logo

logo

logo

logo

logo

تركستان (تاريخيا)

تركستان (تاريخيا)

Turkestan - Turkistan

تركستان تاريخياً

 

إقليم في آسيا الوسطى، يقع قسم منه في روسية الاتحادية وقسم منه في الجمهورية الشعبية الصينية، يمكن تقسيمه تاريخياً إلى ثلاث مناطق جغرافية كبيرة لكل منها ميزاتها الواضحة المعالم.أولى هذه المناطق هي التي عرفت في المصادر العربية الإسلامية بمنطقة ما وراء النهر الواقعة بين نهري سيحون (سيرداريا) وجيحون (أمواداريا)، المنطقة الثانية هي منطقة السهوب الممتدة إلى الشمال الشرقي من سيحون وشمال جبال تيان شان Tien -Shan حتى منحدرات جبال ألتاي Altai وهي مناطق واسعة خصبة تصلح للرعي تحيط بها جبال تيان شان من الجنوب ومنطقة الغابات السيبيرية من الشمال، وفي الغرب حتى بحر الخرز (قزوين) والمجرى الأدنى من الأورال، وكانت المنطقة الواقعة جنوب وشرق بحيرة بالخاش Balkash، تْعَرف لدى الأتراك باسم يتي سو Yeti- su أي أرض الأنهار السبعة ومنها اشتق الاسم الروسي «سيم رتشية» Semirechiye. المنطقة الثالثة هي كاشغر Kashgaria التي تسيطر عليها صحراء تكلاماكان Takla  Makan، وتحدها في الشمال سلسلة تيان ـ شان والبامير من الغرب وسلسلة كوين لون Kuen -lun في الجنوب، ومن ثم فإن الاستقرار البشري فيها انحصر في المناطق المرتفعة المحيطة بالصحراء أو في الواحات التي تغذيها الجداول التي تغوص في صحراء تكلاماكان أو في حوض تاريم وفروعه الرئيسية وهي نهر خوتان Khotan ونهر ياركند Yarkand.

تركستان الغربية

يبدأ التأريخ المسجل لتركستان الغربية حينما دخلت هذه المنطقة ضمن نطاق الامبراطورية الأخمينية، ويشير نقش داريوس (486ق.م-542ق.م) إلى وجود ثلاث ولايات تابعة للأخمينيين وهي الصغد، وخوراسيما (خُوارزم) Chorasmia،  وساكا (ساخة) Saka، وقد قاوم سكان المنطقة الاسكندر الكبير مقاومة عنيفة بعد قضائه على الامبراطوية الأخمينية، ولكنه تغلب عليهم، ثم حاول تألفهم بزواجه من الأميرة الصغدية روكسانا Roxana.

ابتداء من النصف الثاني من القرن الثالث قبل الميلاد، تعرَّضت الامبراطورية الفرثية، ومملكة ديودوتس Diodotus اليونانية في باكترية (بلخ) إلى ضغط متزايد من قبائل السكا (الساخة) وهي منطقة السهوب الواقعة ما وراء سيحون،ونجحت هذه القبائل في التغلغل في منطقة الصغد، ثم اجتازت جيحون في النصف الثاني من القرن الثاني قبل الميلاد، وأسست لنفسها قاعدة في باكترية، ولم يأت القرن الأول ق.م حتى كانت قبائل الساكا قد اتجهت نحو ما يعرف اليوم بأفغانستان كما عَبرت نهر السند نحو البنجاب.

هذا التحرك نحو الجنوب كان نتيجة لضغط قبائل يوه ـ شيه Yueh -chih التي تطلق عليها الوثائق الغربية اسم طُخاري Tochari والتي كان من أهم فروعها الكوشان الذين سيطروا على المنطقة مدة قرنين، ثم انتقلت السيطرة إلى الفرس الساسانيين في عهد أزدشير الأول سنة 227م.

