logo

logo

logo

logo

logo

الحسينية (الأسرة-)

حسينيه (اسره)

Husaynid - Husaynid

الحسينية (الأسرة -)

 

يعد حسين بن علي تركي المؤسس الفعلي للأسرة الحسينية التي توارثت حكم تونس من 1705-1957، وتعاقب على الحكم من أفرادها في هذه المدة تسعة عشر (باياً) تصرفوا فيها تصرف الولاة المستقلين في ظل الحاكمية العثمانية لتونس من دون أن يعلنوا انفصالهم عن الدولة العثمانية.

وكان علي تركي والد حسين قد غادر موطنه في جزيرة كريت والتحق بجيش البايات المرادية في تونس، وتولى الإشراف على أمور البادية، وتوفي في عام 1691 مخلفاً ولدين هما «محمد» و«حسين». وقد شغل حسين رتبة رئيس السباهية مما مكنه من الاتصال بالفئات المختلفة وكسب ثقتها، ولما قام آغا السباهية إبراهيم الشريف (1702-1705) بالقضاء على أسرة البايات المرادية بدعم من الجيش، استمر حسين في عمله في العهد الجديد.

دخلت تونس في ذلك الحين في منازعات مع داي الجزائر. وجهز الباي إبراهيم الشريف جيشاً لغزو الجزائر بالتعاون مع والي طرابلس مخالفاً نصيحة حسين له بالكف عن الصراع، وهزم الشريف في المعركة وأسر هو وأخوه وفر حسين عائداً إلى تونس حيث اتفق أهل الحل والعقد من العلماء وأكابر الجند على مبايعة حسين والياً على البلاد بتاريخ 20ربيع الأول 1117هـ/13تموز 1705م فكانت هذه بداية عهد الأسرة الحسينية.

اتخذ حسين باي من بلدة «باردو» مقراً له وجعل الولاية إرثاً في أعقابه على الطريقة التركية، وإذ لم يرزق أولاداً في شبابه، فإنه تبنى أحد أولاد أخيه محمد الثلاثة وهو المسمى علي، ولكنه حدث أن رزق حسين باي ولداً فيما بعد فصرف ابن أخيه عن قيادة الجيش، فقام صراع بين العم حسين وابن أخيه علي، ونشبت بينهما معركة عام 1735 انهزم فيها حسين وألقى القبض عليه وقتل لاحقاً في 1740. وفر أبناؤه إلى الجزائر مطالبين بثأر أبيهم.

كان حسين ذا عناية خاصة بالعمران، وقد تم في عهده بناء مدرستي (الحسينية) و(النخلة) في العاصمة، وبناء قصر ومسجد. وشيِّدت عدة مدارس في سوسة والقيروان وصفاقس ونخلة، وأنشئت جسور ومواجل (مستودعات مياه) وتم ترميم معالم مدينة القيروان.

لم تستقر الأمور لعلي باشا (1148-1170هـ/1735-1756م) وخاصة بعد فرار أبناء حسين إلى الجزائر وحصولهم على مساندة داي الجزائر. اندلعت ثورة داخل البلاد قادها أحد أولاد علي باشا وانقسمت البلاد وانتهى الصراع بفوز الأب وفرار الابن، واشتد ظلم علي باشا وابنه محمد، فكاتب الناس أبناء حسين باي فسارعوا بجيش أمدهم به داي الجزائر ضم في صفوفه 1300 جندي تونسي ودخلوا العاصمة وتم قتل علي باشا وابنه محمد عام 1170هـ/1756م.

وصف علي باشا بالعلم والشجاعة، إلا أنه كان جريئاً على سفك الدماء، وقد ألف كتاب «شرح التسهيل» لابن مالك وجمع في مقره في مدينة باردو مكتبة غنية بالمخطوطات النادرة، وضم بلاطه أدباء أجلاء منهم الشاعر علي العزاب الصفاقسي (ت 1183هـ/1769م) وأبو عبد الله محمد الورعي (ت 1190هـ/1776م). وبنى مدارس «الباشية أو السليمانية» و«بئر الحجار» وبنى حصن قلعة الوادي وبرج جبل المنار ومصانع عدة في أماكن متفرقة من البلاد.

