logo

logo

logo

logo

logo

المونولوغ

مونولوغ

Monologue - Monologue

المونولوغ

 

المونولوغ Monologue أغنية عاطفية تكون إما شعراً يعتمد على تفعيلات سهلة من بحور الشعر أو مجزوئها وذات قواف واحدة أو متعددة، وإما زجلاً يجمع بين فصيح اللغة وعاميتها.

أول ما ظهر المونولوغ في الغناء العربي كان عام 1915، وعرف شكلاً بدائياً تائهاً بين قوالب الغناء العربي. وأول من غنّاه سلامة حجازي [ر]، ثم اختفى ثلاثة عشر عاماً قبل أن يعود من جديد وضاءً لامعاً.

والمونولوغ ـ في الأصل ـ أغنية من قوالب الغناء الغربي دخل الغناء العربي بفضل الشاعر الغنائي أحمد رامي [ر]، والموسيقي محمد القصبجي[ر]، واكتسب مع الزمن خصائص الغناء العربي، وأضحى قالباً من قوالبه. ويعدّ المونولوغ «إن كنت أسامح» الذي نظمه رامي، ولحّنه القصبجي عام 1928 المنعطف الأساسي في تاريخ الأغنية العربية. ففي هذه الأغنية أعطى القصبجي الصوت الإنساني للمرّة الأولى في تاريخ الغناء أبعاده الدرامية في التعبير، ولم يعد المطرب مجرد صوت يؤدي ألحاناً مجردة من المشاعر والأحاسيس، بل أضحى يسخّر ما يعرف في أصول الغناء لخدمة الغناء نفسه. ولكي يحقق القصبجي هدفه الموسيقي بصورة أقوى وأعمق، اقترح على رامي أن تكون تفعيلات المونولوغ متعددة لتساعد التلحين على التنويع في المقامات والأوزان والإيقاعات [ر. الأغنية] والتحليق بالغناء إلى آفاق أرحب من تلك التي كان يعيشها وقتذاك.

والمونولوغ مستوحى من المونودية Monody، وأغنية الآريا Aria في الأوبرا الإيطالية، ويتميز من غيره من أنواع الغناء في أن الشعر أو الزجل فيه سردي ووصفي ووجداني وألحانه لا تتكرر ولا يتضمن مذهباً ولا أغصاناً متشابهة، ويشتمل على مشاهد موسيقية متلاحقة ومختلفة تفصل بينها لوازم موسيقية. والمونولوغ بوصفه قالباً فنياً- كما وضعه القصبجي ـ هوغناء منفرد يؤديه المغنّي بعيداً عن جوقة الردّيدة وبمصاحبة الفرقة الموسيقية، ويتألف من مقدمة موسيقية ولازمة أساسية تسبقان الغناء أو من لازمة أساسية ومن لوازم وجمل موسيقية تترجم معاني الكلمات بشاعرية تتفق وأبيات المونولوغ التي تروي في الغالب، وتعبّر عن آلام المحبين وأساهم في رومنسية حادة. وهذا النوع من الغناء الوجداني العاطفي لم يكن معروفاً في الغناء العربي قبلاً.

والمونولوغ على نوعين: مطلق ومقيد. في المونولوغ المطلق ينطلق اللحن من نقطة لا يعود إليها مطلقاً، كما في مونولوغ «ليه يا زمان» (1935) ـ لرامي والقصبجي ـ الذي يصحّ لأن يكون نموذجاً للمونولوغ الوجداني التعبيري الحـزين. ويختتم بعد تفاعلات نغمية بالمقام الذي بدأ منه. وتعدّ مونولوغات «يا نجم، ومنّيت شبابي، ورقّ الحبيب، ويا طيور» من أجمل ما لحّن في المونولوغ المطلق.

أما في المونولوغ المقيد فإن الملحن يعود مرات إلى لحن معيّن محطات ارتكاز تكون بمنزلة القناطر التي يعبر منها إلى أغصان الأغنية، كما في مونولوغي «فين العيون» (1934) و«ياما ناديت» (1936).

