logo

logo

logo

logo

logo

المملكة المتحدة (التاريخ القديم)

مملكه متحده (تاريخ قديم)

United Kingdom - Royaume-Uni

المملكة المتحدة (التاريخ القديم)

 

المملكة المتحدة United Kingdom تسمية حديثة تعود إلى بداية القرن التاسع عشر الميلادي، بعد أن توحدت بريطانيا العظمى مع إيرلندا، أما في العصور القديمة فعرفت البلاد باسم بريطانيا Britannia.

إن معرفة تاريخ بريطانيا قبل الاحتلال الروماني تعتمد بصورة شبه كاملة على الأبحاث الأثرية، ماعدا بعض الشواهد القليلة المستقاة من المصادر الكلاسيكية وخاصة العالم الموسوعي بوسيدونيوس Poseidonios، وهكذا تنقص التفاصيل لأن علم الآثار نادراً ما يقدم معلومات عن الأشخاص أو الدوافع أو تواريخ الأحداث، فكل مايمكن الحصول عليه هو تقديم صورة عن الثقافات المتتابعة وبعض المعلومات عن التطور الاجتماعي والاقتصادي والعمراني. وحتى في الأزمنة الرومانية فإن بريطانيا كانت - بحكم موقعها - في طرف العالم المتحضر، بعيدة عن دائرة اهتمام المؤرخين الرومان الذين لم يقدموا إلا معلومات قليلة يمكن إضافتها إلى المعطيات الأثرية. وفي الحقيقة فإن بريطانيا لم تدخل تحت أضواء التاريخ الموثق بصورة كاملة إلا منذ استيطان الساكسون في القرن الخامس الميلادي.

ينقسم تاريخ بريطانيا القديم إلى عصرين كبيرين هما: عصور ماقبل التاريخ والعصر الروماني.

عصور ماقبل التاريخ:

تعود أقدم الآثار الدالة على وجود الإنسان في بريطانيا إلى ماقبل نصف مليون سنة، ولكن وجوده واستقراره كان متقلباً ومرهوناً بالتبدلات المناخية الكبرى وتناوب العصور الجليدية يوم أن كانت بريطانيا متصلة «براً» بالقارة الأوربية . وبالتالي فإن مسيرتها الحضارية كانت مماثلة لتلك التي شهدها غربي أوربا، وإن جاءت متأخرة عنها من حيث المستوى والرقي.

كان سكان بريطانيا آنذاك يسكنون الكهوف ويعيشون على الصيد والالتقاط وصيد الأسماك، وكانت أدواتهم وأسلحتهم مصنوعة من الحجر المشظّى والمصقول، لقد ظلوا طوال العصر الحجري القديم (الباليوليتي) محافظين على مظاهر حياتهم المادية وبقيت الفأس اليدوية الأداة الأساسية عندهم. ومع نهاية العصر الجليدي الرابع فقدت بريطانيا منذ أوائل الألف السادس قبل الميلاد صلاتها «البرية» مع القارة الأوربية عبر القنال الإنكليزي، ولكنها بقيت تستقبل منها التأثيرات الحضارية المختلفة. وفي مطلع الألف الثالث قبل الميلاد ظهرت ملامح العصر الحجري الحديث (النيوليتي) المتمثلة بانتشار الزراعة وتطورها وظهور أنماط سكن جديدة واقتباس طقوس دفن جديدة وانتشار الحرف المختلفة، بما في ذلك صناعة الفخار.

ومن أهم شواهد ذلك العصر تلك المباني الأثرية الميغاليتية Megalitic المسماة ستونهنج [ر]Stonehenge في الجنوب الغربي من إنكلترا، والتي بنيت في مراحل متعددة في الألفين الثاني والأول قبل الميلاد، وهذه المنشآت الضخمة فريدة من نوعها ليس فقط في بريطانيا وإنما في كل أوربا، وقد تطلبت إقامتها جهوداً ضخمة ومجتمعاً قوياً يقف خلفها ولايمكن القيام بها إلا بمعارف تقنية عالية لعلها جاءت من شرقي البحر المتوسط.

وفي مطلع الألف الأول قبل الميلاد عرفت بريطانيا استعمال البرونز ثم تلاه عصر الحديد مع وصول تأثيرات حضارة هالشتات Hallstatt، وما أن حل منتصف الألف الأول قبل الميلاد حتى بدأ وصول الكلتيين[ر] Celts قادمين من غربي أوربا، وجلبوا معهم حضارة عصر الحديد الثانية لاتين وكان أولهم الغيليون Gaels الذين شكل أحفادهم شعب إيرلندا واسكتلندا، ثم تبعهم البريتون Britons الذين وصلوا إلى مستوى حضاري عالٍ ولايزال أحفادهم يقطنون مناطق كورنول Cornwall وويلز Wales ومنطقة بريتاني Bretagne الفرنسية، وأخيراً ظهر شعب البلجيك Belgae في القرن الأول قبل الميلاد الذين استوطنوا في أقصى الجنوب، وقد وصفهم قيصر في الحروب الغالية بأنهم أقوام يتكلمون الكلتية ويحرقون موتاهم.

