logo

logo

logo

logo

logo

البوسعيديون

بوسعيديون

-- - --

البوسعيديون

 

البوسعيديون أسرة حكمت عُمان وزنجبار وما يزال أحفادها يحكمون عمان حتى يومنا هذا.

عرفت الأسرة بهذا الاسم، نسبة إلى مؤسسها أحمد بن سعيد بن محمد بن سعيد الأزدي العُماني الإباضي المذهب. وتنتمي قبيلة أسرة بوسعيد إلى الحناوية، إحدى كبريات العشائر في المنطقة، وكان مقرها أَدَم، بعمان الداخلية، حيث ولد أحمد بن سعيد سنة 1112هـ/1700م، ولما شب جذبته التجارة إلى ميدانها فمهر فيها، واستدعاه الإمام سيف بن سلطان الثاني اليعربي حاكم عمان سنة 1141هـ/1728، وأسند إليه بعض المهام في ساحل الاحساء فحاز ثقته إثرها، وأنعم عليه بولاية صُحار، وهناك ذاع صيته بين الناس، وحُمِدت سيرته، وقصده شيوخ القبائل ولاسيما الجبُّور الذين وطَّد علاقته بهم بمصاهرتهم. وإزاء تنامي شعبيته، أوجس الإمام خيفة منه، فاستدعاه إلى مسقط حيث أعد مؤامرة للتخلص منه، إلا أن بعض الخُلَّص من أصدقائه حذّروه مغبة ما ينتظره، وكان قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في الشرك المعد له،  فأسرع عائداً إلى صُحار، وخرج الإمام في أثره في عدة سفن كبيرة ولكنه لم يظفر به، ولم تُحل الأزمة بينهما إلا بتدخل أكابر الجبور وتقديم هلال بن أحمد للإمام رهينة.

في عام 1145هـ/1732م عُزل الإمام سيف بن سلطان الذي لم تُحمد سيرته، وبويع بلعرب بن حمير بن سلطان إماماً بنزوى، فاستنجد سيف بن سلطان بنادر شاه الصفوي الذي سير إليه قوات استولت على خور فكان وغيرها من مناطق عمان، وتغلبت على بلعرب بن حمير واستولى سيف على البلاد، وأساء الإيرانيون إلى الناس، وقتلوا كثيراً من أهل نَزوى حتى كادوا يفنونهم، فاستغاثت الرعية من سوء أعمال سيف بن سلطان، لذلك أقر العلماء وشيوخ القبائل، في اجتماع حاشد لهم في مسجد نخل اختيار، إمام جديد هو سلطان بن مرشد اليعربي الذي قاد قواته في محاولة لفك الحصار الإيراني المطبق على صُحار، وفي أثناء ذلك أصيب الإمام سلطان بجراح قاتلة لم تمهله طويلاً فتوفي، ولحقه بعد قليل الإمام السابق سيف، فأصبحت بلاد عمان من دون إمام يحكمها، وإبَّان تلك الأحداث تصدى أحمد بن سعيد للقوات الصفوية، وضيّق عليها الخناق فاضطرها مرغمة إلى طلب الصلح، ثم أقام وليمة خاصة لكبار القادة الصفويين، وأعمل فيهم السيف بعد أن اكتملت عدتهم، وتولى الشعب القضاء على بقية أفراد الحملة ولم ينج منهم أحد، فازدادت شعبية أحمد بن سعيد في سائر الأنحاء، وفَتَحت له قلاع عُمان أبوابها واستُقبِل استقبال الأبطال، ووسط هذه الفرحة العارمة بالنصر اجتمع العلماء وشيوخ القبائل في الرَّستاق عاصمة عُمان وقتذاك، وأعلنوا اختيار الوالي أحمد بن سعيد إماماً على عمان سنة 1154هـ/1741م، وبذلك انتهت دولة اليعاربة وقامت على أنقاضها دولة جديدة هي دولة البوسعيديين.