في العهد الساساني تولى حكم الصغد وباكترية حكام من العائلة المالكة الساسانية يحملون لقب كوشان شاه Kushan shah واستمر حكم الساسانيين حتى أواسط القرن الرابع الميلادي حينما تعرضت المنطقة لغزوات الهون الذين اخترقوا منطقة الصغد في موجات متعاقبة، كان آخرها موجة الهياطلة الذين هددوا حدود الامبراطورية الساسانية ما يقارب المائتي عام حتى سحقهم كسرى أنوشروان (531-579م)، بمساعدة غزاة جدد قادمين من وراء سيحون يعرفون بالأتراك الغربيين، وبقيت الصغد تحت حكم الأتراك الغربيين ما يقارب القرن.

تأثرت حضارة المنطقة قبل الفتح الإسلامي بالمذهب الزردشتي والمسيحية النسطورية واليهودية والبوذية، وأضاف الأتراك إلى هذه المجموعة من المعتقدات شامانية Shamanism سهوب آسيا الوسطى.

الحكم الإسلامي: في القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي بدأ العرب منذ أن توطدت أقدامهم في خراسان، يقومون بغزوات إلى ما وراء النهر، ثم يعودون شتاءً إلى مرو مركز المقاتلة في خراسان. وكان الوالي سلم بن زياد (62-63هـ) أول من عبر النهر وأقام في الشتاء هناك، إلا أن قتيبة بن مسلم الباهلي هو أول من وطَّد سلطان العرب المسلمين فيها حينما عينه الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراقين والشرق (75-95هـ) على خراسان سنة 86هـ.

كان لبراعة قتيبة الحربية، ودعم الحجاج له، واستغلاله الخلاف بين الأمراء المحليين، الأثر الكبير في توطيد هذه السلطة، فقد استولى على بيكند (مدينة التجار) سنة 87هـ، وعلى بخارى سنة 90 هـ وعلى سمرقند سنة 93هـ، وامتدت فتوحات قتيبة إلى دلتا نهر جيحون، عند خوارزم، وصالحه ملكها عام 93هـ، وغزا الشاش وفرغانة سنة 95هـ، ولكن الفتوح في هذه المنطقة لم تمتد بعد مقتل قتيبة سنة 96هـ إلى أبعد من هذا المدى الذي  وصلت إليه على يديه، بل إن العرب فقدوا كل ولايات منطقة سيحون بعد سنة من وفاته، واضطرت الحاميات العربية في سمرقند وبخارى أن تبقى في حالة تأهب واستعداد لمواجهة الثورات التي زادها تعقيداً تدخل الأتراك.

بعد سقوط الدولة الأموية وانتقال الحكم إلى العباسيين، دخلت ما وراء النهر في نطاق الحضارة الإسلامية واشتهرت بعلمائها وفقهائها ولاسيما بخارى التي دُعيت قبة الإسلام، واستمرت ما وراء النهر ولاية تابعة إدارياً لولاة خراسان حتى نجح السامانيون 261-389هـ/874-999م الذين يدَّعون أنهم من نسل القائد الشهير بَهرام جوبين Bahram Chubin في تأسيس سلالة حاكمة ما وراء النهر، وصارت خراسان تابعة لحكامها الذين اتخذوا بخارى عاصمة لهم، وعلى الرغم من ثروة السامانيين وقوتهم العسكرية الكبيرة، فقد استمروا بتقديم ولائهم للخلافة العباسية في بغداد.

في نهاية القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، استولى الأتراك الغزنويون على ممتلكات السامانيين الواقعة جنوب جيحون واستولى الأتراك القره خانيون على ماوراء النهر 389هـ/999م.

