logo

logo

logo

logo

logo

زرياب (علي بن نافع)

زرياب (علي نافع)

Ziryab (Ali ibn Nafi’-) - Ziryab (Ali ibn Nafi’-)

زرياب (علي بن نافع)

(…ـ نحو230هـ/… ـ 845م)

 

أبو الحسن علي بن نافع مولى الخليفة المهدي (ت169هـ) من الواردين على الأندلس من المشرق، كان نابغة الموسيقى في زمنه ورئيس المغنين، وكان شاعراً مطبوعاً وعارفاً بأحوال الملوك وسير الخلفاء ونوادر العلماء.

لقب أبو الحسن بزرياب وهولقب غلب عليه ببلاده لسواد لونه مع فصاحة لسانه وحلاوة شمائله، شبه بطائر أسود غر، وقيل إنه سمي زرياباً لصوته المشبه بالذهب، لأن زرياب كلمة فارسية معربة تعني ماء الذهب.

يعود سبب قدومه إلى الأندلس إلى أنه كان تلميذاً لإسحاق الموصلي (ت234هـ) مغني الخليفة هارون الرشيد (ت193هـ)، الذي قدّمه للخليفة دون أن يدرك مدى ما وصل إليه، فحاز على إعجاب الخليفة الرشيد، ولام إسحاق الموصلي لأنه كتم أمره كل هذه المدة، فاستبدت الغيرة بالأستاذ وخيره بين أن يغادر العراق أوأن يبقى فيتعرض للإيذاء والتهلكة، وكان زرياب يؤمن بقدرة أستاذه على تنفيذ وعيده فاختار الرحيل، وهناك رواية أخرى يرويها المؤرخ الأندلسي ابن القوطية (ت367هـ) تذكر أن زرياباً كان مقيماً في بغداد في عهد الرشيد وفي عهد ولده الأمين (193ـ198هـ/808ـ813م) وأنه كان يتمتع في أيامهما بنفوذ كبير، ولما قامت الفتنة بين الأمين والمأمون، التي انتهت بمقتل الأمين، أخذ المأمون يتعقب أصدقاء أخيه وأفراد حاشيته اعتقاداً منه بأنهم كانوا السبب في إفساد أخلاق أخيه الأمين، وكان من بين هؤلاء المغني زرياب الذي لم يجد وسيلة للخلاص سوى الفرار، فاتجه نحوالمغرب الإسلامي حيث نزل آمد في القيروان لدى الأغالبة، ثم غادرها إلى الأندلس، فوصل إليها عند وفاة الأمير الحكم الربضي (ت206هـ/822م) وأعلن الأمير الأموي الجديد عبد الرحمن الثاني (206ـ238هـ/822ـ857م) عن ترحيبه به، وأمر خصياًُ من أكابر خصيانه أن يتلقاه وأن ينزله في دار من أحسن الدور وأن يحمل إليها جميع ما يحتاج إليه، وخلع عليه، وكتب له في كل شهر بمئتي دينار، وأن يُجرى على بنيه الذين قدموا معه عشرون ديناراً لكل واحد منهم في كل شهر كما أجرى عليه من (المعروف) ثلاثة آلاف دينار سنوياً، لكل عيد ألف دينار، ولكل مهرجان ونوروز خمسمئة دينار، كما أقطعه دوراً وبساتين وضياعاً، فلما علم أنه قد أرضاه استدعاه فبدأ بمجالسته وسماع غنائه، فاستهواه غناؤه وقدمه على جميع المغنين، وكان كلما خلا به أكرمه وأدنى منزلته وذاكره في أحوال الملوك وسير الخلفاء ونوادر العلماء، وبلغ من إعجابه به أنه فتح له باباً خاصاً يستدعيه منه متى أراد.

نقل زرياب الحياة العراقية بمظاهرها الفنية والاجتماعية، ولقيت مدرسته الموسيقية الممثلة في شخصه وفي أبنائه وبناته وجواريه نجاحاً كبيراً طغى على مدرسة الحجاز القديمة التي أخذت في الضعف والزوال وإن كان تأثيرها ظلّ باقياً في حدود ضيقة إلى مابعد القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي.

