logo

logo

logo

logo

logo

البلاذري (أحمد بن يحيى-)

بلاذري (احمد يحيي)

Al-Baladhuri (Ahmad ibn Yahya-) - Al-Baladhuri (Ahmad ibn Yahya-)

البلاذُري (أحمد بن يحيى ـ)

(… ـ 279هـ/… ـ 892م)

 

أبو الحسن، وقيل أبو بكر، أحمد بن يحيى بن جابر البلاذُري، مؤرخ عالم فاضل وراوية نسابة وشاعر، قيل إِن أصله من الفرس، حياته الخاصة غامضة جداً، فالمصادر لا تسعفنا بشيء عن أسرته سوى أن جدّه جابراً كان يكتب للخصيب صاحب خراج مصر أيام الرشيد.

من المرجح أنه ولد في بغداد في أواخر القرن الثاني الهجري، ونشأ فيها وأخذ عن علمائها وحضر حلقاتهم في الحديث والأدب والسير، وكان أكثر من أخذ عنهم الحسين بن علـي الأسـود (ت254هـ) والقاسم بـن سـلاّم (ت224هـ) وعلي بن محمد المدائني (ت225هـ) ومحمد بن سعد كاتب الواقدي (ت230هـ) ومصعب الزبيري (ت236هـ) وبعد أن أخذ طرفاً كبيراً من علم أهل العراق توجه إلى الشام فسمع في دمشق عالمها هشام بن عمَّار (ت246هـ) وأبا حفص عمر بن سعيد الدمشقي (ت225هـ) وطاف في بلاد الشام فزار حمص وحلب ومنبج، وأنطاكية، وثغور الروم والجزيرة، وكان البلاذري يجمع في أثناء ترحاله الروايات المحفوظة بين سكان تلك المناطق ليوازن بينها وبين ماحفظه عن علماء بغداد.

يعدّ البلاذري من رجال البلاط العباسي، اتصل بالمأمون ومدحه ثم اتصل بالمتوكل على الله (232-247هـ) وأصبح من ندمائه، ويقال إن المتوكل لم يكن يهنأ له طعام إلا بحضوره، وتقرَّب من المستعين بالله (248-251هـ) الذي كان يصله بصلات جليلة حتى لا يحتاج إلى شيء من أمر دنياه، وحظي كذلك عند المعتز بالله (251-255هـ) وأصبح من ثـقاته، ولذا عهد إليه بتربية ولده عبد الله.

بدأ مجد البلاذري بالزوال بعد وفاة المعتز بالله، فاعتزل الناس وجفا القصور، وكان عهد المعتمد (256-279هـ) أشد عهود حياته سوءاً وحاجة وفقراً، فقد نفد ماله وأدركته الحاجة وركبته الديون، فكان يطلب الرزق من أبواب الوزراء، فيُعطى مرة ويُمنع مَرَّات، فلا يجد ما يعبّر به عن ألمه وعجزه ونقمته وأنفته إلا الهجاء، وقد حفظ ياقوت بعض أهاجي البلاذري في هؤلاء الوزراء وغيرهم من الكتاب، ولعلَّ هذه الأهاجي هي التي جعلت المصادر تذكر أنه كان هجَّاء واقعاً في الأعراض.

توفي البلاذري في أواخر أيام المعتمد، وقيل إنه وسوس في آخر عمره لأنه شرب البلاذر فأفسد عقله، وقال النديم إنه شرب البلاذُر (وهو نبات ثمره شبيه بنوى التمر) وعلى غير معرفة فلحقه ما لحقه وشُدَّ في البيمارستان حتى مات، ولهذا قيل له البلاذري، وقيل إن الذي شرب البلاذر جدّه جابر، وهو الأرجح لأن أحمد بن يحيى كان يقال له البلاذري منذ أيام المتوكل ،وقد ذكر الجهشياري جده بلقب البلاذري.

