logo

logo

logo

logo

logo

الميزان والقبان

ميزان قبان

Balance and bascule - Balance et bascule

الميزان والقبّان

 

الميزان لغةً آلة الوزن، وجمعها موازين، ومن معانيها أيضاً حجارة أو حديد تُسوَّى بمقدار معين يعرف بها وزن الأشياء. والقبّان نوع من الموازين أو القسطاس الذي يوزن به، وهو أقوم الموازين وأعدلها؛ وجمعه قساطيس، وورد ذكره في القرآن الكريم: ]وزِنُوا بالقِسْطَاسِ المُسْتَقيم[(الإسراء 35 والشعراء 182) بمعنى زنوا بالميزان العدل ولا تُخسِروا. والميزان balance أو scale في الاستعمال الحديث آلة ميكانيكية أو إلكترونية لمقارنة وزني جسمين أو كتلتين أو لتحديد فارق الكتلة بينهما لأغراض علمية أو صناعية أو تجارية.

لمحة تاريخية

إن كلمة وزن تاريخياً تعني طريقة قياس الكتلة بالميزان المعروف ذي الكفتين، غير أن استخدامها المعاصر ربما دل على طريقة قياس وزن مختلفة تماماً عن الميزان التقليدي. والميزان من أقدم وسائل القياس، وأبسط أشكاله الميزان المتساوي الذراعين الذي ترجع أصوله في بلاد المشرق إلى نحو 5000 عام قبل الميلاد، وقد استعمله قدماء المصريين وسكان بلاد الرافدين وبلاد الشام، وكان يتألف من قضيب أو عارضة (عاتق beam) تعلق من وسطها (مركز ثقلها)، وفي طرفيها كفّتان متوازنتان معلقتان بحبال من ليف أو جلد، فإن وضع في إحدى الكفتين جسم وزنه (كتلته) غير معروف، ووضع في الكفة الأخرى أثقال معروفة الوزن حتى تتوازن الكفتان، يكون وزن ذلك الجسم مكافئاً لتلك الأثقال. كذلك استعمل الرومان في مطالع عصر الميلاد الميزان القبّاني steelyard، ونقله العرب عنهم، وعرف بالقبّان الروماني. وقد ظل النوعان المذكوران من الموازين هما الأكثر شيوعاً في أنحاء مختلفة من العالم، وأدخلت عليهما تحسينات وتعديلات كثيرة نجمت عنها عدة أنواع من الموازين والأثقال المستعملة في الوزن [ر. الأوزان والمقاييس]. وقد جرت على الميزان البسيط فيما بعد تحسينات عدة؛ منها إدخال محور متحرك للتعليق في مركز العاتق. ومنها كذلك ابتكار شفرة المسند أو ما يسمى «حد السكين» knife-edge في القرن الثامن عشر التي أدت إلى ظهور الموازين الحديثة. وفي القرن التاسع عشر كانت أوربا رائدة صناعة أكثر الموازين الميكانيكية دقة في العالم، في حين شهد القرن العشرون ولادة الموازين الإلكترونية الحديثة التي تعتمد مبدأ التعويض الكهربائي بدلاً من الانحراف الميكانيكي.

تصنيف الموازين

تُصنَّف الموازين وفقاً لتصميمها، ومبدأ عملها، ودرجة دقتها في القياس. ويتم اختيار الميزان مبدئياً على أساس مقدرته على إجراء الوزن الأعظمي، وعلى أساس دقة تقسيمات القياس على مؤشر الوزن سواء أكان سلماً أم قرصاً مدرجاً أم شاشة رقمية أم قارئة. وتُصنَّف الموازين بحسب مبدأ عملها إلى موازين ميكانيكية وموازين إلكترونية.

ومن الموازين الميكانيكية الميزان المتساوي الذراعين equal- arm balance بنوعيه البسيط والمركّب، والموازين الوحيدة الذراع single- lever balances، والقبّان الروماني، والموازين النابضية spring balances بأنواعها، وموازين الضغط compression balances، والميزان الدقيق ذو الذراعين precise tow- lever balance. ومن الموازين الإلكترونية منظومات الوزن الإلكترونية complete electronic weighing systems وموازين التعويض الإلكترونية substitution balances.

