logo

logo

logo

logo

logo

التُّرك

ترك

Turks - Turc

الترك

 

الترك أمة من شهيرات الأمم الآسيوية. ويعود أصلهم إلى المجموعة المغولية، ولكنهم اختلطوا منذ وقت مبكر بعناصر من المجموعة القوقازية. فأضحت لهم صفات سلالية تميزهم عن المغول. تظهر في البنية القوية والوجه العريض والأنف البارز والعيون ذات الثنية والشفاه التي تميل إلى الغلظ ثم البشرة البيضاء. ودعيت السلالة الجديدة بـ «الطورانية».

عاش أفراد السلالة حياة بدوية. وأخذت المصادر الصينية تشير منذ القرن الثالث الميلادي إلى هذه الشعوب التي تعيش على الحدود الغربية وأطلقت عليها اسماً عاماً «هيونــغ ـ نو» Hiong-Nou ووصفتها بالبربرية والتأخر.

وأول من دعوا أنفسهم أتراكاً، كانوا أبناء إحدى قبائل الهيونغ ـ نو الصغيرة. وتدعى «أو ـ سه ـ نا ـ شي» O-Se-na-chi (حفدة الذئب). وكانت قد استقرت في جبال ألتاي بين آخر القرن الخامس ومطلع القرن السادس. وهناك غيّروا اسم القبيلة إلى «تو ـ كيو» TOU- KIOU الذي يعني بلغتهم «الخوذة» لأن المكان الذي حلّوا فيه كان على هذا الشكل. وتعد لفظة تو ـ كيو الشكل الأول للفظة الترك.

كانت  الشامانية أول ديانة اعتنقها الترك، وتقوم على الاعتقاد بألوهية السماء، ثم بألوهية الأرض والمياه متحدتين، وتقدم العبادة إلى آلهة الشر لاتقاء خطرها. ويهيمن على الطقوس الشامان (الكاهن) الذي يقوم بدور الوسيط مع الآلهة. ولم تكن للشامانية أسس أخلاقية، إذ كان الاعتقاد السائد بأن ثواب الإنسان في الآخرة يكون بعدد ما يقتله من الناس في حياته.

ومنذ القرن الرابع ق.م أخذت البوذية تنتشر بين بعض قبائل الترك قادمة من الهند، كما حرصت الصين فيما بعد على نشرها بينهم. وبدأت المانوية بالانتشار بينهم منذ القرن الثالث الميلادي، وصادفت نجاحاً منذ أوائل القرن الثامن، منذ أن أخذت أركان الإسلام تتوطد في أقطار الشرق الأدنى. أما المسيحية فقد حملها بعض السوريين السريان إلى أواسط آسيا منذ القرن الثالث الميلادي، ولاقت شيئاً من النجاح منذ مطلع القرن الثامن على يد النساطرة.

وبدأ انتشار الإسلام بين الترك منذ الحكم الساماني لما وراء النهر (260-389هـ/ 874-999م). وعلى الرغم من الحملات التي شنها السامانيون في أواسط آسيا، فإن الإسلام لم ينتشر بين الترك إلا نتيجة جهود بعثات الدعوة وبالطرق السلمية، حتى إذا جاء القرن العاشر الميلادي أخذ الإسلام بالانتشار بين الترك على نطاق واسع. فأسلم بُلْغار الفولغا (308هـ/920م)، وأرسلوا يسألون المقتدر العباسي (295-320 هـ/908-932م) توجيه بعثة إليهم تعلمهم الدين الجديد. وتبعهم القره خانيون [ر. الإيلكخانية] في كاشغر بعد أربعين عاماً. وفي الحقبة ذاتها أسلمت بعض قبائل الغز النازلة عند حوض سيحون الأدنى.