وتصف المصادر المعاصرة مدى تأثير زرياب في الحياة الأندلسية حتى ليخيل للقارئ أن زرياباً قد حمل معه بغداد ووضعها في قرطبة، فهوالذي علم الأندلسيين طرقاً موسيقية جديدة في كيفية ابتداء الغناء وكيفية إنهائه، وجعل مضراب العود من قوادم النسر، بدلاً من مرهف الخشب مما يساعد على نقاء الصوت وسلامة الوتر، وكان عوده لايزيد في الوزن على ثلث العود السابق، وأضاف وتراً خامساً للعود جعله في الوسط وهويقابل النفس في الجسد، بينما الأوتار الأربعة الأخرى تقابل الطبائع البشرية وهي الدم والصفراء والسوداء والبلغم، وكان الوتران الأولان من الحرير، واتخذ الوترين الأخيرين من مصران شبل الأسد، لأن له في الترنم والصفاء والجهارة والحدّة أضعاف ما لغيره من مصران سائر الحيوان.

كذلك علم زرياب الأندلسيين طريقة الطهو العراقي، وضرورة الترتيب في تقديم الأطعمة بدلاً من وضعها دفعة واحدة، وأشار عليهم بأكل الأسفراج (الهليون Asparagus) واستعمال الأواني الزجاجية بدلاً من الأواني الفضية والذهبية، وعلم القرطبيين طريق تصفيف شعورهم ورفعه خلف الآذان بدلاً من تركه مسدولاً على جباههم وأعينهم، كما أشار عليهم بارتداء الملابس التي يختلف لونها وسمكها حسب الفصول ففي فصل الصيف تُرتدى الملابس البيضاء الخفيفة، وفي الفصول التالية يلبسون ألبسة ملونة يكون أخفها في الربيع وتليها في الثقل ملابس الخريف ثم ملابس الشتاء.

كان لزرياب من الأولاد الذكور ثمانية ومن الإناث ابنتان، وكلهم غنّى ومارس الصناعة مع اختلاف في الطبقة، فكان أعلاهم ابنه عبيد الله ويتلوه عبد الرحمن، لكنه ابتُلي من فرط التيه وشدة الزهووكثرة العجب بغنائه بما لم يكن له شبيه فيه، وقلما يسلم مجلس حضوره من كدر يحدثه، أما ولده قاسم فكان أحذقهم غناء مع تجويده، وقد تزوج الوزير هشام بن عبد العزيز ابنة زرياب حمدونة.

توفى زرياب في قرطبة ودفن فيها.

نجدة خماش

الموضوعات ذات الصلة:

 

اسحاق الموصلي ـ الأمير عبد الرحمن الثاني.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن حيان، المقتبس في تاريخ رجال الأندلس (باريس 1937).

ـ المقرّي التلمساني، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (القاهرة1949).

 


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 353
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1047
الكل : 58481132
اليوم : 53646

بيكابيا (فرنسيس-)

بيكابيا (فرانسيس ـ) (1879 ـ 1953)   فرانسيس بيكابيا Francis Picabia مصوّر فرنسي، ولد في باريس ومات فيها، وكان أفضل من جسّد روح القطيعة والرفض في تاريخ التصوير في القرن العشرين، وفي عداد روّاد الفن الحديث.  بدأ عهده بالتصوير مصوراً انطباعياً متأخراً شأنه في ذلك شأن كثير ممن سبقوه. تلقى نصائح المصور الفرنسي بيسّارّو[ر] Pissarro الذي التقى به أول مرة في عام 1903، وكان من شأن النجاح الذي أصابه معرضه الفردي الأول الذي أقيم  في عام 1905، والعقد المريح الذي أبرمه جرّاءه مع تاجر اللوحات دانتون بين عامي 1906 و1909، أن يصرفاه إلى التصوير بجدية، و يشجعاه على المضي فيه بحثاً وتجريباً، وكان وقتها مصوراً شاباً يتطلع إلى أن يغدو فناناً متمرداً يرسم لمتعته الشخصية.
المزيد »