logo

logo

logo

logo

logo

الباكستان (اللغة والأدب-)

باكستان (لغه وادب)

Pakistan - Pakistan

الأدب واللغة

 

اللغة: تعد شبه القارة الهندية، والباكستان جزء منها، موطناً متعدد اللغات في هذا العالم، يقتصر بعضها على جماعات معينة تتكلم لغاتها المحلية الأصلية وبعضها أكثر اتساعاً وانتشاراً. ففي الباكستان وحدها: اللغة البنجابية Punjabi، والسندهاي Sindhi ، والساراكي، والبُشتو Pushtu، والبالوشي Baluchi، والإنكليزية، إضافة إلى لغات فرعية أخرى كثيرة، لكن اللغة الرئيسية والأهم هي اللغة الأردية Urdu.

تحتل اللغة الأردية مكانة مهمة لكونها اللغة القومية للباكستان وواحدة من اللغات الرسمية في الهند، وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في شبه القارة الهندية وقد انتقلت عن طريق الهجرة إلى أجزاء كثيرة في العالم، مع ذلك ليس هناك موطن محدد تعدّ الأردية فيه اللغة الوحيدة المستعملة، إلا أنها عند معظم مسلمي الباكستان والهند رمز اعتزاز كبير وناظم لهويتهم الثقافية.

تؤكد الأدلة كلها أن اللغة الأردية بدأت كخليط من عدة لغات هي: البنجابية والهندية والفارسية والعربية ثم الخاري بولي أي اللغة المستقيمة. وقد اتخذت تسميات عدة مثل لغة «الريختا» أي اللغة المختلطة، و«الهندوستانية» وهي التسمية التي كان يستخدمها الإنكليز خاصة، ثم الأردية التي صارت التسمية المفضلة، وهي مشتقة من الكلمة التركية أوردو Ordu وتعني البدو الرحل، كما كانت مراكز قيادة الجيش البريطاني في دلهي تُعرف باسم أوردو ـ إي ـ موالا Urdu-e-Mualla أي المعسكر السامي، وهكذا استقت الأردية تسميتها الحالية من كونها لغة هذا المعسكر وفيما بعد لغة دلهي العاصمة الامبراطورية.

ومع أن عمر اللغة الأردية لا يكاد يبلغ أربعة قرون، فإنها شهدت في هذه المرحلة القصيرة نسبياً تطوراً كبيراً وتنوعاً وغنىً. ظهرت الأردية في البداية في الشمال الغربي للهند ثم انتقلت إلى مملكتي غولكندة Golconda وبيجابور، حيث بدأ حكام المملكتين يكتبون مجموعات شعرية باللغة الأردية كما استخدمت هذه اللغة في الدكن لغة للأدب، ولاسيما الشعر. ويتفق المؤرخون على أن بداية هذه المرحلة تتوافق مع ظهور الشاعر والي (توفي عام 1707) الذي قدم من الدكن إلى دلهي وشجع كتابة الشعر بالأردية.

في منتصف القرن الثامن عشر وأواخره استطاعت الأردية الحلول محل اللغة الفارسية لغة للشعر في أوساط القصور الإسلامية. وفي القرن التاسع عشر شهدت الأردية تطوراً مهماً في مملكة لكنو حيث ترسخت لغة الأردية أدبية ذات ملامح فارسية في أوساط المتجمعين حول الامبراطور المغولي في دلهي.

في هذه المرحلة بدأ اهتمام المستعمرين البريطانيين باللغة الأردية ليس لأنها لغة أدبية متطورة فحسب بل لأنها حافظت على دورها الأساسي لغة مشتركة في شمالي الهند. وهكذا أُلِّف الكثير من كتب القواعد والمعاجم كما كتبت الإرشادات بهذه اللغة عن طريق مناهج تدريسية استخدمت في كلية حصن ويليم التي أنشئت في عاصمة البريطانيين كلكتة سنة 1800.

أسهم التشجيع الرسمي الذي حظيت به الأردية في عملية تطويرها لتفي بالحاجات التي تتطلبها اللغة اليومية، كما أن البعثات التبشيرية المسيحية أسهمت في ذلك ببحثها عن لغة عامية تساعد في نشر الإنجيل على أوسع نطاق. وفي هذه المرحلة بدأت الأردية تستوعب أعداداً متزايدة من المفردات الإنكليزية، ولاسيما في المناطق التي كانت التبدلات الدستورية والتقنية تجتاح حياة المجتمع الهندي في ظل الحكم البريطاني.

شهدت السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر إنتاجاً أدبياً وفيراً في كتب ومقالات استخدم فيها ممثلو جميع الاتجاهات اللغة الأردية وسيلة للتعبير، لا فرق بين دعاة التقليدية المسلمين والإصلاحيين المجددين. على أن التطور الأهم في انتشار هذه اللغة جاء مع تطور الطباعة، إذ أنشئت مؤسسات للطباعة حققت أرباحاً طائلة وانتشاراً واسعاً لهذه اللغة التي أثبتت شيئاً فشيئاً أهميتها المتزايدة رمزاً مهماً للثقافة الإسلامية وحاملة لها، إضافة إلى أنها لغة التفاهم بين جميع مسلمي الهند.