الامبراطورية التركية الأولى: عاش الترك في مقامهم الجبلي حياة تقشف، ولم يلبثوا نحو 550م أن انطلقوا لكثرة أعدادهم وإغراء الحياة في المناطق الزراعية المحيطة بهم، بحركة جديدة نحو هذه المناطق وانساحوا فيما بين منغولية وتركستان. وكانت هذه الحركة سبباً لقيام أول امبراطورية تركية (552م) امتد سلطانها من تخوم الصين إلى إيران وبيزنطة.

انقسمت الامبراطورية التركية،بدسائس الصين، إلى قسمين: شرقي حول منابع أورخون Orkhon في منغولية يحكمه الخاقان بومين  Bomine وغربي حول بحيرة ايسبق ـ كول. ويحكمه شقيقه الأصغر إستمي Estemi الذي حمل أول لقب يابغو Yabghou (أمير).

وطد إستمي نفوذه في حوضي إيلي Ili وتشو Tchou. ونجح بحكم موقع أملاكه المتوسط بين القوى الآسيوية الثلاث: الصين وبيزنطة والساسانيين بأن يؤثر في السياسة الدولية، فدخل في تحالف مع كسرى أنوشروان (531-579م) لمجابهة دولة الهباطلة (فرع آخر من الهيونغ ـ نو) في ما وراء النهر. قام الفرس والترك بسلسلة من الغارات المشتركة (563-567م) انتهت بتقويض ملك الهباطلة، واقتسام  أملاكهم.

وتحول إستمي بعد ذلك إلى بيزنطة. وسعى لإشعال الحروب بينها وبين الفرس. وتبادل السفراء مع البلاط البيزنطي (568م) وأغار بناء على طلب جوستان الثاني (565-578م) على إيران (570م) ولكن حليفه القديم صده عنها. وتوفي إستمي (576م). وخلفه ابنه تا ـ تيو Ta-teou الذي حاول عام 599م توحيد خانتي الترك ولكنه أخفق لتدخل الصين.

أخضع أباطرة الصين من أسرة سونغ Soung خانية الشرق لحكمهم (630م)، في الوقت الذي تجزأت فيه خانية الغرب إلى دولتين متعاديتين. واسترد الشرقيون استقلالهم (687م). ونجح خانهم موتشو (699م) Mo-tch-ou  في توحيد خانتي الترك. ولذلك عد عهده العصر الذهبي لامبراطورية الترك.

حاول موتشو إيقاف تقدم العرب المسلمين، بقيادة قتيبة بن مسلم في ما وراء النهر.فقد تمكن هؤلاء في ذلك التاريخ من فتح بخارى وسمرقند.فاسترد منهم ابن شقيقه كول ـ تكين (96هـ /714م) Kul-tegin ما فتحوه عدا سمرقند وبخارى. وبلغ في حروبه ممر «باب الحديد» جنوب الصغد. وكانت وفاة موتشو (98هـ /716م) سبباً في تغييرات مهمة في سياسة الترك في مقاومة الفتح العربي لما وراء النهر؛ إذ تخلى الشرقيون عن ذلك للغربيين. ولم تلبث الخانية الشرقية أن تجزأت إلى قبائل (127 هـ /744م).

أعلن سولو Sulu سيد قبيلة التركش Turguesh الغربية نفسه خاناً، وتابع التصدي للعرب. ويرجح أن بعثة هشام بن عبد الملك (105-125هـ /724-742م) لدعوة الترك للإسلام كانت موجهة إليه، ولكنه رفض واجتاح ما وراء النهر عام110هـ /728م حتى بلغ جيحون. ولكن العرب عادوا وانتصروا عليه في العام نفسه. ولما آب إلى عاصمته «صوياب» في حوض تشو، قتله أحد أمرائه كورصول Kursol واغتصب العرش. ولما حاول المغتصب صد التقدم العربي قتله جيش بقيادة نصر بن سيار (122هـ /739م) على ضفاف سيحون، ونجم عن مقتل الخان انحلال الخانية وتفرق قبائلها.