ألّف البلاذري عدداً من الكتب منها «كتاب البلدان الصغير» و«كتاب البلدان الكبير» ولم يتمّه. وكتاب «جُمَل أنساب الأشراف» وهو كتابه المعروف المشهور، وكتاب «عهد أردشير» ترجمه شِعراً، وكان أحد النقلة من الفارسية إلى العربية، ولكن كتابيه اللذين صنعا مجده هما كتاب «فتوح البلدان» و«أنساب الأشراف». و«فتوح البلدان» سجل شامل للفتوح الإسلامية وهو معروف بهذا الاسم، وقد فصل فيه البلاذري فتوح كل بلد والمعاهدات التي عقدت مع سكانه، كما أورد معلومات ثـقافية واقتصادية وإدارية مهمة، وفصّل في منازل القبائل العربية بعد الفتح وفي المرافق العامة التي أُنشئت، وتحدث عن هجرة القبائل ومسالكها، ومع أنه اعتمد الواقدي عن طريق كاتبه محمد بن سعد وروايات أهل المدينة فإنه أضاف بعض الروايات الأخرى، فهو يورد للخبر الواحد أحياناً أكثر من رواية، وكان يتصرف أحياناً بأقوال الرواة فيمزج بعضها ببعض ويختصرها ويرويها رواية جديدة، وقد افتتح كتابه بقوله: «أخبرني جماعة من أهل العلم والحديث والسير وفتوح البلدان سقت حديثهم واختصرته ورددت بعضه على بعض»، كما تظهر في الكتاب شخصية البلاذري النقدية فهو لا يكتفي برواية الأخبار، بل ينظر فيها نظرة الناقد فيفضل بعضها على بعض، ويرجح ما يراه جديراً بالترجيح.

أما كتابه الثاني «أنساب الأشراف» فهو موسوعة ضخمة حقق معظمه في دمشق، ويظهر في هذا الكتاب تلاقي طريقة الخبر بالأنساب بالتاريخ، وتلاقي طريقة الرواية المنفصلة والخبر المفرد مع الرواية التاريخية المتصلة والتاريخ المطرد، فقد كتب التاريخ ولكن على أساس عمود الأنساب لا على الزمن التاريخي، ثم جعل لكل موضوع عنواناً فرعياً خاصاً به كأنه وحدة مستقلة تماماً على ما عرفنا من عنوانات كتب الإخباريين، فهو ليس مؤلفاً تاريخياً متصل الحلقات، ولكنه مجموع روايات في إطار الأنساب توسعت حتى احتوت الأخبار والشعر.

مصادر البلاذري في «أنساب الأشراف» تعتمد على المؤلفات المكتوبة والروايات الشفهية التي يوردها دوماً مع ذكر الأسانيد، ويكتب أحياناً «قالوا…» ويعني ذلك أن نوعاً من الإجماع قد تم حول قبول بعض الروايات، وهو إذ يورد الروايات يقدم ما اتصل منها برواة المنطقة أو القبيلة ثم يتممها بالروايات الأخرى، فأخباره عن الشورى مثلاً تعتمد الواقدي والزهري أي روايات المدينة ،ثم يضيف إليها روايات أبي مخنف زعيم المدرسة العراقية، وأخباره عن الخليفة عبد الملك بن مروان شامية مدنية يضيف إليها الروايات العراقية، والبلاذري على عباسيته واتصاله بالبلاط العباسي الاتصال المباشر فإن أخباره محايدة متزنة تتصف بالموضوعية وتتجنب الاستطراد.

نقل عن البلاذري كثيرون، وإن تحامى النقل عنه رجال الحديث لارتيابهم في ثقته وثقة أصحاب الأخبار عامة كالمدائني والواقدي وابن الكلبي. ومع أن الطبري لم ينقل عنه، فإن قائمة الآخذين عنه تطول وفيها الصولي في «الأوراق» والشريف المرتضى في «الأمالي» والقاضي عبد الجبار بن أحمد في «الشافي» وابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» وابن خلكان، وابن عساكر، وياقوت الحموي، والزبيدي في «تاج العروس» وغيرهم.

 

نجدة خماش

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء، تحقيق الرفاعي (القاهرة).

ـ صلاح الدين المنجد، أعلام التاريخ والجغرافية :البلاذري، ياقوت، ابن خلكان (مؤسسة التراث العربي، بيروت).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 246
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1050
الكل : 58491435
اليوم : 63949

الغياب

الغياب   تعريف الغياب absence والفقدان والفرق بينهما طبقاً للمواد 202 و203 من قانون الأحوال الشخصية السوري وعند عامة الفقهاء في الفقه الإسلامي؛ فإن الغائب هو واحد من ثلاثة: 1 - الشخص الذي لا تعرف حياته أو مماته، ويسمى مفقوداً. 2 - الشخص الذي تعرف حياته، ولكن ليس له محل إقامة ولا موطن معلوم. 3 - الشخص الذي يكون له محل إقامة أو موطن معلوم في الخارج، إنما استحال عليه أن يتولى شؤونه بنفسه أو أن يشرف عمن أنابه في إدارتها. وهذا يعني أن الفقد هو أحد حالات الغياب، فكل مفقود غائب وتنطبق عليه أحكام الغياب، ولكن ليس كل غائب مفقوداً، فلا يأخذ أحكام الفقدان التي يختص بها المفقود.
المزيد »