logo

logo

logo

logo

logo

المظليون

مظليون

Parachutists - Parachutistes

المظليون

 

المظليون parachutists  قوات عسكرية خاصة من القوات المسلحة النظامية تتميز بقدرات قتالية عالية ومعدة للإسقاط خلف خطوط العدو؛ بهدف إرباكه وتأخير أعماله والسيطرة على المناطق المهمة والاحتفاظ بها حتى وصول القوات البرية الصديقة، أو القيام بأعمال التخريب بأسلوب حرب الغوار والانسحاب.

يمكن إسقاط الدبابات والمركبات العسكرية والحمولات الثقيلة بالمظلات من دون أن تصاب بضرر. وذلك في الأماكن التي يتعذر وصول ذلك العتاد إليها عن طريق البر. وتستخدم لهذه الغاية مظلات كبيرة مخصصة للحمولات الثقيلة، كما قد تستخدم لكل منها أكثر من مظلة. وهناك بعض المركبات الفضائية المهيأة للهبوط بالمظلات في البحر بعد أن تدخل جو الأرض كالمركبات الفضائية الأمريكية السابقة، أو للهبوط على البر كما هي حال المركبات الفضائية الروسية (السوفييتية سابقاً). كذلك تتم السيطرة على هبوط مكوك الفضاء وأمثاله من المركبات الفضائية الحديثة من قبل الطاقم على مهابط معدّة لها مع تشغيل معززات صاروخية لتخفيف الصدمة واستخدام المظلات لتخفيف السرعة والتوقف.

ومع أن استخدام المظلات اقتصر في أول الأمر على المهام العسكرية والجوية، فقد وجد كثير من الناس في الهبوط بالمظلات متعة رياضية، وشاع استخدامها لهذه الغاية. كما فرضت الضرورة استخدامها لغايات أخرى، مثل مكافحة الحرائق في الغابات والمناطق الجبلية الوعرة أو المعزولة من قبل الإطفائيين المظليين الذين يتمتعون بالجسارة والجرأة للهبوط في الأماكن التي يصعب الوصول إليها براً. كما يُعمد في كثير من الحالات إلى إسقاط مواد التموين والوقاية الطبية للمحصورين من الناس في الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات وغيرها. وتستعمل  المظلة أيضا لكبح سرعة مركبة تجري على الأرض كتخفيف سرعة الطائرات النفاثة إثر ملامستها الأرض ودرجانها على المهبط، أو كبح سيارة فائقة السرعة أو قارب سريع  من مركبات السباق أو التجارب. وهناك أنواع من قنابل الطائرات التي تجهز بمظلات لتأخير زمن سقوطها كبعض القنابل النووية والمتشظية والمنثار التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية وفي حرب ڤييتنام وما تزال قيد الاستخدام إلى اليوم. والغاية من المظلة هنا إبطاء سرعة هبوط القنبلة لإفساح المجال للطائرة للابتعاد عن منطقة الانفجار خاصة في التفجيرات النووية الجوية.

لمحة تاريخية

كان رُصَّاد المدفعية أول من استخدم المظلات لغايات عسكرية. وكان هؤلاء يستخدمون مناطيد[ر] مربوطة بكبول إلى الأرض في الحرب العالمية الأولى. وكانت هذه المناطيد هدفاً مغرياً لطياري الطائرات المقاتلة المعادية، مع صعوبة تدميرها لغزارة نيران الدفاع الجوي التي تحميها. ولما كان من الصعب على الراصد الاحتماء، إضافة إلى الخطر الذي يتعرض له نتيجة احتراق المنطاد الممتلئ بغاز الهدروجين، فقد فرض عليه الهبوط بالمظلة بمجرد رؤية طائرة معادية. ومن ثم يتولى الطاقم الأرضي سحب المنطاد إلى الأرض وتفريغه من الغاز بأسرع ما يمكن. في حين كان الطيارون يُمنعون من حمل مظلات خاصة بهم بحجة تعزيز محافظتهم على أعصابهم.

كانت المظلات الأولى ثقيلة الوزن وكبيرة الحجم، وتخفف من مقدرة الطائرة المقاتلة في ذلك الزمان على المناورة والأداء الجيد، ولاسيما في أثناء القتال الجوي. غير أن ألمانيا تعد أول دولة في العالم تدخل المظلة التقليدية المعروفة إلى القوات الجوية لإنقاذ الطيارين. وقد جربت في بادئ الأمر المظلات المثبتة شرائط فتحها إلى الطائرة، غير أنها برهنت على عدم نجاعتها عندما تبدأ الطائرة المصابة هبوطاً حلزونياً. وفي عام 1919 اخترع البريطاني ليزلي إيرفين Leslie Irvin مظلة يمكن للطيار استخدامها بنفسه عندما يتخلص من الطائرة. ومنذ ذلك التاريخ عمم استخدام المظلات لإنقاذ الطيارين في الطائرات العسكرية، وتستثنى من ذلك الطائرات المدنية.

