logo

logo

logo

logo

logo

التعقيم الزراعي

تعقيم زراعي

Sterilization - Stérilisation

التعقيم الزراعي

 

التعقيم sterilization هو قتل أو إزاحة جميع الكائنات الحية من الوسط المراد تعقيمه باستخدام الحرارة أو التصفية والترشيح أو باستخدام طرق فيزيائية أو كيمياوية أخرى مختلفة.

لمحة تاريخية

عُرف التعقيم منذ زمن طويل، فقد أثبت العالم الإيطالي سبالانزاني (1764) Spalanzani أن غلي المستخلصات المغذية وتبريدها يمنع نمو الميكروبات فيها إذا بقيت بعيدة عن الهواء. وقد أثبت أبيرت Appert في بداية القرن التاسع عشر أنه يمكن حفظ الأغذية المعرضة للحرارة مدة طويلة في علب مغلقة.

كما برهن شوان (1837) Schwann  أن المستخلصات المغلية الملامسة للهواء لا تتعرض للفساد ولا تنمو فيها الكائنات الحية إذا سبق تخليص الهواء من الكائنات الحية الدقيقة بإمراره في أسطوانة حلزونية مسخنة حتى الاحمرار. كما كان العالم الفرنسي باستور أول من استخدم الموصدة autoclave في التعقيم وابتكر عملية البسترة pasteurization.

تجري عملية التعقيم بطرق كثيرة، ويعتمد اختيار الطريقة المناسبة على طبيعة الوسط المراد تعقيمه. ويمكن تقسيم طرق التعقيم إلى قسمين هما الإبادة والترشيح.

الإبادة

أي قتل الكائنات الحية الدقيقة في الوسط وتشمل استخدام الحرارة، الأشعة، المواد الكيماوية، الموجات فوق الصوتية.

1ـ الحرارة: تؤدي الحرارة المرتفعة إلى قتل الكائنات الدقيقة نتيجة لتخثر البروتينات وإيقاف نشاط الإنزيمات وتكرمل السكريات وصهر الليبيدات. ويقسم التعقيم بالحرارة إلى قسمين:

أ ـ التعقيم بالحرارة الجافة: dry heat ويجري بالطريقتين الآتيتين:

ـ التعقيم باللهب المباشر: ويستعمل لتعقيم الأدوات المخبرية مثل إبر التلقيح وفوهات أنابيب الاختبار والدوارق الزجاجية قبل استخدامها وبعده. كما يمكن تعقيم الأدوات المعدنية كالمشارط والملاقط بغمسها بالكحول ثم تمريرها على النار. ويستعمل اللهب المباشر في تعقيم جدران وأرضيات حظائر تربية الحيوان وبخاصة حظائر الدواجن.

ـ التعقيم بالهواء الساخن: hot-air sterilization تتم هذه الطريقة في جهاز يدعى المحم أو الفرن oven المشتمل على مصدر حراري، ويسهل حركة الهواء بداخله. تستعمل هذه الطريقة لتعقيم الأدوات المخبرية الزجاجية كأنابيب الاختبار والدوارق والماصات وأطباق بتري والأدوات المعدنية. يتم التعقيم في الفرن على درجات حرارة تراوح بين 160-180ْم لمدة ساعة ونصف.

ب  ـ التعقيم بالحرارة الرطبة moist heat sterilization ويجري بالطرائق الآتية:

ـ التعقيم بالغلي العادي: تعقم المواد والأدوات على درجة حرارة 100ْم لمدة ساعتين، ويمكن غلي الأدوات الطبية عند الضرورة مدة 10 دقائق وكذلك المواد الغذائية مثل الحليب والجبن وأغذية الأطفال للتخلص من الأحياء الدقيقة الممرضة غير المتبوِّغة.