تولى أمر تونس بعد مقتل الباي علي، محمد الرشيد بن حسين باي (1170-1172هـ/1756-1758) فانصرف إلى تثبيت دعائم الحكم وأعطى البلاد مظاهر إمارة مستقلة مرتبطة اسمياً بالدولة العثمانية، وخلفه بعد وفاته أخوه علي باي (1172-1196هـ/1758-1782م)

توطد الحكم في عهد علي بعد قضائه على ثورة عثمان الحداد، ولكنه دخل بمنازعات مع فرنسا إثر استيلائها على كورسيكا عام 1768م ومطالبتها بإطلاق سراح الأسرى الكورسيكيين، ولم يرض علي بذلك فأعلنت فرنسا الحرب عليه، وقامت بقصف بعض الموانئ التونسية وانتهت الأزمة بمفاوضات أرضت الطرفين وبوساطة مندوب الدولة العثمانية، وخلف علي باي ابنه حمودة باشا بن علي (1196-1229هـ/1782-1814م)، وكان خبيراً بالحكم والإدارة، وفي عهده اكتسبت البلاد التونسية مظهراً دولياً ومن أحداث تلك الأيام البارزة، النزاعات الحدودية بين تونس والجزائر التي انتهت عام 1806، والخلاف مع البندقية بسبب المنافسة التجارية، وتجديد المعاهدة التجارية مع إسبانيا والولايات المتحدة، وقد دامت ولاية حمودة باشا نيفاً وثلاثة وثلاثين عاماً، ثبت فيها دعائم الأسرة الحسينية.

تولى أمر تونس بعد حمودة عثمان باي بن علي (1229-1230هـ/1814-1815م) خلافاً لقاعدة الوراثة، ولكن ولايته لم تدم سوى عام واحد قتل بعده، فأعيد الأمر إلى بيت صاحبه الشرعي محمد الرشيد ممثلاً بولده محمود الذي قتل ابن عمه عثمان، وحل محله حتى عام 1823م.

تولى محمود مدة ثم نزل عن الحكم إلى ابنه الأول حسين على أن يخلفه الابن الثاني مصطفى، ومات بعد ذلك بعام (1240هـ/1824م).

وقد ألغيت الانكشارية في عهد حسين الثاني بن محمود ودمرت الدول الأوربية الأسطول العثماني عام 1827 قرب شواطئ اليونان، واستولت فرنسا على الجزائر 1830 وبدأت تتدخل في شؤون تونس، وأجبر الفرنسيون الباي على توقيع معاهدة تنص على نزوله عن الجزية المفروضة على الدول الأوربية لقاء حماية سفنها في البحر المتوسط.

باشر حسين باي ببناء قصر حمام الأنف الذي غدا المقر الرسمي للبايات الحسينية.

تولى الحكم بعد وفاة حسين الثاني أخوه مصطفى بن محمود (1253-1255هـ/1837-1839م)، وازداد التدخل العثماني في عهده بغية الوقوف في وجه الأطماع الفرنسية في تونس، ومنحت الدولة العثمانية الباي رتبة أمير الأمراء وهو أول باي يمنح هذا اللقب وقد خلفه ابنه أحمد باي الثاني بن مصطفى (1839-1855) الذي قام بإصلاح الدولة والمجتمع، وألغى الرقيق وأنشأ جيشاً قوامه (25) ألف جندي، وأمر ببناء مدرسة عسكرية حديثة، وازداد التدخل العثماني في شؤون تونس في عهده للوقوف في وجه محاولات السيطرة الفرنسية على البلاد ومنحت الدولة العثمانية الباي أحمد رتبة (المشيرية). فرد الباي على هذا الجميل بإرسال أسطول تونس للمشاركة في حرب القرم (1854-1856). وقد أدى انجراف الباي أحمد وراء المظاهر، في محاولته بناء تونس على النمط الأوربي، إلى وقوع البلاد في ضائقة اقتصادية، وقام عدد من مستشاريه بدور في هذا الأمر، مثل مصطفى خزندار وزير المالية ومحمود عياد وغيرهم، وازدادت الديون وأرسل الباي خير الدين باشا التونسي إلى فرنسا لتسوية الأمر.