المظلة

المظلة parachute جهاز على شكل قبة من النايلون يربط بالشخص أو الحمولة التي يراد إسقاطها من الطائرة بغية إبطاء سرعة السقوط إلى درجة آمنة تمكن من الهبوط (الإبرار = الوصول إلى الأرض) بسلام، ويتوفر ذلك عن طريق زيادة مقاومة الهواء للجسم الساقط.

تصنع المظلة التقليدية عادة من شرائط مثلثية على شكل قطاعات من دائرة من قماش النايلون مخيطة بعضها إلى بعض؛ لتأخذ شكل القبة. وفي ذروة القبة تترك فتحة صغيرة ينساب منها الهواء لتحسين استقرار المظلة عند الهبوط وبقائها مفتوحة. و كان قطر المظلة التقليدي المخصصة للأفراد نحو 9م. ويتدلى من حافة المظلة حبال من النايلون تسمى حبال التعليق shroud or suspension lines تنتهي بشرائط متينة تدعى شرائط الحمل risers تثبت بها العدة  (الحمالات) التي يرتديها المظلي.

تطوى المظلة وحبالها بطريقة معينة، وتحشر بعناية في حقيبة بطريقة تمكنها من الفتح بسهولة ويسر، وهذا الأمر من أهم عوامل أمن القفز بالمظلات. إذ إن عدم الدقة التامة بترتيبات طي المظلة قد يؤدي إلى كارثة، أو يحول دون فتحها بالشكل الصحيح. وقبل القفز يتحقق المظلي من عدته والحقيبة المربوطة بها، ويدلي حلقة السحب المربوطة بشريط الفتح في الخلف من فوق كتفه إلى موضع مناسب له على صدره. وشريط الفتح مربوط بدبوس أو خابور أو أي آلية لفتح الحقيبة. وفي بعض الأحيان تستخدم مظلة صغيرة مع كم وجيب صغير لسحب المظلة الكبيرة من الحقيبة الرئيسية وفتحها.

بعد أن يقفز المظلي ويتحقق من اتخاذه وضعية مستقرة يشد الحلقة، فتنفتح المظلة، ويتم له الهبوط بسلام. وتجدر الإشارة إلى أن السقوط في الهواء قبل فتح المظلة يسمى سقوطاً حراً، وهي تسمية غير صحيحة، لأن مقاومة الهواء تعوق سقوط الجسم، ومن ثم لا يتم التسارع على أساس 9.8م/ثا كما لو كان السقوط حراً في الخلاء.

في عمليات الإسقاط المظلي العسكرية يكون شريط الفتح مثبتاً إلى عمود في الطائرة بحيث تفتح المظلة تلقائيا بمجرد خروج المظلي منها، وكذلك الأمر فيما يتصل بمظلات العتاد والأحمال المختلفة. وكانت المظلات في أول عهدها غير قابلة للمناورة، وغالباً ما تكون معرضة لرحمة الرياح، غير أن المظلات الحديثة مصممة بحيث يمكن للمظلي التحكم بها في توجهه نحو نقطة الهبوط.

أنواع المظلات

الشكل (1) الأقسام الرئيسية للمظلة المستديرة الحديثة

أ ـ المظلة المستديرة round parachute: هي مظلة للهبوط فقط؛ بمعنى أنها لا توفر إمكانية الارتقاء أو المناورة والتوجيه كما هو شأن المظلة الرياضية المسطحة. تستعمل المظلة المستديرة  في الأعمال العسكرية وفي حالات الطوارئ ولإسقاط الحمولات، ونادراً ما يستخدمها «غواصو السماء» skydivers [ر: المظلات (رياضة -)]. وهي على شكل قبة دائرية من طبقة قماش واحدة محززة مصنوعة من قطاعات مخيطة إلى بعضها، يسميها بعض المظليين «قنديل البحر» jellyfish لشبهها به، غير أن بعض المظلات المستديرة الحديثة قابل للتوجيه والتحكم بسرعة الهبوط، ولكن إلى درجة محدودة. ومثل هذه المظلات تجهز بفتحات لها أشكال محددة في القسم الخلفي منها تسهل انفلات الهواء منها، فتندفع المظلة باتجاه الأمام وهي تهبط؛ مما يمكن المظلي من توجيه المظلة وإبطاء سرعة هبوطها الأفقي.

ب ـ المظلة الحلقية ذات الذروة القابلة للجذب annular and pull down apex parachute: وتعرف كذلك بمظلة القائد، وهي مظلة مستديرة من حيث المبدأ مع وجود حبال تعليق إلى ذروة القبة تشدها إلى أسفل، فيصبح شكل القبة كشكل حبة العدس. وقد أزيل القماش عن فتحة في الذروة لمرور الهواء؛ لتصبح كالحلقة. وبذلك يقل الشد الأفقي بسبب شكلها المفلطح، فإذا أضيف إليها فتحات خلفية تصبح سرعة هبوطها نحو الأمام قريباً من 15كم/سا. وإذا ما أضيف قماش متدل خلف الفتحات يصبح شكل هذه المظلة كشكل الخوذة الألمانية في الحرب العالمية الثانية.