ـ التعقيم بالبخار العادي: ويتم بجهاز آرنولد Arnold steriliser، وهو جهاز ينتج بخار ماء بدرجة 100ْم. ويستخدم لتعقيم الأدوات الطبية والمواد التي لا تتحمل حرارة أكثر من 100ْم مثل الجيلاتين والحليب. كما يستعمل بخار الماء في تعقيم الترب الزراعية في البيوت الزجاجية والبلاستيكية قبل زراعتها للتخلص من مسببات الأمراض الموجودة في التربة كبعض الفطريات والديدان الحبلية (النيماتودا Nematoda)

ـ التعقيم بالبخار المتقطع: تستعمل هذه الطريقة لتعقيم الأوساط المغذية التي تتغير خواصها الفيزيائية أو الكيمياوية عند تعريضها لدرجات حرارة عالية. وتُجرى بتعريض الوسط المغذي لدرجة حرارة 100ْم مدة 20 دقيقة لثلاثة أيام على التوالي. تُقتل في اليوم الأول الخلايا الإعاشية من دون الأبواغ spors وفي 24 ساعة تنتش الأبواغ وتعطي خلايا إعاشية من دون أن تعطي أبواغاً، فيُقضى عليها في اليوم الثاني، وفي اليوم الثالث يُؤكد ضمان عملية التعقيم.  

ـ التعقيم بالبخار تحت الضغط: steam under pressure يستعمل لهذه الطريقة جهاز الموصدة، وهو أسطوانة معدنية تتحمل الضغط لها غطاء محكم الإغلاق، مزود بميزان ضغط وميزان حرارة وصمام أمان. يغلي الماء داخل الجهاز في درجة 100ْم حين يكون الضغط الجوي يساوي 1 ضغط جوي أو واحد بار. ترتفع درجة غليان الماء عندما يرتفع الضغط المطبق على سطحه، فيغلي الماء في درجة 121ْم حين يكون الضغط يساوي 2 ضغط جوي. تستعمل الموصدة مخبرياً لتعقيم الأوساط المغذية الصلبة والسائلة التي تتحمل درجات حرارة مرتفعة وكذلك الماء المقطر ومحاليل الأملاح، كما يستعمل لتعقيم السدادات والخراطيم المطاطية والبلاستيكية والقطن والشاش، ويستخدم في تعقيم الأدوية والحقن والألبسة والقفازات، كما يستعمل في تعقيم علب الأغذية كاللحوم والخضار والحليب وغيرها من المواد التي توضع جميعها في الموصدة على حامل يعزلها عن بخار الماء.

 2ـ التعقيم بالمركبات الكيمياوية: تؤثر المواد الكيمياوية بطرائق مختلفة في الأحياء الدقيقة، فعدد كبير منها قاتل للبكتريا bacteriocide وبعضها مثبط لها bacteriostatic. ومن المواد التي تستخدم في التعقيم:

ـ القلويات alkalies: يعزى التأثير الرئيسي للقلويات إلى قدرتها على التفكك في المحاليل المائية، الأمر الذي يرفع الرقم الهدروجيني إلى درجة عالية من القلوية، مما يوقف نشاط الكائنات الدقيقة ونموها بل ربما قتلها. ويستعمل هدروكسيد الصوديوم NaOH بنسب 0.3٪  و0.5٪ مادةً مطهّرة للمواد المصنوعة من المطاط في مكنات الحليب. وتستعمل بتركيز 5٪ في تطهير المخازن والإسطبلات. وهناك مواد أخرى كالكلس الحي والفسفات ثلاثية الصوديوم  وميتاسيليكات الصوديوم تُكوِّن محاليل عالية القلوية عند إذابتها بالماء، وتستعمل في تطهير مصانع اللبن وجدران حظائر الدواجن.

ب ـ الحموض acides: تؤثر الحموض المعدنية القوية في الجلد والمعادن والمنسوجات، لذا يقل استخدامها في أغراض التطهير على فعاليتها كعوامل إبادة. ومن أمثلة ذلك حمض الخل وحمض البوريك وهو حمض ضعيف يستعمل محلولاً مائياً لأن آثاره الضارة ضعيفة، ويستعمل ضد البكتريا لتطهير الجلد والأنسجة المخاطية.

ج ـ الكحول: يستعمل الكحول الإيثيلي مبيداً للأحياء الدقيقة بتراكيز تتراوح بين 50-70٪ مسبباً تخثر بروتينات خلايا الكائنات الدقيقة. ويستخدم في المخابر والمستشفيات لتطهير الجلد والأيدي وبعض الأدوات المخبرية.

