logo

logo

logo

logo

logo

النازية

نازيه

Nazism - Nazisme

النازية

 

النازية Nazism حركة سياسية واجتماعية، نشأت في ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى وانهيار امبراطوريتها و توقيع معاهدة فرساي عام 1919.

كان المناخ الثقافي والسياسي في أوربا حينذاك مفعماً بالدعوات المذهبية والأفكار القومية والاشتراكية، وصعود النظرية الماركسية، والأفكار الفاشية. وقد أسهم هذا المناخ في ظهور الحركة القومية الاشتراكية National Socialism في ألمانيا؛ والتي سميت بالنازية.

ويقصد بالنازية تلك الظاهرة التاريخية التي بلغت أكمل صيغها في فترة الثلاثينيات من القرن العشرين حتى العام 1945، حين استطاع الحزب النازي بزعامة أدولف هتلر Adolf Hitler أن يقود الحركة القومية الاشتراكية في ألمانيا، وأن يسيطر على الحكم في العام 1933، ويلغي الأحزاب، ويحتكر السلطة في ألمانيا. مدفوعاً بعدة عوامل؛ من أهمها:

ـ شعور الأمة الألمانية بالمرارة نتيجة هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، وانهيار إمبراطوريتها حيث جاءت النازية بمنزلة رد فعل على الإذلال القومي.

ـ الأزمة الاقتصادية التي عصفت بأوربا بعد الحرب العالمية الأولى، وما نجم عنها من بطالة و بؤس، إذ قدمت نفسها حركة تمرد على الليبرالية الاقتصادية والسياسية التي لم تجلب سوى الكوارث.

ـ انتصار الحركة الشيوعية في روسيا من جهة، و تأثرها بمبادئ و أفكار الأيديولوجية الفاشية[ر] وافكارها التي انتشرت في إيطاليا، إذ عدّت النازية أن مشروعها القومي الاشتراكي يشكل البديل عن الماركسية، فقد رأى أحد دعاتها غوبلز Goebbels «إن القومية الاشتراكية هي الاشتراكية الحقة، لا تكمن في إثارة الطبقات إحداها على الأخرى، بل في حملها على العيش معاً وتوحيدها في صلب الجماعة القومية».

كذلك رأى المُنَظِّر النازي ڤان بروك Van Brook «أن الاشتراكية القومية الحقة ليست مادية بل مثالية، و أن التضامن القومي يجب أن يحل محل صراع الطبقات…».

غير أن ماميّز النازية، هو إعلاء النزعة القومية وجموحها نحو التمجيد القومي، وإحياء العرقية أساساً للقومية؛ مما عزز دعوتها العنصرية، وقد أضفى عليها هتلر بشخصيته أفكاراً تنزع إلى تمجيد الدولة و ترسيخ فكرة الزعيم والشخصانية[ر].

بيد أن النازية قدمت نفسها على أنها تحمل تصوراً جديداً للعالم، إذ قال أرنست روهم Ernest Röhm أحد منظّري النازية في العام 1934: «إن الثورة القومية الاشتراكية تعني القطيعة الفكرية مع ذهنية الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789، فالاشتراكية القومية أقامت بدلاً من قيم الديموقراطية قوى لا يمكن قياسها بالذراع و الميزان، ولا يمكن فهمها بالعقل والحساب، هي قوى الروح و الدم…».

ولعل أهم الأفكار التي عملت النازية على تحقيقها كانت جملة من المبادئ التي استوحتها من بعض الفلاسفة الألمان ولاسيما نيتشه[ر] Nietzsche و هيغل[ر] Hegel وألتوسر Althusser؛ واستلهامها الروح القومية من بسمارك [ر] Bismarck.

تقديس فكرة الدولة:

تخضع هذه الفكرة عند النازية للسياسة لا الاقتصاد، فقد رأى زعيمها هتلر «أن الدولة جهاز عرقي، وليست تنظيماً اقتصاديا». فالحقيقة الأساسية هي الأمة؛ إذ ليس الشعب الألماني مجموع ألمان القرن العشرين فحسب، بل واقع تاريخي وبيولوجي.

العرقية و المجال الحيوي:

وقد عبّر هتلر عن فكرة العرق بقوله في كتاب «كفاحي»: «إن الشعوب التي تتخلى عن الحفاظ على نقاوة عرقها تعدل في الوقت نفسه عن و حدة روحها…».

