logo

logo

logo

logo

logo

المجمع الديني

مجمع ديني

-

المجمع الديني

 

المجمع الكنسي synod- council هيئة تشريعية في الكنيسة المسيحية، تعقد مجالسها بين الحين والحين لسنِّ القرارات وإصدار الفتاوى. وعقد المجامع أمر ملازم لنشأة الكنيسة، رسم الرسل والشيوخ نظامه في حياتهم حينما عقدوا أول اجتماع لهم سنة 50م في أورشليم برئاسة الأسقف «يعقوب الرسول»، وكتبوا عندئذ أول رسالة مجمعية [ر. سفر أعمال الرسل (15 ، 6-29)]، فكان بذلك المثال الأول للمجامع الكنسية. ونسجاً على هذا المنوال، توالى عقد المجامع في الكنيسة تعبيراً عن شمولية الكنيسة وجامعيتها، وبهدف تحديد العقيدة المسيحية وتوضيح إيمانها، وصون معتقداتها من الأضاليل والهرطقات التي كانت تنساب إليها؛ لتنحرف بها، وتشوهها. 

والمجامع إما مجامع مسكونية ecumenical councils (أي عالمية مسكونية نسبة إلى الأرض المسكونة)، وهي اجتماع أساقفة الكنيسة كلها ورؤسائها، أو مجامع محلية local councils وهي اجتماع أساقفة الأبرشيات أو البطريركيات، ويسمى غالباً بالسينودس synods. ويعقد المجمع المسكوني - حسب المذهب الكاثوليكي [ر] Roman Catholicism- بناء على دعوة يوجهها البابا إلى جميع أساقفة العالم الكاثوليكي، ويرأسه هو شخصياً أو من ينوب عنه، وقراراته ملزمة. أما المجمع المحلي أو الإقليمي وهو سينودس البطريركية أو الأبرشية، فيلتئم دورياً وفقاً لحاجة الكنائس، ويعقد بموافقة مجمع أساقفة الكنيسة البطريركية، كما يجب أن تحظى المجامع الأبرشية بموافقة مطران الأبرشية. وليس لهذا السينودس صفة تقريرية، إلا بعد موافقة الكرسي الرسولي. ويُنظر إلى القوانين الكنسية للمجامع على أنها السلطة العليا في الكنيسة بالانسجام التام مع سلطة البابا ودون انتقاص منها. وتعد المجامع المسكونية التي يدعو إليها البابا ويقرّها معصومة عن الخطأ، ولاسيما فيما يتعلق بالعقيدة والآداب المسيحية.

وقد عقدت المجامع المسكونية عدة مرات في القرون الأولى، وشهدها ممثلو الكنائس من جميع الأقطار، وكان السبب الرئيسي لعقدها ظهور مذاهب دينية غريبة تستلزم الفحص وإصدار قرارات بشأنها وشأن مبتدعيها. وبلغ عدد المجامع المسكونية - حسب الكنيسة الكاثوليكية - واحداً وعشرين مجمعاً ابتداء من مجمع نيقية سنة 325 حتى مجمع الفاتيكان سنة 1965. وأما المجامع الإقليمية والمحلية فكثيرة. وكانت الكنائس - ولاتزال - تعقدها في حيزها الخاص لإقرار عقائد معينة، أو رفض بعض العقائد، أو النظر في بعض الشؤون المحلية.

بيد أن معظم المسيحيين لا يعترفون إلا بقرارت المجامع المسكونية السبعة الأولى التي كان آخرها مجمع نيقية الثاني سنة 787؛ أي المجامع التي عقدت قبل الانشقاق الديني بين الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية. وأهمها حسب الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية [ر] Eastern Orthodox مجمع نيقية (سنة 325)، والقسطنطينية الأول (381)؛ وفيهما تقررت العقائد الرئيسية للمسيحية التي تلتقي حولها جميع الفرق والمذاهب المسيحية (ألوهية المسيح وألوهية الروح القدس واستكمال عقيدة التثليث بذلك)، وأفسس (341)، وخلقيدونية (451)؛ ولقد حدّدت مضامين الإيمان بالثالوث المقدس، وعددت الحقائق الأساسية للعقيدة المسيحية كما وردت في قانون الإيمان الذي لا يزال يتلى في القداس والاحتفالات. كما يعدّ المجمع الأورشليمي الذي عقد  سنة 1672 من أهم المجامع الأرثوذكسية الشرقية، حيث صدر فيه اعتراف إيمان الكنيسة الجامعة الرسولية الشرقية، وكذلك المجمع الروسي المقدس سنة 1723.