وجد الشعراء والزجالون في المونولوغ الزجلي الذي جاء به رامي مجالاً خصباً لشاعريتهم، فنظم فيه أحمد شوقي [ر] روائع غناها محمد عبد الوهاب [ر] منها: «في الليل لما خلي» (1932)، و«بلبل حيران» (1930). وأعطى أحمد عبد المجيد مونولوغات خالدة غناها محمد عبد الوهاب من مثل: «أهون عليك»        (1928)، و«ياترى يانسمة» (1932)، و«الهوان وياك معزة» (1932)، و«مريت على بيت الحبايب» (1932).

الشعر في خدمة المونولوغ

انصرف رامي والقصبجي في الفترة التي حقق فيها المونولوغ الزجلي جماهيرية عريقة إلى معالجة ضرب من المونولوغ الذي يعتمد على الشعر بهدف الغناء. وكما نجحا في جعل المونولوغ الزجلي قالباً فنياً عربياً خالصاً نجحا في تحويل نظم من الشعر إلى مونولوغ سردي غنائي وفي تحرير القصيدة من الأصول المتبعة في تلحينها إذا كانت أغراض القصيدة تتفق مع مفهوم المونولوغ الرومنسي، وفي القصيدة الواحدة أكثر من تفعيلة وقافية ليحقق للتلحين التنويع في المقامات والأوزان كما في مونولوغي «يا غائباً عن عيوني»، و«خاصمتني» اللذين لحّنهما القصبجي، وثبت بهما دعائم المونولوغ الشعري ومتخلصاً في الوقت نفسه من الدولاب الموسيقي [ر. العربية (الموسيقى ـ)] المتبع في تلحين القصائد ليغدو عمله هذا نبراساً للملحنين الكبار ولاسيما محمد عبد الوهاب في «على غصون البان»، و«عندما يأتي المساء»، ورياض السنباطي [ر] الذي غنى للشاعر أحمد فتحي «همسات، وفجر».

المونولوغ الرومنسي والفرقة الموسيقية

وجد محمد القصبجي بعبقريته ونبوغه أن الأغنية الرومنسية (المونولوغ) تحتاج إلى فرقة موسيقية تسمو بها إلى مضامين الأغنية، وترتفع بها إلى سماء اللحن الشاعري. ووجد أيضاً أن طبيعة الاستجداء الموجودة في بعض آلات التخت الشرقي [ر. الفرقة الموسيقية] وأساليب العزف عليها تنحدر بالأغنية مهما كان لحنها معبّراً. ومن وراء التجارب والدراسات التي قام بها مع عزيز صادق، وإبراهيم حجاج، ومدحة عاصم، استطاع فصل الأعمال الغنائية للأغنية المتداولة والحديثة التي أخذت بالانتشار منذ منتصف ثلاثينيات القرن العشرين إلى أغنية شاعرية رصينة «المونولوغ»، والقصيدة، والطقطوقة، والأغنية التي تعتمد الإيقاعات الغربية الراقصة. وعمل في الوقت نفسه على تحديد الآلات الموسيقية التي يمكن لها أن تؤدي جميع هذه الأنــواع، فأضحى المونولوغ نتيجة لهذا التصنيف ترافقه ـ منذ عام 1936ـ آلات العود والقانون والناي وآلات أسرة الكمان عدا الفيولا[ر. الآلات الموسيقية] وآلات النفخ الخشبية الغربية وبعض آلات الإيقاع. أما الآلات الغربية الأخرى، مثل الغيتار [ر. القيثارة] بأنواعه، والماندولين والبانجو [ر. العود] والأكورديون [ر] وما إليها فقصَرَها على الأغنية ذات الإيقاعات الغربية الراقصة. ولــم يكتف بذلك، إذ طبق على ألحان المونولوغ بعض علوم الموسيقى الغربية كالبوليفونية (تعدد الأصوات) polyphony، أو الإتباع (الكانون) canon [ر. الانسجام]، أو الهارموني [ر. الانسجام] Harmony، والتوزيع الموسيقي. وتدل ألحانه في مونولوغات «يا مجد»، و«منّيت شبابي»، و«ياللي صنعت الجميل»، و«نامي يا ملاكي» (1936)، و«ياطيور» (1942) على عمله الموسيقي الكبير في تطويره فنّ المونولوغ والموسيقى عامة.