وقد أدت فكرة العرق الآري القائم على الدم إلى نزعة التفوق العرقي العنصري، ونشوء دعوة المجال الحيوي المبنية على أساس العنصر الجرماني بخلاف فكرة الامبراطور الألماني غليوم الثاني Guillaume عن المجال الحيوي المبني على أساس التوسع الاقتصادي والتجاري…

وقد عبّر هتلر عن رؤيته في العام 1932: «إن العالم لايتم فتحه بوسائل اقتصادية، بل إن سلطة الدولة هي التي تخلق الشروط الضرورية للتجارة، وليست التجارة هي التي تشجع التوسع السياسي، فالعدد أهم من الرفاه، والقوة أهم من الثروة…».

وقد أدت هذه الرؤية إلى بناء مجتمع عسكري منظم، وجيش قوي، وتسليح متطور يستطيع أن يحقق تطلع هتلر إلى المجال الحيوي المبني على التوسع باتجاه بناء الأمة الألمانية وحيثما وجد العرق الألماني.

ـ فكرة الزعيم الملهم:

رسخت النازية فكرة التواصل بين الزعيم و الشعب. وقد عبر هتلر عن ذلك بقوله: «إن ما خلص ألمانيا من شدتها ليس العقل الذي يغالي في التوفيق. فالعقل حذّركم من أن تأتوا إلي، و الإيمان وحده أمركم بذلك».

فعند النازية يحدث تطابق بين العنصر والدولة والأمة والزعيم (الفوهرر Führer) الذي ينبغي أن يكون موضع إجلال وتقدير وثني، إذ إن تصرف الزعيم هو الذي يصنع الحق… إنه الحكم الأسمى المتعالي على القواعد.

قادت مجمل المبادئ والأفكار التي بشرت بها النازية والإعداد العسكري لتحقيقها إلى دخول ألمانيا بزعامة هتلر في الحرب العالمية الثانية، وأدى ذلك إلى اصطدامها مع القوميات الأوربية الأخرى، واتهمت باضطهاد الأعراق والقوميات التي اجتاحتها، ولاسيما اضطهادها اليهود. لكن المفارقة أن ممارسات النازية في الحرب العالمية الثانية قد تماهت مع دعوة الصهيونية وممارستها العنصرية ضد العرب في فلسطين بعد انتهاء الحرب وإنشاء الكيان الصهيوني على أساس عرقي يهودي، واضطهاد العرب في فلسطين واغتصاب أراضيهم.

انتهت الحرب في العام 1945 بهزيمة النظام النازي، وعملت الدول المنتصرة على تصفية أدواته و أفكاره. وقد أشار المفكر الفرنسي كامو Camus إلى أسباب هزيمة النازية بقوله: «إنها تقوم على فكرة ساذجة في الأصل؛ و هي سيادة الجنس الآري، وحاولت تحقيق هذه الفكرة من خلال امبراطورية عالمية. وهذا سر التناقض والخلل الداخلي الذي أدى إلى انكسارها فكرياً قبل أن تنكسر عسكرياً…».

سامي هابيل

 الموضوعات ذات الصلة:

 

بسمارك ـ الشخصانية ـ الفاشية ـ نتيشة ـ هتلر ـ هيغل.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ماكس غالو، الأيديولوجيات في العالم الحاضر، ترجمة: صلاح الدين برمدا (وزارة الثقافة، دمشق 1983).     ـ جان توشار، تاريخ الأفكار السياسية، ترجمة: ناجي الدراوشة (وزارة الثقافة، دمشق 1984).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 356
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1035
الكل : 58480941
اليوم : 53455

بورجيزيه (جوزيبه أنطونيو)

بورجيزيه (جوزيبه أنطونيو ـ) (1882 ـ 1952)   جوزيبه أنطونيو بورجيزيه Giuseppe  Antonio  Borgese مؤرخ أدب وباحث في علم الجمال وروائي وشاعر إيطالي، ولد في إحدى ضواحي مدينة بالرمو Palermo ونال درجة الدكتوراه في الآداب من جامعة فلورنسة (1903) Firenze ثم شغل بين عامي 1910 و1930 منصب أستاذ الأدب الألماني في جامعتي رومة وميلانو، كما درّس فيهما علم الجمال.
المزيد »