لُقب أحمد بن سعيد بالإمام، كما جرى عليه سابقوه، وتلقب به أيضاً ابنه سعيد من بعده، في حين اتخذ الحكام من بعدهما لقب سيّد، وكان حمد بن سعيد (1199-1206هـ/ 1784-1792م) أول من اتخذه، إذ إن الاضطراب الذي حدث في عهد سعيد بن أحمد مهد لابنه حمد بن سعيد أن يستحوذ على سلطة والده، بيد أنه لم يفكر في أخذ البيعة لنفسه بالإمامة  لأنه لو فعل ذلك لتعيَّن عليه أن يخلع والده، ومن ثم اكتفى بلقب السيّد وهو لقب تعظيمي، و يُعَدُّ عهد السيد حمد بن سعيد بداية الانفصام بين السلطة الزمنية والسلطة الروحية والذي تطور فيما بعد إلى فصل الإمامة عن السلطنة، وانعزل الإمام سعيد بن أحمد في عاصمته الدينية الرُّستاق حتى وفاته بعد سنة 1226هـ/1811م، واستقر ابنه حمد بن سعيد في مسقط، وعد هذا الإجراء عملاً مهماً أشار إليه المؤرخون.

كان عهد الإمام أحمد مؤسس الدولة عهد استقرار نسبي مع ما اكتنفه من ثورات بعض المناوئين له من اليعربيين وأنصارهم، لاستعادة مكانتهم ولاسيما بلعرب بن حمير وأنصاره من الغافرية من قبائل اليعاقيب والميايحة وبني قتب، كذلك وقعت عداوة بينه وبين قطاع كبير من الجعافرة والقواسم في رأس الخيمة، وقد امتد حكمه أكثر من أربعين عاماً، أنقذ البلاد في أثنائها من فوضى النزاع المستمر الذي عاشته عمان في أواخر أيام اليعاربة وأنهى الوجود الإيراني، وتمتع باحترام كبير في عمان، وخلف سيرة طيبة بين أهلها. وكان كثير التفقد لرعاياه سخياً في أُعطياته لهم، وانتعشت الأحوال الاقتصادية في عهده. حتى إن دخل مسقط حقق وفراً مقداره نحو 400 ألف ريال، وأنعش تجارة مسقط نقلُ مقر وكالة الهند الشرقية سنة 1763 من بندر عباس إلى البصرة، وما إن حلت سنة 1775م حتى غدت مسقط مرسى للسفن والبضائع القادمة والذاهبة بين الهند والخليج العربي والبحر الأحمر، وكانت أغلب تجارة عُمان مع العراق إذ يتوجه إلى البصرة كل عام زهاء خمسين سفينة من مسقط، وكان البحارة ينقلون من ميناء صور العماني بن اليمن إلى العراق، وامتلك الإمام أحمد سفناً خاصة كان يتجر بها وبلغ تعداد الأسطول فـي عهد حفيده سلطان (1206-1219هـ/1792-1804م) خمسمئة مركب إضافة إلى ثلاث سفن خاصة بالإمام، وقد اشترى الإمام أحمد ألف زنجي ومئة عبد نوبي جعل منهم حرسه الخاص، إضافة إلى ثلاثة آلاف فارس كانوا يرافقونه في جولاته.

ويُعدُّ السيد سعيد بن سلطان (1221-1273هـ/1806-1856م) من أبرز حكام هذه الأسرة وأكثرهم شهرة وإنجازاً، حكم وشقيقه سالم حتى وفاة سالم سنة 1236هـ / 1821م، ونجح في إقامة امبراطورية مترامية الأطراف امتدت على الساحل الشرقي لإفريقية من مقديشو في الشمال إلى موزامبيق في الجنوب والبحيرات في وسط إفريقية، وقد اتخذ في زنجبار قصراً رئيساً له في أثناء إقامته في إفريقية، وعقد معاهدات تجارية مع كل من بريطانية وفرنسة والولايات المتحدة الأمريكية، والبرتغال وغيرها. وفي سنة 1844 عيَّن ابنه ثويني حاكماً لمسقط وابنه خالداً حاكماً على زنجبار، فلما توفي خالد سنة 1854 عيَّن بدلاً منه ابنه ماجداً حاكماً على الممالك الإفريقية، وتوفي سعيد سنة 1856م في أثناء إبحاره من مسقط عائداً إلى زنجبار. بعد وفاة السلطان سعيد أصبح ثويني بن سعيد (1273-1283هـ/1856 - 1866م) الحاكم الرسمي لعمان بعد أن كان نائباً عن والده في أثناء إقامته في زنجبار، وفي سنة 1858م طالب ثويني بزنجبار وجهز حملة أبحر على رأسها في الحادي عشر من  شباط سنة 1859م، إلا أنه اضطر إلى العودة إلى مسقط بعد تدخل البريطانيين، وفي عام 1890م استولت بريطانية على ممتلكات السلطنة العمانية كلها، وجعلت زنجبار محمية بريطانية يحكمها من آل بوسعيد سلطان لا يملك من أمره شيئاً، أما في عمان فما يزال أحفاد هذه الأسرة يحكمون حتى اليوم.