أما في الكنيسة البروتستنتية [ر] Protestantism فلم يكن للمجامع أو المؤتمرات شأن كبير إلا في زمن الأزمات الدينية التي عصفت بالكنيسة الغربية في عهد الإصلاح الديني [ر] reformation، فكان مجمع سباير Speyer الأول والثاني (1526- 1529) الذي أصدر اعترافاً بقانون الإصلاح، ومنح دعاة الإصلاح حرية العبارة، ومجمع أوغسبورغ Augsburg سنة 1530 لتسوية الخلافات بين الكاثوليك والبروتستنت، ثم صلح أوغسبورغ (1555) وصلح ڤستفاليا (Westphalia (1648، ومجامع محلية أخرى كمجمع ويستمنستر Westminster (1643) لإصلاح الكنيسة الإنكليزية، ومجمع دورت Dort (1618-19) الهولندي، ومجمع بارمن Barmen (1934) الألماني.

أما المجامع المسكونية السبعة التي اعترف بها كل من الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والكاثوليكية الغربية فهي:

مجمع نيقية الأول First Council of Nicaea: أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة وأهمّه. عُقدَ في مدينة نيقية (في بيثينيا شمال شرقي تركيا حالياً) سنة 325م لدرء الخطر الذي هدد وحدة الكنيسة بسبب البدعة الآريوسية [ر] المتعلقة بطبيعة المسيح. وقد دعا إليهِ الإمبراطور قسطنطين الكبير Constantine VI الأساقفة من مختلف أنحاء الشرق وقليل من الغرب. وقد اشترك في هذا المجمع 318 أسقفاً من أصل 1800 كانوا موجودين في أنحاء الامبراطورية آنذاك. وحضره الامبراطور نفسه، واتخذت فيه قرارات خطيرة وضعت الأساس للمسيحية التي لاتزال تتبعها الكنائس. فقد  أصدر المجمع قانون الإيمان النيقاوي Nicene Creed الذي قبلته الكنيسة قانوناً يحدد إيمانها القويم بشأن ألوهية المسيح؛ مستعملاً التعبير «مساوٍ للآب في الجوهر». كما اختار المجمع الكتب المقدسة التي لا تتعارض مع قراراته السابقة، وألغى ما عداها من الرسائل والأناجيل، إضافة إلى ذلك حدد المجمع موعد عيد الفصح في الأحد التالي لعيد الفصح اليهودي. وأعطى لأسقف الإسكندرية سلطة على الكنيسة الشرقية تماثل سلطة أسقف روما البطريركية على كنيسة روما؛ مما أدى إلى نشوء البطريركيات [ر].

مجمع القسطنطينية الأول First Constantinpole Council ثاني المجامع المسكونية، عقد سنة 381 م بدعوة من امبراطور الشرق ثيودوسيوس الأول Theodosius I. وقد حضره 150 أسقفاً أدانوا فيه عدة بدع مؤكدين صحة تعليم مجمع نيقية الأول (325)، ووضعوا حداً للمناظرات الآريوسية، وحرموا البدعة المقدونية التي كانت تشك في ألوهة الروح القدس  مؤكدين أن روح القدس إله، وهو الأقنوم الثالث من الثالوث المقدس. وتم الاتفاق على تعاليم الكنيسة والرسل الحواريين والتي توضح موقف الكنيسة بشأن السيد المسيح وتأكيدها، وقاموا بتبني صيغة قانون الإيمان المستخدم في كنيسة قيصرية فلسطين لتأكيد الحقائق الإيمانية الآتية: أن السيد المسيح إله من إله، مولود قبل كل الدهور (أزلي) غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر. وقد  أصدر هذا المجمع قانون إيمان سُمّيَ بالنيقاوي القسطنطيني ، واعترف بكرامة الكرسي الأسقفي القسطنطيني بعد مكانة كرسي روما.