وفي عهد محمد باي الثاني بن حسين الثاني (1855-1859) شهدت البلاد تطوراً صناعياً وعلمياً مرموقاً وجهوداً حثيثة لمقاومة النفوذ الفرنسي وبداية النضال السياسي. وأصدر الباي مرسوماً عرف باسم (عهد الأمان) تلي بحضور قناصل الدول الأجنبية وقائد الأسطول الفرنسي، ومن مآثره: تعيين خير الدين باشا التونسي بعد عودته من فرنسا وزيراً للحربية. وقد عرف عن خير الدين حبه لوطنه وإخلاصه في العمل وسعيه لتعديل بعض مواد عهد الأمان والتمهيد لإقامة حياة دستورية مما أدى إلى إصدار دستور 1861 فيما بعد.

تولى محمد الصادق باي (1859-1882) الحكم بعد أخيه وفي عهده برزت الأزمة المالية المفتعلة لتفسح في المجال أمام الفرنسيين للسيطرة على البلاد. وتم لهم ما أرادوا في 12 آذار عام 1882 حين ألزموا الباي بإبرام معاهدة الحماية في بلدة باردو وقد أحدث الاحتلال الفرنسي لتونس ضجة كبيرة على الصعيدين الداخلي والدولي. وفرض الفرنسيون على علي باي بن حسين الثاني 1882-1902 وعلى البلاد في 8 تموز 1883، معاهدة حماية أقسى من سابقتها معاهدة باردو، وهي معاهدة «المرسى» الأمر الذي أثار نضالاً سياسياً قوياً في تونس قاده لفيف من الرواد منهم الشيخ طاهر بن عاشور، وبيرم الخامس، ومحمد السنوسي، وكان بعض هؤلاء الرواد على اتصال بالمشرق العربي، وقد قدم وفد منهم رأسه محمد السنوسي إلى الباي عريضة باسم مختلف فئات الشعب يحتجون فيها على حكم السلطة الفرنسية المباشر كما عمد رجال الإصلاح فيما بعد إلى التكتل في منظمة عرفت باسم «الحاضرة» عملت على إحياء تراث تونس القومي.

دخلت تونس بعد إعلان الحماية عهداً جديداً هيمنت فيه فرنسا على الدولة التونسية هيمنة تامة، وقد توارث العرش التونسي بعد الحماية سبعة بايات استسلموا إلى الدعة والراحة، وتركوا أمر البلاد للمقيم العام الفرنسي يصدر الأوامر والمراسيم ويأمر الوزارات المختلفة لإعدادها ثم تُعرَض على الباي فيضع خاتمه عليها. وكان الباي محمد الأمين (1943-1957) الباي التاسع عشر في الأسرة وأخر البايات وبخلعه في 15 تموز 1957 أسدل الستار على الأسرة الحسينية في تونس وأعلنت فيها الجمهورية.

فارس بوز، يوسف الأمير 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد بن أبي ضياف، إتحاف الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الخلان (تونس1971).

ـ حسن حسني عبد الوهاب، تاريخ تونس (دار الكتب الشرقية، تونس).

ـ محمد حسين محمد، الاستعمار الفرنسي في القرن 16 إلى عهد دوغول والجمهورية الخامسة (القاهرة 1960).

 


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 334
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1038
الكل : 58492868
اليوم : 65382

أحمد بن محمد بن مراد

أحمد بن محمد بن مراد (998-1026هـ/1590- 1617م)   هو السلطان العثماني الرابع عشر (1012-1026هـ/1603-1617م) ويعرف بالسلطان أحمد الأول, وهو الابن الأكبر للسلطان محمد الثالث (1595-1603م). ولد في مانيسة. خلف أباه في السلطنة واستمر في الحكم إِلى أن توفي إِثر مرض عضال. لم يقتل السلطان أحمد الأول أخاه, للتخلص من منافسته, بل اكتفى بأن أرسله إِلى السرايا العتيقة حيث أقام ليخلفه في الحكم من بعده. ولصغر السلطان عند اعتلائه عرش السلطنة فقد اعتمد على أمّه ثم على كبير طواشية القصر درويش محمد آغا.
المزيد »