لم يستمر حكم القره خانيين طويلاً، وإن كانت نهاية حكمهم مضطربة غير واضحة، لأنه من منتصف القرن الخامس الهجري كانت ماوراء النهر وخراسان، إضافة إلى مساحة شاسعة إلى الغرب، قد وقعت تحت تأثير سيطرة السلاجقة الذين ظهروا في ماوراء النهر كقوات اعتمد عليها السامانيون في صراعهم مع القره خانيين، وبقيت ما وراء النهر جزءاً من امبراطورية السلاجقة ما يقارب القرن، ولكن قبل وفاة سنجر سنة 552هـ/1157م لم يعد للحكم السلجوقي في ما رواء النهر سوى الاسم، وصارت خوارزم مركزاً لسلالة تركية مستقلة، هي سلالة خوارزم شاه التي كان مؤسّسها مملوكاً دخل في خدمة ملكشاه من سلاجقة خراسان، وحكم تَكَش الذي يعد أعظم حكام هذه السلالة، خراسان وجزءاً من الهضبة الإيرانية إضافة إلى ممتلكاته في جيحون، توفي تكش سنة 597هـ/1200م، وأعلن خلفه علاء الدين محمد بن تكش نفسه حاكماً لما وراء النهر والمشرق الإسلامي، وفي ربيع سنة 617هـ /1220م اجتاز مغول جنكيزخان نهر سيحون واجتاحوا ما وراء النهر تاركين وراءهم الدمار والخراب، وعمد جنكيزخان قبل وفاته سنة 625هـ/1227م إلى تقسيم امبراطوريته الواسعة بين أبنائه، فكان من نصيب ابنه الثاني جغتاي Chagatai منطقة ما وراء النهر، والسهوب الواقعة شمال شرقي سيحون وكاشغر التي نجت من الدمار المغولي.

حكم جغتاي وخلفاؤه من بعده هذه المناطق حتى أوائل القرن الثامن الهجري/الرابع عشر ميلادي، وانقسمت المنطقة إلى قسمين، المنطقة الشرقية التي تضم ما وراء نهر سيحون والبامير والتي استمر سلطان خانات جغتاي الاسمي فيها حتى القرن السابع عشر، والمنطقة الغربية التي ضمت ما وراء النهر والتي انتقلت إلى يد الغازي الكبير تيمور. واستمر حكم خلفائه في ما وراء النهر حتى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي حينما استولى الأوزبك بقيادة محمد شيباني خان حفيد أبي الخير خان على ما وراء النهر، وهددّ الحكام التيموريين في خراسان، وعلى الرغم من أن محمد شيباني قتل سنة 1510م في أثناء صراعه مع الشاه إسماعيل الأول الصفوي، فإنه غيّرَ مجرى تاريخ آسيا الوسطى، لأن الأراضي الممتدة ما بين نهري  سيحون وجيحون صارت في أيدي الأوزبك وبقيت في أيديهم منذ ذلك الوقت.

حكم الشيبانيون المنطقة حتى سنة 1598م، إذ انتقل الحكم إلى عائلة جانيد Janid التي تربطها علاقة مصاهرة بالأستراخانيين Astrakhanids الذين ينحدرون من خانات أستراخان على نهر الفولغا، وقد تدهورت المنطقة اقتصادياً وحضارياً في عهدهم، وفي سنة 1740م غزا نادر شاه ماوراء النهر ودخل بخارى قبل أن يغزو خانات خيوه  Khioa، وهو الاسم الذي سوف يطلق على خوارزم، وفي النصف الثاني من القرن الثامن عشر خسر أبو الغازي خان (1758-1785) آخر حاكم من سلالة جانيد سلطته على زعماء قبائل المانغيت Mangit التي استطاعت بشخص مراد شاه (1785-1800) أن تغتصب العرش.

في بدايات القرن التاسع عشر سيطر على المنطقة الممتدة بين سيحون وجيحون ثلاثة خانات، خانات بخارى وخيوه وكوكند (خوقند) Kokand ولم يكن لأي دولة من هذه الدول حدود دقيقة مع جاراتها، كما أنه لم يكن لأمير بخارى وخان خيوه إلا سلطان اسمي على قبائل التركمان وتحركاتهم في صحراء قره قوم Karakum.