د ـ الألدهيدات: يعد الفورمالدهيد من المواد الفعالة للتطهير والإبادة، إلا أن استعماله محدود لتأثيره السام ورائحته الواخزة غير المقبولة. ولمحلول الفورمالدهيد المائي بتركيز 5ـ10% قدرة كبيرة على الإبادة، فهو يتحد مع المجموعات الآمينية الحرة للبروتينات الموجودة في الخلايا أو التوكسينات وهذا يؤدي إلى وقف نشاط الخلايا الميكروبية وموتها.

هـ ـ المؤكسدات والمرجعات oxidizing and reducing agent: مثل الماء الأكسجيني O3 والبرمنجنات والكلور أمين وكل المواد التي تطلق الكلور الوليد والأكسجين الوليد. إذ تتفاعل هذه المواد مع مكونات الخلية الحية فتعطل وظائفها فتموت. يستعمل بعضها في الطب للمداواة وتطهير الجروح، كما يستعمل الكلور أمين في تعقيم مياه الشرب للمدن الكبيرة.

و ـ المحلات العضوية: وهي مواد تحل الدهون مثل الكحولات والفينولات والألدهيدات والسيتونات والكلوروفورم والإثير ورابع كلور الكربون وغيرها. تؤثر هذه المواد في المركبات الدهنية لمكونات الغشاء الخلوي. وتستعمل على نطاق واسع في تعقيم طاولات وأرضيات وجدران المخابر وغرف العمليات الجراحية، وفي تعقيم حظائر الدواجن وحاضنات البيض وأحواض تربية الأسماك وخلايا النحل وغيرها.

ز ـ شوارد المعادن الثقيلة وأملاحها: مثل النحاس والرصاص والفضة والزرنيخ والزئبق والنيكل والكروم. يرجع الأثر القاتل لإيونات الفلزات الثقيلة إلى تفاعلها مع البروتينات الموجودة في الخلية مؤدياً إلى ترسيبها وموت الخلايا. يستعمل كلور الزئبق عادة في تعقيم أحذية الداخلين إلى حظائر الحيوان المعقمة بغية المحافظة على تعقيمها. وتتميز إيونات النحاس الناتجة عن تأين كبريتات النحاس بفعاليتها ضد الطحالب الأمر الذي أدى إلى كثرة استعمالها في خزانات المياه وفي البحيرات، ويكفي إضافة جزء واحد من كبريتات النحاس إلى كل مليون جزء من الماء لتوقف نمو الطحالب. ويحرق الكبريت فينتج منه غاز ثاني أكسيد الكبريت الذي يستخدم في تبخير الفواكه قبل تصنيعها أو تجفيفها.

ح ـ المضادات الحيوية أو الصادات antibiotics: هي مواد كيمياوية تنتج في الطبيعة من أحياء دقيقة فتؤثر في أحياء دقيقة أخرى. اكتشفت هذه المركبات منذ عهد ألكسندر فيليمنغ (1929) A.Fleming الذي اكتشف البنسلين penicillin. واكتشف بعد ذلك الكثير من المضادات الحيوية كالستريبتومايسين streptomycin وتتراسيكلين tetracyclin وكلورامفينيكول chloramphenicol وغيرها والمستخدم منها قليل؛ لأن معظمها يؤثر في الإنسان وحيوانات المزرعة تأثيراً سلبياً. تستخدم الصادات في تحضير الأوساط المغذية لاستبعاد نمو أنواع من الأحياء الدقيقة غير المرغوبة، وكذلك في معالجة بعض أمراض الإنسان والحيوان، ويجب استعمالها بإشراف طبي أو بيطري للأخطار العديدة الناجمة عن الاستعمال الخاطئ وعن إمكانية ظهور طفرات من مسبب المرض مقاومة للتراكيز المستخدمة فتصير معنّدة تصعب مكافحتها.

 3ـ التعقيم بالأشعة: يعد الضوء بوجه عام من العوامل الضارة بالكائنات الدقيقة التي لا تحتوي على الكلوروفيل أو بعض الأصبغة التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي. ويحتوي الضوء على مجموعات مختلفة من الإشعاعات منها ذات موجات قصيرة غير مرئية كالأشعة فوق البنفسجية ذات قدرة عالية على الإبادة، وبعضها ذات موجات طويلة كالأشعة تحت الحمراء.