تكتب اللغة الأردية من اليمين إلى اليسار شأنها شأن اللغة العربية، ذلك أنها تكتب بحروف عربية حوِّرت لتناسب الفارسية ثم الأردية. هذه الأحرف تنقسم في اللغة الأردية إلى قسمين: حروف الهجاء المفردة وعددها 36 حرفاً، وحروف الهجاء المركبة وذلك بإضافة حرف /هـ/ في آخر بعض حروف الهجاء المفردة وعددها 14 حرفاً. حافظت الأردية على قواعد اللغة الهندية مع تعميم بعض الصيغ الموجودة في اللهجات المحلية، وتختلف الأردية عن الفارسية في التفريق بين المذكر والمؤنث مثلاً، كما استمر النظام الصوتي المميز للغة الهندية في كل اللغات الهندية-الآرية منذ أيام السنسكريتية، وإن كان دخول الكثير من الكلمات الفارسية والعربية قد جلب معه أصواتاً جديدة لم تكن موجودة من قبل مثل: الـ (خ، غ، ق، ش، ظ) على أن التجديد الأكثر وضوحاً في هذه اللغة الجديدة هو تمَثُّل الكثير من الألفاظ الفارسية، التي كانت اللغة الفارسية قد تمثَّلت نظائرها من العربية واستوعبتها، إلى أن صارت الأردية لغة الباكستان القومية وأداة التعبير الحية لأدبها.

الأدب: تأسست الباكستان في 14 آب 1947. لكن ما ينفرد به الأدب الباكستاني أن وجوده سبق وجود البلاد. فهو يمد جذوره عميقاً في التاريخ. وهناك لغات كثيرة كتب بها وما يزال يكتب مثل: البنجابية والسندهاي والساراكي والبُشتو والبالوشي وغيرها. لكن البحث سيقتصر على ذكر نوعين من الأدب الباكستاني هما: الأدب الأوردي، والأدب المكتوب بالإنكليزية.

بدأ استخدام الأردية لغة أدب في القرن السابع عشر، حين أراد المتصوفة ورجال الدين الإسلامي أن يكتبوا في الموضوعات المتعلقة بالإسلام ويحققوا المزيد من التواصل مع الناس، فيما بدأ الشعراء يبحثون عن جمهور أوسع يفهم قصائدهم. وأهم الأجناس في الأدب الأردي هو الشعر. ورث الشعر الأردي عن العربية والفارسية نظام العروض وقواعد الشعر إضافة إلى الكثير من المسميات الشعرية كما هي في العربية غالباً مثل: غزل ونظم وقصيدة وقطعة ومثنوي ورباعية وسداسية ومرثية وغيرها. وارتبط الشعر الأردي الاتباعي (الكلاسيكي) ارتباطاً وثيقاً بحياة القصور وكان اعتماد الشعراء كبيراً على رعاية الملوك والأمراء في تحصيل عيشهم وكان معظم الشعر يكتب للإلقاء أمام الجمهور، كما كانت تقام حفلات موسيقية تحتل فيها القصائد الغنائية المقام الأول. كذلك كانت تقام مجالس شعرية (واسمها مشاعرة) شبه خاصة يتبارى فيها الشعراء وتخضع لأعراف صارمة.

أبرز الموضوعات التي عالجها الشعر الاتباعي هي: الغزل والمديح والوصف والرثاء والحكمة وغيرها. حتى إنه ليمكن القول إن الشعر الأردي، مثله مثل الشعر العربي هو ديوان الأردو.

ومن أبرز شعراء الاتباعية:

ـ يتفق الباحثون على أن أول شاعر كتب بالأردية هو حاكم غولكندة محمد قولي قطب شاه (1566-1611).

ـ ميرزا محمد رافي ساودا (1713-1781) وهو فنان متعدد النشاطات اشتهر بالمديح والهجاء اللاذع.

ـ ميرتقي مير (1722-1810) العاشق السيء الطالع الذي اكتمل على يده فن كتابة الشعر الغنائي العاطفي.

ـ خواجا مير دارد (1721-1785) الصوفي الذي ما يزال شعره الروحي يتمتع بشعبية واسعة عند المنشدين. ثم يأتي شيخ إبراهيم ذوق (1790-1854) ومؤمن خان (1800-1852) وميرزا أسد الله خان غالب (1797-1869) أحد ممن كانت لهم مرتبة الصدارة في شعراء الأردية، إضافة إلى رسائله التي تعد في طليعة الكتابات النثرية المتميزة باللغة الأردية. على أن أعظم شعراء الأردية هو الشاعر العلامة محمد إقبال[ر] (1877-1938). إنه أكثر شعراء الأردية تجديداً ومن القلائل الذين ترجمت أشعارهم إلى لغات العالم الرئيسية، كما يعد بعد محمد علي جناح[ر] الأب الروحي للباكستان.

