logo

logo

logo

logo

logo

الميدية (الحروب-)

ميديه (حروب)

- - -

الميدية (حروب ـ)

 

اشتهر الميديون [ر] في التاريخ القديم بقدراتهم الحربية وتمرسهم في القتال على الرغم من أن مملكتهم لم تدم زمناً طويلاً، ذلك أنه كان لهؤلاء القوم الآريين تراث في القتال والفروسية منذ أن كانوا يجوبون سهوب أوراسيا، موطنهم الأصلي. وقد كان للحروب الميدية في الشرق الأدنى القديم في الألف الأول قبل الميلاد صدى في العالم القديم أدى إلى اقتران ذكر الميديين بالحروب، وخصوصا في كتابات المؤلفين الإغريق، وفي الكتابات الآشورية قبل ذلك.

مرت الحروب الميدية بثلاث مراحل، بدأت الأولى منها مع بداية استقرار الميديين في موطنهم الجديد في شمال ـ غربي إيران، إلى الشرق من جبال زاغروس، وذلك في أواخر القرن التاسع وأوائل القرن الثامن قبل الميلاد، وكان الميديون حين ذاك ينضوون في اتحادات قبلية، وتسهم كل قبيلة بما يقرب من 2000 ـ3000 مقاتل من الفرسان يكونون بمجموعهم قوام القوة الحربية للميديين. وقد استغلت مملكة أورارطو Urartu، في الجهات الشرقية من آسيا الصغرى قوة الميديين لإنهاك الدولة الآشورية، ولم تفلح الحرب التي خاضها الملك الآشوري شمشي - أدد الخامس (823 ـ 811ق.م) ضد تلك القبائل في إزالة خطرها؛ مما أضعف الدولة الآشورية ورجح كفة التنافس لمصلحة الدولة الأورارطية التي انضم إلى جيشها بعض المقاتلين الآشوريين.

 واجه الميديون ضغطاً عسكرياً كبيراً من قبل الآشوريين في عهد الملك الآشوري تغلات بلاصر الثالث (744ـ727ق.م)، ولمواجهة هذا الضغط شجعت الدولة الأورارطية الميديين على الاتحاد سياسياً وإقامة مملكتهم, وتم ذلك في النصف الثاني من القرن الثامن قبل الميلاد. لكن هذه المملكة الناشئة تلقت ضربة عسكرية قوية من قبل الملك الآشوري سرجون الثاني نحو عام 713 ق.م، غير أنها سرعان ما استعادت قوتها. وفي عام 653ق.م قام الملك الميدي الثاني، فراورطيس Phraortes بهجوم كبير على بلاد آشور في عهد الملك آشور بانيبال. ولكن ذلك الهجوم أخفق، ومني الجيش الميدي بنكسة أدت إلى تقهقره, ووقعت بلاد ميديا Media تحت سيطرة منافسيهم من الأسكيثيين Scythians الذين كانوا يجاورونهم من جهة الشمال. وبعد 28سنة من الخضوع للأسكيثيين تمكن كي - أخسار بن فراورطيس وخليفته على العرش الميدي من محاربتهم وإبادة زعمائهم، وبذلك أصبح الميديون متفرغين لمواجهة الآشوريين.

بدأت الحرب الأخيرة بين الميديين والآشوريين بهجوم ميدي على قلب بلاد آشور في عام 614ق.م، وقد تمكن الميديون في ذلك الهجوم من السيطرة على العاصمة القديمة آشور (قلعة الشرقاط [ر] حالياً) ومدينة تربيص (شريف خان) التي تبعد أقل من 13كم إلى الشمال الغربي من العاصمة نينوى، وفي ذلك العام نفسه تقدم الجيش البابلي من الجنوب، وعلى رأسه الملك نبوبولاصر، فالتقى الملكان الميدي والبابلي في مدينة آشور، وعقدا معاهدة تحالف فيما بينهما, وتوج ذلك التحالف بزواج ملكي جمع نبوخذ نصر ولي العهد البابلي وأميتس Amytis ابنة الملك الميدي. مضى العام التالي 613ق.م من دون أن يتمكن الجيشان المتحالفان من إسقاط العاصمة نينوى. لكن ذلك تم في عام 612 ق.م، بعد حصار دام ثلاثة أشهر، بعد معركة نينوى عاد الجيش الميدي إلى بلاده وانسحبت بقايا الجيش الآشوري إلى حرّان، شمالي سورية، في حين هيأ البابليون جيشهم لمطاردة القوات الآشورية المنسحبة. وفي عام 610ق.م عاد الجيش الميدي ليشارك البابليين في هجومهم الأخير على حرّان، وهو الهجوم الذي أزال الدولة الآشورية من الوجود نهائيا.