ج ـ مظلة الحلقة والشريط ribbon & ring parachute: تشبه هذه المظلات المظلات الحلقية، ويمكن تصميمها بحيث تفتح في سرعة تصل إلى 2 ماك (ضعف سرعة الصوت). ولها قبة كالحلقة مع فتحة كبيرة في وسطها لتخفيف الضغط. وقد تقسم الحلقة أحياناً إلى شرائط مربوطة بحبال بعضها إلى بعض بحيث تسمح بتسرب الهواء أكثر، فلا تتمزق المظلة عند الفتح بسرعات كبيرة. وهذه المظلات مصممة للسرعات الكبيرة؛ لتبطئ من سرعة الحمولة عندما تفتح، وتخفف من سرعة الهبوط.

الشكل (2) المظلة المسطحة (مظلة حشر الهواء)

د ـ مظلة حشر الهواء ram air parachute أو المظلة المسطحة: معظم المظلات الحديثة هي من النوع المنبسط المتعدد الطبقات الحابس للهواء، وتعرف كذلك باسم متعددة الطيات parafoil، وهي توفر للمظلي القدرة على التحكم بسرعة هبوطه واتجاهه كالشراعية، ولكنها أقل منها قدرة على الارتقاء وأقل مدى، ومصممة للتداول والانتشار وتخفيف السرعة النهائية عند الإبرار. تصنع كل المظلات من هذا النوع من طبقتين من القماش علوية وسفلية؛ مخيطتين إحداهما إلى الأخرى بسرائد من قماش مستطيلة أو مثلثية. يملأ الهواء المضغوط ضغطاً عالياً الفراغ بين الطبقتين من طريق فتحات على الحافة الأمامية للمظلة فتتخذ المظلة شكلها المنتفخ، وتتوتر الحبال المربوطة بها تحت وزن الحمل؛ تماماً كما يحدث للمنطاد عندما ينتفخ.

المظلات الاحتياطية

يحمل المظلي - سواء كان عسكرياً أم رياضياً- مظلتين. تدعى أولاهما المظلة الرئيسية والثانية احتياطية. يستخدم المظلي المظلة الاحتياطية إذا لم تعمل المظلة الرئيسية بالشكل الصحيح. وقد أدخلت المظلات الاحتياطية إلى الخدمة في الحرب العالمية الثانية في الجيش الأمريكي، ثم أصبح استخدامها عالمياً، ولا يكتفى بمظلة واحدة إلا عند القفز في حالات الطوارئ فقط، وغالباً ما تكون المظلة مستديرة في هذه الحالة.

استخدام قوات المظليين

الشكل (3)

مظلي من الحرب العالمية الثانية يستعد لركوب الطائرة بكامل عتاده

تعرف قوات المظليين على أنها قوات إنزال جوي أو قوات محمولة جواً، وتزود عادة بمظلات مدورة على شكل قبة، يسمونها قنديل البحر لشبهها به. ونادراً ما تستخدم المظلة المستديرة في هذه الحالات.

تمتاز قوات المظليين من القوات المنقولة جواً أو قوات الإبرار الجوي والمغاوير، التي هي في الأساس قوات مشاة، بكونها قوات خاصة تسقط بالمظلات. وهذا يعني حصولها على درجة معينة من التأهيل لكيفية استعمال المظلة، والقدرة على السقوط بها، وكيفية التصرف عند الإبرار. وفيما عدا ذلك فإن طبيعة عملها ومهامها لا تختلف كثيراً عن بقية صنوف القوات المحمولة جواً أو المغاوير أو حتى قوات المشاة[ر] العالية التدريب. ويعتمد الاستخدام القتالي لقوات المظليين على المهام التي يمكن أن تكلف بها، وهو موضوع مرتبط تماماً بالإمكانات المتاحة لنقلها وتأمين عملها ومقدرة القوات البرية على الوصول إليها أو إعادتها إلى قواعدها.

تعمل قوات المظلات بطريقتين مختلفتين، فهي إما أن تعمل مستقلة لتنفيذ مهمات محدودة، كتخريب منشآت معادية أو اختطاف أسرى أو الحصول على معلومات أو وثائق مهمة، تعود بعدها تلك القوة إلى قواعدها بإمكاناتها الخاصة أو بوساطة الطائرات أو الحوامات؛ وإما أن تعمل بالتعاون مع القوات البرية أو البحرية بمهمة الاستيلاء على نقاط أو مواقع مهمة والمحافظة عليها حتى وصول تلك القوات. ومن ثمّ فإن الاستخدام القتالي لقوات المظلات قد يُصنَّف على المستوى الاستراتيجي أو العملياتي أو التكتيكي. ويختلف قوام قوات المظلات المستخدمة في الحالات الثلاث طبقاً للغاية والإمكانات المتوافرة. وغالباً ما تكون قوات المظلات العاملة على المستوى الاستراتيجي بقوام فرقة أو لواء مظلي معزز قادر على العمل منعزلاً والدفاع عن نفسه وعن المنطقة التي يسيطر عليها بعيداً عن قواعده ولمدة طويلة قد تمتد أسابيع. أما على المستويين العملياتي والتكتيكي فيتوقف قوام قوات المظليين على نوعية المهمة المنوطة بها والمدة التي يتوقع وصول القوات البرية أو البحرية الصديقة إليها. كأن تكلف أعمالَ التخريب أو الإغارة أو شلّ مؤخرات العدو وتأخير تقدم احتياطاته والاستيلاء على منطقة محدودة أو نقطة استناد حتى وصول القوات الصديقة. وتعمل قوات المظلات في تلك الحالات بقوام سرية مظلات معززة أو كتيبتها.