وفي النصف الثاني من القرن العشرين طرأت تغيرات على حركة الشعر فأدخلت الأساليب التجريدية الحديثة وظهر الشعر الحر، مثلما ظهر في حركات الشعر العالمية، وأسماء الشعراء هنا كثيرة، ربما كان من أهمها: فيض أحمد فيض وميراجي ونزار محمد رشيد وجيغار عبادي وشابير أحمد وفايز أحمد فايز الذي كتب عن فلسطين والقضايا العربية الراهنة.

ومع استقلال البلاد وانتشار التعليم والصحافة بدأت سيطرة الشعر تضعف، أما النثر فقد بدأ يهيمن بأنواعه وفنونه المتعددة فظهر كتَّاب يُعتز بهم، مثل: آزاد أبو الكلام[ر] وقازي عبد الغفار ورشيد أحمد صدّيقي، إضافة إلى كتّاب المقالة سيد أحمد خان [ر] وفرحت الله بيك (1833-1948).

وقد ظهر النقد مع حركة أليغارة التي حاول كتابها الاقتداء بسيد أحمد خان في كتابة المقالات وتأليف الأبحاث الفكرية والنقدية بأسلوب نثري قبله القراء أكثر من أردية أسلافهم المتكلفة، ومن أبرزهم: ألطاف حسين حالي (1837-1914).

أما أبرز الكتاب المسرحيين فهم: آغا حسن أمانات وآغا حشر وامتياز علي تاج ومحمد مجيب.

على أن الفن الأدبي الذي أسهم إسهاماً جدياً في صنع نثر رائع جعله يطغى على الشعر هو السرد الحكائي. وبدأ فن القصة والرواية بـ «الدستان»، وهي حكاية أسطورية نثرية، تستعرض مآثر أبطال شجعان. وأشهر حكايات هذا النوع: «حكاية العجائب»، و«أمير حمزة» وقد حققت انتشاراً واسعاً بعد طباعتها. بعد الدستان جاءت القصة الحديثة ثم الرواية في وقت متأخر. وأبرز كتّاب هذا الفن: نذير أحمد وميرزا محمد هادي روسوا وعبد الحليم شرار وسجاد يلدرام وبريم تشاند. ومن المعاصرين غلام عباس وسعادات حسن مانتو وأشفق أحمد وانتظار حسين وغيرهم.

وكان من الطبيعي، وشبه القارة الهندية تخضع للاستعمار البريطاني، أن تنتشر اللغة الإنكليزية في أوساط المتعلمين والمثقفين وأن يبدأ بعضهم باستخدام هذه اللغة أداة للتعبير وبذلك ظهر أدب مكتوب بالإنكليزية يختلف عن ذاك المكتوب بالأردية في أنه كان محدود الانتشار وكتّابه يعانون تهمة التبعية للاستعمار. لكنهم في الوقت نفسه أكثر حرية في التعبير وأقل اضطراراً إلى استخدام أسلوب الرمز والإيحاء ولأن انتشارهم محدود والمستوى الثقافي لقرائهم عالٍ خفت الرقابة عليهم.

وينقسم أدباء الإنكليزية إلى قسمين: قسم يعيش داخل الباكستان وقسم يعيش خارجها، وهؤلاء أكثر حرية وانتشاراً. وأبرز فنون هذا الأدب: الشعر، وهو أكثر تأثراً بتيار الحداثة وتخلصاً من الصور التقليدية وحريةً في تناول موضوعاته. أبرز شعرائه: داود كمال وتوفيق رفعت ومكي قريشي وكليم عمر وآثار طاهر والمجير هاشمي. ومن أبرز الأسماء في مجال المسرح: طارق علي وإكرام عزام وناصر أحمد فاروقي وحنيف قريشي. وأبرز كتّاب القصة والرواية: طارق علي وأحمد علي وذو الفقار غوز وطارق رحمن وآدم زمينزاد....

وصفوة القول: أن القرن العشرين شهد تطوراً واضحاً في جوانب الأدب الباكستاني جميعها كما ظهرت أعمال أدبية أحلّت الباكستان مكانة مرموقة في إطار الأدب العالمي. 

عبد الكريم ناصيف

 

 

التصنيف : الآداب الأخرى
النوع : لغات
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 629
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1039
الكل : 58481973
اليوم : 54487

التفكيكية

التفكيكية   تدل كلمة التفكيكية déconstruction معجمياً على الهدم والتقويض والتخريب والتفكيك والتشريح. وقد استعيرت الكلمة من حقل استخدامها الأصلي (العمارة) إلى ميدان الفكر، لتصبح مصطلحاً يدل على وضع غالبية التقاليد الميتافيزيقية والفلسفية الغربية موضع التساؤل والنقد الجذري.
المزيد »