يبدو أنه كان هناك اتفاق بين الميديين والبابليين حول تحرك جيوشهم، إذ انشغل الجيش البابلي في مواجهات حربية في شمالي سورية، في حين أُطلقت يد الميديين في آسيا الصغرى للتوسع فيها غرباً، وقاد ذلك إلى المواجهة بين الجيش الميدي ومملكة ليديا Lydia على التخوم الشرقية لتلك المملكة. دامت الحرب الميدية - الليدية خمس سنوات لم يستطع خلالها الميديون من تحقيق نصر حاسم على الليديين، واضطر الطرفان بعد المعركة الأخيرة، «معركة الخسوف» في أيار/مايو من عام 585 ق.م إلى إيقاف الحرب الدائرة بينهما وعقد معاهدة سلم تجعل نهر هاليس (كزل ايرمك حالياً) في وسط بلاد الأناضول حداً فاصلاً بين الدولتين. وارتبط الطرفان بزواج ملكي بين أستياغز Astyages، ولي العهد الميدي، وابنة الملك الليدي ألياتز Alyattes. وقد عززت تلك الاتفاقية مكانة ميديا بعدّها إحدى الممالك الأربع العظمى في الشرق الأدنى القديم، وذلك إلى جانب الممالك المصرية، البابلية والليدية. وكانت آخر حرب ميدية في هذه المرحلة هي الحرب التي شنها كورش الثاني (الكبير) ـ ملك الفرس الأخمينيين ـ على الميديين نحو عام 550م. وفي هذه الحرب استولى كورش الثاني على العاصمة الميدية أكبتانا Ecbatana وأسقط الدولة الميدية وأسر ملكها أستياغز، وهو جده لأمه، ووحد الميديين مع الفرس.

أما المرحلة الثالثة من الحروب الميدية فهي التي كان الميديون يشاركون فيها الأخمينيين في القتال، جنباً إلى جنب تحت قيادة الأخمينيين، وقد كان دورهم في هذه الحروب مؤثراً بحيث أن الكتابات الإغريقية كانت تطلق اسم الميديين على الجيوش الأخمينية. واستمر دور الميديين في الحروب القديمة حتى بعد سقوط الامبراطورية الأخمينية، إذ يذكر المؤرخ بوليبيوس Polybios أن كتائب من الفرس والميديين قاتلت إلى جانب أنطيوخس الثالث في معركة رافيا Raphia في عام 217ق.م.

نائل حنون

 مراجع للاستزادة:

 

- I. M. DIAKONOFF, “Media”, Cambridge Ancient History of Iran, (Cambridge 1985)               

- D. STRONACH, “Notes on the Fall of Nineveh”, Assyria 1995, Eds. S.Arpola and R.M.Whiting (Helsinki 1977).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 204
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1050
الكل : 58491334
اليوم : 63848

يسايان (زابيل-)

يسايان (زابيل ـ) (1878ـ 1943)   زابيل يسايان Zabel Yesaian روائية مرموقة ومترجمة، وواحدة من أبرز الأدباء الأرمن، وكانت توقع كتاباتها أيضاً بالاسم المستعار «شاهان». ولدت في ضاحية سكودار في إصطنبول، ودخلت المدرسة هناك، ثم اجتهدت فيما بعد في تطوير نفسها بالمطالعة حتى التحقت بجامعة السوربون ودرست الأدب الفرنسي والفلسفة. لم تكن يسايان شخصية بارزة في مجال الأدب فحسب بل في الشأن الاجتماعي أيضاً. وقد كتبت في العديد من المجلات الأرمنية والفرنسية، وكانت مدافعة شرسة عن حقوق المرأة وتحررها.
المزيد »