logo

logo

logo

logo

logo

الحَمْل

حمل

Gestation - Grossesse / Gestation

الحمل

 

الحمل gestation حادثة فيزيولوجية يتخلق فيها مخلوق جديد في رحم المرأة التي تغذيه وتحميه حتى تمام النضج ليصبح بعدها قابلاً للحياة في الوسط الخارجي.

يبدأ الحمل بالإلقاح fertilizatiom، الذي هو التقاء البييضة الناضجة الطازجة بالنطفة (الحيوان المنوي) واندماجهما بحيث تتكامل نواتاهما التي تحوي كل منهما نصف عدد الصبغيات  chromosomes ت(23) زوجاً فتصبح البيضة الملقحة حاوية العدد الكامل للصبغيات أي (46) زوجاً، وهو العدد الطبيعي في خلايا الإنسان.

السير والإلقاح والتعشيش والمراحل

تكون البييضة قابلة للتلقح منذ الدقائق الأولى لخروجها من جريب دوغراف في المبيض. متى تمت الإباضة يتلقف صيوان البوق البييضة - وهي خلية واحدة - ويدفعها باتجاه جوف الرحم بفعل حركاته الحوية - أي التي تشبه حركة الأمعاء - وبفعل حركة أهداب الخلايا باطن البوق، وتتلقح البييضة في الثلث الوحشي من البوق ثم تتابع سيرها حتى تصل إلى جوف الرحم بعد نحو أربعة أيام (3-5) من تلقحها أي من بداية الحمل وفي أثناء سيرها هذا ومنذ تلقحها تنقسم الخلية البييضية قسمين فأربعة أقسام فثماني أقسام ولكن لا ينفصل بعضها عن بعض وإنما تبقى كتلة واحدة تشبه حبة التوت فتدعى التويتة morula. تستقر التويتة على سطح بطانة الرحم التي تدعى الغشاء الساقط decidua لأنه يسقط حين الولادة بعد خروج الجنين والمشيمة والأغشية. تبدأ البيضة الملقحة بامتصاص السوائل المغذية الوافرة على سطحها الواسع فتنتفخ من كثرة امتصاصها لهذه السوائل فتتفتت القشرة المحيطة بها والتي تدعى بالمنطقة الشفافة zona pellucida وتغدو الخلايا المحيطة بالبيضة بتماس مباشر مع الغشاء الساقط. ومعروف عن هذه الخلايا المدعوة بالأرومة الغاذية trophoblast بأن لها القدرة على نخر كل ما يمسها، وهكذا تنخر هذه الخلايا الغاذية خلايا بطانة الرحم (الغشاء الساقط) فتخرج قطيرات من دم الأم تتغذى بها خلايا المضغة الغاذية ومن ثم لتنقل هذه المواد المغذية إلى الخلايا الموجودة في مركز البيضة والتي تدعى بالخلايا المضغية الباطنة inner cell mass لأن المضغة ستتشكل منها. وهكذا تحتفر البيضة لها حفرة في سماكة الغشاء الساقط الوالدي تنطمر فيها وينسد مدخلها بدم الأم الذي يتخثر فور هذا الاحتفار. وتغدو البيضة مدفونة في سماكة الغشاء الساقط ويدعى هذا الحدث بالتعشيش implantation. يبدأ التعشيش في اليوم السابع بعد الإلقاح ويتم في اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر. ما أن تعشش البيضة في سماكة بطانة الرحم حتى تكون قد تطورت إلى الكيسة الأُريمية blastocyst، التي تتألف من جوفين يحويان سائلاً: يدعى الأول السلى أو الجوف السلوي amnion or amniotic cavity ويدعى الثاني الكيس المحي yolk sac وتتشكل بينهما الخلايا المضغية التي سيتخلق منها الجنين والتي تتألف في البداية من وريقتين: ظاهرة وباطنة، ثم لا تلبث أن تنشأ وريقة ثالثة متوسطة، وهكذا تغدو المضغة ثلاثية الوريقات، وتنشأ من كل وريقة مجموعة من الأعضاء. أما الخلايا المحيطية الغاذية فتتطور إلى طبقتين: داخلية تدعى الأرومة الغاذية الخلوية cytotrophoblast وخارجية تكون بتماس الغشاء الساقط الوالدي وتدعى بالمَخْلى أو الغاذية المخلوية syncytium or syncytiotrophoblast لأنها تتألف من مجموعة كبيرة من الخلايا التي فقدت أغشيتها الفاصلة وغدت كتلة فسيحة من الهيولى تحوي نوى تلك الخلايا التي نشأت وتطورت من سالفتها الخلوية. تنخر هذه الخلايا غشاء الأم الساقط فينجم عن ذلك خروج قطرات دموية تحيط بالبيضة التي تتغذى من المواد المغذية التي يحويها دم الأم، وهكذا يتشكل بالتدريج دوران دموي والدي يحيط بالبيضة ودوران دموي جنيني خاص بعدما تظهر استطالات إصبعية الشكل على سطح المخلى، تتطور إلى زغابات مغذية تتم على سطوحها الواسعة المبادلات الغازية (الأكسجين وغاز الفحم) والغذائية من سكريات وبروتينات وهرمونات وأملاح تعبر الحدود ما بين مملكة الأم ومملكة المضغة (الجنين) بنسب ومقادير تؤمن تغذية كاملة ونمواً سوياً للجنين.