القبائل والدول التركية: تبع انتصار العرب على الترك وانهيار الخانية الغربية حركة توزع جديد للقبائل التركية هناك. فأقام الأويغور Ouyghours في منغولية (128هـ /745م) دولة محل دولة «الغز» وتقدم الغز غرباً وجنوباً إلى حوض إيلي حيث تبعهم القارلوق من أعالي إيرتيش (149هـ/766م) Irtich ودفعوا بهم غرباً إلى مواقع جديدة عند المجرى الأدنى لسيحون. وأسس الغز هناك (القرن 4هـ/10م) مملكة شمال النهر. وامتدت منازل القارلوق إلى الشرق منهم حتى مدينة «اسفيجاب» (سيرام الحالية) على نهر آريس رافد سيحون. وأقام التغرغز (الطغرغز) على حدود ما وراء النهر الشرقية. وقد أمدت هذه القبائل العالم الإسلامي بأعداد كبيرة من الرقيق الذي بدأ يؤثر عسكرياً ثم سياسياً منذ عهد المعتصم (218-227هـ/833-842م). ويذكر من هذا الرقيق طولون والد أحمد مؤسس الدولة الطولونية في مصر (254-292هـ/868-905م)، وسبكتكين مؤسس الأسرة الغزنوية (351-582هـ/962-1186م) التي حكمت بلاد الأفغان والبنجاب. وأنوشتكين مؤسس سلالة الخوارزمشاهية في خوارزم (470-628هـ /1077-1231م) وأما طغج بن جَف والد محمد مؤسس الدولة الإخشيدية في مصر (323-358هـ /935- 968م) فكان من أبناء أمراء الترك.

وتعد هجرة البجناك Petchenegues ـ فرع الغز ـ أقدم حركات القبائل التركية إلى خارج تركستان في القرن الثالث الهجري/ التاسع ميلادي، وحلّ هؤلاء بين حوضي ياييق (الأورال) الأوسط وإيتيل. وقد دفعهم في نهاية القرن فرع الغز الآخر الأوز Ouz نحو البلقان البيزنطي.

وتلا حركة البجناك هجرة القيرغيز من منغولية، بدفع «الخطا» المغول لهم (القرن 4هـ/10م). فنزل هؤلاء في حوض اليريتش الأعلى. ولا يعلم التاريخ الذي ارتحل فيه القيرغيز من حوض اليريتش إلى مواقعهم الحالية جنوب سمي ريتشه Semiretche (بلاد الأنهار السبعة جنوب بلخاش). وقد أشير إلى وجودهم هناك منذ القرن السادس عشر. وأمضى القيرغيز القرنين (17 و18) في حروب مع القالموق (المغول المتتركون البوذيون). مما أدى إلى انحطاط أحوالهم السياسية والاقتصادية والثقافية. وأسهم في الانحطاط فقدان المنطقة لموقعها التجاري المتوسط بين الصين وأوربة بعد تفاهم روسية والصين على الاتصال المباشر بينهما عبر سيبيرية. ولما حاول الصينيون فرض نفوذهم على القيرغيز (أواخر القرن 19) تصدى الروس لهم وألحقوا المنطقة بامبراطوريتهم. وعند قيام الاتحاد السوفييتي 1917 كانت قيرغيزية جزءاً منه، إلى 1936 عندما أعلنت جمهورية اتحادية.