الشكل (4) إسقاط مظلي لقوات إنزال جوي

مع تطور وسائل النقل الجوي الحديثة وقدرة الطيران على الإقلاع والهبوط القصير والعمودي؛ ومع تطور سلاح الحوامات وزيادة تسلحها وقدرتها على العمل في مختلف الأجواء ومختلف الأراضي؛ تقلّص نصيب المظليين من تلك المهام التي كانت تكلف بها، وازداد الاعتماد على قوات المغاوير والقوات الخاصة الأخرى، غير أن ذلك لم ينه الحاجة إلى وجود قوات مظليين، واستخدام المظلات لإسقاط الحمولات في مناطق يصعب على الحوامات الوصول إليها إن لم يكن ذلك مستحيلاً. ولم يمنع التوسع في استخدام الحوامات إمكانية استخدام المظليين قوات محمولة جواً ونقلها بالحوامات أو غيرها؛ واستخدامها كذلك في عمليات الإنزال البحري؛ لأن الطائرة والمظلة ليستا سوى وسيلتين لإيصال المقاتلين إلى أرض المعركة. ومن هذا المنطلق مالت قيادات كثيرة إلى دمج قوات المظليين والمغاوير في تنظيم موحد يسمى اليوم بمسميات مختلفة، كالقوات المحمولة جواً، أو قوات الإنزال الجوي، أو القوات الخاصة، أو قوات التدخل السريع.

تنظيم قوات المظليين

تتألف القوات المحمولة جواً تنظيمياً في أكثر الجيوش من سرايا وكتائب وألوية وفرق. أما أصغر وحدة تكتيكية في هذا التنظيم فهي الجماعة فالفصيلة، وهي مسلحة بأسلحة خفيفة وعتاد خفيف يؤهلها للحركة في مختلف الأراضي. كما يمكن تشكيل مفارز مختلفة القوام يختار لها العدد المناسب من المظليين والعتاد على أساس المهمة التي ستكلفها. ويدخل في قوام الكتيبة عدة سرايا، وقد تزود بأنواع من الأسلحة الثقيلة والدبابات الخفيفة والحوامات الكافية لنقلها. أما اللواء والفرقة فيختلف قوامهما من دولة إلى أخرى ومن جيش إلى آخر، كما يختلف نوع تسليحهما وعتادهما بحسب توافر الإمكانات التقنية لتلك الجيوش وتوافر وسائل النقل لديها والمهمات التي يتوقع أن تقوم بها في المستقبل.

محمد وليد الجلاد

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الجيش ـ القوات المسلحة ـ المدرعات ـ المشاة ـ المظلات (رياضة ـ).

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ عدنان مخلوف، المظليون والقوات المنقولة جواً (مركز الدراسات العسكرية، دمشق 1991).

- JIM GREENWOOD, Parachuting for Sport (TAB Books 1978).

- CHARLES CHEA-SIMONDS, The Complete Sport Parachuting Guide (Sterling 1986).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 888
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1065
الكل : 58517794
اليوم : 90308

