logo

logo

logo

logo

logo

ابن تغري بردي

تغري بردي

Ibn Taghri Bardi - Ibn Taghri Bardi

ابن تَغري بردي

(نحو 813 ـ 874هـ/1410 ـ1470م)

 

أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن عبد الله تغري بردي، مؤرخ مصري من القرن التاسع للهجرة/الخامس عشر للميلاد، ولَقَب «تغري بردي» الذي عُرف به أبوه، لقب تتري يعني «عطاء الله» أو «الله أعطى».

ولد في القاهرة لأبٍ كان مملوكاً من بلاد الروم، اشتراه السلطان الظاهر برقوق، وقربه إليه، ومن أم كانت هي الأخرى أمة من إماء السلطان نفسه، وغدا والده في أثناء حكم السلطان الناصر فرج بن برقوق في سنة 810هـ/1407م رئيساً للجيش المصري (أمير كبير)، وفي سنة 813هـ/1410-1411م عين نائباً للسلطنة في دمشق، ولم يطل به المقام إذ توفي فيها سنة 815هـ/1412م وخلّف ابنه يوسف وهو في الثانية من عمره، واحتضنته أخته، وأخذت على عاتقها تربيته. وكانت زوج قاضي القضاة الحنفي الناصري محمد بن العديم، ومن بعده زوج قاضي القضاة الشافعي والعالم الشهير عبد الرحمن بن جلال الدين البلقيني (ت 824هـ/1421م) وبذلك نشأ في بيت علم ودين، ودرس على عدد من العلماء المشهورين في العلوم المتداولة في زمنه كالفقه والحديث والنحو والصرف والعروض وعلم الهيئة (الفلك) والطب، وبرع في الموسيقى وعلم النغم،وأتقن اللغتين التركية والفارسية إلى جانب العربية، ودخل بلاط السلطان المملوكي وصار بارعاً في فنون الفروسية، كلعب الرمح، ورمي النشاب ولعب الكرة والصولجان ونحو ذلك، ومنحه السلطان إقطاعاً. حج عدة مرات كانت أولاها سنة 826هـ/1423م، واشترك سنة 836هـ/1432م في حملة السلطان برسباي العسكرية على «الآق قوينلو» في شمالي الجزيرة السورية، وكانت علاقاته وثيقة مع هذا السلطان ومن تلاه من السلاطين.

أظهر ابن تغري بردي ولعاً بالتاريخ منذ أن سمع كتب المؤرخ العَيني (ت855هـ/1451م) تقرأ في حضرة السلطان، وكان تلميذاً للمؤرخ المقريزي (ت845هـ/1442م)، وعاصر كبار المؤرخين المصريين الذين ظهروا في عصره أمثال ابن حجر العسقلاني (ت853هـ/1449م) والسيوطي (ت911هـ/1505م) والسخاوي (ت 902هـ/1497م) الذي ترجمه في كتابه «الضوء اللامع» ونقد ما دونه من تراجم وأحداث مبيناً أنه يُرجِّح نفسه على من تقدمه من المؤرخين  من ثلاثمئة سنة لاعتقاده أنه أعلمهم بمعرفة الترك وأحوالهم ولغاتهم.

أول مؤلفاته في التاريخ «المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي» جمع فيه تراجم السلاطين وكبار الأمراء مرتبة  على حروف المعجم، وهو ذيل على كتاب «الوافي بالوفيات» للصفدي (ت764هـ/1362م) ويغطي المرحلة بين سنتي (650-855هـ/1252-1451م) ونشر مختصراً له مع التعليق عليه المستشرق فييت G.Wiet سنة 1932 في «مذكرات معهد مصر» E.I.M، كما نشر الجزء الأول منه في مصر سنة 1375هـ/1956م.

