logo

logo

logo

logo

logo

مناندروس

مناندروس

Menander - Menander

مِناندروس

(342 ـ نحو 292 ق.م)

 

مِناندروس أو ميناندر Menandros  أو Menander أبرز كاتب يوناني في مرحلة «الملهاة الأتيكية الجديدة» Attic New Comedy. هو قريب الشاعر المسرحي ألكسيس Alexis وتلميذ الفيلسوف ثيوفراستوس Theophrastos وزميل الفيلسوف إبيقور Epicuros وصديق دِميتريوس فاليريوس Demetrios Phalerios حاكم أثينا المناهض للديمقراطية. ولد مناندروس في أثينا لعائلة ثرية ومثقفة وتوفي غرقاً في ميناء بيريوس Piraeus. ينسب إليه ما يزيد على مئة ملهاة عرضت على مسارح أثينا وغيرها من المدن الإغريقية، لكنه لم يفز بالجائزة في المسابقات سوى ثماني مرات. والواقع أن شهرته والاعتراف بأهميته لم يتحققا إلا بعد وفاته بسنوات. وقد عاش مناندروس في عصر مضطرب بعد أن فقدت الدويلات الإغريقية استقلالها بسبب الغزو المقدوني وانهيار نظام دولة المدينة Polis المميِّز للحضارة اليونانية القديمة. وكان من نتاج ذلك أن فقد الفرد مكانته وانعدم اهتمامه بشؤون دولته وبالقضايا العامة كمسألة الحرب والسلام والعدالة الاجتماعية والديمقراطية التي ميَّزت الأعمال المسرحية المأساوية منها والملهاوية في القرن الخامس ق.م. فبدا طبيعياً عندئذ أن تأخذ الملهاة الجديدة موضوعاتها من الحياة الخاصة للأفراد، بحيث صارت الصفات النفسية للإنسان، كالبخل والغيرة والفضول والإيثار والتسلط وغيرها، مادة غنية تناولها المسرح بأسلوب التنميط، كالأب الصارم والعم اللين والزوجة المبذِّرة والعبد الساذج والعاهرة الطيبة والابن المدلل والأخ الطامع والخادمة الخائنة، فلم تعد الشخصيات ـ ولاسيما عند مناندروس ـ كائنات فردية مميّزة، بل صارت صفةً مجسدةً في نمطٍ استقى الكاتب مواصفاته وأشكال سلوكه من محيطه، لكن موضوع الحب كان أساسياً في معظم مسرحياته وإن لم يكن مركزياًَ دائماً.

إن المشكلة التي يواجهها الباحث في تناوله مسرح مناندروس بالتحليل هو أن معظم مسرحياته قد فُقدت في العصور الوسطى؛ لأنها لم تُدرج مادةً تعليمية لتدريس اللغة اليونانية، كأعمال عمالقة المأساة والملهاة الذين أوصلوا اللغة اليونانية إلى ذروتها الكلاسيكية. فقد كتب مناندروس باليونانية المحكية في عصره، وتميز بقدرته الملموسة على جعل كل شخصية تتحدث باللغة المناسبة لها، فأنماطه لا تتناقض في ملامحها الشخصية وطباعها وحسب، بل في المستوى اللغوي أيضاً. ولعل هذا الجانب اللغوي هو الذي دفع بعض النُحاة إلى اتهامه باستخدام أساليب «غير أتيكية»؛ بمعنى الخروج على القواعد الناظمة للأسلوب القديم. كما يُلاحظ لجوء مِناندروس كثيراً إلى الحوارات السريعة والقصيرة جداً، بقصد معارضة كتاب المأساة والسخرية منهم. وقد كان من محاسن المصادفات أن يُعاد اكتشاف هذا الكاتب بعد قرون طويلة وفي مكان ناءٍ عن موطنه. ففي عام 1907 عثر عالم سويسري في الاسكندرية على إحدى «عربات الروبابيكيا» على ما عُرف لاحقاً بـ«بردية القاهرة» المشهورة التي تضمنت ثلاث مسرحيات غير كاملة تماماً لمناندروس هي: «المحكِّمون» Epitrepontes، و«الحَليقة» Perikeiromene، و«فتاة ساموس» Samia. ثم تتالت الاكتشافات فصدر بعد عام 1957 في سويسرا نصوص مسرحيات «السيكيوني» Sikyonios، و«الكريه» Misoumeno، و«الفظّ» Dyskolos التي فازت بالجائزة الأولى عام 317 ق.م. كما اكتشف أيضاً شذرات مسرحيات وعنوانات متعددة، مثل «الخائن مرتين» Dis Exapaton و«الفلاح» Georgos و«عازف القيثارة» Kitharistes و«الشبح» Phasma، و«القرطاجنّي» Karchedonios. وإلى جانب ذلك حفظ المؤلفون القدامى من أعمال مِناندروس عدداً من المقتطفات التي تقارب الأمثال والأقوال السائرة، بلغت نحو تسعمئة مقتطف نشرت في برلين عام 1963 بعنوان «حِكم مناندروس» Menandrou Gnomai.

