logo

logo

logo

logo

logo

جدة

جده

Jiddah / Jeddah - Jiddah

جِدَّة

 

جِدَّة مدينة سعودية، قديمة في نشأتها حديثة في تطورها واتساعها، هي ميناء الحج الأول في المملكة وأهم موانئ البحر الأحمر[ر]، وأكبر المدن الحجازية، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الرياض من حيث عدد السكان، وهي متعددة النشاطات خاصة التجارية والصناعية والثقافية، وتبعد عن مكة المكرمة نحو 75كم.

 

تقع مدينة جدة في سهل تهامة على الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر، عند التقاء خط العرض 21 درجة و30 دقيقة شمالاً، وخط الطول 39 درجة و10 دقائق شرقاً، يحيط بها سهل تهامة من الشمال والشرق والجنوب، ويتصف بانخفاضه وشدة حرارته وركود ريحه، يبلغ اتساعه بين البحر وجبال الحجاز نحو 35كم، يتألف هذا السهل من رمال وتكوينات رسوبية قارية وبحرية، والتربة فقيرة، تنمو فيها بعض الحشائش القصيرة المتباعدة.

يؤثر موقع جدة تأثيراً ملحوظاً على مناخها، فنسبة الرطوبة عالية وحرارتها أيضاً معظم أيام السنة، خاصة خلال أشهر الصيف، إذ يبلغ متوسط درجة  الحرارة نحو 33 درجة مئوية، تنخفض في فصل الشتاء لتأثر المنطقة بكتل هوائية قارية باردة، والأمطار قليلة وهي شتوية غالباً، يصل متوسطها السنوي إلى 90مم تقريباً.

تدل التنقيبات الأثرية على قدم نشأة مدينة جدة، إذ عُثر على بعض الآثار التي يعود تاريخها إلى العصور الحجرية في وادي بريمان الواقع إلى الشمال الشرقي من المدينة، وكتابات ثمودية في بعض جبالها الشرقية. كانت جدة قبل الإسلام قرية صغيرة يسكنها قوم من قضاعة، وكانت مساحتها لا تزيد على كيلومتر مربع واحد، يحيط بها سور يفتح على الطرق المؤدية إليها، وقد بُنيت جدة آنذاك من حجر كلسي مرجاني، يُستخرج من القاع الضحل للبحر الأحمر، ويثبت الحجر بواسطة الطين. ولأسباب ملاحية، انتقل أهل جدة إلى موقع الشعيبة، والتي كانت من قبل ميناء مكة المكرمة، وتقع على بعد 22كم جنوب جدة. في زمن الخليفة عثمان بن عفان، أُعيد الاعتبار إلى جدة وأصبحت منذ ذلك التاريخ مرفأ مكة المكرمة دون منازع حتى الوقت الحاضر. تقاسمت جدة في تلك المدة أربعة أحياء: الشام في الشمال، والبحر في الغرب، واليمانية في الجنوب، والمظلوم في الشرق. ولا تزال بعض مباني جدة في العصور الوسطى والعصر العثماني قائمة وخاصة المساجد والخانات.

بعد تأسيس المملكة العربية السعودية، بدأ الاهتمام بتطوير جدة كغيرها من المدن الرئيسة في البلاد. ففي بداية القرن العشرين كانت جدة محاطة بسور له خمسة أضلاع بارتفاع أربعة أمتار، وبه تسعة أبواب، وحاراتها ضيقة وغير منظمة، وكانت أهم موانئ الحجاز، ومركزاً تجارياً كبيراً. كان الماء في جدة شحيحاً، يشرب الناس مما يتجمع من ماء المطر في صهاريج يحفرونها لجمعه، فتم جلب الماء إليها من عيون فاطمة التي تبعد عن جدة نحو 75كم، وكانت المياه تجمع من ستة ينابيع في وادي فاطمة، ثم تنقل في أنابيب إلى خزانات ثابتة في منطقة «أبو شعيب» لترسيب الشوائب، ثم تنقل المياه بعد تنقيتها إلى خزان كبير سعته تزيد على 40 ألف هيكتوليتر، ويبعد عن المدينة نحو 9.3كم.