الإنكماش الإقتصادي

الانكماش الاقتصادي   الانكماش الاقتصادي deflation حالة تنتاب الحياة الاقتصادية نتيجة سياسة متعمدة في غالب الأحيان، يميل معها مستوى الطلب الكلي ليغدو أدنى من مستوى العرض الكلي، مما يؤدي إلى تقليص الفاعليات والتداول النقدي، وارتفاع قيمة العملة الوطنية وكلفة القروض، مع ميل مستوى الأسعار والأجور نحو الانخفاض. ومهما بدا هذا التعريف شاملاً فإنه لا يستطيع أن يحيط وحده بجميع أوجه الانكماش الاقتصادي. التطور التاريخي لمفهوم الانكماش إن مصطلح الانكماش حديث في الفكر الاقتصادي مثل مصطلح التضخم[ر] inflation. ففي المرحلة التي غلبت فيها المدرسة الكلاسيكية كان الانكماش ملحوظاً بوصفه نوعاً من الكساد الاقتصادي depression يحدث مؤقتاً بانتظار عودة التوازن العفوي بين العرض والطلب، أي بين الإنتاج والاستهلاك إلى حالته الطبيعية. لكن دخول الاقتصاد الرأسمالي في أزمات دورية منذ عام 1825 لفت النظر إلى ظاهرة الانكماش بوصفها وجهاً من أوجه الأزمة يظهر قبل الركود. وكان التضخم الذي لحظه الاقتصادي جان بودان في القرن السادس عشر قد غدا في القرن التاسع عشر مألوفاً. ولما دخل التضخم في الأدبيات الاقتصادية باسمه الإنكليزي المشار إليه أعلاه باتت كلمة الانكماش تعني عملية مقصودة لإزالة التضخم. وقد ارتبط مفهوم الانكماش بمفهوم التضخم ارتباطاً وثيقاً، لكنه بقي ارتباطاً وحيد الطرف، فالانكماش حلٌ للتضخم، في حين لا يقول أحد بأن الانكماش يجد حلّه في التضخم، بل في عودة التوازن. مع ذلك، فإن الانكماش حالة يمكن أن تصيب الاقتصاد على نحو عفوي. وهو يثير في الفكر الاقتصادي جملة من التعاريف، وتكمن صعوبة تحديده في طبيعته، وفي كونه مقصوداً أو غير مقصود، وخاصة عندما يختلط بغيره من الظواهر النقدية والاقتصادية. مهما يكن الأمر فإن الحدود التي يمكن حصر الانكماش فيها هي حدود العرض والطلب الكليين: كلما نزع الأول نحو الارتفاع نسبة إلى الثاني كان هناك انكماش، والعكس في التضخم، بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى ذلك. ومن هنا أيضاً كان الانكماش أمراً ملحوظاً في كل الاقتصاديات، رأسمالية كانت أم اشتراكية أم نامية. ففي الرأسمالية يمكن ملاحظة الانكماش، مثلاً، عندما يفقد اقتصاد السوق توازنه بعد بلوغه نقطة التشغيل الكامل بمفهوم الاقتصادي البريطاني كينز Keynes، كما يظهر كلما ارتسمت علامات التشاؤم على الحياة الاقتصادية نتيجة لإلغاء احتمالات الربح أو الإفلاس في المشروعات أو تعطيل عوامل الإنتاج أو زيادة نفقات الإنتاج. وفي الاشتراكية، يظهر الانكماش نتيجة تحديد أهداف للخطط الاقتصادية قاصرة عن استخدام جميع الموارد المتاحة أو لأن الإنفاق الإجمالي أقل من قيمة الناتج الإجمالي. أما في البلدان النامية، فيمكن أن يظهر الانكماش ردة فعل للسياسة الهادفة إلى رفع معدلات التنمية بأساليب تضخمية، مما لا تستجيب له البنية الاقتصادية الاجتماعية، فيقع الانكماش. الانكماش والركود يختلف الانكماش عن الركود Stagnation في أن الأول، وإن اتسم بتباطؤ الفاعليات، ينتظم في مجموعة من التدابير التي من شأنها إعادة التوازن إلى الاقتصاد، أمّا الركود فهو حالة تجتاح الاقتصاد فيصاب بانخفاض الإنتاج فارتفاع الأسعار ووقوع البطالة، وتنعكس آثار  ذلك كله على الحياة الاجتماعية. وقد يختلط الركود بالتضخم فيدعى آنذاك بالركود التضخمي Stagflation وهي الحالة التي تسيطر اليوم على اقتصاديات الدول الرأسمالية، إذ يقترن التضخم النقدي بالركود الاقتصادي. وإذا كان الانكماش هو الوجه الآخر للتضخم، فإن الركود هو الوجه الآخر للازدهار Prospérité. لكن لابد من الإشارة أيضاً إلى أن الانكماش، حينما يستوطن، يؤدي إلى الركود ومن هنا جاءت بعض الالتباسات في تحديد كل منهما. الانكماش النقدي باستثناء بعض الحالات النادرة التي كانت تقع فيما يعرف بالاقتصاديات الاشتراكية، إذ قد يحصل الانكماش النقدي نتيجة لتقديرات خاطئة غير مقصودة تقلل من تدفقات الكتلة النقدية مقارنة بالتدفقات السلعية، فإن الانكماش النقدي لا يكون إلا نتيجة