logo

logo

logo

logo

logo

ابن بطلان

بطلان

Ibn Butlan - Ibn Butlan

ابن بُطْلان

(…ـ458هـ/…ـ1066م)

 

أبو الحسن المختار بن الحسن بن عبدون بن سعدون بن بُطلان، طبيب وعالم نصراني، ولد في مدينة بغداد في مطلع القرن الخامس للهجرة. درس الطب والفلسفة متلمذاً على بعض العلماء من نصارى الكرخ. كان من أشهر أساتذته وأصدقائه الطبيب والقس النسطوري أبو الفرج عبد الله بن الطيب، الذي كان طبيباً في البيمارستان العضدي(ت 435هـ).

لم يذكر المؤرخون شيئاً عن تاريخ ولادة ابن بطلان، ولا عن أصله ومنشئه ومزاولته لمهنة الطب في بغداد، واكتفى القفطي بالقول إنه كان مشوّه الخلقة غير صبيحها، فَضُل في علم الأوائل وارتزق بصناعة الطب.

خرج ابن بطلان من بغداد في سنة 339هـ مصعِّداً في نهر عيسى حتى وصل إلى الرحبة، ثم واصل سيره إلى تكريت فالموصل وسنجار والجزيرة والرصافة حتّى وصل إلى حلب. وهناك أكرمه أميرها معزّ الدولة ثمال بن صالح المرداسي الكلابي إكراماً كثيراً. ثم اتجه إلى أنطاكية، وكانت بيد الروم، ومنها الى اللاذقية.

كان ابن بطلان معاصراً لعلي بن رضوان الذي كان رئيس أطباء مصر. وقد جرت بين الطبيبين مراسلات كثيرة، وهذا ما شجع ابن بطلان على السفر إلى الديار المصرية للاجتماع به. وكان دخوله الفسطاط في شهر جمادى الآخرة سنة 441هـ/تشرين الثاني 1049م، وذلك في دولة الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، ومكث فيها مدة تقرب من أربع سنوات، لقد أدىّ الاتصال المباشر بين الطبيبين إلى قيام عدّة مناظرات طبية حكمية، نتج منها رسائل ومؤلفات لا تخلو من فائدة وطرافة، ولكن يشوبها نقد وتجريح، ولم يكن أحدهما يؤلف رسالة أو يبدع رأياً، إلا ويردّ عليه الآخر مبيناً أخطاءه ومسفّهاً آراءه.

قارن ابن أبي أصيبعة بين الطبيبين فقال «كان ابن بطلان أعذب ألفاظاً وأكثر ظرفا،ً وأميز في الأدب وما يتعلق به، أما ابن رضوان فكان أطبّ وأعلم بالعلوم الحكمية وما يتعلق بها».

في سنة 446هـ/1054م اتجه ابن بطلان إلى القسطنطينية حيث مكث مدة سنة عاد بعدها الى بلاد الشام. وكان يتنقل بين حلب وأنطاكية وعمل في أثناء ذلك في خدمة أحد أفراد آل المنقذ، وهو أبو المتوجّ مخلّد بن نضر بن منقذ (ت450هـ/1059م). كما كان ابن بطلان صديقاً للطبيب أبي سعيد عبيد الله بن جبرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع (451هـ). وكان يجتمع به في مدينة ميافارقين، وقد أهدى إلى أمير ديار بكر، نصير الدولة أبو نصر أحمد بن مروان(455هـ/1063م) أجمل مؤلفاته، وهو كتاب «دعوة الأطباء».

استقرّ ابن بطلان في أواخر حياته في أنطاكية، حيث أشرف على بناء بيمارستانها(450هـ/1058م) أو إصلاحه، ثم ترهّب والتجأ إلى أحد أديرة المدينة، بعد أن أطلق على نفسه اسم يوانيس، وتوفي هناك ودفن في كنيسة الدير.

وضع ابن بطلان عدداً من الرسائل والمؤلفات، وهي ذات طابع طبي فلسفي، أو تاريخي أدبي، ويمتاز أسلوبه بالسلاسة وإنتاجه بالأصالة والتفكير المنطقي، مما يدل على اطلاع واسع على مؤلفات الفلاسفة والأطباء اليونان، إضافة إلى لغته العربية السليمة.

