logo

logo

logo

logo

logo

هيروديس الأدومي

هيروديس ادومي

Herod the Great - Hérode Ier le Grand

هيروديس الأدومي

(نحو 73 ـ 4ق.م)

 

هو المعروف باسم هيروديس الكبير Herod the Great ملك اليهودية Iudaea (يودايا) ومؤسس السلالة الهيرودية التي دام حكمها حتى عام 70م تحت السيادة الرومانية.

ينتمي هيروديس إلى أسرة أدومية عريقة وثرية؛ إذ كان جده أنتيباس Antipas حاكماً على أدوم (إيدوميا Idumaea) في الجنوب الشرقي من فلسطين، وكان أبوه أنتيباتر Antipatros عظيم الأدوميين Edomites، أما أمه فكانت ابنة أحد أمراء الأنباط، ومن ثمّ فهو عربي الأبوين لأن الأدوميين كانوا عرباً في رأي معظم العلماء، والأنباط [ر] لا خلاف على عروبتهم. كان أبوه أنتيباتر ـ وهو يهودي بالاسم ـ سياسياً بارعاً يتمتع بنفوذ كبير، دعم الملك المكابي الضعيف هيركانوس الثاني Hyrkanos II في صراعه مع أخيه واستعان بملك الأنباط لإعادته إلى عرشه وأصبح الحاكم الفعلي للمملكة. وعندما غزا بومبيوس [ر] Pompeius سورية سعى أنتيباتر إلى لقائه في دمشق للدفاع عن قضية هيركانوس، فكسب ثقة القائد الروماني وقام بدور الوسيط بين الرومان وملك الأنباط. وبعد ذلك حظي بدعم يوليوس قيصر [ر] Julius Caesar عندما بادر إلى نجدته في حرب الإسكندرية عام 47ق.م، فكوفئ هو وأولاده بمنحهم حقوق المواطنة الرومانية ثم عينَّه قيصر وكيلاً مالياً على المقاطعة اليهودية (بروكوراتور Procurator) فتوطد مركزه وعيَّن ابنيه فزائيل Phasael وهيروديس قائدين عسكريين على اليهودية والجليل، وهكذا بدأ صعود هيروديس السياسي. وفي أثناء الأحداث التي تلت اغتيال قيصر سقط أنتيباتر عام 43ق.م ضحية مؤامرة أودت بحياته، ولكن لم يتأثر مركز أبنائه وخاصة هيروديس الذي انتقم لأبيه من قاتله، كما نجح هيروديس بالتغلب على أنتيغونوس Antigonos الذي حاول انتزاع العرش من عمه هيركانوس فكافأه هذا بعقد قرانه على حفيدته مريامنه Mariamne، وبذلك ارتبط برباط المصاهرة مع البيت المالك الحشموني.

وبعد معركة فيليبي (42ق.م) وطد هيروديس علاقته بسيد الشرق الجديد ماركوس أنطونيوس [ر] Marcus Antonius وكسب نصرته ودعمه. وعندما هاجم الفرثيون سورية واحتلوا فلسطين نصبوا أنتيغونوس ملكاً على اليهودية (40ـ 37ق.م) واقتادوا هيركانوس أسيراً إلى فارس. وقضى فزائيل إبان هذا الغزو، ولكن هيروديس تمكن من النجاة و توجه إلى روما، وهناك نجح بحنكته السياسية والهدايا التي وزعها في كسب تأييد مجلس الشيوخ الذي منحه لقب ملك يودايا وحليف وصديق الشعب الروماني، وعاد إلى فلسطين ليترجم هذا اللقب على أرض الواقع، واستطاع تثبيت أقدامه في الجليل، ثم حاصر أورشليم عام 37ق.م واستولى عليها بمساعدة الرومان الذين طردوا الفرثيين واقتادوا أنتيغونوس ثم أعدموه في أنطاكية، وبذلك بدأت ملكية هيروديس بصورة فعلية.

حكم هيروديس مملكته على مدى نحو ثلث قرن (37ـ4ق.م) بلا منازع وبيدٍ من حديد، وكان عهده حافلاً بالأحداث ويروي المؤرخ فلافيوس يوسيفوس [ر] Flavius Josephus كثيراً من أخباره وأعماله بالاعتماد على تاريخ نيقولاوس الدمشقي [ر] الذي عاش سنوات طويلة في بلاط هيروديس، وكان مستشاره السياسي ومبعوثه في المهام الدبلوماسية الصعبة.

كان ملكاً خاضعاً للرومان، وقد عرف كيف يظهر ولاءه لقادتهم الكبار ويكسب دعمهم الواحد تلو الآخر، فعلى أثر معركة أكتيوم (31ق.م) بدّل ولاءه بسرعة البرق إلى المنتصر وأظهر من المهارة والحنكة بحيث إن أوكتافيان (أغسطس [ر]) أبقاه في منصبه ووسع من أملاكه لأنه أدرك حاجة روما إلى أمثاله.