 انتقل القفجاق Kiptchag من أماكن نزولهم الأولى في حوض اليرتيش المكان الذي حل فيه أجدادهم الكيماك Kimaks في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي،  وربما خضع القفجاق في أول أمرهم لحكم خانات التركش. وكانت حركة هؤلاء نحو الغرب بسبب تزايد أعدادهم عبر منطقة الغز حتى بلغوا الفولغا ورافده كاما، وانتشروا في منطقة واسعة شرقاً، الأراضي التي نزلها فيما بعد الكازاخ، وغرباً أراضي البجناك. ولم يعرف القفجاق الوحدة السياسية. وحكمهم خانات عديدون حتى قدوم المغول. وعُرف القفجاق بـ «القبيلة الذهبية» بسبب لون مخيماتهم الأصفر الذهبي. وكانت بلاد القفجاق من نصيب جوجي أكبر أبناء جنكيزخان. وحكمها بعده أولاده وحفدته  من العاصمة مسراي على الفولغا. انفصلت عن  خانية القفجاق ثلاث خانيات: خانية قازان (1438م) لتسقط بيد الروس (1552) وخانية القرم ليحتلها الروس عام (1783م)، ثم خانية أستراخان (1466م) لتخضع للروس (1554م). ويطلق الروس على شعب القفجاق اسم «التتر».

وأعلنت في أيار 1917 في القرم «الجمهورية التترية». واعترفت بها روسية القيصرية وبعض الدول الأوربية. ولكن البلاشفة الذين أعلنوا (1920) قيام جمهورية تترية أخرى مستقلة ذاتياً ضمن جمهورية روسية الاتحادية السوفييتية، عاصمتها قازان. قضوا بشكل دموي على جمهورية القرم (1921) وألحقت القرم منذ شباط 1954 بأوكرانية.

وتقوم في مطلع القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي على أنقاض دولة الخطا، ثلاث دويلات في شمال إيلي: مملكتان قارلوقيتان إسلاميتان في قياليغ والماليغ ومملكة أويغورية في مناس. وقد ضمت هذه الدول جيوشها إلى قوات جنكيزخان التي كانت تزحف على ما وراء النهر في ذلك التاريخ.

وينسب الأوزبك فرع القفجاق إلى أوزبك خان حفيد جوجي وتاسع حكام الخانية (712-741هـ/1312-1340م) الذي اعتنق الإسلام واتخذه ديناً رسمياً للدولة. وقد هاجر الأوزبك من جنوب روسية (القرن 9هـ /15م) إلى المجرى الأدنى لسيحون، وهناك اشتهروا بالتسمية الجديدة. واتخذوا ياسّي عاصمة لهم. وقضى أحد خاناتهم محمد شيبان (906-916هـ/1500-1510م) على دولة التيموريين وجلس على عرشها في سمرقند. وانفصلت عن الأوزبك (921هـ-1515م)، خانية «خيوه» عند المجرى الأدنى لجيحون، ودعيت خانية الأوزبك منذ ذلك الوقت بخانية بخارى، وكانت تضم حوض زرفشان حتى سمي ريتشه، وانفصلت عن الخانية (1700) خانية خوقند، وتشمل مجرى سيحون الأعلى حتى سمي ريتشه لتخضع للروس (1876) بعد احتلال هؤلاء بخارى بثلاث سنوات. وأنهى السوفييت حكم الخانات في خيوه وبخارى (1919) وجرى ضم أراضٍ من خانيتي خيوه وبخارى السابقتين (1924) لتقوم «جمهورية أوزبكستان الاتحادية».

وانفصل عن خانية الأوزبك (أواخر القرن 9هـ/15م) جماعات من البدو عُرفوا بـ «الكازاخ» واتجهوا شرقاً. وأخذوا يتّرحلون في الصحراء بين بلخاش وقزوين. وحكمهم خانات قامت بينهم اتحادات عشائرية إلى منتصف القرن التاسع عشر، حين ألحقت بالامبراطورية الروسية. وعدت قازاخستان (1936) إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي.