تعد مسرحية «الفظّ» أو «كاره البشر» أشهر أعمال مِناندروس لبراعة حبكتها ودقة رسم شخصياتها، وكذلك لكثرة ما اقتُبست عبر العصور لأعمالٍ مسرحية وموسيقية وسينمائية، يقدم فيها الكاتب الفلاحَ الأتيكي كنيمون Knemon الذي يعيش في حقله قرب معبد الإله بان Pan، وهو حاد الطبع نكد المزاج كاره للبشر، يسكن بيتاً متواضعاً مع ابنته الجميلة الطيبة وخادمته العجوز الثرثارة. وبسبب شخصيته التي لا تُحتمل انفصلت عنه زوجته، لتعيش على مسافة قريبة مع ابنها غيورغياس من زوجها السابق. وقد عطف الإله بان على حال ابنة كنيمون، فجعل الشاب الأثيني سوستراتُس Sostratos يقع في حبها حال لقائه بها عند المعبد. لكن الأب الفظ ّ المتعنت رفض الشاب المديني الناعم زوجاً لابنته، فاشترى سوستراتس حقلاً مجاوراً، وفلحه تقرباً من كنيمون، من دون جدوى، إلى أن سقط الأخير في البئر وهو يبحث عن معوله وبسبب إهمال خادمته. في هذه اللحظة يتعاون سوستراتس مع غيورغياس على انتشال العجوز كنيمون من البئر والاعتناء به حتى يستعيد قواه، فيدرك كنيمون ضرورة تعاون الناس، ويشعر بالامتنان، ويوافق على الزواج. وعندها تظهر عائلة سوستراتس، ويوافق والده على زواج ابنته المدينية من الفلاح غيورغياس. وتنتهي المسرحية بحفل عرس مزدوج يحضره كنيمون متأففاً، بسبب كثرة الناس.

تزدحم مسرحيات مناندروس بشخصيات من عامة الشعب لم يكن لها أي دور في المسرح سابقاً كالفلاح والعبد والخادم واللقيطة والعاهرة والتاجر والنخّاس، كما اشتهر الكاتب ببراعته في بناء الحبكة ونسج خطوط الفعل وتداخل الأحداث وفي رسم الدور المسرحي، ومن ثم كان هدفه الأساسي إبداع عرض مسرحي مؤثر بغض النظر عن أهمية النص أدبياً. والجدير بالذكر أيضاً هو إسقاط مناندروس دور الجوقة Choros التقليدي من الفعل المسرحي واختزاله إلى أغانٍ لتكون فواصل في سياق الحدث الدرامي، مما أدى لاحقاً ـ ولاسيما عند هوراتيوس[ر] ـ إلى قانون تقسيم المسرحية إلى خمسة فصول.

كانت مسرحيات مناندروس العديدة نبعاً ثرّاً، غرف منه مسرحيو الحضارة اللاتينية، مثل بلاوتُس [ر] وترنس [ر] وغيرهم لاحقاً حتى موليير [ر] الذي أفاد منه كثيراً في رسم حبكاته وشخصياته.

 

 

نبيل الحفار

الموضوعات ذات الصلة:

فيليب المقدوني ـ المسرحية (الأجناس ـ) ـ اليونان (الأدب).

مراجع للاستزادة:

ـ أحمد عتمان، «الشعر الإغريقي تراثاً إنسانياً وعالمياً»، سلسلة عالم المعرفة، العدد 77 (الكويت 1984).

ـ فيتو باندولفي، تاريخ المسرح - ج1، ترجمة الأب إلياس زحلاوي (وزارة الثقافة، دمشق 1979).

- HEINZ KINDERMANN, Theatergeschichte Europas, Antik und Mittelalter (Salzburg 1966).