التوسع الأوربي: كانت القوى الحاكمة في العالم الإسلامي عاجزة عن مواجهة تحدي التوسع الأوربي، ولم يحم خانات آسيا الوسطى من تقدم روسية سوى عزلتها الجغرافية، ولاسيما خيوه التي تحيط بها الصحراء والتي حاولت روسية اختراقها دون جدوى ما بين 1817-1839.

بدأ الروس الغزو جدياً حينما استولوا على قلعة آق ميشت (آق مسجد = المسجد الأبيض) Ak -Mechet على نهر سيحون، وهوجمت كوكند وطشقند 1864-1865. وفي سنة 1868 غزا الروس بخارى واضطر أميرها إلى الاعتراف بتبعيته للروس، وهذا ما حدث في خيوه سنة 1873، ونتيجة للتمرد الذي اندلع في كوكند تَمّ إلحاق الخانات بروسية عام 1876.

خانات الكازاخ: Kazakh تأثر تاريخ الأوزبك في ما وراء النهر حتى الغزو المغولي باستقرارهم في منطقة غير ملائمة لاقتصاد رعوي، وهم الذين كانوا سابقاً قبائل تعتمد على تربية الماشية، ونتيجة لهذه الأوضاع حاول الأوزبك أن يتكيفوا تدريجياً مع الأوضاع، فصار بعضهم أصحاب أراض في الواحات، واستقر بعضهم الآخر في المدن.

اختلف وضع أقاربهم الكازاخ الذين استقرّوا في منطقة السهوب شمال سيحون، هذه المنطقة الفسيحة الملائمة للاقتصاد الرعوي، والتي ليس فيها حياة حضرية إلا على ضفاف سيحون الشمالية، ولذلك حافظ الكازاخ على تقاليد أجدادهم وبقي إسلامهم سطحياً في حين تعمق الأوزبك في الإسلام.

نجح الكازاخ في تشييد امبراطورية بدوية امتدت عبر السهوب شرق بحر قزوين وشمال بحر آرال حتى منحدرات جبال ألتاي، وساعدهم على ذلك تراجع قوة امبراطورية الأويرات Oyrat التي كانت مهيبة الجانب في القرن الرابع عشر، وتدهور أوضاع خانات جغتاي الذين تخطوا سلسلة تيان ـ شان، وانشغال الأوزبك بالاستيلاء على ماوراء النهر وغزو خراسان، وفي عهد الخان بوروندوك (1488-1509) Burunduk وقاسم خان (1509-1518م) كان الكازاخ في الواقع سادة المنطقة السهبية وقادرين على جمع 200 ألف فارس ويخشاهم كل جيرانهم، ولكن سلطة الخان تضاءلت تدريجياً في عهد أبناء قاسم خان (1518-1538) حينما انقسمت الخانات إلى قبائل ثلاث: القبيلة العظمى في المنطقة الواقعة شمال تيان ـ شان، والقبيلة الوسطى في منطقة السهوب الوسطى شرق بحر آرال، والقبيلة الصغرى بين بحر أرال ونهر أورال، وعلى كل هذه المجموعات كانت سلطة الخان، وهو من سلالة جنكيزخان، محدودة نتيجة للسلطات التي كان يتمتع بها زعماء القبائل الذين كان يطلق عليهم اسم سلاطين، ونتيجة لنفوذ زعماء العشائر التي كانت تتألف منها القبائل، ولقد نجح آخر أبناء قاسم خان، حق نظر (1538-1580) Haqq -Nazar في توحيد المجموعات القبلية، وبدأ يغزو ما وراء النهر غزواً منتظماً، واتبع  خلفاؤه هذه السياسة حتى حكم تفكل خان (1586-1598) Tevkkel الذي استولى على سمرقند لمدّة قصيرة.

بدأت قوة الكازاخ بالتدهور في القرن السابع عشر نتيجة لغزوات الأويرات Oyrat المتكررة على مناطقهم والتي ابتدأت عام 1643م، ولم يتخلص الكزاخ من هذه الكارثة إلا حينما أطاح حكام الصين من سلالة مانتشو Manchu بالأويرات، ولكن هذه الغزوات المتكررة أضعفت الكازاخ وسَهَّلَت التغلغل الروسي في منطقة السهوب.

