logo

logo

logo

logo

logo

حنين (غزوة-)

حنين (غزوه)

Hunayn battle - Bataille de Hunayn

حُنين (غزوة -)

 

حُنين وادٍ شديد الانحدار ذو شعاب ومضايق قرب مكة في الطريق إلى الطائف، حدثت فيه المواجهة بين الرسول r وتجمع قبلي، من قبائل هوازن، منها ثقيف وبنو نضر وبنو جشم، ولم تشارك في الموقعة قبيلتا كعب وكلاب من بني عامر بن صعصعة وهما من هوازن، وذلك في العاشر من شوال سنة 8هـ.

بعد فتح مكة (20 رمضان سنة 8هـ) وإعلان قريش إسلامها بين يدي الرسول r ومبايعته على السمع والطاعة، شعرت قبائل هوزان والقبائل التي تقيم قرب مكة أنهم غدوا معزولين يتهددهم خطر مماثل للخطر الذي حل بقريش، فعزموا على أن يبادئوا الرسول r بالحرب قبل أن يستكمل استعداده وقبل أن يسير إليهم، فاجتمعت هوازن كلها وثقيف برمتها باستثناء كعب وكلاب مع مالك بن عوف النضري.

أمر مالك بن عوف من سار معه من هوازن أن يأخذوا معهم أموالهم ونساءهم وأبناءهم لكي يجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم، فلما نزل بأوطاس (واد في ديار هوازن) اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة سيد جشم وهو شيخ كبير ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب، وقد اعترض دريد على اصطحاب النساء والأولاد والأموال لأن المنهزم لا يرده شيء وقال لمالك: «إن كانت لك لم ينفعك إلاّ رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فُضحت في أهلك ومالك»، ولكن مالك بن عوف أصر على موقفه.

لما سمع رسول الله r بتجمع هوازن ومن معها ونزولهم بأوطاس، أجمع على السير إليهم ليلقاهم، فخرج ومعه ألفان من أهل مكة مع عشرة آلاف من أصحابه الذين فتح الله بهم مكة فكانوا اثني عشر ألفاً، واستخلف على مكة عتاب بن أسيد.

سار الرسول r حتى وصل وادي حنين في عماية الصبح وكانت هوازن قد سبقت إلى الوادي وكمنت للمسلمين في شعابه وأحنائه ومضايقه، فانقضوا على المسلمين وحملوا عليهم حملة مفاجئة أفزعت المسلمين وأشاعت الفوضى في صفوفهم، فانكفأ الناس مهزومين، ولكن الرسول r ثبت مع عدد من أصحابه من المهاجرين والأنصار، وطلب الرسول r إلى عمه العباس وكان جهوري الصوت أن ينادي بالناس ويثبتهم ويحضهم على الثبات ففعل العباس ذلك، وكان لندائه أثر سريع، إذ استعاد الناس رباطة جأشهم، وعادوا يتجمعون حول الرسولr واستأنفوا القتال مبلين بلاء حسناً حتى تمكنوا من إيقاع الهزيمة بهوازن وأجبروا المشركين على الفرار، فسار بعضهم إلى الطائف ومنهم مالك بن عوف وبعضهم إلى نخلة وفريق إلى أوطاس، تاركين وراءهم أموالهم وذراريهم ونساءهم غنيمة للمسلمين، وقد قتل في المعركة دريد بن الصمة، قتله غلام صغير.

ويذكرون أن عدة ذلك السبي الذي أصاب المسلمون يؤمئذ من هوازن، كانت ستة آلاف من نسائهم وأبنائهم ومن الإبل ستة آلاف ومن الشاة مالا يحصى.