وكان الغز قد بدؤوا منذ القرن 5هـ/11م يتجاوزون مجرى سيحون الأدنى نحو ما وراء النهر وغيرها من بلاد الامبراطورية الإسلامية، وربما كانت حركة القفجاق في التاريخ نفسه في شمال منطقة الغز سبباً دفعهم إلى ذلك، وكان السلاجقة أول عشائرهم التي تجاوزت النهر. وانساحت في أقطار العالم العربي الإسلامي، وأسست أسراً حاكمة في إيران (430-552هـ/1037-1157م) والعراق (447-552هـ/1055-1157م) والشام (487-511هـ /1094-1117م) والأناضول (470-699هـ /1077-1299م). وتنتمي أسرة الخِلْج حكام الهند (688-720هـ/1290-1320م) إلى الغز. ويرجح أن الخلج قد دخلوا في تركيب قبيلة «غلجائي» الأفغانية.

أما التركمان، فرع الغز الآخر، فقد اجتازوا سيحون من مواقعهم جنوب «سوران». وكانت بعض عشائرهم تترحل في صحارى شرق قزوين في القرن 6هـ /12م. وتقدمت عشائر تركمانية أخرى أواخر القرن 7هـ /13م نحو أذربيجان ودياربكر. واشتهرت منهم أسرتان أسستا دولتي القره قوينلو (الشاة السوداء) في أذربيجان، والآق قوينلو (الشاة البيضاء) في دياربكر وبعد أن قضت الثانية على الأولى (1467) خضعت للصفويين (1508).

ومنذ القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي قامت دويلات تركمانية في آسيا الصغرى منها:الاسفندباريون في قسطموني والقره مانيون في قونية وآل ذي القدر في أضنة، وخضع هؤلاء للعثمانيين بالتتابع 1462و 1467ثم1552.

أما التركمان الذين ظلوا في شرق قزوين فقد خضعوا أولاً لخانية خيوه الأوزبكية التي امتد نفوذها من سيحون الأدنى إلى نهر المرغاب في خراسان. وأخذ الروس يفرضون سلطتهم بالتدريج على المنطقة، فاحتلوا خيوه (1873)، وبلغوا مرو في الجنوب (1885). وبعد إلغاء حكم الخانات (1919) أُلحق (1924) قسم من أراضي الخانية بجمهورية أوزبكستان، وأعلن ما تبقى من خانية خيوه جمهورية باسم «تركمانستان».

وبسبب تقدم المغول (7هـ /13م) هاجرت عشيرة «قايي» الغزية من جوار بلخ، حيث كانت تعيش في كنف الخوارزميين، إلى مراعي غرب الأناضول. وخرج من العشيرة العثمانيون الذين قُدّر لهم أن يسيطروا بالتدريج على دويلات الأناضول السلجوقية والتركمانية. وليقيموا دولة ضمت البلقان وغالب البلاد العربية، حتى مطلع القرن العشرين.

اللغات التركيـة: تنتمي اللغة التركية الأولى إلى أسرة اللغات الألطية ـ الأورالية، ويرجح أنها تشكلت في القرون الأولى السابقة للميلاد. ولم يبق من التركية الأولى ما هو معروف اليوم سوى كلمات قليلة. منها ما وجد في نص قصير، كتب بالحروف الصينية، اُكتشف مؤخراً، يحتوي على جواب الكاهن البوذي فو تو شينغ Fo-tu-ching قدمه عام 329ق.م إلى ملك الهيونغ ـ نو يشجعه على قتال أعدائه. وقد مازجت التركية الأولى ألفاظ ومواد من الصينية والصغدية والسنسكريتية ومن بعض اللهجات العربية القديمة (السامية). وتعكس نقوش أورخون مستوى التركية الأولى التي تكلمها من دعوا  أنفسهم أتراكاً لأول مرة في التاريخ.

وانشعب من التركية الأولى شعبتان على أساس اختلاف تلفظ بعض الحروف،أو قلبها من حرف إلى آخر في بعض الكلمات: الشعبة الشرقية. ووصفت لهجات هذه الشعبة بأنها على صلة أوثق بالتركية الأولى. والشعبة الغربية التي زاد الدخيل من الألفاظ على لهجاتها من اللغات الأخرى كالفارسية والعربية. ولاسيما بعد احتكاك أتراك الغرب بالمدنيّة الإسلامية. ومع ذلك فإن الشعوب التركية اليوم تستطيع أن تفهم لهجات بعضها جيداً.

