logo

logo

logo

logo

logo

ابن بقي (يحيى-)

بقي (يحيي)

Ibn Baqi (Yahya-) - Ibn Baqi (Yahya-)

ابن بَقيّ ( يحيى ـ )

(نحو 465ـ545هـ/1073ـ1150م)

 

أبو بكر يحيى بن بَقيّ، وشّاح وشاعر أندلسي ولد في طُليطلة، واختلف مؤرخو الأدب في اسم أبيه كما اختلفوا في المدينة التي ولد فيها، ولا يُعرف شيء عن بقية أفراد أسرته. ذكر معاصراه ابن خاقان (ت 529هـ) وابن بسام (ت 542هـ) أنَّه كان جوّاباً لا يقرّ له قرار ولم يتخذ لهُ مسكناً أو موطناً يلجأ إليه، إلاَّ أنَّ ابن بسَّام قال إنَّه اتخذ من إشبيلية قاعدة لهُ، ومن ثمَّ شَرَّق شعره وغرَّب في البلاد. وقد أخذ نجمه بالظهور، وبدأت مواهبه تظهر للعيان. وكان أول ظهور ابن بقي في دولة المعتمد بن عبَّاد[ر]، وشهد سقوطها، وسقوط دول الطوائف تعاقباً على يد يوسف بن تاشفين[ر] وهيمنة المرابطين[ر] على الأندلس، ولمْ يكن الشاعر يميل إليهم لهذا فقد أصبح «راكب صهوات وقاطع فلوات»، كما يصفه ابن خاقان، وبدأ يتنقل بين مدن الأندلس فكان في قرطبة وغرناطة وألمرّية وسرقسطة وغيرها يبحث عن مكانٍ آمنٍ يلجأ إليه وعبثاً حاول ذلك. وكانت تربطه علاقات طيبة ببعض الأسر الأندلسية المعروفة وببعض الشخصيات المعاصرة له مثل أسرة بني سعيد أصحاب قلعة يحصب Al Cala Real في منية الزبير بقرطبة وكذلك في غرناطة، وكانت له علاقات بالوزير أَبي الحسن سراج بن عبد الملك بن سِراج، وهو شخصية أدبية لامعة، كما كانت تربطه ببعض أُدباء الأندلس صلات ودية متينة مثل الأعمى التطيلي[ر] (ت527هـ) وكانا فرسي رهان النوادي الأدبية في ذلك العصر؛ وضمّهما أكثر من مجلس واجتماع في إشبيلية وقرطبة وربَّما في سلا Sale بالمغرب أيضاً.

والشائع في ذلك الوقت ميل كل متبرم بالوضع الراهن في الأندلس إلى الرحيل عنها إلى المغرب أو الشام أو العراق. وكان العلماء والأدباء يرون أن الأندلس تتمزَّق وأَنَّ خيوطها لا تنسل من أطرافها بل من وسطها بحسب تعبير أحد شعرائها. لهذا فقد شدَّ كثير منهم الرحال وعزم على السَّفر متجهاً إلى برّ العدوة وتونس حتى الاسكندرية وبلاد الشام والعراق، وكذلك فعل ابن بقي، لكنَّ رحلته لم تبعد عن الأندلس كثيراً، فقد حطَّ رحاله في سلا عند يحيى بن علي بن القاسم وهو من أسرة عراقية معروفة من ذرية إبراهيم بن المدبّر، وكان يحتمي بها كلُّ الفارين من الجور والظلم السياسي والاجتماعي، وكانت هذه الأسرة تحظى باحترام الدّول المتعاقبة وتقديرها، فنزل عليْهم ابن بقي ومكث مدة في كنفهم وأَثنى عليهم في شعرهِ وموشحاتهِ؛ وفي هذه الحقبة التي كان الصراعُ قائماً فيها بين العرب المسلمين والإسبان في شبه الجزيرة الإيبرية، ولاسيما في منطقة البرتغال، كان علي بن يوسف بن تاشفين[ر] (500-537هـ)، وهو ينحدر من أُمٍّ أَندلسية، قد هاجم المدن البرتغالية ومنها قُلُمرية Coimbra وأَسر الأميرة تيريزا Teresa. وترك هذا الحدث أَثراً في ابن بقي لهذا فقد أَثنى على الأمير المرابطي، على الرغم من موقف ابن بقي المعادي لابن تاشفين، لأن القضية مرتبطة بالوطن والعقيدة. وقصيدته هي الوثيقة الوحيدة عن هذا الفتح وفيها يقول:

