logo

logo

logo

logo

logo

زرقاء اليمامة

زرقاء يمامه

Zarqa’ al-Yamamah - Zarqa’ al-Yamamah

زَرْقاء اليَمَامة

 

اليَمامة من بني جَديس بن جاثر (أوعامر) بن إرم بن سام بن نوح. وقيل: هي بنت لقمان بن عاد بن عوص بن إرم بن سام. وقد نزل قومها (الجو) منذ القديم مع بني طَسْم بن لاوذ بن إرم ابن سام. وسميت الجو باسمها فقيل: اليمامة. ولما عرفت بزرقة عينيها أضيفت صفتها إلى اسمها فقيل لها: زرقاء اليمامة. وربما قيل زرقاء الجو، وقد ذكرها المتنبي في شعره حين قال مفتخراً بنفسه وعلمه

وأبصرَ من زرقاءِ جَوٍّ لأنني

                  إذا نظرَتْ عَيْنايَ شاءَهما عِلْمي

وروى بعض القدماء عن أبي عبيدة (ت209هـ) أن اسمها «عنز»؛ وذكر الجاحظ (ت255هـ) قولاً لأبي عمرو ابن العلاء (ت154هـ) يؤيد ذلك، ونصه «داهيتا نساء العرب هند الزرقاء، وعنز الزرقاء، وهي زرقاء اليمامة» وذكر الشريشي (ت619) أن «عنزاً» أخت اليمامة؛ ولعله الوجه الأولى في ضوء أخبارهما.

والثابت للمتمعن في أخبار زرقاء اليمامة (زرقاء بني جديس) أنها احتلت مكانة كبيرة في قومها؛ لما اتصفت به من حسن الفطنة واتقاد الذكاء؛ ورجاحة العقل، وجودة الكلمة، وحدة النظر، وكانت في ذلك كله مضرب المثل عند القدماء فقالوا: أبصر من زرقاء اليمامة. فقيل: إنها كانت تبصر الشيء من بعد مسيرة ثلاثة أيام. كما وصفت بالحذق في الحساب والعدد.

ولا يعرف شيء عن سنة ولادتها ووفاتها؛ أما مكانهما فهما باليمامة، كما تؤكده أخبار قومها مع حسان بن أسعد الحميري أحد تبابعة اليمن (أي ملوكها) في الدولة الحميرية الثانية. وقد عاش في القرن الرابع قبل الميلاد على الأغلب وقيل: إنه أول من كسا الكعبة بعد عودته مظفراً إلى اليمن من غاراته إلى العراق وفارس والشام.

تذكر الروايات أن جديس كانت راضخة للملك عمليق بن لاوذ بن إرم؛ وهو أخو «طسم» الذي بغى وطغى وتجبر على جديس، حتى أمر ألاتزف عروس منها قبل أن يدخل بها، فثارت عليه وقتلته في خبر مشهور؛ ثم مُزِّقت «طسم» كل ممزق، وقد أتيح لرجل من طسم الهروب، ويقال له رياح بن مرّة، فأتى حسان الحميري في اليمن؛ وأقنعه بغزو ديار جديس، الغنية بالموارد، والموصوفة بجمال الطبيعة، فجهز جيشه، وأقبل بجموع عظيمة غازياً اليمامة، وصادف أن علت الزرقاء منارة، وقيل أُطماً يعرف باسم «الكلب»، فرأت القوم يتحركون وهم يستترون وراء الشجر على مسافة أميال كثيرة، إذ حمل كل رجل منهم شجرة؛ ليلبسوا على جديس، فأنذرت قومها قائلة: «قد أتتكم الشجر»؛ فلم يصدقوها، ولم يبالوا بصيحتها؛ ثم أقسمت مرتجزة:

أقسم بالله لقد دبَّ الشجر

                  أو حمير قد أخذت شيئاً تجر

فكذبها قومها؛ فقالت: «والله لقد أرى رجلاً ينهش كتفاً؛ أو يخصف نعلاً». فأمعنوا في تكذيبها؛ ولم يعتبروا بالعير الذي نفر خوفاً، فقالت: «العير أوقى لدمه»، فذهبت مثلاً.

وذهبت صيحات الزرقاء أدراج الرياح، فما تأهب بنو جديس، ولا استعدوا لملاقاة جيش حسان فصبحهم على حين غرة ودمرهم، وظفر بزرقاء اليمامة، فقال لها: ما طعامك؟ قالت: دَرَمكة في كل يوم بمخ عُنوق (والدرمك: الدقيق النقي المستخلص من القمح وغيره. والعنوق: جمع العناق: وهو الأنثى من أولاد المعز؛ ما لم يأت عليه سنة) قال: فبم كنت تكتحلين؟: قالت: بالإثمد (حجر يتخذ منه الكحل؛ وقيل: هو ضرب من الكحل). فأخذها وشق عينيها فرأى عروقاً سوداً من الإثمد ـ وهي أول من اكتحل بالإثمد من العرب ـ ثم صلبها على باب مدينتها (حَجْر) وهي قصبة اليمامة.

وقيل إنه لم يقتلها؛ بل حملها في السبي، ولما قرب إليها البعير لتركبه ولم تكن تعودت ركوبه ـ قالت:

شرُّ يوميها وأغواه لها

                  ركبت عنز بحدج جملا

 وهذا الخبر الذي رواه الشريشي، وأتبعه بتوضيح يدل على أن عنزاً أخت زرقاء اليمامة يجعلنا نذهب إلى أن الزرقاء قتلت، وعنزاً سبيت.. ويؤيد هذا ما أورده الأعشى في قصتها مع حسان؛ وتكذيب قومها لها؛ فقال

قالت: أرى رجلاً في كفه كتف

                  أو يخصف النعل، لهفي أيَّةً صنعا؟

فكذبوها بما قالت، فصبحهم

                  ذو آل حسان يزجي الموت والشّرعا

فاستنزلوا أهل جو من مساكنهم

                  وهدّموا شاخص البنيان فاتضعا

حسين جمعة

مراجع للاستزادة:

 

ـ الزمخشري، المستقصى في أمثال العرب (دار الكتب العلمية، بيروت 1977).

ـ الشريشي، شرح مقامات الحريري (دار الكتب العلمية، بيروت 1979).

ـ البغدادي، خزانة الأدب (دار صادر، بيروت).

ـ الألوسي، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب. ضبطه محمد بهجة الأثري (دار الكتب العلمية، بيروت).

 


التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العاشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 342
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1046
الكل : 58481912
اليوم : 54426

روزفيتا فون غندرسهايم

روزڤيتا فون غَنْدرْسْهايم (935 ـ 973)   تعد الشاعرة والمسرحية الألمانية روزڤيتا فون غندرسهايم Hroswitha Von Gandersheim أول امرأة تكتب أدباً باللغة اللاتينية منذ العصر اللاتيني القديم. يشار إليها في كتب تاريخ الأدب والمسرح باسمها الأول روزڤيتا الذي قد يكون مستعاراً. أما لقبها فهو يشير إلى انتمائها إلى مدينة غندرسهايم مسقط رأسها. لا يُعرف الكثير عن سيرة حياتها، سوى أنها تنحدر من أسرة أرستقراطية من محيط مدينة براونْشفايك،
المزيد »