مع توسع المدينة وتزايد عدد سكانها في النصف الثاني من القرن العشرين، تم جر مياه «وادي خليص» على بعد 120كم شمال جدة، ووصلت هذه المياه إلى المدينة عام 1965. كما حُفرت في وادي فاطمة ووادي أبو شعيب خمسون بئراً إضافية لسد احتياجات المدينة المتزايدة من المياه. وفي عام 1970 أُقيمت في جدة أول محطة لتحلية مياه البحر تنتج يومياً أكثر من 200 ألف هيكتولتر من المياه، وخمسين ألف كيلو واط ساعي من الكهرباء، ثم زيدت طاقة المحطة على ثلاث مراحل حتى وصل إنتاجها اليومي من المياه إلى أكثر من 3.5 مليون هيكتولتر، وبلغت طاقتها الإنتاجية من الكهرباء نحو 840 ميغاواط.

 في عام 1932 ظهرت في جدة بعض الشوارع المعبدة، وكانت وسائل النقل هي الحيوانات، ولم يكن استعمال السيارة قد ظهر بعد، كما أُقيمت بعض المراكز الصحية التي تقدم الخدمات العلاجية مجاناً، ولم تعرف المدينة الكهرباء إلا في عام 1945، وكانت الشوارع قبل ذلك تضاء بقناديل الزيت.

انتقلت مدينة جدة إلى مرحلة كبرى من التوسع والتطور بعد إزالة أسوارها عام 1947 وظهور النفط الخام، إذ استقبلت جموع القادمين إليها من مختلف أرجاء المملكة والبلدان المجاورة، حيث بلغت نسبة الوافدين إليها في الستينات من القرن العشرين إلى 56.5% من إجمالي سكان المدينة، فارتفع عدد السكان من 30 ألف نسمة عام 1947 إلى نحو 350 ألف نسمة عام 1970.

 

بدأت مرحلة التخطيط العمراني في المملكة منذ بداية السبعينات من القرن العشرين، إذ أُجريت دراسات شاملة لمدينة جدة، ووُضع «المخطط الإرشادي» الذي تم بموجبه تخطيط المدينة وتطويرها، كما أُدخلت تعديلات على هذا المخطط في السنوات اللاحقة.

تطورت مساحة مدينة جدة بشكل كبير، ففي عام 1966 بلغت مساحتها نحو 88كم2، ثم ارتفعت إلى 250كم2 عام 1983، ووصلت حالياً إلى نحو 1200كم2، منها ما يزيد على 350كم2 مغطاة بالعمران. كما تطور عدد سكان المدينة تطوراً كبيراً حتى بلغ نحو مليون نسمة في عام 1981، ثم ارتفع إلى نحو 1.5 مليون نسمة تقريباً عام 1997.

تطور النشاط الاقتصادي في جدة حتى أصبحت المركز الرئيس لاستقبال الحجاج وترحيلهم بحراً وجواً وبراً، وهي أكبر ميناء تجاري وأكبر مركز صناعي على ساحل البحر الأحمر في المملكة، لذلك تم تطوير مينائها بحيث بات يضم 43 رصيفاً مخصصة لمختلف المواد، علاوة على أرصفة الحجاج.

في عام 1948، تم إنشاء أول مطار في جدة، إضافة إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي الذي تم إنجازه في الثمانينات من القرن العشرين، وهو أول مطار دولي، تبلغ مساحته 105كم2، ويستطيع استقبال عشرة ملايين راكب سنوياً.

تضم مدينة جدة صناعات عديدة ومتنوعة، من أهمها صناعة تكرير النفط وصناعة الحديد والصلب والإسمنت والصناعات الكيمياوية والأثاث ومعدات النقل البري والبحري والغزل والنسيج والملبوسات والصناعات الغذائية، إلى جانب صناعة تحلية المياه وتوليد الكهرباء.

لاقت مدينة جدة اهتماماً كبيراً في المجالات الخدمية، إذ توافرت فيها الخدمات الصحية، وزاد عدد المشافي والمستوصفات الحكومية والخاصة فيها على 20 مشفى ومستوصف. يعد «كورنيش» جدة على البحر من أهم معالمها السياحية، ويمتد أمام المدينة بطول 80كم، وقد تمت الاستفادة من هذه المسافة لتكون متنزهاً لأهل المدينة، ومن المشاهد المميزة في جدة نافورة الملك فهد، وهي أعلى نافورة من نوعها في العالم، حيث تنطلق مياهها من عمق البحر إلى ارتفاع 260م.

تطورت الحركة التعليمية والثقافية في المدينة في النصف الثاني من القرن العشرين، فأُقيمت مئات المدارس لمختلف المراحل التعليمية. وفي عام 1972، افتُتحت جامعة الملك عبد العزيز في جدة، وتضم عشر كليات ونحو 38 ألف طالب وطالبة، كما انتشرت عشرات المكتبات الغنية بمحتوياتها من الكتب العلمية والثقافية.