كتابة اللغات التركيـة: أقدم كتابة للغة التركية كانت أبجدية، وهي التي اكتشفت نموذجات منها لأول مرة عام1889م على نصب عند صخور منابع نهر أورخون في منغولية، نُقش بين 114-117هـ /732-735م. وتشبه الأورخونية في شكلها الاسكندنافية القديمة التي تعرف بالخط الروني.

وتؤكد الدراسات الحديثة اشتقاق الأورخونية من أصول عربية قديمة (آرامية) انتقلت إلى الصغدية القديمة عبر إيران. وقد أدخلت على الأورخونية تعديلات لتلائم طبيعة التلفظ بالتركية، وذلك بإلحاق بعض الإشارات التصويرية ببعض الكلمات. وقد تمكن الدانماركي «طومسن» Tomsen من قراءة الأورخونية (1893).

ويرجع اصطناع الأويغورية إلى منتصف القرن التاسع الميلادي. وهي تعود أيضاً إلى أصول عربية (سريانية شمالية).

بدأت الحروف العربية تنافس الأويغورية في كتابة اللغات التركية منذ العهد القره خاني في القرن 11م. أما الجغتائية فكان استخدام الحروف العربية يتماشى مع زيادة الاقتباس من الألفاظ العربية والفارسية. وكان انتصار الحروف العربية على الأويغورية في ذلك نهائياً في القرن الثامن عشر.

واستبدلت بالأويغورية الحروف العربية منذ القرن الخامس عشر في بلاد القفجاق والأوزبك والكازاخ والقيرغيز والتركمان، بعد إدخال تعديلات تلائم طبيعة هذه اللغات، ولكن جمهوريات آسيا الوسطى والجمهورية التترية عمدت 1927 بعد قيام الاتحاد السوفييتي إلى استخدام الحروف الروسية. واستبدلت تركية بالحروف العربية في كتابة العثمانية الحروف اللاتينية منذ 1928.

آداب التـرك: نصوص أورخون أقدم نموذجات الأدب التركي ما قبل الإسلامي. وقيمة هذه النصوص الأدبية تظهر ببساطة لغتها، وما يطفح منها من روح حماسية وعواطف فطرية تلحظ في خطاب الخاقان عندما كان يستعرض تاريخ شعبه ومآثره وتضحياته في سبيل الاستقلال: «دمك أيها الشعب التركي يتدفق أمواجاً، وعظامك تتكدس كالجبال».

وعثر في تركستان الشرقية على كثير من بقايا مخطوطات كتبت بالحروف الأويغورية، تناولت موضوعات دينية: بوذية وبراهمية ونسطورية، أغزرها وأهمها المانوية. وسرعان ما تخلص الأدب الإسلامي المبكر (القره خاني) من التأثيرات الصينية والأويغورية في حين ظل تأثير الأدب الفارسي عليه أقل مما كانت الحال عليه، فيما بعد مع الأدب الجغتائي. وكان للحكام دور مشجع بما كانوا يعقدونه من حلقات الأدب في قصورهم.

ومن أبرز آثار الأدب القره خاني كتاب «ديوان لغات الترك» لمحمود الكشغري سليل الأسرة الحاكمة في كاشغر. لجأ إلى بغداد حيث وضع كتابه بالعربية بين 465-470هـ/1072-1077م وجاء في مقدمة الكتاب أنه كُتب بعد ارتحال في بلاد الترك، وترد فيه نموذجات من الأدب الشعبي وأدب الصنعة. وللمؤلف قيمة تاريخية ولغوية واتنوغرافية.

ومن آثار الأدب القره خاني كتاب «قوتادغوبيليك» [ر الإيلكخانية].

