن السوناتا، عموماً، تتشكل من ثلاث أو أربع حركات أساسية، وقد تسبق الحركة الأولى مقدمة أو تمهيد بطيء. واستبدل بتهوفن «المنويت» بـ «السكيرتسو» Scherzo (قطعة موسيقية ثلاثية الإيقاع مرحة وقصيرة)التي غدت حركة ثالثة في السوناتا. وقد كتب بعض المؤلفين الموسيقيين مثل هايدن[ر] F.J.Haydn بعض سوناتاته للبيانو[ر] في حركتين فقط، واستبدل موتسارت[ر] Mozart الحركة البطيئة بالمنويت في عمليه (K331) و(K547). وأما بتهوفن، فكان القالب في سوناتاته مركّزاً أحياناً، ومتغيراً ومتميزاً أحياناً أخرى، كما في عمله «مطارق البيانو» Hammerklavier (رقم 106)، وهو أحد سوناتاته الـ32 للبيانو التي تحوي أمثلة في غاية الحذق والمهارة، كما يحمل بعضها أوصافاً مثل «المؤثرة» Pathétique، و«في ضوء القمر» Moonlight، و«الوداع» Les Adieux، إضافة إلى العمل (رقم 106).

صارت السوناتا تتركز شيئاً فشيئاً في أدائها على عدد محدد من الآلات الموسيقية، وخص الأداء الأوركسترالي [ر. الفرقة الموسيقية]، في صيغة وقالب السوناتا، لـ «السمفونية» [ر]، و«الحوارية» [ر] (الكونشيرتو) Concerto، و«الافتتاحية» [ر] Overture. وما السمفونية إلا سوناتا للأوركسترا. وتدخل السوناتا في تشكيلات موسيقى الحجرة [ر] ويؤديها عادة، عازفان يكون الثاني عازف بيانو مرافقاً للعازف الأول، وتكتب السوناتا لعازفين منفردين يبرعون في إظهار مهارتهم في الأداء.

لم تطرأ على السوناتا إحداثات جذرية بعد بتهوفن، إذ كتب كثير من المؤلفين الموسيقيين أمثلة رائعة. فسوناتا شومان[ر] R.Schumann (في فادييز، رقم العمل 11) للبيانو مثلاً، مثال مهم في اتِّسامه الأفكار الرومنسية. وآثر شوبان[ر] F.Chopin التزام القواعد الصارمة في السوناتا. أما ليست[ر] F.Liszt، فقد اتخذ، مثل بتهوفن، حرية واسعة في المعالجة الموسيقية. وبسبب مهارة ليست في العزف على البيانو، لم تكن سوناتاته سوى قطعة موسيقية ضخمة من أنموذج «البالاد» Ballade [ر. الصيغ الموسيقية]. وقدم برامز[ر] J.Brahms، وفرانك [ر] C.Franck أمثلة رائعة في أسلوب «الدائرية» cyclism (اعتماد العمل الموسيقي على لحن في تنويعات متعددة).

لم تتطور السوناتا في القرن العشرين جذرياً، إلا أنها اتخذت حرية أوسع في قالبها. فإذا كان قد أدخل عليها، في بعض الأحيان، بعض الأساليب المستحدثة، مثل «الإثنى عشرية» (الدوديكافونية) Dodecaphonism، فإن السوناتا الحديثة تبقى كما كانت في عهد هايدن وموتسارت وبتهوفن.

من أنواع السوناتا وأشكالها:

ـ السوناتينا Sonatina: سوناتا صغيرة، حركاتها قصيرة، وغالباً ما يكون أداؤها أقل صعوبة من السوناتا. وتعد سوناتينات كليمنتي (1752-1832) M.Clementi، وكولو (1786-1832) F.Kuhlau سهلة للغاية يصلح أداؤها للمبتدئين في العزف على البيانو. إلا أن بعض المؤلفين الموسيقيين، في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، مثل رافيل[ر] M.Ravel، وبوزوني F.B.Busoni، وميو[ر] D.Milhaud كتبوا أمثلة من السوناتينا لا يقل أداؤها صعوبة عن السوناتا.

ـ السوناتا المثلثة S.Trio: من أهم مؤلفات قوالب موسيقى الحجرة في عصر الباروك. وتأتي تسميتها من عدد الحركات، والأصوات الثلاثة لكل منهما التي تتشكل منها. وتؤدي الأصوات فيها، أحياناً أربع آلات موسيقية. فالصوتان العلويان تؤديهما، غالباً، آلتان من الكمان، وتؤدي آلة التشيلو الصوت المنخفض مدعمة بآلة من ذوات لوحة الملامس. ففي بداية عصر الباروك، كانت آلة الفيول Viol [ر. الكمان]، أو البوق[ر] مثل الكورنيت Cornet هي التي تؤدي الألحان العليا (بدلاً من الكمان). وكانت الفيول الجهيرة تؤدي الصوت المنخفض. كما أن العود الجهير (تيوربو) Theorbo كان يؤدي دور آلة لوحة الملامس. وفي أواخر عصر الباروك، ألف بعض الموسيقيين مثل: تيليمان G.Ph.Telemann أمثلة من السوناتا المثلثة مثل: (من مقام مي بيمول) لآلات الأوبوا[ر] Hautbois والباسون Bassoon (جهيرة الأوبوا) والعود والهارب[ر] Harp.

ـ سوناتا الكنيسة S.da chiesa: كانت تدل في الأصل على مكان أدائها وهو الكنيسة. ولكن في القرن السابع عشر، صارت تعني «سوناتا مثلثة» في أربع حركات: الأولى والثالثة بطيئتان، والثانية والرابعة سريعتان.

ـ سوناتا الحجرة S.da camera: كان يقصد بها السوناتا التي تؤدى في صالات وقصور الأمراء والأعيان. ثم صار يطلق عليها «السوناتا المثلثة» في قالب «السويت»، وكانت تكتب لثلاث أو أربع رقصات معاً، كما كان عدد حركاتها غير محدد. وكتب أمثلتها كل من كوريلي، وتوريلّي G.Torelli، وفيراتشيني F.M.Veracini في عصر الباروك.

حسني الحريري

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ كورت زاكس، تراث الموسيقى العالمية، ترجمة سمحة الخولي (دار النهضة العربية، القاهرة 1964).

- ARTHUR JACOBS. Lend Me Your Ears (Aoon Books N.Y. 1990).

- N. DUFOURCQ, La musique (Lib. Larousse, Paris 1965).

 


التصنيف : الموسيقى والسينما والمسرح
النوع : موسيقى وسينما ومسرح
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 338
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1039
الكل : 58492005
اليوم : 64519

علم النفس (نظير-)

علم النفس (نظير ـ)   نظير علم النفس parapsychology أسلوب خاص في دراسة الحياة النفسية يتناول الحوادث التي تتجاوز ما هو سويّ paranormal مثل الإدراك فوق الحسي perception extra- sensorielle الذي يشمل: التخاطر[ر] télépathie، والفِراسة Clairvoyance والأفكار المستقبلية extra - sensor perception. ويختلف علم النفس الوضعي عن نظير علم النفس بفروق كثيرة أهمها في الموضوع والمنهج والهدف. ـ من حيث الموضوع: يتناول علم النفس الوضعي الظواهر النفسية التي تُبحث بالحواس والتجارب الحسية والشعورية، أما نظير علم النفس فيتناول ما يتجاوز الإحساس والنفس، كمحبة الله والناس.
المزيد »