لم يشأ الرسول r أن يشغل رجاله بأمر الغنائم بعد نصر حنين فأمر بجمعها ووضعها في مكان يدعى الجعرانة (موقع بين طائف ومكة وهو أقرب إلى مكة) حتى يفرغ من أمر العدو، وكان الرسول r قد بعث جماعة في آثار من توجه إلى نخلة، ومن توجه إلى أوطاس، وسار هو إلى الطائف متعقباً فلول ثقيف التي لجأت إليها، وكانت الطائف آنذاك مدينة محصنة يطيف بها سور قوي يمنع عنها هجمات الأعداء فحاصرها الرسول بضعاً وعشرين ليلة، وجد بعدها أنه مضطر إلى رفع الحصار لحلول شهر ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم، فانصرف عائداً إلى الجعرانة حيث وضع الغنائم والسبي ليقسم كل ذلك بين أصحابه، وقد قدم على الرسولr في أثناء إقامته بالجعرانة وفد من هوازن معلنين إسلامهم، وتوسلوا إليه أن يرد عليهم ذراريهم وأموالهم ولاسيما أنه تربطه بهم رابطة متينة، هي أنه عاش بينهم في طفولته مسترضعاً حين كان في كنف مرضعته حليمة السعدية التي هي من هوازن أيضاً، وقد كان لحديث الوفد أثره في نفس الرسول الكريم، فرق لهم وخيرهم بين أخذ السبي أو الأموال ففضلوا النساء والأولاد وأعلن الرسول نزوله ونزول آل المطلب عن حصتهم من سبي هوازن فاقتدى بهم بقية المسلمين ما عدا بني تميم وبني فزارة فبين لهم الرسول r أن من تمسك بحقه من السبي فله بكل إنسان ستة فرائض من أول شيء يصيبه المسلمون، فردوا إلى الناس أبناءهم ونساءهم، أما الأموال التي غنمها المسلمون فقد قسمها الرسول r بين أصحابه وخص بعض حديثي العهد بالإسلام من قريش ورجالات العرب بعطايا إضافية من الغنائم تألفاً لهم وتحبيباً لهم بالدين الجديد ولتعميق ارتباطهم به، وعرف هؤلاء باسم المؤلفة قلوبهم، وقد امتعض الأنصار في بادئ الأمر عندما رأوا أن الرسول r أعطى من تلك الغنائم جماعة من قريش وقبائل العرب ولم يكن للأنصار منها شيء، ولكن امتعاضهم زال حينما خاطبهم رسول الله r قائلاً: «أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم، فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار».

أدى نصر حنين إلى نتائج مهمة في علاقة الإسلام بالقبائل الضاربة في مختلف أنحاء الجزيرة العربية، إذ شهد العام التالي لغزوة حنين أي سنة 9هـ قدوم عدد كبير من وفود القبائل معلنة إسلامها وولاءها للرسول ومبايعة له على السمع والطاعة، أما ثقيف فقد ظلت بادئ الأمر على عنادها، ولم تعلن إسلامها ولكنها أدركت أنه لن يتاح لها الثبات طويلاً في موقفها المعادي للرسول r بعد أن غدا على جانب من القوة، فأرسلت وفداً وصل إلى المدينة المنورة في رمضان سنة 9هـ، فصالحهم الرسول r على أن يسلموا وكتب لهم كتاباً أعلن فيه حرمة الطائف وأَمَّر عليهم عثمان بن أبي العاص، مع أنه كان أحدث أفراد الوفد سناً، لِما رأى من صلاحه وتقواه وحرصه على تعلم القرآن والدين، وعاد وفد ثقيف بعد ذلك إلى الطائف، وبعث الرسول r معهم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة ليقوما بهدم اللات وإزالة جميع مظاهر الوثنية في الطائف.

شوقي أبو خليل، نجدة خماش 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الأنصار ـ ثقيف ـ قريش ـ هوازن.  

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ الواقدي، المغازي (عالم الكتب، بيروت 1966).

ـ ابن هشام، السيرة النبوية (دار الجبل، بيروت 1975).

ـ الطبري، تاريخ الرسل والملوك،  تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (دار المعارف، مصر 1963).

 


التصنيف : التاريخ
النوع : دين
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 634
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1057
الكل : 58492447
اليوم : 64961

الإرشاد النفسي (علم-)

الإِرشاد النفسي (علم -)   علم الإِرشاد النفسي counseling psychology هو واحد من فروع النفس[ر]، ومحوره عملية الإِرشاد النفسي وبها يُعرف ويعرّف. وفي تحديد هذه العملية عدة تعريفات ينحو بعضها منحى الاختصار ويأخذ بعضها الآخر بالتفصيل. بين التعريفات المختصرة ما يقول: إِن الإِرشاد النفسي علاقة يحاول فيها شخص مساعدة آخر في فهم نفسه وحلّ مشكلات تكيّفٍ لديه. وبين التعريفات الآخذة بالتفصيل ما يذكر أن الإِرشاد النفسي عملية منظمة تعتمد على علاقة تفاعل وثقة بين قطبين المرشد النفسي المؤهل علمياً للقيام بالعملية، والمسترشد وهو شخص سويّ لديه صعوبة نفسية ويحتاج إِلى المساعدة، ويكون هدف العملية توفير ظروف المساعدة ليصل المسترشد إِلى حلّ مثمرٍ لصعوبته وفهم أفضل لنفسه.
المزيد »