logo

logo

logo

logo

logo

الخير

خير

Good - Bien

الخير

 

الخير هو المطلق ultimate أو الأسمى highest الذي تتوجه إليه كل الأفعال، والذي له قيمة بذاته. وهو المفيد أو النافع، أو الممدوح، أو المؤثر لذاته أو لغيره، أو واهب السعادة أو المؤدي إليها، أو ما يكون به كمال الإنسان ورفعته، وما يقرب الإنسان إلى الله. والخير هو أحد أعم المفاهيم في الوعي الأخلاقي، والفكرة الأساسية في الدراسات الأخلاقية، ويقابله مفهوم الشر[ر] evil.

وتختلف المذاهب الأخلاقية في تحديد هذا المفهوم، تبعاً لوجهة النظر التي يأخذ بها هذا الفيلسوف أو ذاك، فتسمى فلسفة الأخلاق أحياناً بأنها علم الخير، ويقال الخير هو «ما يجب صنعه».

ويتجلى مفهوم الخير في مفاهيم أكثر تحديداً مثل الفضيلة والعدالة والسعادة وغيرها، وهذا ما تشير إليه أخلاق الحكمة (سقراط وأفلاطون)، فالفلـسفة عند سقراط[ر] وأفلاطون[ر] هي دراسة الخير، وكل نشاط عقلي يهدف إلى تحقيق غاية، وإن جميع الموجودات تحقق مثالها (الخير الأقصى). وقد اعتنق أفلاطون فكرة سقراط عن السعادة، فالسعادة هي الخير، وتتحقق في حال تحقق  العدالة عند أفلاطون، وهذه السعادة هي الخير الأقصى. وترمز الشمس في أسطورة الكهف الأفلاطونية إلى مثال الخير، وهو أسمى المثل جميعاً، وعالم الحس شر كله، ويقتضي الانصراف عنه بوساطة التأمل الفلسفي أي معرفة المثل ideas، فالخير توأمه الخلاص من مطالب الجسد وقمع الذات، لكن اللذة عند أفلاطون هو الاغتباط بالحكمة وليس باللذة الحسية. وقد نحا أرسطو[ر] منحى سابقيه، فحارب اللذة كغاية واعتنق السعادة، فالخير ما يقصد إليه الكل، وإن أفعال الإنسان تستهدف غاية تكفي ذاتها بذاتها، وهذه الغاية هي السعادة، والخير الأقصى يُختار لذاته لا لغاية أبعد منه، فهو يكفي لإسعاد الناس.

أما الخير عند مسكويه[ر]، فهو «المقصود من الكل، وهو الغاية الأخيرة، وقد يسمى الشيء النافع في هذه الغاية خيراً، أما السعادة فهي الخير بالإضافة إلى صاحبها، وهي كماله، فالسعادة إذن خير ما، وقد تكون سعادة الإنسان غير سعادة الفرس…». والخيرات لها درجات ثلاث: الخيرات الشريفة (الحكمة والعقل)، والخيرات الممدوحة مثل «الفضائل والأفعال الجميلة الإرادية»، والخيرات النافعة وهي جميع الأشياء التي تُطلب لا لذاتها بل ليتوصل بها إلى الخيرات.

الخير واللذة

يوحد بعض الفلاسفة بين الخير واللذة، وتنطلق وجهة النظر الأخلاقية هذه من أن الشيء الخير الوحيد هو اللذة (أبيقور وبنتام)، وإذا كان القورينائيون قد مالوا إلى اللذة الحسية بوصفها خيراً أقصى وغاية الوجود، فإن اللذة عند الأبيقوريين[ر] هي لذة فاضلة تنشد الطمأنينة بعد تحررها من الألم والخوف من الآلهة والموت، وهذه اللذة تحرر المرء بتحديد موقفه من الرغبات الثلاث.

أما بنتام ومل (أصحاب مذهب المنفعة)، فالفعل الصواب في رأيهم هو ما يؤدي إلى السعادة من حيث النتيجة، ويكون خاطئاً إذا كان يعوق السعادة، فهم يلجؤون إلى معيار «النفع»، ويستخدم بنتام اللذة والسعادة بمعنى واحد، وغاية الإنسان هي تحقيق السعادة، وتصبح اللذة هي الخير الوحيد، كما يصبح الألم هو الشر الوحيد. ويضع للذة مقاييس هي شدة اللذة وديمومتها ومدى التيقن من تحققها ومبلغ شمولها أي لتشمل  الآخرين. ويتفق مل مع بنتام في كثير من النقاط، إلا أنه وحد بين سعادة الفرد وسعادة المجموع، فسعادة كل شخص تمثل «خيراً» بالقياس إلى هذا الشخص، وعلى ذلك فالسعادة العامة هي «خير» بالنسبة للجميع.

الخير الأخلاقي والإرادة

المبدأ الأخلاقي أو الدعامة الأساسية للسلوك الأخلاقي، هو ما ذهب إليه كَنت[ر] من أن «الإرادة الخيرة هي، من بين جميع الأشياء التي يمكن تصورها في هذا العالم أو حتى خارجه، الشيء الوحيد الذي يمكن أن نعده خيراً على الإطلاق، دون أدنى قيد أو شرط»، والإرادة الخيرة هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن يعد «خيراً في ذاته»، لأنها لا تستمد خيريتها من المقاصد التي تحققها، أو الغايات التي تعمل من أجلها، بل من باطن ذاتها، بوصفها الشرط الضروري الكافي لكل «أخلاقية»، وإن ما يكون جوهر الإرادة الخيرة هو «النية» الطيبة التي لا يعد لها خير من خيرات العالم، وعلى هذا النحو، فهي غاية في ذاتها، وليست مجهولة لكي تكون نافعة، بل لكي  تكون جديرة بالتقدير. إضافة إلى ذلك، لكي تكون الإرادة خيرة في ذاتها، يجب أن تعمل وفقاً لقانون «الواجب» بغض النظر عن أي باعث آخر.

أحمد أبو زايد 

الموضوعات ذات الصلة:

الأبيقورية ـ الأخلاق ـ كَنت. 

مراجع للاستزادة:

ـ توفيق الطويل، فلسفة الأخلاق، نشأتها وتطورها (دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة 1985).

ـ عادل العوا، المذاهب الأخلاقية (مطبعة جامعة دمشق 1958-1959).

 


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : دين
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 74
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1025
الكل : 58469570
اليوم : 42084

العقد

العقد   تباين أمر التقانات، في الدول المختلفة، في شأن تضمين نصوصها تعريفاً للعقد. فبعضها سار عليه، كالقانون الفرنسي (المادة 110)، والقانون الإيطالي (المادة 1098)، وبعضها من التقانات تجنب إيراد تعريف للعقد، كالقانون المصري والقانون السوري والقانون الليبي. ويعرف العقد contrat عادة، في الفكر القانوني المعاصر، بأنه توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر يرتبه القانون. ويعرف في الفقه الإسلامي المعاصر بأنه «ارتباط الإيجاب الصادر من أحد العاقدين بقبول الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه». وهو التعريف الذي أخذ به القانون العراقي وقانون التجارة الكويتي القديم والقانون الأردني. وأصل معنى العقد في اللغة العربية هو الربط المحكم. والعُقدة (بضم العين) موضع العقد أو الربط، وهو ما عقد عليه. وقد استعمل القرآن الكريم لفظ «العقدة» بالمدلول الفقهي للفظ «العقد» إذ أطلق على عقد الزواج اصطلاح «عقدة النكاح» وذلك في قوله عز شأنه:  
المزيد »