logo

logo

logo

logo

logo

تخطيط المدن وتنظيمها

تخطيط مدن وتنظيمها

Town planning - Urbanisme

تخطيط المدن وتنظيمها

 

تخطيط المدن (التخطيط العمراني) هو تصميم وممارسة للتنظيم الشامل للمدن والحواضر، والغاية منه توفير أفضل الشروط لمعيشة الإنسان وعمله واستجمامه.

يشمل تنظيم المدن حل مجموعة من المسائل الاقتصادية والاجتماعية، ومسائل الصحة العامة، وتنظيم الأراضي، والمسائل الحياتية الثقافية، والمعمارية والفنية، بغية إنشاء أماكن مأهولة جديدة، أو إعادة بناء الأماكن المأهولة القائمة أو توسيعها.

يجب أن يستند تنظيم المدن إلى التخطيط الإقليمي المكاني والشامل الذي يسبقه ويمهد له، ويستفيد من جميع معطيات التطور الاقتصادي والاجتماعي للإقليم المعني وللبلاد بأسرها، ويعالجها ويحددها على مخططات. ويفرز لكل مساحة من مساحات الإقليم استعمالاً واحداً أو أكثر بهدف الحفاظ على الأراضي الزراعية، والمحميات الطبيعية والتاريخية، وتخصص للمناطق السكنية والصناعية والمستودعات الأماكن التي تضمن حماية البيئة من التلوث، والاستغلال الأمثل والعقلاني لمصادر المياه والطاقة، مع مراعاة اتجاهات الرياح السائدة.

 

وقد حدد ابن خلدون وابن الأزرق (القرن التاسع الهجري) شرطين لاختيار مواقع المدن هما: «دفع المضار وجلب المنافع» كما حدد ابن الربيع قبلهما بستة قرون ستة شروط هي: «سعة المياه المستعذبة، وإمكان الميرة المستمدة، واعتدال المكان وجودة الهواء، والقرب من المرعى والاحتطاب، وتحصين منازلها من الأعداء، وتحاط بسور يحميها».

رافق تنظيم المدن تاريخياً بداية نشوء التجمعات السكانية، وكان نوعاً من الاهتمام بها. ثم تعاظمت أهميته مع تطور المدينة إلى مرحلة أعلى من تطور التجمعات السكانية. وحظي بأهمية أكبر في العصور القديمة حين صارت المدن تبنى وفق مخططات مسبقة تلبي الاحتياجات الشاملة لسكانها. وجاء القرن العشرون، فصارت معه المسائل التي يهتم بها تنظيم المدن أكثر تعقيداً، ومعالجتها أكثر صعوبة، مع الثورة الصناعية والتطور الرأسمالي والتكنولوجي المتسارع. وأدى تنامي عملية التحضّر إلى نمو عاصف فوضوي للمدن الكبيرة، استدعى ضرورة إيجاد الحلول لمسائل الاتصالات المعقدة، وتدني الصحة العامة، والأزمات الاجتماعية المتزايدة فيها. ووضعت في حزيران 1928 في لاسارا (سويسرة) أسس علم تنظيم المدن بوصفه جانباً متميزاً من الهندسة المعمارية. ثم عقد «المؤتمر الدولي للعمارة الحديثة» (حزيران 1933)،  وناقش فكرة المعماري لوكوربوزييه Le Corbusier عن «المدينة الوظيفية» (ميثاق أثينة). ولم يتوقف علم تنظيم المدن عن التطور والاغتناء بالنظريات التي تهدف إلى مواكبة المستجدات، والسعي إلى تمكين الإنسان من ممارسة حياته الإنسانية من دون أزمات.  

ينطلق تنظيم المدن من معايير اقتصادية وتقنية (تسمى في سورية «أسس التخطيط العمراني») وهي معايير تنتج عن مجموعة من الأبحاث العلمية تحدد احتياجات السكان من المساحات السكنية، ومساحات المشيدات العامة: التعليمية والصحية والإدارية و الدينية، ومساحات الأملاك العامة من شوارع وساحات وحدائق عامة.

 

انطلاقاً من هذه المعايير يقوم فريق عمل متكامل من المختصين في تنظيم المدن، يقوده أحدهم، ويضم اختصاصيين في العمارة وتنظيم النقل والمواصلات واقتصاديين واجتماعيين وجغرافيين وإحصائيين ومؤرخين... وغيرهم، بجمع المعطيات اللازمة عن المدينة أو الحاضرة السكانية أو المنطقة المطلوب تنظيمها، ويضع البرنامج التخطيطي الذي يحدد الاحتياجات الآنية والمستقبلية للتجمع السكاني من أراضي للسكن ومستلزماته.

وتكون محصلة العمل مخططات تنظيمية تشمل أماكن هذه الاحتياجات ومساحاتها، وهذه المخططات على نوعين:

أ ـ المخطط التنظيمي العام، الذي يحدد استعمالات أراضي السكن بأنواعه، المراكز التجارية على مختلف مستويات التخديم في المدينة، الصناعات والمستودعات بأنواعها تبعاً لتأثيرها في البيئة المحيطة، والمؤسسات التعليمية بمستوياتها المختلفة، المنشآت الحكومية، ودور العبادة، الحدائق العامة والمسطحات الخضراء على مستوى المدينة وأجزائها، مع الربط بينها، والمسطحات المائية، والساحات العامة، وشبكة الشوارع الرئيسية والفرعية، والشوارع والساحات المخصصة للمشاة، وأماكن الاستجمام اليومي ومنشآته داخل المدينة وخارجها، ومناطق الحماية ذات النشاط الزراعي وغير ذلك. كما يعالج المخطط المدينة القديمة التاريخية (إن وجدت) والمواقع الأثرية المختلفة خارج المدينة القديمة، معالجة خاصة.