من مؤلفات ابن بطلان المشهورة كتاب «دعوة الأطباء» وهو أجود كتاب وضع من نوعه باللغة العربية، وجعله على شكل مقامة، وضمنه كثيراً من نوادر الأطباء والصيادلة، ووصف أفراحهم وأتراحهم. وجاء بكثير من الأمثلة الدالّة على سوء حال المهن الطبية في ذلك العصر. حرّره في مدينة القسطنطينية عام 450هـ/1065م. وفي مكتبة الأمبروزيانا في ميلانو نسخة نادرة منمنمة من هذا الكتاب يعود تاريخها إلى عام 672هـ/1273م. وقد قام بتحقيق هذا الكتاب ونشره الدكتور بشارة زلزل عام 1901م في مدينة الإسكندرية.

كان للتنجيم وعلم الهيئة تأثير في عقول العامة والخاصة في العصر الفاطمي في مصر. وقد ألفّ ابن بطلان كتاباً مُجَدْولاً في الطب، جعله على نمط الجداول الفلكية أو الزيج دعاه «تقويم الصحة» وهدفه حفظ الصحة بالاعتماد على الأسباب الستة وهي: إصلاح الهواء، تقدير المأكل والمشرب، تعديل الحركات والسكون، والنوم واليقظة، الاستفراغ والاحتقان، الفرح والغضب، وجعله ألواحا عددها 48 لوحا، وكل لوح مقسم طولاً إلى 15 جدولاً، وقسمه عرضاً إلى سبعة أسطر. وكتب في أول كل جدول اسم عقار أو غذاء أو دواء، وإلى جانبه تعريفه ووصفه وخصائصه الدوائية (قواه) وأضراره وسُمّيته إذا وجدت.

 اهتم الأطباء في أوربة بهذا الكتاب منذ القرن الثالث عشر للميلاد، فترجم كاملاً أو مختصراً إلى اللغة اللاتينية تحت اسم Tacuinum In Medicina. وقد سجل على إحدى نسخه المخطوطة اسم المترجم فرج بن سالم الذي كان طبيباً لدوق آنجو، ملك نابولي وصقلية (ت1285م).

طبع هذا الكتاب أول مرة في مدينة ستراسبورغ عام 1531م، بعنوانTabula Sanitatis، وترجمه إلى الألمانية ميشيل هير Michel Herr  ونشر في ستراسبورغ أيضاً عام 1533م.

قام بتحقيق كتاب «تقويم الصحة» وترجمه إلى اللغة الفرنسية وشرحه بها الدكتور حسام الخادم عام 1982م في جامعة بروكسل. وفي المتحف الوطني بدمشق نسخة نادرة للأصل العربي، يعود تاريخها إلى عام 935هـ. ومن مؤلفات ابن بطلان رسالة عنوانها «في شراء الرقيق وتقليب العبيد»، وقد قام بتحقيقها ونشرها الأستاذ عبد السلام هارون في القاهرة عام 1954م.

 

زهير البابا

 

مراجع للاستزادة

 

ـ ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء (دار الثقافة، بيروت).

ـ جمال الدين القفطي، إخبار العلماء بأخبار الحكماء (دار الآثار للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت).

ـ سامي خلف حمارنة، فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية (مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق).

 


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 168
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1036
الكل : 58492934
اليوم : 65448

الرمل الكوارتزي

الرمل الكوارتزي   الرمال sands تراكم عشوائي لقطع صغيرة من الصخور، تراوح أبعاد حباتها بين 0.063 و2مم على مقياس ونتورث. وتقسم الرمال حسب نشأتها، إلى ثلاث مجموعات رئيسة: ـ الرمال القارية terrigenous sands: وتنتج من تجوية الصخور السابقة التكوين وتفتتها حيث تقوم السوائب المتحركة بحملها ونقلها إلى أحواض الترسيب. ـ الرمال الكربوناتية carbonate sands: وهي بحرية المنشأ ومؤلفة من جسيمات كربوناتية تتشكل داخل حوض الترسيب (سرئيات، هياكل مستحاثات، فتات كربوناتي) وهي ليست حطاماً متشكلاً من تفتيت الصخور السابقة التكوين.
المزيد »