logo

logo

logo

logo

logo

النيرفانا

نيرفانا

Nirvana - Nirvana

النيرڤانا

 

النيرڤانا Nirvana مصطلح سنسكريتي يعني حرفياً (الانطفاء بالنفج أو الخمود) والمقصود انطفاء الشعلة أو المصباح، وقد أطلق على حالة الانعتاق العقلي والشعوري من كل ما يجلب الألم والعذاب بالتخلي عن إرادة العيش، وعن المصالح الفردية، وعن أوهام الأحاسيس، والانصراف عن العالم الخارجي، وعن عالم الأفكار إلى مرحلة من الفناء بالمبدأ الكلي والخير الأسمى.

كما أطلق في التعاليم البوذية[ر] Buddhism على مرحلة في العبادة يصل فيها المرء إلى الاندماج الكلي في أشياء هذا الكون، حيث تخمد فيها الرغبات والشهوات، ويصبح كل شيء بلا معنى، وتصبح كل الأشياء على مسافة متساوية من الفرد، فلا تميز ولا تفضيل لشيء على آخر، فهي حالة مطلقة من اللامبالاة وعدم الاكتراث. ويستطيع المرء أن يبلغ النيرفانا عن طريق تدريب مدروس، يطال الجسد كما يطال الروح، فالبوذية ترى أن الإنسان يستطيع التحرر من الألم عن طريق الكمال الأخلاقي الذي يمكن بلوغه عن طريق الانعتاق من الحياة والانغماس في النيرفانا، وهي المرحلة التي لا يعود الفرد فيها يحس بنفسه على أنه ذات، وإنما يذوب ويتلاشى في الوجود أو الحقيقة الكامنة وراء الوجود الظاهري، وهو ما يسمى بالاستنارة Illumination ويسمون من يبلغ هذه الحالة بالمستنير Illuminated وهو اللقب الذي كان يطلق حصراً على بوذا[ر] Buddha (المتوفى سنة 483ق.م) لأن غشاوة الدنيا قد رفعت عن بصره وبصيرته، فرأى الحقيقة رأي العين، وفني عن نفسه فيها، وهي حالة لم يبلغها على الكمال إلا بوذا، حيث قال ذات يوم «لم يعد لدي ما أفعله في هذه الدنيا» فعدوا ذلك بمنزلة الفكرة المنيرة، وأنه قد استنار بها واهتدى. والاستنارة بالصينية Bodhi، وقد  جاءت الفكرة إلى بوذا وهو جالس جلسته  المشهورة تحت شجرة (البو) التي أطلق عليها أتباعه (شجرة الاستنارة).

وتتلخص تعاليم بوذا في هذا الشأن في الحقائق الأربع النبيلة الآتية: إن الحياة كئيبة غير مقنعة، وإن الطمع سر بلائها، وإن القضاء على كآبة الحياة يمكن بالقضاء على الطمع فيها، وإن السبيل إلى ذلك يأتي بطرق ثمانٍ هي: الرأي السديد، والطموح السديد، والقول السديد، والسلوك السديد، والتكسب السديد، والجهد السديد، والعقل السديد، والتفكير السديد، وبذلك يتحقق الصفاء النفسي والفكري فنبلغ مرحلة النيرفانا.

وقد استعار الفيلسوف الألماني آرتور شوبنهور[ر] Arthur Schopenhauer ت(1788-1860م) لفظ النيرفانا وروّجه في مؤلفه الرئيس «العالم إرادة وتصور» عام 1818 ليشير إلى أن الحياة ليست إلا وهماً وسراباً، لذلك لابد من الزهد فيها وفي كل متعها، والعمل لبلوغ حالة النيرفانا، وهي عنده (السعادة العقلية والنفسية التي يمكن أن يبلغها من ينكر إرادة الحياة في نفسه) ويمحو فيها الميل إلى بقاء الذات والنوع، حيث يرى شوبنهور أن الوجود الذي نعرفه إنما يهجره إنسان الخير بطيبة خاطر، وما يحصل عليه في مقابل ذلك هو العدم، وأن الحكيم هو من عاش وكف عن محبة الحياة وهو يعيش.

ويختلف مفهوم شوبنهور عن مفاهيم البوذية بأن النيرفانا عنده هي إنكار تام، أي محو الميل إلى بقاء الذات والنوع، في حين ترى البوذية أنها وقف نمو الحياة وقفاً تاماً، وذلك بإنضاج البذور التي تعيد غرسنا بلا انقطاع في التناسخ، فالنيرفانا عندهم هي الفناء في الخير الأعلى الذي يبلغه الإنسان برجوعه إلى المبدأ الأول بعد إمحاء ذاته الفردية في الكل.

وقد استخدم متصوفة الإسلام تعبير الفناء Annihilation مرادفاً للنيرڤانا، وهي عندهم حالة من عدم الشعور بالنفس، والتحرر من كل صفاتها ولوازمها، والانقطاع عن الغير، وفناء الذات البشرية في الذات الإلهية. 

عدنان شكري يوسف

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

بوذا والبوذية ـ التناسخ.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ دايساكو إكيدا، البودية الفلسفة الحية، ترجمة محمود منقذ الهاشمي (مركز الإنسان الحضاري، دمشق 2002).

ـ هنري أرفون، البوذية، ترجمة: هنري زغيب (المنشورات العربية، بيروت 1985).

ـ حامد عبد القادر، بوذا الأكبر (دار نهضة مصر، القاهرة 1986).


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 202
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1039
الكل : 58480647
اليوم : 53161

أوكيغيم (يوهانس-)

أوكيغيم (يوهانس ـ) (نحو 1425 ـ 1495م)   يوهانس أوكيغيم Johannes Ockeghem مؤلف موسيقي فلمنكي ولد في الفلاندر Flandres وتوفي في تور Tours جاعلاً من فرنسة وطنه. تلقى تعليمه الموسيقي في كاتدرائية أنفيرAnvers ونشأ فيها صبياً منشداً، ثم تابع مهنة الغناء عند دوق آل بوربونBorbon في مولان Moulins بين عامي 1446- 1448. ومنذ عام1452، دخل في خدمة ملوك فرنسة شارل السابع ولويس الحادي عشر وشارل الثامن، وبقي في البلاط الفرنسي رئيساً للجوقة الغنائية الملكية حتى وفاته، وتسلّم فيها مناصب عدة. وسافر من فرنسة في رحلة موسيقية إلى إسبانية والفلاندر. وقد ذاعت شهرته في فرنسة وبلدان أوربة الأخرى، وكان أداء بعض مؤلفاته الموسيقية تأبيناً له عند وفاته، ورثاء الشاعر كريتان G.Cretin له بقصيدة تحوي أكثرمن أربعمئة بيت خير دليل على مكانته.
المزيد »