ومؤلفه الثاني هو كتاب «النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة»، وهو في تاريخ مصر، مرتب على السنين ابتدأ فيه مؤلفه بفتح عمرو بن العاص مصر سنة 20هـ/640م، وتوقف في نهاية حكم السلطان محمد بن السلطان جقَمْق (محرم 857هـ/ك2 1453م) إلا أنه ما لبث أن تابعه حتى 872هـ/1467م، وقد ذكر فيه من وَلِي مصر من الملوك والسلاطين والنوّاب، وفصّل ذلك تفصيلاً وافياً مع ذكر ملوك الأطراف بصورة موجزة آتياً في كل سنيه على ما وقع من الحوادث المهمة ومن توفي من رجالات الأمة الإسلامية، ثم يشير في آخر كل سنة إلى زيادة النيل ونقصانه لأهمية ذلك في اقتصاد مصر القائم على الزراعة، إلاّ أن قيمته التاريخية تعود في الواقع إلى المعلومات الوافرة في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يقدمها عن مصر في الفترة المملوكية (648-872هـ). تُرجم هذا الكتاب الجليل إلى اللغتين التركية واللاتينية وإلى لغات أوربية أخرى عدة مرات. وقد لخص المؤلف كتابه وسمَّاه «الكواكب الباهرة من النجوم الزاهرة»، وذكر أنه اختصره حذراً من أن يختصره غيره على تبويبه وفصوله، واقتدى في ذلك بجماعة من العلماء والمؤلفين كالذهبي والمقريزي وغيرهما. وقد قامت دار الكتب المصرية بنشر الحقبة (20-799هـ/641-1397م) في عشرة أجزاء سنة (1348هـ/1929م).

إن وفاة المقريزي والعيني جعلت من أبي المحاسن المؤرخ الرئيسي لمصر، فألف كتابه الثالث «حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور»، وهو حوليات تمتد من 845هـ حتى 12 محرم 874هـ/1442-16 تموز 1469. وتابع فيه كتاب «السلوك لمعرفة الدول والملوك» للمقريزي. ولابن تغري بردي مؤلفات أخرى، ومنها مؤلفان كبيران هما «نزهة الرائي» ويغطي المرحلة (678-747هـ/1279-1346م) و«البحر الزاخر في علم الأوائل والأواخر»، وهو كتاب مطول في التاريخ عثر على جزء صغير منه.

وكتب ابن تغري بردي مختصرات لأعماله الرئيسة مثل «الدليل الشافي على المنهل الصافي» وكتاب «الوزراء» و«البشارة في تكملة الإشارة» (الإشارة كتاب للذهبي) و«منشأ اللطافة في ذكر من ولي الخلافة» و«مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة» وفيه سيرة مقتضبة لحياة الرسول e، مع ثبت بأسماء الصحابة، وسلاطين مصر ووزرائهم حتى سنة 842هـ/1438م.

وله مؤلفات أخرى في غير التاريخ ومنها: «تحاريف أولاد العرب في الأسماء التركية»، و«الأمثال السائرة» و«حلية الصفات في الأسماء والصناعات»، وهو شعر تاريخي وأدبي، و«السكر القادح والعطر الفائح» (قصيدة صوفية)، وأخيراً مقالة صغيرة في الموسيقى.

وقد بنى لنفسه في حياته تربة فخمة بالقرب من تربة السلطان «الأشرف إينال» ووقف كتبه وتصانيفه عليها.

 

ليلى الصباغ

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ السخاوي، الضوء الللامع (القاهرة 1353-1355هـ).

ـ ابن إياس، بدائع الزهور (القاهرة 1312هـ).