أـ التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية ultraviolet radiation: يراوح طول موجاتها بين 2700-3000 أنغستروم وتتميز بقدرتها العالية على إبادة الأحياء الدقيقة، وتستخدم في تعقيم بعض الأدوات التي لا تتحمل الحرارة كغرف العمليات الجراحية وطاولات العمل المخبري المصنوعة من البولي إثيلن.

 ب ـ التعقيم بالتشميس solarisation: وتجري بتغطية الترب الزراعية بغطاء من البولي إثيلن الأسود بعد ري التربة بالماء وفي فترات من السنة تكون درجات الحرارة فيها مرتفعة ولمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. تؤدي هذه العملية إلى رفع درجة حرارة التربة مما يؤدي إلى القضاء على الكثير من الكائنات الحية الدقيقة الممرضة للنبات. ونمو الأحياء الدقيقة المفيدة.

  4ـ التعقيم بالموجات فوق الصوتية ultrasonic waves: الموجات فوق الصوتية هي موجات ذات تردد 8900 دورة /ثانية تستطيع، في حال استخدامها لمدة طويلة، تحطيم جدر الخلايا فتسبب انفجارها نتيجة الاهتزازات العالية التي تتعرض لها. وتستعمل هذه الطريقة في تعقيم مياه الشرب إذ يركب جهاز التعقيم في خزانات المياه ويتم تشغيله بعد ملئها بالماء.

 5- التصفية أو الترشيح filtration: تستعمل للتخلص من الكائنات الدقيقة التي تلوث الهواء والسوائل.

 1ـ مرشحات السوائل: تستخدم لتعقيم السوائل التي لا تتحمل طرقاً أخرى للتعقيم كدرجات الحرارة المرتفعة. ومبدأ الترشيح هو إمرار السوائل عبر مرشحات ذات مسامات دقيقة جداً لا تسمح بمرور الأحياء الدقيقة منها. تستخدم بعض المرشحات لمرة واحدة، ويستخدم بعضها الآخر مرات كثيرة تعقّم بعد الاستعمال. والمرشحات منها ما يركّب على صنبور الماء في المخابر لتنقية الماء من الأحياء الدقيقة حتى من الشوارد المعدنية، ومنها ما يحتاج إلى مخلية هواء لإسراع عملية الترشيح. كما يمكن أن يركّب بعضها على إبر الحقن الطبية لترشيح الكميات القليلة من السوائل.

 2ـ مرشحات الهواء: ويعتمد الترشيح بهذه الطريقة على دفع الهواء بوساطة مراوح عبر مرشحات مصنوعة من مواد مختلفة، كالقطن والصوف الصلب والزجاج الليفي fiberglass والصوف الزجاجي glass wool. ويتوقف عمل هذه المرشحات على دقة المسام التي يمر من خلالها الهواء وعلى التواء المسالك التي يعبرها. وتستخدم مرشحات الهواء في غرف الزرع الجرثومي lamener flow التي تؤمن مجالاً معقماً خالياً من الكائنات الحية الدقيقة. كما تستخدم في غرف العمليات الجراحية، وكذلك في بعض مصانع الأدوية والأغذية.

 

محمود أبو غرة

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ نجم الدين شرابي، منير هابيل، زياد أبو لبدة، أساسيات الأحياء الدقيقة. (الجزء العملي، مطبوعات جامعة دمشق 1987).

- A.D.RUSSEL, The Destruction of Bacterial Spors (Academic Press, London, New York 1982).


التصنيف : الزراعة و البيطرة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 634
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1049
الكل : 58481046
اليوم : 53560

دافابريانو (جنتيله-)

دا فابريانو (جنتيله -) (1370-1427)   جنتيله دا فابريانو Gentile da Fabriano مصور إيطالي، يُعتقد أنه تتلمذ في مدينة أورفييتو Orvieto على يد رسامي المنمنمات. تكاد تفاصيل حياته تكون مجهولة تماماً، لكن بعض المصادر تشير إلى أنه كان في مدينة البندقية في عام 1408 يرسم جداريات أحد القصور التي لم يبق منها اليوم أي أثر، إلاّ أن تأثيره الفني في أسلوب مدرسة البندقية كان عظيماً. وقد عرف دا فابريانو كيف يستخلص من أساليب محترفات المدن الإيطالية التي جابها أسلوباً متماسكاً خاصاً به، يبدو اليوم أحد أهم نماذج الفن القوطي العالمي.
المزيد »