لسياسة نقدية متعمدة تهدف إلى تقليص الكتلة النقدية المتداولة وتصل إلى حدود ما يسمى بالبزل النقديPonction Monétaire. وهذا البزل النقدي هو بقصد كبح جماح الأسعار أو إجبارها على الانخفاض بفعل التقليص القسري للكتلة النقدية. وتملك الدولة، من أجل ذلك، عدداً من الوسائل أهمها: الإقلال من الإصدار النقدي وسحب بعض فئات العملة من التداول، مما يرفع، في كل الأحوال، من قيمة العملة الوطنية وينعكس في انخفاض الأسعار. وتقوم التغطية في ضبط الإصدار النقدي وتعريف الوحدة النقدية بطريقة سليمة لتحقيق الاستقرار النقدي. لذلك تحرص الدولة على هذه التغطية حرصها على استقرار أسعار عملتها. قامت بلجيكة في الأعوام 1944-1946 بعملية انكماشية جمدت بها الأوراق النقدية والحسابات المصرفية، وقد أدى ذلك إلى استقرار التداول النقدي وازدياد القوة الشرائية بنسبة نمو الإنتاج وإلى انخفاض الأسعار. وأجرت ألمانية الاتحادية عام 1948 إصلاحاً نقدياً حدّت به من التدفقات النقدية المرتفعة في اقتصادها بتحويل المارك، عملة الرايخ القديمة، إلى دوتش مارك بنسبة: 1 إلى 10. وتظهر العلاقة بين الكتلة النقدية والأسعار بسهولة: فالأسعار = الكتلة النقدية/ كتلة المنتجات أو نسبة الكتلة النقدية إلى كتلة المنتجات فإذا نقصت الكتلة النقدية (مع بقاء كتلة المنتجات على حالها) أدى ذلك إلى انخفاض الأسعار. لكن هذه السياسة الانكماشية ما كان لها أن تنجح، كما يقول ريمون بار، لولا أن بلجيكة استطاعت تحقيق استيرادات مكثفة سمحت بها موجوداتها من القطع الأجنبي (الدولار)، ولولا أن ألمانية كان عليها أن ترد إلى الشعب عملته. وسياسة الانكماش النقدي تنطوي كذلك على محاذير اجتماعية وخاصة ما له علاقة بخسارة المدينين وتقوية مركز المدخرين، وقد تعجز وحدها عن تخفيض الأسعار، وقد اعتمدت أمريكة على هذه السياسة، في عهد نيكسون في السبعينات، غير أن الحدّ من السيولة النقدية في الاقتصاد الأمريكي أدى إلى تقليص الفاعليات الاقتصادية واستمرار الأسعار في الارتفاع، نتيجة للتضخم الناجم عن زيادة الكلفة، وكان لابد من مزج التدابير النقدية المقترحة من مدرسة شيكاغو بتدابير أخرى. وتفرض سياسة الانكماش النقدي نفسها على البلدان النامية، بيد أن نمط الإنتاج الغالب في معظمها يملك آلية يستحيل معها تطبيق هذه السياسة لمعالجة التضخم، وهذا النمط نفسه ينتقص من مسألة التغطية ويضرب عرض الحائط بكل المعايير لدى إصداره النقدي المكشوف، فيخلق بذلك توترات تضخمية تجبر السلطات النقدية على السير في اتجاه سياسة معاكسة. إن ارتفاع أسعار السلع الضرورية والفاخرة في هذه البلدان، نتيجة لنقص الإنتاج من جهة وانخفاض قيمة العملة الوطنية من جهة أخرى، يحدث نوعاً من الادخار الإجباري بالكف عن الاستهلاك، لكنه ادخار يذهب جله إلى الاكتناز والمضاربات والمتاجرة بالعملات الأجنبية وتهريبها فيستشري التضخم، وبذلك تتبخر رغبات «التقشف» المعلنة. الانكماش التسليفي وهو جانب من سياسة متعمدة للتسليف تلجأ إليها الدولة من أجل توجيه عملية توافر النقود وتحقيق الأهداف الاقتصادية والمالية في مرحلة التضخم. وقد تلجأ الدولة إلى تحقيق نوع من التنمية من دون تضخم، يتسم معه الاعتدال في السياسة التسليفية بنوع من الانكماش. وأهم التدابير في إطار الانكماش التسليفي هو تحكم مصرف الإصدار بالسيولة النقدية ورفع كلفتها، تارة عن طريق سعر إعادة الحسم مما يجبر مصارف الودائع على رفع معدلات الحسم لديها والإبطاء  في العمليات التي من شأنها إيجاد وسائل الدفع وطوراً عن طريق منح الاعتمادات، وذلك بالتأثير في معدلات الفائدة في السوق المالية، وسلوك سياسة السوق المفتوحة open market فتبيع الدولة ما لديها من أوراق مالية تمتص بفضلها جزءاً من الودائع لدى البنوك مقلصة بذلك السيولة لدى هذه الأخيرة مما يحدّ من قدرتها على التسليف. وتعمد السلطات المالية إلى تدابير متممة منها تطبيق نظام الاحتياطي الإلزامي على المصارف، بحملها على إيداع نسبة من الأموال لدى المصرف المركزي معادلة لجزء من ودائع الزبائن، كما تفرض رقابة صارمة على