ـ ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب (القاهرة 1350هـ).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 679
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1059
الكل : 58492358
اليوم : 64872

إيفالد (يوهانس-)

إيفالد (يوهانس ـ) (1743 ـ 1781)   يوهانس إيفالد Johannes Ewald شاعر وكاتب مسرحي دنماركي. ولد في كوبنهاغن وتوفي فيها. كان والده قسيساً. بدأ دراسة اللاهوت عام 1758، وقرأ في أثناء ذلك روايات فيلدنغ [ر] Fielding و ديفو[ر] Defoe فأثارت فيه روح المغامرة، وحاول تقليدهما حين كتب أول رواية دنماركية «غنفر الصغيرة» Little Gunver. ثم تطوع في صفوف المرتزقة وشارك في حرب السنوات السبع (1756- 1763) إلى جانب النمسة ضد بروسية طمعاً بالمجد والثروة، إلا أنه عاد منها عام 1760معتلاً خالي الوفاض ليجد خطيبته أريندسه Arendse التي خلدها في شعره قد تزوجت، فانغمس في حياة المجون بعض الوقت إلى أن أصيب بنوبة نقرس، فاعتزل الناس في الريف حتى عام 1771 حين عاد إلى كوبنهاغن وإلى المجون من جديد. كان للتناقض بين مُثل إيفالد الدينية وواقع حياته اليومية أكبر الأثر في نتاجه الشعري، إذ كتب قصائد تضج بغنائية بشرت آنذاك بظهور المدرسة الإبداعية (الرومانسية) في بلاده، وتعود القصيدة الدرامية «آدم وحواء» (1769) Adam and Eve إلى تلك المرحلة التي تعرّف في أثنائها  الشاعر والمسرحي الألماني فريدريش كلوبشتوك[ر] Friedrich  Klopstock الذي كان يعيش في كوبنهاغن منذ عام1751، ونتيجة احتكاكه به وتوجيهه له نحو التراث الاسكندنافي الغني كتب إيفالد المأساة التاريخية «رولف كراغه» (1771) Rolf Krage التي اقتبسها عن كتاب «أعمال الدنماركيين» للمؤرخ الدنماركي ساكسو Saxo (القرن13)، والمسرحية الشعرية «موت بالدر» (1773) The Death of Balder  المستقاة من الأساطير الاسكندنافية، وبالدر هو إله النور فيها. وكتب بعض المسرحيات الكوميدية مثل «العازبون» (1771) The Bachelors و«تصفيق حاد» (1771) Applause و«المهرج الوطني» (1772) The Patriotic Harlequin. غادر إيفالد  عام1773 كوبنهاغن إلى بلدة رُنْغستِد Rungsted حيث قضى عامين ليتعافى في دعة وهدوء، فانكب على الكتابة وأنجز ديوان «مسرات رنغستيد» The Joys of Rungsted،  وبدأ كذلك بتدوين مذكراته التي لم تنشر إلا بعد وفاته بمدة طويلة، عام 1804 وتحت عنوان «حياة وأفكار» Life and Opinions. ثم انتقل إلى بلدة هوملباك Humelback وعاد إلى الشراب. وخلال هذه السنوات سادت شعره نزعة دينية عميقة وجدت صداها في قصائد غنائية مثل التائب (1777) The Penitent و«أنشودة إلى الروح» (1777) Ode to the Soul . عاد إيفالد إلى كوبنهاغن عام 1777 حيث أمضى سنواته الأخيرة والمرض يقض مضجعه، إلا أنه كان ينعم ببعض الراحة والسعادة بفضل النجاح الذي حققته مؤلفاته الشعرية والمسرحية، ومنها المسرحية الغنائية «صيادو السمك» (1779) The Fishermen التي لا تزال تعرض حتى اليوم وكلمات النشيد الوطني الدنماركي وموسيقاه قد أخذت منها. يعد إيفالد المجدد والشاعر الغنائي الأول في الدنمارك. ويتسم شعره بميزات مرحلة ماقبل الإبداعية Preromanticism، ويتجلى فيه عمق الإحساس إضافة إلى تقيد الشاعر بالأنواع الشعرية الاتباعية (الكلاسيكية) مثل الأود[ر] Ode التي برع فيها، ويبدو تأثره فيها واضحاً بالأساطير الاسكندنافية.   نبيل اللو، طارق علوش    
المزيد »