بدأ هذا التدخل الروسي ببناء سلسلة من القلاع ما بين (1716-1735م)، واعتقد بعض الكازاخ أن الوجود الروسي قد يحقق نوعاً من الأمن والاستقرار في المنطقة، فقبلت القبيلة الصغرى حماية الروس سنة 1731م وتبعتها الوسطى 1740م وقسم من القبيلة العظمى 1742م، ولكن الروس قرروا القضاء على الحكم الذاتي الذي كان يتمتع به الكازاخ، بعد سلسلة من الانتفاضات الفاشلة، فقضوا على خانات القبيلة الوسطى 1822م والصغرى 1824م والعظمى 1848م.

لم يهمل الروس مصلحة رعاياهم الجدد، فقد حاولوا القضاء على تجارة العبيد، كما بدؤوا بتنفيذ مشاريع الري وإدخال تعليم ابتدائي ثنائي اللغة، ومع أن الكازاخ كانوا من أكثر المجموعات العرقية تجاوباً مع الحضارة الروسية في بادىء الأمر، فإن الحوار الكازاخي الروسي تحطم على صخرة سياسة الحكومة القاضية بإسكان فلاحين من روسية الأوربية وأوكرانية في منطقة سهوب الكازاخ، وهذا الاستيطان الزراعي الواسع النطاق كان على حساب الأراضي الرعوية والحد من الهجرات الفصلية للرعاة، ولذلك ظهرت مقاومة عنيفة ابتداء من عام (1867-1868م) على الأطراف الشمالية لسهوب الكازاخ ضد المستوطنين الجدد، وفي نهاية القرن التاسع عشر وبمجيء مليون من الفلاحين للاستيطان في هذه المناطق الرعوية، حدث صراع مرير بين الكازاخ وهؤلاء الدخلاء، وفي سنة 1916 ونتيجة لليأس الذي أصابهم بسبب خسارة أراضيهم ونتيجة لقسوة الإدارة في الحرب، أخذت الثورة طابعاً شعبياً، وكان من نتائجها مقتل العديد من المستوطنين والعديد من الكازاخ والقرغيز، وقمعت الثورة بوحشية بالغة فلجأ مايزيد على 300 ألف كازاخي إلى الحدود الصينية، وشكلت الطبقة المثقفة ثقافة غربية حزباً اسمه الاش أوردا Alash  -Orda وسيلة للتعبير عن آمال الكازاخ وطموحاتهم في الحكم الذاتي، وعمدوا إلى الانضمام للحزب الشيوعي حينما رأوا في الحرب الأهلية الروسية، أن الروس البيض يعارضون معارضة شديدة تحقيق آمالهم، وقد حصل الكازاخ على جمهوريتهم بعد الحرب حيث كان لزعماء الاش أوردا المكانة الرئيسية، ولكن بعد سنة 1924 صارت المجابهة مع الحزب الشيوعي أكثر توتراً، فَحُلّ الحزب سنة (1927-1928م) وصار أعضاء الحزب يعرفون باسم البرجوازية القومية.

تركستان الشرقية:

لم تقدم كاشغر كمنطقة ما وراء النهر ومنطقة السهوب الظروف المناسبة للقبائل الرحل الرعاة إلا على منحدرات تيان ـ شان حيث يرعى القرغيز ماشيتهم، ومن ثم بقيت هذه المنطقة خارج الطريق الرئيسي للغزاة والهجرات التي طبعت تاريخ آسيا الوسطى بطابعها.

