logo

logo

logo

logo

logo

بروتاغوراس

بروتاغوراس

Protagoras - Protagoras

بروتاغوراس

(485 - 410ق.م)

 

بروتاغوراس Protagoras مفكر من أشهر السفسطائيين اليونان. ولد في أبديرا Abdera (اليونان) وعاش في أثينة، وكان له أثر كبير في الفكر اليوناني في الأخلاق والسياسة في عصره.

جاب اليونان كلها، واستقر في أثينة، ولبث فيها شطراً من حياته، حيث كلف بأمر من الحاكم بركليس (199-429ق.م) Péricles وضع دستور جديد للبلاد. ولكنه ما لبث أن اتهم بالإلحاد، وحكم عليه بالإعدام، بسبب ما جاء في كتابه «في الآلهة». فأحرقت كتبه علناً. وفي نهاية المطاف فرّ هارباً من أثينة، ومات غرقاً وهو في طريقه إلى صقلية في جنوب إيطالية.

وبروتاغوراس أول من تقاضى مالاً مقابل تعليمه للفلسفة. كان معلماً بارعاً في علم البيان، تحدث طويلاً عن الفعل ومشتقاته، واللفظ ومعانيه، وأجزاء الكلمة، وقيمة هذا في النقد الذي سيشغل مكاناً بارزاً في الحياة الأدبية اليونانية.

ينسب إلى بروتاغوراس ما يقارب عشرة أعمال، من بينها: «في الموجود»، و«في العلم»، و«الجمهورية»، و«في الآلهة»، و«الجدل أو فن الحوار»، و«الحقيقة»، ولكن لم يبق شيء من هذه المؤلفات، إلا بعض الشذرات. إن أهم المصادر التي تتحدث عن بروتاغوراس وتعاليمه، هي محاورات أفلاطون «بروتاغوراس» و«الثئيتتس»، ومن ثم رسائل سكستوس إميريكوس (نحو150- 230) Sxtus Emiricus «ضد الرياضيين» و«ثلاث رسائل في المبادئ البيرونية». ومع قلة المعلومات التي تضمنتها هذه المصادر؛ لا يمكن الاستغناء عنها، في الكشف عن أفكار بروتاغوراس الأساسية.

في أساس النظرية الريبية لبروتاغوراس عن نسبية المعرفة، يمكن تصور أنطولوجية محددة عن العالم. فأخذاً بما ذكره سكستوس إميريكوس يرى بروتاغوراس، أن «العلل الأساسيّة لكل الظاهرات تكمن في المادة»، فالخاصة الأساسية للمادة، في نظر بروتاغوراس، لا تكمن في وجودها الموضوعي، بل في تغيرها وانتقالها إلى الضد وصيرورتها.

ويذكر أفلاطون رأي بروتاغوراس حول نظرية الوجود، أن: «لا شيء يوجد بذاته، ولكن كل شيء ينشأ من علاقته بشيء ما». فالتصور الأنطولوجي للوجود المرتبط بنسبية المعرفة ينحصر في أن التغير لا يتم كيفما اتفق، بل إن كل الموجودات في العالم تتغير باستمرار وفقاً للتناقض الداخلي الكامن في الأشياء ذاتها. ولذلك فكل الموجودات تتضمن، في ذاتها، التضاد والتناقض. وهذا يدل على أن بروتاغوراس أخذ الفكرة الرئيسة من مذهب هيراقليطس وهي «أن الوجود دائم الجريان، فالطبيعة كلها في تغير دائم بين الأضداد».

ويذكر يوجن اللائري أن بروتاغوراس كان: «أول من قال إنه يمكن إعطاء رأيين متناقضين في الشيء الواحد». وهكذا عمل بروتاغوراس على إمكانية الإقناع برأيين متعارضين في الشيء الواحد، وبذلك توصل إلى استنتاج متطرف مفاده «كل شيء حقيقة».

وقد عارض أفلاطون وأرسطو استنتاجات بروتاغوراس فقال أرسطو في «الخطابة»: «إن أقوال بروتاغوراس هي وهم وخداع، وتبدو أقوالاً متطرفة، وليس لها أي مقام في أي فن من الفنون، باستثناء الخطابة».