محمد الحمادي

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الأحمر (البحر ـ) ـ المملكة العربية السعودية.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ عمر الفاروق السيد رجب، المدن الحجازية (الهيئة المصرية العامة للكتاب 1981).

ـ محمد أحمد الرويثي، الموانئ السعودية على البحر الأحمر (دار الواحة العربية، المدينة المنورة 1997).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 498
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1041
الكل : 58480620
اليوم : 53134

التسمع

التسمّع   يؤدي تحريك أحد الأجسام بسرعة معينة، مهما كانت طبيعته الفيزيائية (غاز، سائل، جامد)، إلى حدوث اهتزازات في الوسط المحيط به تنتقل إلى الأذن التي تدركها على هيئة أصوات متفاوتة الشدة واللحن، وتزداد هذه الأصوات شدة عندما يصادف الجسم المتحرك أحد العوائق في أثناء حركته. تتحرك بعض أعضاء جسم الإنسان حركة دائمة، كالقلب الذي يتقلص وينبسط باستمرار، والدم الذي يجول ضمن الأوعية بلا توقف، كما أن الحركات التنفسية ترشف الهواء الخارجي إلى داخل الرئتين ثم تنفثه ثانية مما يزود الجسم بالأكسجين اللازم لاستمرار الحياة. تصدر هذه الأجسام المختلفة في أثناء حركتها أصواتاً تختلف صفاتها في حالتي الصحة والمرض، وقد استفاد الأطباء من هذه الاختلافات في تشخيص الأمراض التي تصيب الجسم وخاصة أمراض الجهاز التنفسي وجهاز الدوران. كما يمكن سماع دقات قلب الجنين بمسمع خاص أو حديثاً بوساطة جهاز يستخدم الأمواج فوق الصوتية (جهاز دوبلر).     يستطيع الطبيب سماع الأصوات التي تصدر عن هذه الأجسام المتحركة، إذا طبق أذنه مباشرة على أنحاء معينة من جسم المريض. إلا أن عملية التسمع تصبح أسهل لكل من الطبيب والمريض باستعمال السماعة الطبية. تسمُّع القلب يستطيع الطبيب سماع دقات القلب عندما يطبق صيوان السماعة على الناحية القلبية (ناحية الثدي الأيسر) إلا أن الطبيب يركز الصيوان عادة على عدة نقاط من هذه الناحية تناسب صمامات القلب الأربعة (وهي الصمام التاجي والصمام الأبهري والصمام الرئوي والصمام مثلث الشرف) التي كثيراً ماتكون مقراً لآفات قلبية، وتدعى هذه النقاط البؤر التسمعية. تتألف كل دقة من دقات القلب من صوتين متميزين: الصوت الأول الذي يسمع على أشده في البؤرة التاجية وينجم عن تقلص البطينات وانغلاق الصمامين التاجي ومثلث الشرف. والصوت الثاني الذي يسمع على أشده في قاعدة القلب وينجم عن انغلاق الصمامين الأبهري والرئوي. يبلغ عدد دقات القلب (70-80) دقة وسطياً في الدقيقة، وتتميز الدقات بانتظامها ولحنها الخاص. يتجاوز عدد دقات القلب في بعض الحالات الحدود السوية زيادة أو نقصاً أو أنها تفقد انتظامها في حالات أخرى، ويدعى مجمل هذه الاضطرابات بـ «اللانظميات» التي تأخذ أشكالاً متعددة تختلف في أسبابها وخطورتها وطرق معالجتها، ويستطيع الطبيب تشخيص معظم هذه الاضطرابات عن طريق التسمّع. يتغير لحن الأصوات القلبية في بعض الحالات المرضية، فقد تعود خافتة في بعض الأحيان أو يصبح أحد الصوتين الأول أو الثاني أو كلاهما أكثر حدة أحياناً أخرى، وقد يضاف إلى الصوتين الطبيعيين صوت ثالث، ويشير ذلك كله إلى وجود آفة مرضية في القلب يسهم التسمّع إلى حد كبير في تحديد طبيعتها وطرق معالجتها. يمر الدم في أجواف القلب عادة بكل سهولة ويسر، إلا أن إصابة الصمامات القلبية ببعض الآفات المرضية يؤدي إلى تضيّق الفتحات التي تصل بين أجواف القلب أو إلى اتساعها، وكذلك الحال في بعض الشذوذات الخلقية التي تصيب القلب، وتؤدي هذه الحالات إلى خلل في انسياب الدم داخل الأجواف القلبية أو الانطلاق منها إلى الأوعية الدموية، ويترافق ذلك بظهور أصوات إضافية إلى جانب الأصوات القلبية الطبيعية تأخذ شكل النفخات.  