كانت هجرة الكلتيين إلى بريطانيا على شكل موجات متتالية وبأعداد متزايدة، وما أن جاء القرن الأول قبل الميلاد حتى كان معظم سكانها من أصول كلتية.

بريطانيا الرومانية:

بدأت العصور التاريخية في بريطانيا مع قيام القائد الروماني يوليوس قيصر Iulius Caesar عام 55 ق.م  بعد أن أخضع بلاد الغال (فرنسا) بحملة عسكرية استطلاعية لشواطئها الجنوبية، ثم قام بحملة ثانية في العام التالي على رأس قوة كبيرة فوجد زعماء القبائل البريطانية في جنوبي إنكلترا قد وحدوا قواهم بقيادة كاسيفلاونوس Cassivellaunus ولكنه هزمهم وأحرز بعض الانتصارات التي دفعت عدداً منهم إلى الخضوع للرومان وتعهدهم بدفع الجزية، ثم انسحب «قيصر» بعد أن فتح أبواب بريطانيا للتجارة الرومانية ولقدر من النفوذ السياسي الروماني. وبقيت بريطانيا في القرن التالي خارج نطاق السيطرة الرومانية المباشرة، وقامت فيها بعض الممالك الصغيرة وعلى رأسها مملكة كامولودنوم Camulodunum (كولشستر حالياً).

وأخيراً قرر الرومان في عهد الامبراطور كلاوديوس Claudius غزو بريطانيا فأرسلوا جيشاً كبيراً بلغ نحو أربعين ألف مقاتل بقيادة أولوس بلاوتيوس A.Plautius فاجتاح جنوبي البلاد ثم جاء الامبراطور بنفسه في صيف عام 43م ليقود جيشه إلى مدينة كامولودونوم التي تزعمت المقاومة وليتقبل خضوع 12 ملكاً بريطانياً، وعاد إلى روما للاحتفال بهذا النصر. وتابع الجيش الروماني إخضاع المناطق السهلية الجنوبية والوسطى وتم تشكيل ولاية بريطانيا الرومانية Provincia Britannica يدعمها عدد من الممالك الصغيرة الدائرة في فلك روما. واستمرت المقاومة في إقليم ويلز بزعامة كاراتاكوس Caratacus طوال ثماني سنوات حتى تم إخضاعهم عام 51م. وقد اندلعت في عهد الامبراطور نيرون Nero ثورة كبيرة بقيادة الملكة بوديكا Boudicca استطاعت في 61م احتلال عدد من المواقع الرومانية وتدميرها ولكن الرومان تمكنوا من التغلب عليها وسحقها.

وفي عهد الامبراطور دوميتيانوس Domitianus تولى حكم بريطانيا القائدُ القدير أغريكولا Agricola الذي نظم غزو شمالي ويلز وإنكلترا، وقام بحملة دامت خمس سنوات في اسكتلندا، وأحرز نصراً مبيناً على القبائل السكتلندية عام 84م. ولكن سيطرة الرومان في المناطق الشمالية الجبلية كانت قصيرة الأجل بسبب مقاومة قبائل البيكت Picts والسكوت Scots الضارية. واضطر الرومان إلى إقامة خط دفاعي من التحصينات تحول في عهد الامبراطور هادريان Hadrianus عام 122م إلى سور قوي بطول نحو 120كم في أضيق جزء من الجزيرة وضم مجموعة كبيرة من القلاع والحصون والأبراج، وقد عرف باسم سور هادريان ولاتزال كثير  من معالمه وأجزائه سليمة تشهد على روعة فن التحصينات العسكرية الرومانية.

ثم أقيم سور جديد في أقصى الشمال بطول 70كم عرف بسور أنطونينوس Antoninus ولكنه لم يصمد طويلاً. واضطر الامبراطور سبتيميوس سفيروس Septimius Severus إلى العودة إلى سور هادريان بعد أن خاض معارك ضارية في اسكتلندا وتوفي عام 211م في مدينة يورك York.