مجمع أفسس الأول Ephesus: ثالث المجامع المسكونية، عُقِد في أفسس بالأناضول سنة 431 بدعوة من امبراطور الشرق ثيودوسيوس الثاني Theodosius II وامبراطور الغرب فالنتينيان الثالث Valentinian III بهدف حل المشكلة التي قامت بسبب تعليم نسطوريوس[ر] Nestorius بطريرك القسطنطينية، الذي رفض لقب «أم الإله»، وأن السيدة مريم العذراء - أم المسيح - هي أم يسوع الإنسان؛ وليست أم يسوع الإله. وقد اتخذ المجمع قراراً يوافق عقيدة البابا كيرلس بطريرك الإسكندرية   (376-444)م St. Cyril of Alexandria، ويقضي بأن للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة (المذهب الأرثوذكسي). ومن ثم أكَّد صحة لقب «أم الإله» المنسوب إلى مريم. وقد نحّى المجمع نسطوريوس من منصبه، وأدان تعليمَه.

مجمع خلقيدونية Chalcedon: رابع المجامع المسكونية، عُقِد سنة 451 م بدعوة من امبراطور الشرق مارقيانوس Marcianus، وبطلبٍ من البابا ليون الأول [ر] (ليو الأول Leo I, The Great) لتأييد قرار مجمع أفسس الأول ورفض قرار مجمع أفسس الثاني (مجمع اللصوص) المنعقد سنة 449 وإدانة بدعة أوطيخا Eutyches والمونوفيزية [ر] monophysitism القائلة بوحدة الطبيعة في المسيح (اليعاقبة والأقباط) ولَعنِ نسطوريوس وديسقورس وأتباعهما وعَزل ديسقورس الإسكندريّ ونفيه. وقد عقد هذا المجمع أولاً في القسطنطينية ثم انتقل إلى خلقيدونية، وقد حضره نحو600 أسقف، ذات أغلبية شرقية، وأساقفة روما. وصدرت الصيغة النهائية للمجمع؛ لتحدد العقيدة المسيحية، وتؤكد أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين إلهية وإنسانية في أقنوم واحد بلا اختلاط ولا تغيير وبلا انقسام ولا انفصال. وتعلن أيضاً تقدم بطريرك القسطنطينية على سائر البطاركة؛ لتجعله في المرتبة الكنسية الثانية مباشرة بعد بابا روما، وكان هذا الأمر من الأسباب البعيدة التي فصلت الكنيسة الشرقية عن الكنيسة الغربية في القرن الحادي عشر.

مجمع القسطنطينية الثاني Second Council of Constantinople: خامس المجامع المسكونية، وقد عقد سنة 553، وأيد قرارات مجمع نيقية ومجمع القسطنطينية الأول ومجمع خلقيدونية، ولعن، وطرد أصحاب الفكرة التي شاعت حينئذ عن تناسخ الأرواح، وأن شخص المسيح لم يكن حقيقة، بل خيال.

مجمع القسطنطينية الثالث Third Council of Constantinople: سادس المجامع المسكونية، وقد عقد سنة 680، وقرر أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، وكان ذلك تأكيداً لمذهب الكاثوليك؛ ورداً على المذهب المارونيmaronism  [ر. المارونية] الذي يقول: إن للمسيح طبيعتين ومشيئة واحدة في أقنوم واحد.

مجمع نيقية الثاني Second Council of Necaea: وهو سابع المجامع المسكونية، دعت إليهِ سنة 787 إيرينيه Irene (والدة الامبراطور قسطنطين) امبراطورة الشرق؛ بناءً على طلب بطريرك القسطنطينية طراسيوس Tarasius، اشترك فيهِ 350 أسقفاً أغلبهم من البيزنطيين. أوفدَ البابا أدريان Adrian إليه من يشجب مجمع هيريا (753) القائل بتحطيم الأيقونات. وعلى الرغم من معارضة مُحطّمي الأيقونات سمح المجمع بتكريم الأيقونات والصور المقدسة، وأمر بإعادتها إلى كنائس الامبراطورية.