السيولة النقدية يحظر بموجبها على المصارف تجاوز الاعتمادات، التي تمنحها، للمعدل الوسطي لمجموع المبالغ المودعة لديها. ويمكن أن يضاف إلى ذلك ترشيد تخصيص الاعتمادات للمشروعات وفئاتها بطريقة اصطفائية ومنع منح هذه الاعتمادات لغايات المضاربة، وذلك بتحديد سقف الاعتماد الممنوح لبعض المشروعات. وتلجأ أكثر الدول النامية إلى سياسة الانكماش التسليفي لمجابهة التضخم ومنها سياسة سعر الفائدة، لكن هذا الإجراء الأخير محكوم عموماً بأسعار الفائدة في الأسواق المالية الدولية. كما أن أسلوب التمويل بعجز الميزانية المنتشر في هذه الدول يستدعي الاقتراض من المصارف، إذ تلجأ الدولة إلى ذلك مقابل أذونات خزينة، وغالباً من دونها، مما يعرقل سياسة الانكماش ويفتح الباب لضدها. الانكماش في الإنفاق حين يقع الخلل بين حجم الإنتاج وحجم الإنفاق من تزايد هذا الأخير واتساع «الفجوة التضخمية»، تبدو سياسة الحدّ من الإنفاق الخاص والعام (حين لا يمكن زيادة الإنتاج) مسألة لابدّ من حلها وتأخذ الصور التالية: 1ـ في مجال الإنفاق الخاص: أول ما يخطر على البال هو تخفيض الأجور. والمعلوم أنه ليس لتخفيض الأجور والرواتب مكان واسع في الفكر الاقتصادي ولا هو مستحب في مراحل التطور الاقتصادي الاجتماعي. وأمام قضية ربط الأجور بالأسعار وتثبيت الأجور، وربط الأجور بالإنتاجية اختفت نغمة تخفيض الأجور. وقد يمكن تصور سياسة لتخفيض الأجور في الاقتصاديات الاشتراكية لدى زيادة فوائض الكميات المنتجة وانخفاض الأسعار. لكن هذا يبقى غير مستحب من الناحية النفسية، ولذلك تستعيض الدولة عن تخفيض الأجور بزيادة الضرائب لامتصاص القوة الشرائية الزائدة. وتفضل الضرائب الشخصية المباشرة بشرط أن تصيب جميع الدخول المعلنة التي كان من السهل التهرب من إعلانها. أما الضرائب غير المباشرة فهي، لاشك، تحدّ من الاستهلاك لكنها تؤدي أيضاً إلى ارتفاع الأسعار نتيجة ثقل عبئها، مما يقود إلى نوع آخر من التضخم. لذا فإن استعمال الضرائب غير المباشرة لا يكون على العموم مجدياً إلا إذا أصاب سلع الاستهلاك الترفي. 2ـ في مجال الإنفاق العام: تلجأ السلطات المعنية إلى السياسة الانكماشية في الموازنة العامة وذلك بالإقلال من النفقات من جهة وتحقيق وفر في الموازنة من جهة أخرى. وهو أمر يمكن أن ينجح في الاقتصاديات الرأسمالية والاشتراكية. أما في الاقتصاد المتخلف، والمعلوم هنا أن نسبة كبيرة من النفقات العامة الحكومية تميل إلى الارتفاع، كالرواتب والنفقات الإدارية والدفاعية والأمنية، فإن الحد من الإنفاق العام مهما تصدت له السلطات المعنية لا يذهب إلا إلى الإنفاق الاستثماري. ومن هنا كانت المفارقة؛ فالتنمية تتطلب زيادة في الإنفاق الحكومي لزيادة كمية المنتجات، والانكماش (التقشف) يعمل، بتخفيض هذا الإنفاق، على تخفيض إنتاج البضائع والخدمات الضرورية. ولذا كان لابد لهذه السياسة من أن تأخذ بالحسبان صعوبة تقليص النفقات والتعويض منها بالحصول على الموارد. ولا ينجح ذلك إلا في مرحلة يتهيأ فيها الاقتصاد المتخلف للانتعاش. وفي هذه البلدان المتخلفة ذاتها لابد لسياسة الانكماش في الإنفاق من أن تعمل على امتصاص القوة الشرائية الإضافية لدى ذوي الدخول العالية لردها إلى الدولة وتوجيهها نحو الاستثمار وزيادة التراكم. كما أن استقرار الأسعار، ولو بصورة نسبية، يبقى ضماناً لنجاح سياسة الانكماش في الإنفاق، إضافة إلى أن هذا الاستقرار يساعد على الاستقرار في أسعار الصرف وتحسين مركز البلد النسبي في التصدير. ومن ثم لابد من إخضاع أسعار الخدمات للمراقبة وإلا فإن الفعاليات الخدمية تنشط على حساب الفعاليات السلعية، مما يوجد خللاً يصعب إصلاحه، يسير في خط التضخم نفسه الذي يراد كبحه. الانكماش والاقتصاد الوطني درج الفكر الاقتصادي على دق ناقوس الخطر كلما سار الاقتصاد الوطني في طريق الانكماش. لأن الانكماش يؤدي إلى الكساد وهذا يحمل أسوأ العواقب على العمالة والفعاليات الاقتصادية. ولعل أكبر سابقة من هذا النوع كانت أزمة الثلاثينات (1929 وما بعدها). هذه الأزمة وضعت الفكر الاقتصادي أمام حالة من