كان يرابط في بريطانيا جيش روماني قوي راوحت أعداده بين 40-50 ألف جندي، لذلك ثار بعض قواده محاولين الوصول إلى العرش. وفي عصر الاضطرابات والفوضى العسكرية صارت بريطانيا جزءاً من الامبراطورية الغالية التي أقامها بوستوموس Postumus (259- 268)م، ثم صارت مملكة شبه مستقلة تحت حكم كراوسيوس Carausius وخلفائه (286-297م) حتى قضى عليها القيصر كونستانتيوس Constantius والد قسطنطين الذي انطلق من بريطانيا للوصول إلى عرش الامبراطورية الرومانية.

وفي القرن الرابع تعرضت الولاية لهجمات قبائل البيكت والسكوت في الشمال كما بدأت قبائل الساكسون تهاجمها بحراً من الجنوب وحاقت الأخطار بالامبراطورية من كل الجهات مما اضطر الرومان إلى سحب آخر قواتهم عام 410م تاركين الجزيرة لمصيرها حيث بسط الجرمان الساكسون سيطرتهم عليها وانتهى عصر السيادة الرومانية على بريطانيا.

كان يحكم بريطانيا ولاة بمرتبة قنصل تحت إمرتهم أربع فرق عسكرية نظامية إلى جانب القوات المساعدة، وكان مقر الوالي في مدينة كامولودنوم. وفي عهد سبتيميوس سفيروس (193-211م) قسمت بريطانيا إلى ولايتين ثم صارت أربع ولايات في عهد ديوقليتيانوس Diocletianus ت(284-305)م.

كانت الزراعة تلبي الحاجات الأساسية للسكان إضافة إلى احتياجات الحامية العسكرية الرومانية وبدأ الرومان يستغلون موارد بريطانيا المعدنية الغنية بعد أن استتبت لهم الأمور، وقد بلغت عمليات استخراج الرصاص والنحاس والقصدير والحديد وكذلك الذهب حداً كبيراً وخاصة في القرن الثالث الميلادي، وكانت بريطانيا تصدر كذلك الأقمشة والجلود والمحار واللآلئ، وتستورد بالمقابل النبيذ والفخار والأقمشة والأثاث الفاخر.

لم تجتذب بريطانيا المستوطنين الرومان بأعداد كبيرة باستثناء المحاربين القدماء الذين كانوا يحصلون على إقطاعات مجانية من الأراضي الزراعية، وأنشئت بعض المستعمرات وبدأت تنشأ حضارة مدنية صاعدة كانت عاصمة الولاية من أهم مظاهرها، ولكن سرعان ماحلت الأراضي محلها مدينة لوندينيوم Londinium (لندن) التي أصبحت أكبر مدن بريطانيا، إذ بلغ عدد سكانها مايقرب من 25 ألف نسمة، وصارت مركز شبكة كبيرة من الطرق والميناء الرئيس للتجارة مع القارة الأوربية، كما نشأ كثير من المدن المتوسطة والصغيرة وبدأت الحياة المدنية تتشكل وتتعاظم ومظاهر الحضارة الرومانية تنتشر في كل مكان مثل: المباني العامة والحمامات والفنادق والمدرجات والمسارح وانتشرت القصور الريفية، إذ تم الكشف عن 600 «فيلا» رومانية في جنوبي بريطانيا. وبينما كانت هذه المظاهر تسود في الجنوب والوسط وبين أفراد الطبقة العليا الكلتية فإن الرَّوْمَنَة لم تصادف مثل هذا النجاح في غربي بريطانيا وشماليها وبقيت اللغة الكلتية هي اللغة الشعبية السائدة، وكذلك العادات والأوضاع الاجتماعية، وكانت تسود في الشمال الحياة العسكرية والفيالق الرومانية.

كانت بريطانيا تمثل موقعاً نائياً للامبراطورية والحضارة الرومانية، ولذلك لم يكتب البقاء للغة اللاتينية مع أن الرومان بقوا في الجزيرة ما ينيف على ثلاثة قرون ونصف، ولكنهم وضعوا حجر الأساس للمدنية البريطانية.

  محمد الزين

 

                                                 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1059
الكل : 58492439
اليوم : 64953

المحكمة الإفريقية ل-حقوق الإنسان والشعوب

المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب   نصّ الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان لعام 1981، الذي دخل حيّز النفاذ عام 1986، على الآلية الأولى لحماية حقوق الإنسان، وهي اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان (المواد من 30 إلى 63 من الميثاق)، ثم جاء البرتوكول الإضافي الملحق بالميثاق لعام 1998 لينص على تكوين المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب The African Court on Human and Peoples Rights. 1ـ اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان تتكون اللجنة من 11 عضواً، يتم انتخابهم لمدة ست سنوات، ومقرها بنجول Banjul في غامبيا، ولعل من أهم الصعوبات التي تواجهها تنوع لغات الدول الأعضاء.
المزيد »