يصل بروتاغوراس إلى طرح القضية الأولى المتعلقة بنظرية المعرفة التي أودعها في كتابه «الحقيقة»، ففي رسائل سكستوس إميريكوس يصرح بروتاغوراس أن: «الإنسان مقياس الأشياء جميعاً. هو مقياس وجود ما يوجد منها. ومقياس لا وجود ما لا يوجد». وقد فسر أفلاطون هذه العبارة في محاورة «الثئيتتس» كما يأتي: «يتبين معناها بالجمع بين رأي هيراقليطس في التغير المتصل، وقول ديمقريطس إن الإحساس هو المصدر الوحيد للمعرفة، فيخرج منها: أن الأشياء هي في نظري على ما تبدو لي، وهي في نظرك ما تبدو لك، وأنت إنسان وأنا إنسان».

يستنتج أفلاطون من ذلك أن بروتاغوراس كان محقاً في تأكيداته فيما يتعلق «بالمعرفة الحسيّة الذاتيّة»، وليس محقاً بأن هذه «الأحاسيس صادقة».

فالمعرفة عند بروتاغوراس لا تتعلق بالموضوع فحسب، بل بالذات العارفة أيضاً، ومبادئ الأشياء ينبغي ألاّ تطلب في العالم الخارجي، وإنما من داخل الإنسان. فالمبدأ الحقيقي ليس العناصر المادية كما اعتقد الفلاسفة الأوائل، بل عقل الإنسان ذاته.

وبروتاغوراس هو القائل بأن القوانين والعادات والأخلاق نسبية، وأن المعيار الصحيح لهذه النظم والقوانين هو المجتمع الذي تطبق فيه، ولا يمكن أن يطالب الأخلاقيون بمعيار مطلق للخير والشر.

 ويعمم بروتاغوراس نزعته الريبية لتشمل الدين أيضاً. فقد صدَّر كتابه «في الآلهة» الذي ضُيِّق عليه بسببه في أثينة، بالكلمات الآتية كما يذكر سكستوس إميريكوس: «أما بالنسبة للآلهة فلا أستطيع أن أعلم ما إذا كانت موجودة أم لا، وعلى أي هيئة، فإن أموراً كثيرة تحول بيني وبين هذا العلم: أخصها غموض المسألة، ومن ثم قصر الحياة الإنسانية».

كان بروتاغوراس من أقوى الشخصيات في الحركة السفسطائية التي أثرت في المجتمع اليوناني، فتأثيره كان في رجال الحكم والدهماء أكثر منه في المثقفين، لذلك هز القاعدة الشعبية بعنف، وأثارها على سقراط وأتباعه مما أدى إلى صدور حكم بإعدام سقراط.

وقد أشار المؤرخون لحياة بروتاغوراس وآثاره إلى بعض آراء متفرقة له في العلوم الطبيعية وغيرها، فقيل إنه واضع علم النحو اليوناني، وقيل أيضاً إنه كانت له مدرسة خاصة في تعليم الهندسة، فكان يرى أن قضايا الهندسة إنْ هي إلا صورة معقولة لا تتعلق صحتها بالواقع، إذ إننا لا نستطيع أن نحدد بالحس أين تبدأ الدائرة.

سليمان الضاهر

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

أفلاطون ـ السفسطائية ـ سقراط.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أفلاطون، بروتاغوراس، ترجمة محمد كمال الدين علي يوسف (دار الكتاب العربي، القاهرة 1967).

ـ أفلاطون، الثئيتتس، ترجمة الأب فؤاد جرجي بربارة (منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1971).

ـ يوسف كرم، تاريخ الفلسفة القديمة (دار القلم، بيروت، طبعة جديدة بلا تاريخ).


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 4
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1039
الكل : 58480596
اليوم : 53110

لوين (كورت-)

لوين (كورت ـ) (1890ـ 1947)   كورت لوين Kurt Lewin عالم نفس ألماني أمريكي، ولد في مجيلنو Mogilno في بروسيا، التابعة حالياً لبولونيا. تعلّم في جامعة برلين ثم أصبح عضو الهيئة التدريسية في إحدى كلّياتها. عُرف بدراساته في علم النفس وإسهاماته المهمة في مدرسة الغشتالت Gestalt خاصة، وكان له تأثير كبير في البحوث الحديثة في علم النفس، حتى إنه يُعد في نظر كثيرين المؤسس الفعلي لعلم النفس الاجتماعي الحديث. هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1932، وتولى مهام التدريس في عدد من جامعاتها (ستانفورد Stanford وكورنل Cornell وآيوا Iowa)، وانتهى إلى تولي إدارة مركز البحوث حول القوى المحركة للجماعة group dynamics الذي أسسه في معهد مساتشوستس Massachusetts للتكنولوجيا (M.I.T) عام 1944. وفي سياق عمله هذا، درس المسائل المتعلقة بالتحفيز motivation عند الأفراد والجماعات.
المزيد »