 

صبحتَ كلَّ حريم في قُلُمْرِية

 

بغارةٍ أنت فيها الفارسُ النَجِدُ

بئسَ الصباح صباح المنذرين بها

 

ونعم غزوٌ أميرٍ أَمرُهُ رَشَدُ

 

ولا يذكر في المدَّونات العربية ما يشير إلى هذا الحدث إلا خبر عابرٌ ليس لهُ أَهمية؛ وقصيدته هذه تحظى بأَهمية تاريخية لأَنَّها تتفق مع المصادر والوثائق الإسبانية.

ترك ابن بقي المغرب عائداً إلى وادي آش Guadix بعد أن نغّص عليه الحسّاد والواشون والحاقدون عيشَه، ومات في هذه المدينة.

قيل إنَّ ابن بقي ترك ثلاثَة آلاف موشح ومثلها قصائد، ولكن لم يبق إلا القليل من موشّحاته وقصائده. وشعر ابن بقي يتناول الموضوعات المطروقة من غزل ومديح ووصف وحنين إلى الأوطان، ولكن يلاحظ أن شعره لا يرقى إلى المستوى الذي بلغهُ الموشح عندهُ، عدا قصيدة واحدة حظيت باهتمام النقاد على مرِّ الأجيال ابتداءً بابن خاقان وابن بسام ومروراً بابن ظافر الأزدي وابن فضل الله العمري وانتهاءً بالخفاجي في «طراز المجالس» ومنها قوله متغزلاً:

 

حتى إذا مالتْ به سِنةُ الكَرى

 

زحزحتهُ عني وكان مُعانقي

باعدتهُ عن أضلعٍ تشتاقهُ

 

كي لا ينامَ على وسادٍ خافقٍ

 

تعدّ موشحات ابن بقي القاعدة التي سار عليها أكثر الوشّاحين الذين جاؤوا بعدهُ من أندلسيين ومشارقة سواء أَكان ذلك في الشكل أَم في المضمون، وقد بلغت الذروة في عصر المرابطين، ويبدو ذلك جلياً عند ابن سناء الملك حين يورد في كلّ قاعدة من قواعد الموشّح نصّاً من ابن بقي أَو الأَعمى التطيلي، ويمكن بذلك تلمس القاعدة الرئيسة والمفصّلة للصورة التي سارت عليها الموشحات، وكذلك مضامينها وخرجاتها، وقد تابع طريقة ابن بقي وشّاحون كبار مثل ابن زهر[ر] في موشحه الذي مطلعه:

 

أَيُّها السَّاقي إليكَ المُشْتكى

 

قَدْ دعوناكَ وإنْ لم تسمعِ

 

إذ تابعَ فيه ابنَ بقي في موشحه:

عبث الشوق بقلبي فاشتكى

 

ألم الوجد فلبّت أدمعي

 

وكذلك كان ابن عربي المتصوف المشهور يسير على طريقته ويقتبس منه خرجاته.

وأكثر موشحات ابن بقي تناولت الغزل والوصف والمديح، وتحدثت عن الرحيل وسفر الحبيب إلى الثغور عند الفجر.

 

عدنان آل طعمة

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

 الأعمى التطيلي ـ الموشحات.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن بسام، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تحقيق إحسان عباس (بيروت 1979م).

ـ ابن سناء الملك، دار الطراز، تحقيق جودة الركابي (دمشق 1949م).


التصنيف : التاريخ
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 222
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1054
الكل : 58492502
اليوم : 65016

الفسميات

الفسميات         الشكل (1) الفسميات Phasmidae (وتسمى أيضاً الحشرات العصوية والورقية)، حشرات خارجية الأجنحة exopterygota قليلة جداً، يعرف منها ما يقرب من 2500 نوع، يعيش معظمها في المناطق الاستوائية. يصعب العثور على أفرادها لمحاكاة أجسام معظمها العصي أو أوراق النباتات المختلفة (الشكل-1)، من جهة، وبطء حركتها من جهة أخرى، فهي من الحشرات الكسولة.
المزيد »