تمتد فترة الحمل في الإنسان أربعين أسبوعاً منذ تاريخ أول يوم من آخر طمث، قد تنقص هذه الفترة أسبوعاً أو تزيد أسبوعاً. أما إذا نقصت عن ذلك أو زادت عليه دعيت خداجاً في حالة التبكير وحملاً مديداً في حالة التأخير. ومن الواضح أن الحمل الحقيقي يكون قد ابتدأ بعد ذلك التاريخ بأسبوعين قد تنقص أو تزيد بضعة أيام بحسب طول الدورة الطمثية عند كل حامل. أما السيدات وعامة الناس فتفضل حساب مراحل الحمل بالأشهر وهو يمتد تسعة أشهر وأسبوعاً منذ آخر طمث.

تقسم مراحل الحمل إلى ثلاثة أثلاث، مدة كل منها ثلاثة أشهر.

الأعراض في المراحل المختلفة

العرض الأول الدال على حدوث الحمل انقطاع الطمث في امرأة متزوجة صحتها جيدة وطمثها منتظم ويغلب أن تشكو الحامل في بداية حملها من أعراض ودية (الوحام) تعدها العامة دليلاً على الحمل كالقيء الصباحي واشتهاء بعض المآكل ولاسيما الحامض منها، أو النفور من بعض المآكل، وقد تهفو نفس الحامل لطلب مآكل غريبة وغير معتادة وهناك قناعات شعبية متوارثة بضرورة تحقيق رغبات الحامل، لا أساس لها من الناحية العلمية، ولا يجوز مجاراة الحامل ولاسيما إن تاقت لأكل بعض المواد الضارة أو الوسخة. لا خوف من القياء الصباحي إن لم يتكرر طوال اليوم والأسلم ألا يعالج بغير التطمين، أما إذا اشتد فيتطلب معالجة قد تصل إلى دخول المستشفى، ولا تصاب كل الحوامل بأعراض الوحام هذه، بل ليس ظهورها دليلاً جازماً على الحمل فقد يظهر في الحمل الكاذب أو الموهم، وهناك اختلاف في الرأي حول سببها وهل هو تحسس الأم تجاه الطعم الإسوي (المغاير) allograft الذي هو الحمل أم أنه سبب نفسي لا أكثر؟، كذلك قد تصاب الحامل بالقهم في الثلث الأول من الحمل وقد يؤدي كل هذا إلى تناقص وزنها، ولا خوف من ذلك إذا لم يكن النقص كبيراً.

في الثلث الثاني تتحسن الحالة العامة للحامل، الجسمية منها والنفسية، ولاسيما متى شعرت بحركات الجنين التي تطمئنها وتؤكد لها فيزيائياً وجوده. والخروس (أولية الحمل) تتأخر في بدء شعورها بحركة الجنين عمن سبق لها أن حملت مرة أو أكثر، ويجب طمأنة الحامل إن تأخر شعورها بهذه الحركة. وحالياً يقدم الصدى sonography صورة حية ونابضة للجنين حتى في أسابيع حياته الأولى. يزداد وزن الحامل تدريجياً وتتبارز الرحم النامية المضيفة للجنين ولملحقاته مما يجعل الحامل تميل بنصفها العلوي نحو الخلف لحفظ توازنها، وهو ما يدعى (بالقعس) lordosis.

في الثلث الثالث والأخير يزداد حجم الرحم الحامل أكثر وتصبح مشيتها بطيئة متميزة، وقد تظهر وذمة خفيفة في قدميها وتميل إلى النعاس والوسن أكثر من ذي قبل وتتباطأ قدرتها على التركيز والتفكير، ويعتقد أن ذلك من جملة تأثيرات الحمل التي تهدف لحمايته لكيلا تستمر الحامل في نشاطها المعتاد ما قبل الحمل.

متى وصل الحمل إلى تمامه تبدأ الرحم بالتقلص في فترات متباعدة في البدء ثم تتقارب تدريجياً وتشتد قوتها، وتحدث مجموعة تبدلات تشمل الحامل والرحم والجنين يدعى مجموعها (المخاض) وغايته طرح الجنين من الرحم إلى المحيط الخارجي.