أمضى هيروديس السنوات العشر الأولى في تثبيت دعائم ملكه في الداخل والخارج، وبدأ استئصال العناصر المعادية لحكمه فأعدم بعض أقاربه وأفراد البيت المالك الحشموني، بما في ذلك زوجته المفضلة مريامنه، كما أعدم جدها هيركانوس الذي كان قد استدعاه من الأسر؛ لاشتراكه في مؤامرة ضده وكان في الثمانين من عمره، وبذلك انتهت السلالة الحشمونية. ثم إنه فصل السلطة الروحية الدينية عن السلطة الزمنية (وكانت موحدة في شخص الملك الحشموني) ولم يعد منصب الكاهن الأكبر وراثياً ومدى الحياة، وإنما صار إنعاماً لمن يدين له بالطاعة والولاء.

كما أن مجلس السنهدرين Sanhedrin فقد كثيراً من سلطاته لمصلحة مجلس ملكي استشاري على الطريقة الهلنستية، وحلّت محل الأرستقراطية القديمة طبقة جديدة من كبار الموظفين بما فيهم الإغريق.

كان هيروديس ملكاً علمانياً ومن أشد أنصار الهيلينية Philhellene إذ إنه حمل اسماً إغريقياً وربى أبناءه تربية هيلينية، وقد نجح من حيث أخفق أنطيوخوس الرابع في جعل اليهودية شبه مملكة هلنستية، فبنى في أورشليم مسرحاً ومدرجاً وقصراً وميداناً لسباق الخيل وأقام ألعاباً عامة، ولكنه توج مشروعاته العمرانية بإعادة بناء الهيكل استرضاء لرعاياه اليهود.

وكانت السامرة (سماريا) مقره المحبب فزينها بالأبنية وسماها Sebaste تكريماً لسيده أغسطس، وبنى مرفأً جديداً على البحر المتوسط حمل اسم قيصر: قيصرية (قيسارية) Caesarea التي أصبحت عاصمة فلسطين تحت الحكم الروماني، كما قدم هدايا وأعطيات لتشييد أبنية فخمة في عدد من المدن خارج مملكته مثل بيروت ودمشق وأنطاكية وغيرها.

ارتكزت سلطة هيروديس على جيشه وجنوده المرتزقة وشرطته السرية وإدارته المركزية الصارمة وعلى سلسلة من الحصون العسكرية في أورشليم (برج أنطونيا) وحصن مساده على البحر الميت، وتمكن بذلك من تلبية واجباته ـ بوصفه ملكاً تابعاً للرومان ـ والمتمثلة في حفظ الأمن والنظام في الداخل وحماية الحدود وإخضاع المتمردين، وهكذا فقد شن حروباً على الأنباط والقبائل العربية، كما أنه شارك في الحملة الرومانية المخفقة على اليمن (24ق.م)، وتمكن بذكائه وحنكته من الصمود أمام مطالب كليوباترة التي كانت تسعى إلى استرداد نفوذ البطالمة وأملاكهم في فلسطين، وأن يصبح أحد ركائز سياسة روما في الشرق.

ومن الأحداث المهمة التي جرت في عهده ما يروى عن ولادة السيد المسيحu في أواخر حكمه، وتبعاً لرواية إنجيل متّى فقد أمر بقتل كل الأطفال المولودين في بيت لحم للقضاء على عيسى الوليد، وتعكس هذه القصة ما اشتهر به من قسوة ودموية، وقد تزوج عشر نساء وأنجب تسعة أولاد وخمس بنات، ولكنه كان يعاني النزاعات والمؤامرات في بيته وأسرته والتي ذهبت ضحيتها بعض زوجاته وثلاثة من أبنائه بما فيهم ابنه البكر أنتيباتر. ويروى عن الامبراطور أغسطس أنه قال معلقاً على ذلك: «خير للمرء أن يكون خنزيراً في حظيرة هيروديس من أن يكون أحد أبنائه».

توفي هيروديس عام 4ق.م فقسَّم الامبراطور أغسطس مملكته بين أبنائه الثلاثة حسب وصيته الأخيرة، فعين أرخيلاوس Archelaos حاكماً على اليهودية التي تحولت بعد إقصائه عن الحكم عام 6م إلى مقاطعة رومانية، أما فيليب Philippos فحكم المنطقة الشمالية الشرقية (توفي عام 34م)، في حين حصل هيروديس أنتيباس على منطقة الجليل التي حكمها حتى عام 39م، وكان مثل بقية أسرته يهودي في الداخل وهلنستي في الخارج.

محمد الزين

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الأنباط ـ فلسطين ـ المكابيون ـ نيقولاوس الدمشقي ـ يوسيفوس.

 

 مراجع للاستزادة:

 

- A. H. M. JONES ,The Herods of Judaea (1938).

- The Oxford Classical Dictionary, 2nd Edition (Oxford 1970).

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الثاني والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 38
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1051
الكل : 58481249
اليوم : 53763

الأكريلي (التصوير-)

الأكريلي (التصوير ـ)   التصوير الأكريلي acrylic painting تقنية حديثة في فن التصوير[ر]، بدأ استعمالها في النصف الثاني من القرن العشرين، باستخدام المساحيق اللونية المعروفة، ولكنها تختلف عن الألوان الزيتية والمائية التقليدية، بأنها معجونة بمستحلبات بوليميرية polymeres. وتلجأ مصانع الألوان إلى إنتاج «الألوان الأكريلية» و«الألوان الفينيلية» و«الألوان الأكريلوـ فينيلية» أي الألوان التي عجنت بالمستحلبين معاً بعد معالجة ملائمة.
المزيد »