وينطلق المخطط التنظيمي العام في تحديد مساحة المدينة وتوسعها المستقبلي، بالدرجة الأولى، من الموارد المائية المتوافرة، ومن تأثير هذا التوسع في بيئة المدينة ومحيطها. وتأخذ المخططات التنظيمية للمدن شكلاً متراصاً، أو شعاعياً، أو خطياً، أو مختلطاً.

ويكون توسع المدينة متصلاً معها اتصالاً مباشراً، وفي الاتجاهات التي لا تؤثر في الأراضي الزراعية والحراجية المحيطة بها، أو غير متصل على شكل مدن توابع. والمدن التوابع على نوعين مدن نوم، تعتمد على المدينة في تأمين فرص العمل، ومدن مكتفية بفرص العمل داخلها. يضع فريق العمل أيضاً مخططاً عاماً للنقل والمواصلات يحدد شبكة الشوارع. ويحقق الربط الطرقي السليم للتجميع السكاني مع المناطق المحيطة به، ولأجزاء التجمع السكاني نفسه. ويكون مقياس هذا المخطط 5000/1 أو 1000/1.

ب ـ المخططات التنظيمية التفصيلية: التي تحدد استعمالات الأراضي في جزء من أجزاء المخطط التنظيمي العام، وأشكال رقع البناء في كل مقسم من مقاسم المخطط الواحد، والأملاك العامة اللازمة، ويتم ذلك كله وفق المعايير الاقتصادية والتقنية لكل من هذه الاستعمالات. ويكون مقياس هذه المخططات 500/1 أو 1000 /1.

يرفق مع المخطط التنظيمي (العام والتفصيلي) تبريرية تتضمن:

أ ـ ميزانية استعمالات الأراضي: وهي جدول يبين المساحات المخصصة لكل من الاستعمالات الملحوظة على المخطط، والنسبة المئوية لكل استعمال.

ب ـ نظام البناء الخاص بكل منطقة من المناطق المحددة على المخطط، وهو يتضمن الحد الأدنى لمساحة العقار المسموح بالبناء عليه، والنسبة المئوية للمساحة المسموح ببنائها، والحدائق الخاصة (الوجائب) المتوجب تركها دون بناء من كل جانب من جوانب العقار، وعدد الطوابق، وارتفاعاتها، والارتفاع الإجمالي للبناء، وغير ذلك من الشروط التي تهدف إلى تحقيق الانسجام بين كتل الأبنية، وتأمين النور والهواء وحسن الإطلالة لهذه الكتل. تقسم المدينة، بهدف تخديمها على الوجه الأمثل إلى قطاعات سكنية، يستوعب كل منها بين 30 و50 ألف نسمة. ويلحظ في المخطط لكل قطاع مركز تجارة وإدارة وخدمات.

ويقسم القطاع الواحد إلى عدد من الخلايا السكنية (الأحياء، المجاورات) تراوح مساحة كل منها بين 15 و20 هكتاراً، ويراوح عدد سكانها بين 5 و8 آلاف نسمة، ويكون لكل خلية منها مركز تجارة وإدارة وخدمات.

ويحدَّد موقع كل بناء من أبنية المشيدات العامة في الخلية والقطاع بما يحقق التخديم الأمثل بحيث لا تزيد مسافة الموقع  بينه وبين أبعد بناء سكني على حد أقصى، يسمى نصف قطر التخديم. وهو على سبيل المثال : 500م للمدرسة الابتدائية، 1000م للمدرسة الثانوية، 300- 400م لروضة الأطفال، 400-600م للحديقة العامة، 300م للمحلات التجارية، 50-150م لمواقف السيارات وغير ذلك.

 

أحمد الغفري

 

 


التصنيف : الهندسة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 184
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1056
الكل : 58481621
اليوم : 54135

لاتيني (برونتو)

لاتيني (برونِتّو ـ)  (نحو 1220 ـ نحو 1295)   برونِتّو لاتيني Brunetto Latini، أستاذ دانتي ومن كبار الأدباء الإيطاليين في القرن الثالث عشر. وُلد وتوفي في فلورنسا Firenze، وشارك في محافلها الأدبية. ينتمي إلى عائلة عريقة وأخذ عن والده مهنة الكاتب بالعدل، كما كان رئيس ديوان في بلدية مدينته، وأسهم في تدوين وثائق بالغة الأهمية تتعلق بتاريخها. تولى منذ عام 1254 مناصب سياسية في المجلس البلدي، ولمع اسمه على الصعيدين السياسي والثقافي بين عامي 1270 و1290. وبما أنه كان من حزب «الغيلفي» Guelfi، أنصار البابوية، فقد كُلِّف مهمة لدى ألفونسو العاشر، ملك قشتالة (كاستيلا) Castilla وسط إسبانيا، لطلب مساعدته ضد حزب «الغيبلّيني» Ghibellini أنصار الملكية.
المزيد »