الميزان الميكانيكي ذو الكفتين

الشكل (1)

يتألف الميزان الميكانيكي مبدئياً من عاتق (عارضة) صلب يتأرجح على شفرة أفقية كحد السكين عند مركزه تدعى نقطة الارتكاز fulcrum، وعلى طرفي العاتق وعلى مسافة متساوية من المركز توجد شفرتان متوازيتان وكفتان تتدليان من حاملين، أو ترتكزان عليهما. يُوضع على إحداهما الكتلة المراد روزها، وعلى الثانية ثقل معلوم. وهذا التصميم يُبقِي العاتق في وضع أفقي تماماً إذا لم يكن على الميزان حمل. وتوخياً لدقة الوزن توضع شفرتان إضافيتان أو أكثر بين الحاملين والكفتين تمنع إحداهما الميل الأفقي، وتثبت الأخرى مركز الحمل في نقطة محددة عند نهاية الشفرة. وثمة آلية إيقاف تمنع تضرر الميزان عند وضع الحمل بفصل الشفرتين عن حامليهما.

مبدأ عمل الميزان

إن أسهل طريقة لاستعمال الميزان هي الوزن المباشر. فلدى وضع كتلة ما (عينة) مجهولة الوزن في إحدى الكفتين يميل العاتق بزاوية معينة تتناسب مع وزن الكتلة. يمكن أن يقاس مقدار انحراف الميزان بوساطة مؤشر مثبت على العاتق ويتحرك على سلم مدرج بواحدات قياس الوزن، أو بوساطة مرآة عاكسة على العاتق تعكس الانحراف على سلم تدريجات بعيد. فإذا كانت الكتلة المجهولة الوزن كبيرة إلى درجة يخرج عندها المؤشر عن حدود الميزان يُعمد إلى وضع أثقال معروفة تدعى صنجات (واحدتها صنجة poise) في الكفة الثانية ليعود العاتق إلى التوازن، ويكون وزن الكتلة مكافئاً لمجموع وزن الأثقال و مقدار الانحراف على سلم التدريجات الذي يشير إليه المؤشر (الشكلان1 و2).

الشكل (2)

تتطلب طريقة الوزن المباشر أن يكون ذراعا الميزان متساويين تماماً بالطول. فإذا تجاوز الخطأ الناجم عن عدم تساوي الذراعين الدقة المطلوبة يمكن اللجوء إلى طريقة التعويض في الوزن. ولدى تبني مبدأ التعويض هذا يضاف ثقل معاكس counterpoise weight إلى إحدى الكفتين لموازنة المادة المجهولة الوزن. وهذه الطريقة لا تتطلب سوى المحافظة على طولي ذراعي العاتق كما هما في أثناء الوزن. وقد ظلت هذه الطريقة من دون تبديل طوال قرون مديدة، غير أن تطور علم الميكانيك ودقة القياس وابتكار وسائل جديدة كالتخميد المغنطيسي والشعاع الحامل وغيرها مكَّن من تحقيق دقة عالية جداً. ومع ذلك لا تخلو مثل هذه الموازين من عيبين رئيسيين موروثين عن موازين الكفتين هما: خطأ ناجم عن الذراع ـ الرافعة وخطأ ناجم عن حساسية الميزان.

ـ خطأ الذراع ـ الرافعة: وسببه أن الحمل المجهول يُوازَن مع وزنة معلومة على ذراعين رافعتين يفترض أنهما متساويتا الطول تماماً، وفي هذه الحالة لن تكون هناك مشكلة. أما لو كانت إحدى الذراعين أطول من الأخرى بنسبة 1/100000؛ فيكون خطأ الوزن المطبق عليها 1/100000. فإذا كانت العينة المراد وزنها 100غ؛ يكون الخطأ الناتج 1مغ، ولكن صنع ذراعين متساويتين تساوياً مطلقاً غير ممكن عملياً.

ـ خطأ حساسية الميزان: يختلف الوزن على ميزان الكفتين حسب الحمل (عدم وجود حمل، وحمل جزئي، وحمل أقصى). ومن ثمّ تختلف استجابة الميزان للقوة نفسها استناداً إلى الحمل الموجود عليه. فإذا طبقت قوة تساوي 1 مغ على كفة ميزان من دون حمل؛ فسوف ينحرف الميزان، ويشير المؤشر إلى 1مغ على سلم التدريجات. ولكن لو وُضعت وزنة 100غ على كل كفة من الكفتين، وطبقت القوة نفسها (أي 1مغ) على إحدى الكفتين؛ فإن هذه القوة ستسبب انحراف الميزان، ولكن بقدر يقل عن 1مغ.

القبَّان

الشكل (3)

الشكل (4)

الشكل (5)

يتألف القبَّان من عاتق طويل يرتكز على نقطة استناد غير مركزية، ويقاس الوزن بتوازن ثقل معلوم معلق على الذراع الطويل مع الحمل المجهول المعلق على الذراع القصير من العاتق. وهذا هو الاختلاف الرئيسي بين القبَّان والميزان المتساوي الذراعين الذي تكون نقطة استناده في المركز. عندما يعلّق الحمل المجهول الوزن، أو يوضع في مكانه على القبَّان؛ يُزلق الثقل المعلوم على الذراع الطويل نحو الأمام أو الخلف حتى يتوازن مع الحمل، وبمقارنة موضع الثقل على تدريجات الذراع الطويل يتم تحديد وزن الحمل. (الشكل 3).