المونولوغ الانتقادي

غلب اسم المونولوغ الانتقادي وانتشاره بين الناس على المونولوغ الرومنسي، وهذا النوع من الغناء الشعبي وفد إلى الوطن العربي من أوربا ولاسيما فرنسا، وكان المغني الفرنسي موريس شوفالييه [ر] M.Chevalier أبرع من غناه من الفرنسيين، وكان مغنّو هذا النوع من المونولوغ يؤدونه في الملاهي والحدائق العامة، وانتقل إلى مؤدّي الأغنية الشعبية في البلاد العربية. والمونولوغ الانتقادي متعدد الأغراض، وقد تطرق في مسيرته إلى نقد الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وإلى التسلية والفكاهة.

وأشهر من غناه في سورية: سلامة الأغواني [ر]، وعلي دياب، ورفقي الأفيوني، وعبد الله المدرس، ومن ثم رفيق سبيعي، وعبد اللطيف فتحي [ر]. وغنى المونولوغ في لبنان: عمر الزعني، وموسى حلمي، وسامي الصيداوي، وناديا العريسي. وفي مصر: حسن فايق، وإسماعيل ياسين [ر]، وحسن وحسين المليجي، وثريا حلمي، ومحمود شكوكو [ر]، وفيما بعد أحمد غانم. وفي فلسطين: يوسف حسني، وداوود قره نوح.

يتألف القالب الفني للمونولوغ الانتقادي من لازمة موسيقية واحدة خفيفة ومرحة ومن مذهب غنائي يتكرر بعد كل دور من أدوار المونولوغ التي لا تزيد على أربعة أدوار من قبل جوقة الرديدة، وفي الختام ينفرد المؤدي بقفل المونولوغ بإعادة غناء المذهب وحده.

أشهر من نظم المونولوغ الانتقادي في مصر: أبو السعود الإبياري، وحسن المليجي. ولحّن فيه كذلك زكريا أحمد [ر] ومحمد عبد الوهاب.

أما في سورية ولبنان وفلسطين فناظمو المونولوغ الانتقادي هم في الغالب الذين يؤدونه، وملحنوه كثر. ويعدّ عمر الزعني، وسلامة الأغواني من أعلام هذا الفن، وقد سخّرا جلّ أعمالهما فيه منذ ثلاثينيات القرن العشرين ضد الاستعمار الفرنسي ونقد التقاليد والعادات الاجتماعية السيئة والضرائب والاقتصاد والقضاء.

صميم الشريف

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الأغنية.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ فيكتور سحاب، السبعة الكبار (دار العلم للملايين، بيروت 1987).

ـ صميم الشريف، الأغنية العربية (وزارة الثقافة، دمشق 1981).


التصنيف : الموسيقى والسينما والمسرح
النوع : موسيقى وسينما ومسرح
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 137
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1020
الكل : 58480308
اليوم : 52822

أوكن (رودولف كريستوف-)

أوكن (رودولف كريستوف ـ) (1846 ـ 1926)   رودولف كريستوف أوكن Rudolf Christoph Eucken فيلسوف ألماني. درس الفلسفة وفقه اللغة في جامعة غوتنغن وعمل أستاذاً للفلسفة في جامعة بال ثم في جامعة يينا حتى وفاته. ونال جائزة نوبل في الأدب في عام 1908. فلسفته فلسفة حياة. وللحياة في نظره أنظمة عضوية ومؤسساتية. ووظيفة الفلسفة شرح أنظمة الحياة وإظهار معانيها ثم اختيار أفضلها. ولمّا كانت الحياة عملية تطور فلا يمكن حجزها في فلسفة أو نظام. وعندما تحطم الحياة الحواجز المنشأة تظهر الحاجة إلى فلسفة جديدة أو نظام للحياة جديد أكثر شمولاً. الفلسفة الجديدة لا تولد إلاّ بالعمل الحيّ، وبالتركيز على الحياة ومعرفة الخير والشر فيها. والحياة في الإنسان وعي ذاتي وهي تتجاوز حدود الفرد لتربط كل الكائنات الواعية. وبذلك التجاوز تصبح «حياة روحيّة مستقلّة» تصل الإنسان بالحقيقة المطلقة، والجمال والخير المطلقين.
المزيد »