التشخيص في المراحل المختلفة

يستند في تشخيص الحمل في بدئه إلى انقطاع الطمث وإلى الأعراض الودية وبعض الأعراض التي تبدو بالفحص السريري كضخامة جسم الرحم ولين عنقها واحتقان المهبل واحتقان الثديين، وكل هذه الأعراض ظنية أو احتمالية، ويؤكد التشخيص بتفاعل الحمل المناعي الذي يعتمد على كشف الوحدة بيتا للحاثات القندية المشيمائية beta subunit human chorionic gonadotropin إما في البول أو في الدم، وبعض هذه الفحوص قليلة الحساسية، وقد تكون نتائجها خاطئة ولاسيما إذا كانت الكواشف قديمة أو فاسدة أو كان الحمل مريضاً، لذا وجب الحذر من الأجوبة الإيجابية الكاذبة أو السلبية الكاذبة. والطريقة الثانية وهي الأسهل والأسرع والأقل وقوعاً في الخطأ هي الفحص بالصدى وهي أمواج فوق - صوتية تستطيع أن تكشف البيضة المعششة في جوف الرحم والمضغة التي تظهر حركتها ويبدو فيها نبض القلب في وقت مبكر من الحمل مما يؤكد وجوده بصرياً وسمعياً للحامل وللطبيب. ويصير التشخيص سهلاً بالفحص السريري في الثلث الثاني من الحمل وما بعده لظهور الأعراض الجنينية وشعور الحامل بها وكبر حجم البطن التدريجي، وإمكان سماع دقات قلب الجنين وزيادة وزن الحامل وظهور بعض الأعراض أحياناً كالزلة والخفقان والدوالي في الطرفين السفليين، ويعد بعض هذه الأعراض مرضياً إن زاد على المألوف ويجب الانتباه إليه ومعالجته إن لزم.

مراقبة الحمل والحامل

تتعرض الحامل لبعض الاضطرابات أو الأمراض الناجمة عن وجود الحمل، كما يتعرض محصول الحمل لبعض الشذوذ، ويجب لذلك مراقبة الحامل مراقبة دورية للاتقاء من حدوث هذه الاضطرابات إن أمكن أو كشفها منذ بدء حدوثها لمعالجتها وتهيئة الحامل لولادة سليمة.

من أهم ما يتوجب على الطبيب التأكد منه هو موضع الحمل وأنه داخل جوف الرحم وليس خارجه وهي حالة مرضية وخطيرة. بعدها يتابع الطبيب مراقبة الحمل وسيره والانتباه لأي عرض غير طبيعي يرافقه وينجم عنه كالنزف أو زيادة الوزن أو ارتفاع الضغط الشرياني، وعلى الطبيب كذلك توصية الحامل ببعض الأمور كالامتناع عن الأعمال المرهقة ولاسيما في بدء الحمل، وإلى العناية بطعامها والامتناع عن تناول الأدوية إلا باستشارة الطبيب، وإعلامه عن أي عرض غير طبيعي قد تشعر به لإجراء الفحوص التي يراها مناسبة لكشف السبب وتوجيه العلاج. وفي المراحل الأخيرة يتأكد الطبيب من أن مجيء الجنين نظامي ومن أن أقطار الحوض طبيعية ومن أن الأم غير مصابة بأي فاقة دم أو أي مرض آخر يعرقل سير الولادة. كذلك ينتبه إلى أي أعراض قد تشير إلى احتمال حدوث خداج أو ولادة مبكرة، ومتى ابتدأ المخاض فعليه أو على القابلة أن تراقب سير المخاض والتأكد من انتظام دقات قلب الجنين حتى تتم الولادة ويصرخ المولود صرخات قوية تدل على أنه لم يتأثر أو يتأذى من مسيرة المخاض. وهكذا ينتهي الحمل لغايته التي هي وضع مخلوق بشري جديد تبدأ مسيرة حياته كما هو مكتوب له.

صادق فرعون

الموضوعات ذات الصلة:

 

 التوأم ـ الجنين. 

 

مراجع للاستزادة:

 

- A.C.Guyton et al., Human Physiology & Mechanisms of Disease, 6th Ed. (WB Saunders Co., USA1997.(

 


التصنيف : طب بشري
النوع : صحة
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 577
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1050
الكل : 58491437
اليوم : 63951

العدالة والإنصاف

العدالة والإنصاف   كلمة العدالة لغوياً مشتقة من الفعل عـدل الذي يعني قوّم أي جعل الشيء مستقيماً، وهي في اللغة العربية مرادفة لكلمة العدل التي ترد بمعانٍ متعددة، فالعدل هو ما قام في النفوس أي إنه يستقيم وهو ضد الجور، والعدل جاء في أسماء الله الحسنى، والعدل هو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم، والعدل الحكم بالحق. كانت مسألة التعريف بالعدالة، من القديم، الشغل الشاغل للباحثين والمفكرين، ترد مرادفة لكلمة الحق، لكنها تعرض تارة أخرى كأنها متميزة، بل كأنها أسمى من الحق  وأعلى، وهي تبدو في أحد مظاهرها كأنها تعني التوافق مع القانون بيد أنه من جهة أخرى ينبغي أن يكون القانون متفقاً مع العدالة.
المزيد »