ـ الميزان النواسي والميزان النابضي: الميزان النواسي pendulum scale ميزان ميكانيكي يتألف من صينية (كفة) مربوطة بنواس معلوم الوزن بطريقة متوازنة، فإذا وضع حمل ما على الكفة يتأرجح النواس خارجاً نحو الجانب حتى يتوازن مع الحمل، وتُشير إبرة مثبتة إلى النواس إلى قيمة إزاحته التي تعادل وزن الحمل. أما الميزان النابضي فتكون صينيته (كفّته) متصلة بنابض يتمدد أو ينضغط ليوازن الحمل على الكفة. وتشير إبرة أو مؤشر إلى المقدار الذي تطاول إليه النابض، أو انضغط بما يكافئ وزن الحمل. وأكثر موازين الحمامات موازين نابضية. (الشكلان 4 و5).

ـ ميزان التعويض: في عام 1946 ابتكر مهندس سويسري يدعى إرنست متلر E. Mettler أول ميزان تعويض عملي. وهو ميزان ميكانيكي يتألف من كفة واحدة وشفرتي حدّ السكين وذراع ـ رافعة واحدة (عاتق) تحمل ثقلاً معاكساً (صنجة) ثابتاً محدد الوزن. وهناك وزنات عيار مرتبة بنظام معين ومعلقة فوق الكفة. عندما يوضع حمل مجهول الوزن على الكفة ترفع وزنات العيار المقابلة للوزن عن الذراع إلى أن يتوازن الميزان. أو بكلمة أخرى: يعوض عن وزن الحمل المجهول بوزنات العيار المرفوعة، وتقرأ الفروق الصغيرة استناداً إلى الميل الزاوي للذراع. وقد استغنى ميزان متلر هذا عن المؤشر، واستبدل به سلم تدريجات ضوئياً مثبتاً على العاتق المتحرك مع مجموعة عدسات ومواشير و مرايا عاكسة، كما أُدخلت على التصميم تحسينات، أهمها منظومة تخميد هوائية، وآلية لتحريك وزنات العيار المصنوعة من خلائط الفولاذ المقاوم للمغنطة، ويمتاز هذا التصميم بتلافيه معظم أخطاء الوزن الملاحظة في الموازين العادية إلى جانب الدقة الكبيرة وسرعة الإنجاز.

ـ الموازين الدقيقة والميكروية: إن بعض الموازين الميكانيكية الحديثة التي تعمل وفق مبدأ الميزان المتساوي الذراعين أو القبان تستطيع إجراء وزن دقيق جداً. فالموازين العلمية المستخدمة في المخابر تستطيع وزن مقدار ضئيل من المادة قريب من جزء من مليون من الغرام، ومثل هذه الموازين تحفظ في علبة من زجاج أو بلاستيك تقيها الانحراف بسبب تبدل درجات الحرارة أو حركة الهواء (الشكل 6).

ويستخدم الصُوَّاغ موازين من هذا القبيل مدرجة بالقيراط (القيراط =200مغ) والأونصة الترويسية troy ounce  ت(480حبة = 31.2غ)، وكذلك وزن البنس pennyweight ت(1.555غ) لوزن الألماس والأحجار الكريمة.

أما موازين الكوارتز الميكروية الصغيرة small quartz microbalance التي تزن أقل من الغرام؛ فتصمم على أساس الحصول على دقة أكبر بكثير من موازين رَوْز العينات الصغيرة المجهزة بعاتق معدني وثلاث شفرات ارتكاز.

 تستخدم الموازين الميكروية أساساً لقياس كثافة الغازات خاصة الغازات التي تستحصل بكميات ضئيلة جداً. يوضع الميزان عادة في حجرة غاز محكمة، ويقاس تبدل الوزن بتبدل قوة التعويم على الميزان بسبب الغاز الذي يحيط به، أما ضغط الغاز فيُضبط بوساطة مقياس ضغط زئبقي موصول بعلبة الميزان.

أما الميزان الميكروي الفائق الدقة ultramicrobalance فيمكن أن يكون أيّ جهاز يصلح لتحديد وزن العينات الأصغر من أن تقاس بالميزان الميكروي، أي تلك التي لا يزيد مجموع كتلتها على بضعة ميكروغرامات. ويقوم مبدؤها على الاستفادة من مرونة المادة التي تصنع منها أجزاء هذه الموازين، أو من إزاحة الموائع، أو التوازن في الحقول الكهربائية والمغنطيسية، أو هذه الوسائل المختلفة مجتمعة. ويتم قياس الأثر بأدق كتلة وزن يمكن صنعها بطريقة الإشعاع الضوئي أو الكهربائي أو النووي لتحديد مقدار الإزاحة، أو بالقياس الضوئي أو الكهربائي للقوى المستخدمة لإعادة الإزاحة التي سببتها العينة المقيسة.