وأما رائد الأدب الصوفي الشعبي فهو أحمد يسوي (ت 562هـ/1166م) نسبة إلى ياسّي التي عاش ودفن بها. كتب اليسوي أشعاراً بلغة أقرب ما تكون إلى التركية الأم، واستمد موضوعاته من السيرة النبوية وحياة الصحابة والدعوة إلى الزهد، وكانت تنشد في حلقات الذكر. وينسب إلى اليسوي مصنف شعري «ديوان حكمت». وقد أضاف إليه النساخ على مر الأيام أشعاراً ظلت تحافظ على أسلوب اليسوي.

وأول مظاهر الأدب التركي بعد الغزو المغولي الأدب الجغتائي [ر.التيموريون].

وأما في بلاد الأوزبك فقد استلهم الأدباء أولاً الأدب الجغتائي. وعدوا أعلامه قدوة لهم. بينما تغنى العامة بأشعار اليسوي. وكان مجال التأثر بالآداب العربية والفارسية واسعاً، ثم بدأ الأدب ينزع إلى الاقتصار على التأليف في الموضوعات المحلية منذ القرن 8هـ/14م، وتظهر على الأدب الأوزبكي المعاصر سمات الثقافة الأوربية.

وأما الأدب التركماني في آسيا الوسطى فقد ظل حتى القرن 18م شفوياً بسبب حياة الترحل التي عاشها هؤلاء، وغالبه من الغزل والأمثال والقصص والأغاني. وظهرت عند بدء التسجيل الملاحم التاريخية التي تتحدث عن حروب التركمان والفرس، إضافة إلى القصائد الدينية. وتأثر الأدباء التركمان بكبار أدباء الترك كاليسوي وشيرنوائي إلى جانب التأثيرات الفارسية القادمة عبر خراسان. وأثر الأفكار الأوربية واضح في الأدب التركمانستاني الحالي.

وأما في أذربيجان فقد ظهر لدى التركمان هناك اتجاهان متباينان: الأدب الديني الصوفي، والاتجاه الغزلي إلى حد المجون بتأثير الأدب الفارسي. وتلاقى الاتجاهان في شعر ثالث حكام القره قوينلو «جهان شاه» (841-872هـ /1437-1467م).

وخضع أدب السلاجقة ثم العثمانيين في الأناضول لتأثير الأدب الفارسي والثقافة العربية الإسلامية، وكانت بوادره الشعر الشعبي الذي ينشده الدراويش الجوالون وفي حلقات الذكر.

 

مظهر شهاب

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ الطبري، تاريخ الرسل والملوك (القاهرة 1938).

ـ بارتولد، تاريخ الترك في آسيا الوسطى، ترجمة أحمد السعيد سليمان (القاهرة 1958).

- R.Grousset, L’Empire des steppes (Paris 1948).

- A.Bombaci, Histoire de la litterature turque (Paris 1968).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 331
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1047
الكل : 58491465
اليوم : 63979

بييرون (هنري-)

بييرون (هنري ـ) (1881 ـ 1964)   هنري بييرون Henrie Piéron عالم نفس فرنسي ولد في مدينة باريس وتوفي فيها عن عمر يناهز الثالثة والثمانين. نال شهادة التبريز Agrégation في الفلسفة ثم درجة الدكتوراه في العلوم، وقد شغل كرسي أستاذية علم النفس في المعهد الفرنسي للعلوم Collége de France عام 1923. ويعد هنري بييرون من رواد علم النفس الموضوعي في فرنسة، إذ أسهم في إيجاد الأطر العامة للتعليم والبحث في هذا الميدان العلمي. وقد أسس في عام 1920 معهد علم النفس في كليات الآداب والعلوم في باريس، ثم أسس المعهد القومي للتوجيه المهني L’institut Nationall de L,orientation Professionnelle عام 1928.
المزيد »