إن تاريخ كاشغر القديم هو عبارة عن صراعات مستمرة بين الحكام الصينيين الذين يدَّعون السلطة على هذه المنطقة، وتحالف القبائل الرحل في الشمال، الذين كانوا يحاولون باستمرار التحرر من السلطة الصينية الاسمية البعيدة عنهم، وبسقوط خانات أويغور Uighur الأتراك من الأورخون Orkhon في القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي، توجهت مجموعات من قبائل الأويغور نحو الجنوب إلى التيان شان Tien-shan ومن ثم إلى واحات حوض تاريم، وشكلوا فيها العرق البشري الأساسي، وكان الأويغور على مذهب ماني، ولكنهم كانوا متسامحين مع البوذيين والمسيحيين النساطرة، وفي عهد القره خانيين في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي بدأ الإسلام ينتشر في كاشغر، وحينما دخلت هذه المنطقة في نطاق امبراطورية المغول كانت كاشغر وما وراء النهر وسيم رتشيه جزءاً من خانات جغتاي، وبعد تفرق الخانات في أواسط القرن الثامن الهجري/الرابع عشر ميلادي كانت المدن الإسلامية الواقعة جنوب تيان شان وكاشغر أوخ طرفان Uch-Turfan، كوشا أكسو Kucha-Aksu، يركند Yarkant، يانغي حصار Yangi-Hisar تجتذب الحكام الوثنيين وأتباعهم في الشرق إلى الدين الإسلامي. في النصف الثاني من القرن الخامس عشر كانت خانات جغتاي الشرقية قد دخلوا في الإسلام، ولكن سلطتهم بدأت بالضعف نتيجة لهجمات الأويرات في جونغارية Jungaria والكازاخ في سيم رتشيه، والقرغيز في تيان شان، استمر هذا التدهور في القرن السادس عشر، على الرغم من انتعاشها قليلاً في عهد سعيد خان 1514-1533، وفي نهاية القرن السابع عشر دخل حوض التاريم كله ضمن امبراطورية الأويرات، وفي سنة (1758-1759) احتل المانتشو المنطقة وصارت جزءاً من الامبراطورية الصينية في ظل سلالة المانتشو.

تركت الإدارة الجديدة لسكان المنطقة حريتهم، فلم تتدخل في معتقداتهم أو نمط حياتهم التقليدي، ولكن حكم المانتشو كان مكروهاً في كاشغر، ولذلك وقعت سنة 1867 في يد مغامر من كوكند اسمه يعقوب بك الذي أعلن استقلاله، وعقد علاقات دبلوماسية مع الهند البريطانية والامبراطورية العثمانية، ولم تستطع حكومة المانتشو السيطرة على المنطقة حتى 1878، ومنذ ذلك الوقت صارت إدارة المنطقة المعروفة بسين كيانغ Sin -Kiang، المقاطعة الجديدة مرتبطة ارتباطاً أوثق ببكين Peking، ولأن المنطقة شهدت ازدياداً خطيراً للنفوذ الروسي بعد ثورة 1911 في الصين. صارت سين كيانغ إقطاعاً لأمير عسكري صيني اسمه يانغ تسنغسين Yang  Tsenghsin الذي حكم المنطقة بيد من حديد حتى عام 1928، ثم حُكمت من قبل أمير عسكري آخر هو شانغ شي تساي Shang-shih-tsia ولكنه اضطر أن يسلمها للقوميين الصينيين Kuomintang سنة 1941، وفي سنة 1949 صارت في أيدي الشيوعيين، وفي عام 1955 مُنِحَت الحكم الذاتي ولكن السكان الأتراك لم يشاركوا مشاركة فعالة في كل التقلبات التي حدثت بعد سنة 1878.

 

نجدة خماش

 

 

 


التصنيف : التاريخ
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 338
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1047
الكل : 58491229
اليوم : 63743

سافيني (فريدريخ كارل فون-)

سافيني (فريدريخ كارل فون ـ) (1779 ـ 1821م)   فريدريخ كارل فون سافيني Friedrich Karl von Savigny  رجل قانون ألماني، مؤسس نظام القانون المدني الحديث في ألمانيا. ولد في فرانكفورت على الماين، وتوفي في برلين. كما يُعد مؤسس نظام القانون الخاص. دافع سافيني عن الفقه التاريخي Historical Jurisprudence في تعرُّف القوانين القائمة والعمل بها.
المزيد »