يختلف توضع النفخات في البؤر القلبية وتوقيتها بالنسبة للأصوات القلبية الطبيعية (نفخات انقباضية ونفخات انبساطية) ولحنها وانتشارها من آفة لأخرى مما يساعد الطبيب على معرفة مكان الآفة المسببة وتعيين طبيعتها. وقد تنجم الأصوات الإضافية في بعض الحالات عن إصابة الغشاء المغلف للقلب (التامور) بالالتهاب واحتكاك وريقتيه ببعضهما مع كل دقة قلبية. تسمّع الصدر يؤدي مرور الهواء التنفسي عبر القصيبات إلى حدوث اهتزازات تنتقل عبر النسيج الرئوي السليم إلى جدار الصدر حيث يمكن سماعها بتطبيق الأذن أو صيوان السماعة على أي ناحية من جدار الصدر، ويدعى الصوت المسموع في هذه الحالة التنفس الحويصلي. أما مرور الهواء عبر الحنجرة والرغامى فيؤدي إلى حدوث صوت عال مرتفع الطبقة يسمع بوضع السماعة على الرغامى خارج الصدر ويدعى الصوت المسموع في هذه الحالة التنفس المزماري. أمّا في الحالات المرضية فقد يغيب التنفس الحويصلي كما يحدث عندما يمتلىء جوف الجنب بأحد السوائل أو بالهواء (الريح الصدرية). كما أن تكثف النسيج الرئوي التالي لإصابته بالالتهاب يسهل وصول التنفس المزماري إلى جدار الصدر بوضوح حيث يسمع مكان التنفس الحويصلي، ويطلق عليه في هذه الحالة اسم النفخة التي تأخذ لحناً مميزاً في بعض الحالات المرضية مما دعا لوصف عدة أنواع من النفخات منها النفخة الأنبوبية والنفخة الكهفية وغيرها. تترافق بعض الحالات المرضية بتضيق في الطرق التنفسية أو توضع مفرزات مخاطية قيحية فيها، فإذا كان التضيق شديداً أدى إلى صدور أصوات جافة ذات لحن موسيقي تدعى الوزيز كما هي الحال عند الإصابة بالربو. أما إذا وقع التضيق على مستوى الرغامى والقصبات الكبيرة كانت الأصوات المسموعة أكثر خشونة وأرطب لحناً ودعيت حينئذ بالغطيط. إذا توضعت التبدلات المرضية على مستوى الأسناخ الرئوية أو القصبات الانتهائية أدت إلى صدور أصوات شاذة يكشفها التسمع تدعى الخراخر، وهي على نوعين خراخر فرقعية ذات لحن جاف ينجم عن انفتاح الأسناخ المصابة بالتوذم أو التليف، وخراخر فقاعية ذات لحن رطب تسمع عند وجود مفرزات سائلة في الطرق الهوائية القاصية. ويكشف التسمّع في أمراض الجنب وجود أصوات سطحية مختلفة الشدة تدعى الاحتكاكات تنجم عن تماس وريقتي الجنب المريضتين في أثناء الحركات التنفسية. تسمّع الأوعية المحيطية تصاب الشرايين في الأعمار المتقدمة بتبدلات في جدرها يطلق عليها اسم العصيدة الشريانية وتزداد هذه التبدلات بفعل بعض العوامل البيئية والوراثة، مما يؤدي إلى تضيق لمعة الشرايين المصابة. يؤدي مرور الدم في هذه المناطق المتضيقة من الشريان إلى صدور نفخات تسمعها الأذن عند تطبيق صيوان السماعة على المنطقة المتضيقة، وتتميز هذه النفخات بكونها مستمرة خلافاً للنفخات الناجمة عن آفات الصمامات القلبية. وأكثر الشرايين تعرضاً للتضيق وإصدار النفخات هي الشرايين السباتية في العنق وفروع الشريان الأبهر البطني كالشرايين الكلوية والجذع الشرياني الزلاقي وتفرعاته. كما أن الاتصال الشاذ بين الشرايين والأوردة المحيطية (النواسير) قد يكون السبب في حدوث نفخات تسمع في مكان توضع الناسور وتتميز هي أيضاً بكونها نفخات مستمرة.   زياد درويش   مراجع للاستزادة:   - MORGAN, Occupational Lung Disease, Saunders (1984).
المزيد »