الانكماش أدت إلى الكساد إذ اجتاحت البطالة الولايات المتحدة وبريطانية وأكثر الدول الأوربية. مما دعا الاقتصاديين إلى التفكير بالوسائل الضرورية للخروج من الأزمة. أسهمت التدابير الكينزية إسهاماً تاريخياً حين طالبت برفع الأجور الاسمية لرفع مستوى الطلب الفعال، وحين اشتركت الدولة في هذا وفي حل مشكلة البطالة عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي وتمويل عناصره، ولاسيما «التمويل بعجز الموازنة» إذ تخطت الاقتصاديات الرأسمالية أزمتها بفضل هذه التدابير منتقلة إلى مرحلة من الازدهار، ثم عاشت بعدها في نشوة زيادة الإنتاج والاقتراب من مستوى التشغيل الكامل حتى بداية السبعينات حين اندلعت الأزمة الرأسمالية الجديدة، وهي أزمة جديدة اجتمع فيها التضخم والركود، فكان من الطبيعي أمام الركود التضخمي أن تفقد التدابير الكينزية مسوغاتها، وأن تعود الرأسمالية إلى تدابيرها التقليدية (الكلاسيكية) لمعالجة التضخم بتوازن الموازنة والاستقرار النقدي وضغط الإنفاق، مكتشفة أهمية السياسة الانكماشية، أي أن تعود إلى تدابيرها التقليدية لمكافحة الركود ومن أهمها الاتجاه بقوة نحو الأسواق الخارجية وجبهات القتال لتصريف فائض الإنتاج ولاسيما فائض إنتاج «العهد الصناعي الثالث» الذي تمخضت عنه الأزمة نفسها. لكن التدابير الكينزية مازالت تجد تطبيقاتها في البلدان النامية والمنطقة العربية منها خاصة في شروط لم تخطر على بال كينز، مما يؤجج التضخم ويقضي على التضامن الاجتماعي في هذه البلدان، حيث العمالة ذات دلالات مختلفة عما هي عليه في البلاد الرأسمالية، يتعايش التضخم الجامح مع البطالة بمختلف صورها، ولكن ليس لأسباب انكماشية قادت إلى الركود، بل لأسباب تضخمية سابقة، هي على العموم من منشأ نقدي (تواتر الإصدار النقدي الكينزي بلا تغطية) ولوجود آلية تخريبية في نمط الإنتاج الغالب تعطل الفعاليات السلعية لصالح النشاطات الخدمية الطفيلية. ولذلك، فإن الإمعان في استعمال «الوسائل الكينزية»، لأنها أسهل الوسائل، يؤدي إلى توفير سيولة نقدية تفوق المقدرة الإنتاجية الحقيقية، مما يطلق التضخم ولا يسمح لأي سياسة انكماشية أن تعمل بأي حال من الأحوال. في هذه البلدان النامية لابد إذن من إحداث «الانعكاس» في الآلية المذكورة للتصدي بحزم للتضخم،) لأن البطالة في عوامل الإنتاج ليست بسبب الانكماش). ويجب أن تعمل سياسة الانكماش في هذه البلدان للتأثير في العرض والطلب الكلي معاً، ويكون ذلك حتماً بالحدّ من زيادة الكتلة النقدية للحدّ من جموح الطلب الاستهلاكي، وبالعمل على ساحة العرض لزيادة إنتاج السلع الزراعية والصناعية، وفي هذا المجال يجب إعادة هيكلة الجهاز الإنتاجي واتخاذ جميع التدابير للتركيز على زيادة الإنتاجية وتنمية الموارد. وهكذا يؤمل الحصول على توازن في مستوى معين من الأسعار يتعامل مع مستوى معين من الأجور والرواتب. إن عدم أخذ السياسة الانكماشية لمسألة الطلب الكلي في الحسبان هو كعدم مراعاة «سياسات التنمية بالتضخم» لقضية العرض الكلي في البلدان النامية. ولذا فإنه من أجل الحد من القوة الشرائية المتزايدة لابد من التعرض للريوع السهلة والأرباح الناشئة عن الوضع الاقتصادي الاجتماعي المتخلف ويكون ذلك بالضرائب المباشرة. إن تعقيم القوة الشرائية المتراكمة بين أيدي فئات المستغلين والمضاربين والعابثين بمؤسسات الدولة يستدعي توجيه الفوائض إلى حساب خاص في الخزينة يخصص لزيادة الإنتاج. إلى ذلك كله يضاف ما له علاقة بمراقبة الاستيراد والتصدير ومعدلات الصرف ومكافحة التهريب وتسرب العملات إلى الخارج. ولعل ذلك يستدعي بالضرورة تغيير نمط الإنتاج الغالب.    إسماعيل سفر   الموضوعات ذات الصلة:   التضخم.   مراجع للاستزادة:   ـ إسماعيل سفر، محددات السياسة الاقتصادية العربية المعاصرة (1983)، أزمة الرأسمالية وعاملها الخارجي (1984)، النظرية الكينزية والمأساة الاقتصادية ـ الاجتماعية (1985): منشورات جامعة الدولة بمونص (بلجيكة) مركز الدراسات والبحوث العربية (CERA). -PR.R. BARRE , Economie politique (PUF, Paris 1964).
المزيد »