logo

logo

logo

logo

logo

الجنيد (أبو القاسم بن محمد-)

جنيد (قاسم محمد)

Al-Junaid (Abu al-Qasim ibn Muhammad-) - Al-Junaïd (Abou al-Qasim ibn Mohammed-)

الجُنَيْد (أبو القاسم بن محمد ـ)

(...ـ 297هـ/...ـ910م)

 

أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد، لقّب بالخزاز لأنه كان يعمل الخزّ وبالقواريري لأن أباه كان قواريرياً. فقيه زاهد من أعلام الصوفية، اشتهر بعلم الأحوال والكلام على لسان الصوفية والوعظ.

أصله من نهاوند بفارس، أما مولده ومنشؤه ففي بغداد، أخذ عن عدد من العلماء، فدرس الفقه على أبي ثور إبراهيم بن خالد بن اليمان الكلبي (ت240هـ) صاحب الإمام الشافعي، وكان يفتي في حلقته وهو ابن عشرين. صحب خاله السريّ السقطي (ت253هـ) والحارث المحاسبي (ت243هـ) ومحمد بن علي القصاب البغدادي (ت275هـ) وغيرهم من المشايخ المتصوفة العبّاد، وصحبه أبو العباس بن سريج الفقيه الشافعي.

كان يرى أن الإنسان لا يصل إلى العلم إلا بصعوبة فكان يقول: «باب كل علمٍ نفيسٍ جليلٍ بذلُ المجهود» وكان يفتخر بسعة علمه وأن الله ما أخرج إلى الأرض علماً وجعل للخلق إليه سبيلاً إلاّ وقد جعل له فيه حظاً ونصيباً. ولما سئل الجنيد ممن استفدت علمك؟ قال: «من جلوسي بين يدي الله تعالى ثلاثين سنة تحت تلك الدرجة» وأومأ إلى درجة في داره. وكان يؤمن بأن أول طريق التصوف هو التوحيد وإقرار الإنسان بأن الله فرد في أوليته وأزليته لا ثاني معه، وأن التوحيد إذ تمّ تمت المحبة والتوكل، حينئذ يعرف الإنسان يقيناً الطريق إلى الله فيوحده ويعظمه ويقرّ بوجوب طاعته. وهذا الطريق في رأيه: «توبة تحمل الإصرار وخوف يزيل الغرّة ورجاء مزعج إلى طريق الخيرات ومراقبة الله في خواطر القلوب» وكان يرى أن الإنسان لن يصل إلى صريح الحريّة إلاّ إذا كان عبداً لله وحده، حينئذ يكون مما دونه حراً. كما كان يؤمن بأن الرضى ثاني درجات المعرفة، فمن رضي صحّت معرفته بالله بدوام رضاه عنه.

وقد عرّف التصوف بقوله: «ما أخذنا التصوف عن القيل والقال لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات لأن التصوف هو صفاء المعاملة مع الله تعالى وأصله التعزف عن الدنيا».

وكان يأخذ نفسه بما يدعو إليه من الزهد وذكر الله الدائم ومغالبة الأهواء والميول والإعراض عن الدنيا، فقد قيل عنه: إن ورده كان في كل يوم ثلاثمئة ركعة وثلاثين ألف تسبيحة.

وكان يؤمن بأن السالكين في هذا الدرب هم أصحاب الدرجات العلى، وقد جعلهم الله للدين عمداً وللأرض أوتاداً.

وصف الجنيد بأنه شيخ مذهب التصوف لأنه ضبط مذهبه بقواعد الكتاب والسنة ولكونه بعيداً من العقائد الذميمة، متين الأساس بعيداً عن الغلوّ من كل ما يوجب اعتراض الشرع على كلامه، يقول الجنيد في ذلك: «طريقنا مضبوط بالكتاب والسنة، ومن لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى به في هذا الأمر لأن علمنا هذا مقيّد بالكتاب والسنة». ومع ذلك لم يعرف للجنيد إلا حديث واحد.