أما المجامع المسكونية الأربعة عشر التي تلتها، واعترفت بها فقط الكنيسة الكاثوليكية؛ فهي: مجمع القسطنطينية الرابع (869- 870)، ومجمع لاتران الأول First Lateran (1123)، ولاتران الثاني (1139)، ولاتران الثالث (1179)، ولاتران الرابع (1215)، وليون الأول Lyons (1245)، وليون الثاني (1274)، وفيينا Vienne (1414-1418)، وفيرار وفلورانس Ferrara-Florence (1438- 1445) ولاتران الخامس (1512- 1517) ، ومجمع ترانت Trent (1545- 1563)، والفاتيكان الأول Vatican (1869-70) والثاني (1962- 65). وكان أهمها شأناً وقراراً:

مجمع لاتران الأول (روما) First Lateran Council: وهو تاسع المجامع المسكونية، وقد عقد في روما سنة 869، و تقرر فيه: عدّ الروح القدس منبثقاً من الأب والابن، وأن الفصل في المسائل الدينية من امتيازات الكنيسة في روما، وأن خضوع المسيحيين في جميع أنحاء العالم لقرارات رئيس كنيسة روما واجب.

والمجمع اللاتراني الرابع: وعقد في روما سنة 1215، وفيه تقرر أن الكنيسة البابوية papacy تملك حق الغفران، وتمنحه لمن تشاء.

والمجمع التريدنتيني (ترانت): وهو المجمع المسكوني التاسع عشر، الذي عقد في مدينة ترنت الإيطالية سنة (1545- 1563) بهدف مواجهة حركة الإصلاحيين التي قادها مارتين لوتر [ر] Luther وجان كالفَن [ر] Calvin؛ ودحض كثير من المعتقدات المألوفة فيما يخصّ الأسرار وتفسير الكتاب المقدّس والسلطة الكنسية والقوانين وموضوعات أخرى. حيث قام بتمحيص هذه الموضوعات ودراستها بتأن، ثم عمد المجمع إلى تحديد عقيدة الكنيسة وتحريم كل ما يناقضها. وقاد حركة إصلاحية حقيقية، أحدثت نهضة كنسية شملت معظم الكنائس في العالم.

ومجمع الفاتيكان الأول: وهو المجمع المسكوني العشرون، الذي عقد في روما سنة 1869، وتقرر فيه عصمة البابا.

والمجمع الفاتيكاني الثاني: هو المجمع المسكوني الحادي والعشرون. الذي عقد من سنة 1962 إلى 1965، وبدأت الدعوة إليه والتحضيرات له منذ سنة 1959، بعد تولي قداسة البابا الطوباوي يوحنا الثالث والعشرين السدّة البطرسية. وقد افتتحه بنفسه في 11 تشرين الأوّل/أكتوبر 1962، وأوضح أن الغرض منه هو تحديث الحياة الكنسيّة، أي تعميق الحياة المسيحية، وتطوير المؤسّسات الكنسية بالنظر إلى ضرورات العصر ومقتضيات الزمان، وتعزيز وحدة المسيحيين، ومساندة العمل الرسوليّ في الكنيسة. وكان لهذا المجمع تأثير كبير في الكنيسة أدى إلى جملة من التغييرات في معظم نواحي الحياة في المسيحية؛ بما في ذلك العبادة والطقوس، وعلاقات الكنيسة وحركتها المسكونية - العالمية والإصلاح الأخلاقي الاجتماعي.

سوسن بيطار

الموضوعات ذات الصلة:

الأرثوذكسية ـ الإصلاح الديني ـ البابوية ـ البطريركية ـ الكاثوليكية ـ الكنيسة ـ النصرانية.

مراجع للاستزادة:

ـ أفغراف سميرنوف، تاريخ الكنيسة المسيحية، ترجمة الكسندروس: مطران حمص (1911).

- Oxford Dictionary of  The Christian Church,( London- New York 1974).

- H. W. CROCKER III, Triumph: The Power and the Glory of the Catholic Church: A 2000- Year History , (Chicago 2002).

- ROLAND BINTON, The Church from the Beginning Up to the 20th Century (Cambridge Press, Cambridge 1978).

 


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : دين
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 806
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1035
الكل : 58491815
اليوم : 64329

تحت المهاد

تحت المهاد   تحت المهاد hypothalamus ( وتسمى أيضاً الوِطاء) غدة توجد على الوجه البطني للمخ[ر] في قاعدة الدماغ المهادي thalamencephalon بين التصالب البصري في الأمام والجسم الحلمي في الخلف. وتبدي في مركزها بروزاً قمعياً هو الحدبة الرمادية. ولتحت المهاد علاقة وثيقة جداً مع الغدة النخامية hypophysis التي تقع تحته معلّقة بالساق النخامية.
المزيد »