الشكل (6)

يعتمد نجاح الموازين الميكروية التقليدية في الأزمنة الحديثة على خصائص مرونة بعض المواد المناسبة لها، ولاسيما ألياف الكوارتز التي تتميز بمتانة ولدونة عاليتين، ولا تتأثر بالحرارة نسبيا، إضافة إلى خاصة التخلف المغنطيسي hysteresis وإمكانية الثني من غير معاندة. وأكثر الموازين الميكروية الفائقة الدقة نجاحاً مصممة على مبدأ توازن الحمل مع عزم الفتل المطبق إلى ليف الكوارتز. وهناك تصميم بسيط لمثل هذه الموازين مجهز بعاتق أفقي من ليف جاسئ يستند في مركزه على ليف فتل من الكوارتز مثبت به عرضانياً بزاوية قائمة. وعلى كلا طرفي العاتق علقت كفةٌ تُوازِن الأخرى. إن انحراف العاتق بسبب وضع العينة في إحدى الكفتين يُسترد بدوران طرف ليف الفتل حتى يعود العاتق إلى وضعه الأفقي، ويمكن تطبيق كامل مدى الفتل في الليف المعلق لقياس الوزن الموضوع على إحدى الكفتين. و يمكن قراءة مقدار الفتل الضروري لإعادة العاتق إلى وضعه على سلم مدرج موجود عند نهاية ليف الفتل.

الشكل (7)

تتم معرفة الوزن بمعايرة الميزان استناداً إلى أوزان معروفة، وقراءة القيمة على جدول عيارات الوزن في مقابل الفتل. على النقيض من الإزاحة المباشرة في الموازين التي تعتمد على مرونة الجزء الأساسي منها فإن ميزان الفتل يسمح للثقل بالتوازن مع أكبر جزء أساسي في الحمل وهو الكفتان، ومن ثم زيادة طاقة الميزان.

ـ الموازين الإلكترونية: تطورت الموازين الإلكترونية إبان القرن العشرين؛ وتعتمد على الكهرباء في قياس الأحمال، وهي أسرع عملاً وأكثر دقة من الموازين الميكانيكية، كما يمكن ربطها بمنظومات حاسوبية تزيد من فوائد هذه الموازين وفاعليتها ومجالات استخدامها (شكل 7). والنمط الشائع من الموازين الإلكترونية مصمم على أساس استخدام خلية قياس جهد الحمل strain-gauge load cell. ولهذا الميزان صينية (كفة) محمولة على عمود، ثُبِّت عليه مقياس جهد، وهو عبارة عن سلك رفيع تتبدل مقاومته لدى شد السلك أو انضغاطه. فإذا وُضِع حمل على الصينية (الكفة) ينضغط العمود ومقياس الجهد، فتتبدل المقاومة التي يمكن بقياسها تقدير وزن الحمل، ويقوم ماسح بقياس مقدار إزاحة الكفة التي وضع عليها الحمل. وعن طريق المضخم أو الحاسوب يتم توليد تيار يعيد الكفة إلى وضع الصفر، وتقرأ نتيجة القياس على شاشة رقمية أو تطبع على شريط ورقي. إن منظومات الوزن الإلكترونية لا تقيس مجموع الكتلة فحسب، بل تقدم معطيات أخرى تشمل مواصفات الحمل ومتوسط الوزن ومحتوى المادة من الرطوبة وغير ذلك.

محمد وليد الجلاد

الموضوعات ذات الصلة:

 

الأوزان والمقاييس ـ القياس (تقنيات ـ).

 

مراجع للاستزادة:         

                               

- B. KISCH, Scales and Weights: A Historical Outline (Yale Univ. Pr. 1979).

- ROBERT F. DEVELLIS, Scale Development: Theory and Applications (Sage Publications, Inc; 2nd edition 2003).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 229
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1061
الكل : 58492286
اليوم : 64800

فوروزمارتي (ميها لي-)

ڤوروزمارتي (ميهالي-) (1800-1855)   ميهالي ڤوروزمارتي Mihály Vörösmarty شاعر وناثر ومسرحي ومناضل وطني مجري من كبار مجددي الأدب الوطني المجري. يتحدر ڤوروزمارتي من أسرة أرستقراطية آلت إلى الفقر، فصار والده موظفاً مشرفاً على أملاك بعض النبلاء.
المزيد »