وكان يرى أن للصوفية وللأولياء دورهم الديني والاجتماعي وقد قال في ذلك: «إنّ الله لا يخلي الأرض من أوليائه ولا يعرّيها من أحبائه ليحفظ بهم من جعله سبباً لحفظه ويحفظ بهم من جعلهم سبباً لكونه، وقد رأيت الله تعالى تقدست أسماؤه زيّن أرضه وفسيح سعة ملكه بأوليائه وأولى العلم به».

عرف الجنيد منذ صغره بسداد الإجابة، وقد سأله خاله السري السقطي وكان بين جماعة يتكلمون وكان الجنيد ابن سبع سنوات: يا غلام ما الشكر؟ فرد الجنيد: ألا تعصي الله بنعمه.

وقد دعي الجنيد «عمدة العلماء» و«إمام الدنيا» و«سيد الطائفة» ووصف بأنه ليس في الشيوخ مثله، اجتمع له علم وحال، فقد كان له علم غزير وحال خطيرة، فإذا رأيت حاله رجحته على علمه وإذا رأيت علمه رجحته على حاله.

للجنيد رسائل، منها ما كتبه إلى بعض إخوانه ومنها ما هو في التوحيد والألوهية والفناء ومسائل أخرى، وله كتاب «دواء الأرواح» وقد نقلت عنه أقوال كثيرة مشهورة كان لها تأثيرها الكبير في من حوله. كما رويت عنه كرامات كثيرة.

اقتصر في أواخر أيامه على عدد من المريدين فقد كانت السلطة تضيق على الصوفيين للحدّ من انتشارهم، وفي ذلك يقول الغزالي حجة الإسلام: «حتى لا تكون تعاليمه مصدر خطر عليه وعليهم لأن ذلك معرض لسوء الفهم منهم». ويذكر ابن الجوزي في كتابه «تلبيس إبليس» أنّ الجنيد اتهم في أخريات حياته مع بقية أعلام مدرسة بغداد الصوفية بأنهم كفرة مرتابون وأنهم أهل بدع، وقد بلغت هذه الاتهامات مداها أيام الحلاج أبرز تلامذة الجنيد.

ظل الجنيد حتى قبيل وفاته يصلي ويقرأ القرآن، ويرد على من ينصحه بأن يرفق بنفسه: «طريق وصلت به إلى الله لا أقطعه» وظل يقرأ حتى مات. وقد حضر جنازته خلق كثير قدر بنحو ستين ألفاً، ودفن في بغداد في مقبرة الشونيزية، وهي مقبرة مشهورة ببغداد بها قبور جماعة من المشايخ والعلماء.

نهلة الحمصي

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ أبو الفرج الجوزي، صفة الصفوة (دار المعرفة، بيروت 1985).

ـ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (دار الكتاب العربي، بيروت).

ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق إحسان عباس (دار صادر، بيروت).

ـ عبد الرحمن السُلمي، طبقات الصوفية، تحقيق نور الدين شريبه (دار الكتاب النفيس).   


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 738
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1045
الكل : 58492762
اليوم : 65276

غادي (أسرة-)

غادي (أسرة ـ)   أسرة غادي Les Gaddi أسرة فنيّة فلورنسيّة مشهورة. كان غادو غادي Gaddo Gaddi الأب المولود عام 1260، والمتوفى عام 1333 مصوّراً وفسيفسائياً. وقد ربط الناقد فازاري Vasari بينه وبين تشيمابو Cimabue وجيوتو Giotto، ونسب إليه مع نقاد آخرين أعمال الفسيفساء في قبة فلورنسا «تتويج العذراء»، وفي بيت العماد Baptistère «مذبحة الأبرياء، والعشاء الأخير، واعتقال يسوع، ورقصة سالومي، وشفاء المقعد». وقد رأى فيه لونغي R.Longhi «روحاً عملاقة، ثائرة ومضطربة، يخالطها طابع باروكي».  أما ابنه تاديو غادي Taddeo Gaddi المولود عام 1300 والمتوفى عام 1366 فكان تلميذاً مفضلاً لدى جيوتو وابنه بالمعمودية. اشتغل معه أربعاً وعشرين سنة، وحل محله بعد وفاته على الرغم من افتقاره إلى نظرة أستاذه الجمالية الشاملة والعميقة، واستمرت قيادته للتصوير الفلورنسي ثلاثة عقود.
المزيد »