logo

logo

logo

logo

logo

الخيزران.

خيزران.

Bamboo - Bambou

الخيزران

(… -173هـ/…-789م)

 

جارية الخليفة المهدي العباسي (158-169هـ) يمانية جُرَشية أم ولديه الخليفتين موسى الهادي وهارون الرشيد، كان المهدي قد اشتراها وأعتقها وتزوجها، وكانت مسموعة الكلمة عند المهدي ولها دالة واسعة عليه. فلما كانت خلافة الهادي (169-170هـ) أخذت الخيزران تفتات عليه في أموره، وتسلك به مسلك أبيه من قبله في الاستبداد بالأمر والنهي، وكانت كثيراً ما تكلمه في الحوائج فكان يجيبها إلى كل ما تسأله حتى مضى على ذلك أربعة أشهر من خلافته، وانثال الناس عليها وطمعوا فيها فكانت المواكب تغدو إلى بابها، فكلمته يوماً في أمر لم يجد إلى إجابتها إليه سبيلاً، فاعتل بعلة ولكنها ألحت عليه واشتد الجدال بينهما، وحمي الهادي وغضب وهددها إن وقف على بابها أحد من قواده أو خاصته أو خدمه فسوف يقتله ويصادر أمواله، ومنعها أن تكلمه في حاجة لمسلم أو ذمي وأن توجه اهتمامها لدينها وبيتها، فانصرفت ما تعقل ما تطأ فلم تنطق عنده بحلو ولا مر بعدها، وحلفت لا تكلمه أبداً وانتقلت عنه إلى منزل آخر.

وفي سنة سبعين ومئة هجرية عزم موسى الهادي على خلع أخيه هارون الرشيد من ولاية العهد وجعلها لابنه جعفر بن الهادي، فانقاد هارون لذلك ولم يظهر منازعة بل أجاب، واستدعى الهادي جماعة من الأمراء فأجابوا، وأبت ذلك أمهما الخيزران، وكانت تميل إلى ابنها هارون أكثر من موسى، ولاسيما بعد أن منعها الهادي من التصرف في شيء من أمور الدولة.

وخرج الهادي إلى حديثة الموصل، فمرض واشتد مرضه، فانصرف إلى عيساباذ وفيها مات، ولما حضرته الوفاة بعثت الخيزران إلى يحيى بن خالد البرمكي تعلمه أن الرجل لمآبه وتأمره بالاستعداد لما ينبغي، وكانت المستولية على أمر الرشيد وتدبير الخلافة. وأُحضِرَ الكتّاب في منزل الفضل بن يحيى فكتبوا لليلتهم كتباً من الرشيد إلى العمال بوفاة الهادي وأنهم قد ولاهم الرشيد ما كانوا يلون. فلما مات الهادي أنفذوها على البُرُد، وأخرج هرثمة بن أعين الرشيد وأقعده الخلافة. وكان موت الهادي في سنة 170هـ/786م وهو ابن ثلاثة وعشرين سنة، وكانت خلافته سنة وشهراً أو شهرين، وقد قيل إن الخيزران سمَّت ولدها خوفاً منه على ابنها الرشيد، ولأنه كان قد أبعدها وأقصاها وقرب حظيته خالصة وأدناها، وصارت الخيزران في خلافة الرشيد هي الناظرة في الأمور، وكان الوزير يحيى البرمكي يعرض عليها ويصدر عن رأيها، وماتت الخيزران في خلافة الرشيد، ومشى الرشيد في جنازتها وهو آخذ بقائمة التابوت، وصلى عليها ودخل قبرها، ثم تصدق عنها بمال عظيم، ولم يغير على جواريها وحواشيها شيئاً مما كان لهم.

ويذكر أن الخيزران كانت رقيقة المشاعر عطوفة، بدا منها ذلك عندما استعانت مزنة زوجة مروان بن محمد بنسوة العباسيين فجفتها زينب بنت سليمان ونهرتها. غير أن الخيزران احتالت حتى قربتها وأحسنت إليها ثم أقرها المهدي على ما فعلت واستحسنه، وكانت الخيزران إلى ذلك عاقلة لبيبة دينة تنفق من غلتها الضخمة الكثير من الصدقات وأبواب البر، ومن أعمالها أنها أخرجت الدار التي ولد فيها رسول الله r من يد مالكها محمد بن يوسف وجعلتها مسجداً للناس.

يوسف الأمير علي 

مراجع للاستزادة:

ـ الطبري، تاريخ الطبري (دار سويدان، بيروت).

ـ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (دار الكتاب العربي).

ـ المسعودي، مروج الذهب (المكتبة التجارية، مصر 1964).

 


التصنيف : الزراعة و البيطرة
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 78
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1051
الكل : 58481718
اليوم : 54232

بيغي (شارل-)

بيغي (شارل ـ) (1873 ـ 1914)   ولد شارل بيغي Charles Péguy في مدينة أورليان في فرنسة، وهو يتحدَّر من أسرة ريفية فقيرة، ونشأ يتيم الأب عصامياً، أفاد من منحةٍ من ثانوية أورليان، لينهي فيها دراسته بنجاح، ثم مضى إلى باريس لمتابعة الدراسة بمعهد المعلمين العالي، بيد أنه أخفق في امتحان القبول، فتطوَّع في الجيش وخرج منه ضابطاً صغيراً، وقد تسنى له أن يلتحق في عام 1894 بمعهد المعلمين العالي، واتضح، آنئذ، منحاه الفكري العقائدي، فقد رفض المسيحية الكاثوليكية، مؤمناً بالاشتراكية المثالية ولهذا قطع دراسته بعد عام واحد في المعهد، وآبَ إلى أورليان، لينشئ فريقاً يهتم بالدراسات الاشتراكية، وعكف على تحبير مقالاتٍ، أفصح بها عن دعوةٍ متحمسة للاشتراكية،
المزيد »