علاقات البوسعيديين مع القوى المحلية والأجنبية

تباينت طبيعة علاقة البوسعيديين مع القوى المحلية والأجنبية، فكانت ودية حيناً وعدائية في أحايين أخرى، فمع إيران عاصر قيام الدولة حكم نادر شاه فيها فسيطرت الدولة الإيرانية على بعض سواحل الخليج وعلى البحرين، واستنجد به إمام عمان سيف بن سلطان الثاني على أعدائه المحليين، لكن ما لبثت العلاقات أن تأزمت بين الطرفين، وخاض أحمد بن سعيد حرباً أدَّت إلى طردهم من البلاد، وبعد مقتل نادر شاه سنة 1747م ظل العداء مستحكماً بين الفريقين، وأقام ملا علي شاه حلفاً معادياً لعمان سنة 1758م مع شيخ بني معين والقواسم، ونجح كريم خان الزندي (1770-1779) في فرض نفوذه على أمراء ساحل إيران الجنوبي، إلا أن نفوذه هذا زال إثر وفاته، وتمكن أحفاد الإمام أحمد من السيطرة على مدخل الخليج العربي والحصول على التزام جمرك بندر عباس لمدة 75 سنة.

أما مع العثمانيين فقد سادت علاقات المودة حيناً من الزمن بين الإمام أحمد ووالي بغداد العثماني، بعد أن قدم له العون والمساندة في أثناء حملة نادر شاه على عمان، وكذلك قام إمام عمان بإمداد العثمانيين المحاصرين في البصرة بأسطول كبير، وسرّت هذه الأنباء السلطان العثماني، فأوعز إلى والي البصرة العثماني بدفع الخراج إلى إمام عُمان، إلا أن أحداث عُمان والفتن الداخلية ووفاة الإمام حالت دون ذلك.

كانت العلاقات مع أمراء نجد من آل سعود طوال عهود عدد من الأئمة عدائية، وكان النزاع مستمراً بين الطرفين على واحة البريمي وغيرها، وفي أحيان كثيرة كان بعض الأئمة يضطرون، لأوضاعهم المحلية، إلى دفع إتاوة سنوية لهم، كما غدت عمان سنة 1223هـ /1811م من جراء الضغوط الكثيرة تابعاً يدور في فلك السعوديين، واتفق الإمام سعيد بن سلطان معهم سنة 1249هـ/1833 على احتفاظ كل دولة بحدودها والتعهد بتبادل المعونة ودفع إتاوة سنوية قدرها خمسة آلاف روبية ارتفعت سنة 1853م إلى 12 ألف روبية.

أما العلاقات مع الدول الأوربية فكان أبرزها العلاقة العمانية الإنكليزية التي كانت غير مستقرة ، تارة عدائية وتارة ودية، ثم ترسخ بعد ذلك النفوذ الإنكليزي ولاسيما في عهد الأئمة الضعاف، وقد عقدت عدة معاهدات بين الطرفين، كانت بدايتها مع ممثلي شركة الهند الشرقية، إذ كان لها ممثل في عُمان .وفي سنة 1798، وقع الإمام سلطان اتفاقاً يضمن المصالح الإنكليزية، وتعهد فيه الإمام بأن لا يقدم أي امتيازات تجارية أو غيرها للفرنسيين أو الهولنديين في بلاده، وفي عام 1845 قدم السيد سعيد جزر كوريا ـ موريا هدية منه للتاج البريطاني، وعُقدت معاهدة عام 1891 رسَّخت الوجود والهيمنة الإنكليزية في المنطقة،واستمرت هذه السيطرة البريطانية حتى سنة 1970 حينما استولى قابوس على الحكم وأبعد والده سعيد بن تيمور، واتخذ إجراءات لتحرير حكومته من الهيمنة البريطانية.

 أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد أبرم سعيد بن سلطان معاهدة معها وقعها المفوض الأمريكي فوق العادة، روبرتس الذي وصل إلى مسقط سنة 1833م، وتضمنت حرية دخول المواطنين الأمريكيين إلى عمان وإعفاءهم من الضرائب، ومُنح العمانيون التسهيلات نفسها في الموانئ الأمريكية. وكانت فرنسة كذلك على علاقة جيدة بعُمان وتتبادل الهدايا معها عن طريق وكيلها في بغداد ، ولكن العلاقات قطعت بينهما سنة 1781م بعد أن استولى الفرنسيون خطأ على السفينة «صالح» التابعة للإمام. وفي سنة 1795 طلب الفرنسيون إنشاء وكالة لهم في عُمان فرُفض الطلب، ودارت مفاوضات بين الطرفين سنة 1799. وفي سنة 1814 عقدت معاهدة تجارية بين فرنسة وعمان بهدف تصدير منتجات عمان إلى المستعمرات الفرنسية ضمت تسعة عشر بنداً، وقامت بين البلدين تجارة نشيطة، وسمح سعيد بن سلطان للفرنسيين بإقامة ممثل لهم في زنجبار بموجب اتفاقية وُقَّعت في زنجبار في الرابع عشر من تشرين الثاني سنة 1844. أما الهند فكانت العلاقات معها مرتبطة بالعلاقة مع الإنكليز لسيطرتهم على البلاد.

وهكذا تمكنت الأسرة البوسعيدية من إقامة دولة سيطرت على معظم مناطق عمان وخارج حدودها، إلاَّ أن تنازع أفراد الأسرة أدَّى إلى تقسيم هذه السلطنة المترامية الأطراف، وقد حكم أفراد من الأسرة البوسعيدية عمان وحدها، وامتد حكم بعضهم  إلى زنجبار إضافة إلى عمان، وحكم رهط ثالث زنجبار وحدها، وفيما يلي ثبت بأسماء هؤلاء الحكام والسنوات التي قضاها كل منهم في الحكم، مع ضرورة الإشارة إلى وجود تباين في بدء أو نهاية حكم عدد منهم، ولكن ما ورد هنا هو ما اتفق عليه أكثر المؤرخين.

حكام عمان وزنجبار

1ـ أحمد بن سعيد 1154- 1198هـ/1741- 1783م.

2ـ سعيد بن أحمد 1198-1203/1783- 1789م.

3ـ حمد بن سعيد 1199-1206هـ/1784- 1792م.

4ـ سلطان بن أحمد 1206هـ -1219هـ/1792- 1804م.

5ـ بدر ين سيف بن أحمد 1219-1221هـ/1804- 1806م.

6ـ سالم بن سلطان 1221-1236هـ/1806- 1821م.

7ـ سعيد بن سلطان 1221-1273هـ/1806- 1856.

حكام عمان

8ـ ثويني بن سعيد 1273-1283هـ/1856- 1866.

9ـ سالم بن ثويني 1283-1285هـ/1866- 1868.

10ـ عزان بن قيس 1285-1287هـ/1868- 1871.

11ـ تركي بن سعيد 1287هـ -1305هـ/1871- 1888م.

12ـ فيصل بن تركي 1305-1331هـ/1888- 1913.

13ـ تيمور بن فيصل 1331-1351هـ/1913- 1932.

14ـ سعيد بن تيمور 1351-1390هـ/1932- 1970.

15ـ قابوس بن سعيد 1390هـ/ 1970م ومازال يحكم حتى اليوم.

 

عبد الله محمود حسين

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

زنجبار ـ عمان.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ سلطان بن محمد القاسمي، تقسيم الامبراطورية العمانية، 1856-1862 (مطابع البيان، دبي1989م).

ـ ج.ج لوريمر، دليل الخليج ـ القسم التاريخي (طبعة جديدة أعدها قسم الترجمة بمكتب أمير دولة قطر).

ـ عبد الله بن حميد الساعي، تحفة الأعيان في سيرة أهل عمان (القاهرة 1332هـ و1356هـ).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 531
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1038
الكل : 58491928
اليوم : 64442

بيتوفي (شاندور-)

بيتوفي (شاندور ـ) (1823 ـ 1849)   شاندور بيتوفي sándor petöfi شاعر وبطل قومي مجري، ولد لأسرة سلوفاكية استوطنت المجر، في مدينة كيشكوروش kiskörös إحدى المدن التجارية الصغيرة، وكان أبوه قصّاباً وأمه خادمة. ترك بيتوفي المدرسة في الخامسة عشرة من عمره والتحق بفرقةٍ مسرحية جوّالة سرعان ما هجرها بعد تجارب قليلة لم يُصب فيها نجاحاً، لينخرط في الجيش الامبراطوري النمسوي، لكنه سُرّح منه بعد عامٍ ونصف بسبب مرضه، وعاد بعدها إلى المدرسة وبقي فيها عاماً واحداً.
المزيد »