التصنيف :
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 527
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1038
الكل : 58492891
اليوم : 65405

أوروزكو (خوسيه كليمنتي-)

أوروزكو (خوسيه كليمينتي ـ) (1883 ـ 1949)   خوسيه كليمينتي أوروزكو José Clemente Orozco مصور مكسيكي، زاول التصوير الزيتي والجداري والمائي والحفر، ويعدّ في رواد الفن المكسيكي المعاصر. وقد أسهم مع دافيد ألفارو سيكويروس Siqueiros ودييغو ريفيرا Rivera في وضع أسس مدرسة فنية مكسيكية اشتراكية ثورية لها مواقفها الواضحة من علاقة الفن بالمجتمع، إذ جعلت الفن في خدمة النضال السياسي للشعب المكسيكي، واستوحت الحضارة المكسيكية القديمة، ودعت إلى فن مباشر يخاطب الناس، ويطرح قضاياهم، وبدلت المفهومات الفنية التقليدية التي كانت سائدة، واستخدمت الفن الجداري بدلاً من اللوحة الزيتية ليساعدها على الوصول إلى الجماهير، وقدمت التقنيات الفنية الملائمة للفن الجداري، وملأت الساحات والأماكن العامة باللوحات النضالية التي تتمتع بالروح المكسيكية الخالصة. ولد أوروزكو في مدينة زابوتلان Zapotlan من مقاطعة ياليسكو Jalisco وتوفي في مدينة مكسيكو. انتقل مع أسرته عام 1888 إلى مدينة مكسيكو لينجز دراسته الأولى فيها، فدرس الهندسة الزراعية، ثم الرسم المعماري، وتخلى عن هذه الدراسة ليدخل كلية الفنون الجملية (سان كارلوس) في مكسيكو عام 1908 وبقي فيها حتى عام 1914. وقد شهدت المكسيك في هذه المدة ثورة مسلحة عارمة أطاحت حكم الدكتاتور دياز Diaz وامتدت تأثيرات الثورة لتشمل مرافق الحياة المكسيكية كلها. وأثرت في الفنون التشكيلية، وبدأ الفنانون يبحثون عن الفن الجديد الذي يتماشى مع الثورة. وقد تأثر أوروزكو بالأحداث، ورسم مجموعة من اللوحات المائية، والرسوم الانتقادية السياسية وأظهرت لوحاته تأثره بالفنان الإسباني غويا[ر] Goya الذي رسم «مآسي الحرب» قبله. ولكن أوروزكو ظل مكسيكياً في صياغته الفنية، وبعيداً عن التأثيرات الأوربية، وعبر في هذه الأعمال عن معاناة الشعب المكسيكي، الممتدة عبر قرون طويلة. وفي هذه المرحلة من تطور الفن المكسيكي، اتجهت النية لدى الفنانين إلى تجديد الفن وتطوير أساليبه تحت تأثير الأفكار الثورية، ولهذا قاموا بتأليف تنظيم ثوري باسم «نقابة المصورين والنحاتين والحفارين الثوريين في المكسيك» وأصدروا صحيفة «الماشيتا» التي تنطق باسمهم، وقد توصلوا إلى قناعة رئيسية بأن الفن الجداري هو الوسيلة الرئيسة ليكون الفن ثورياً، وليؤدي دوره المباشر في التأثير في الجماهير. ولهذا رفضوا فنّ اللوحة الزيتية، وقالوا إنها فن لا يتماشى مع الثورة، وإن الفن الجداري هو الفن الاشتراكي. سافر أوروزكو إلى الولايات المتحدة وأقام فيها مدة من الزمن مابين 1917-1919، ثم عاد إلى المكسيك. وفي هذه المرحلة المهمة تبلورت أهداف الفن الثوري المكسيكي، ودوره الأساسي، وبدأ الفنانون الثوريون يعملون في لوحات جدارية لها جذورها في الحضارات المكسيكية القديمة، (المايا) و(الأزتيك) وتعبر عن الحياة المكسيكية ومعاناة الفلاحين والطبقات المعدمة. نفذ أوروزكو أول لوحة جدارية في المدرسة الإعدادية الوطنية في المكسيك في المدة بين 1922 و1925 وقدم فيها أروع لوحات «الأمومة» التي صُوِّرت بروح جديدة بعيدة عن الفن التقليدي ومتوافقة مع المفهومات الثورية الجديدة، كما عالج موضوعات عدة منها: «علاقة النظام بالثورة» و«الحرية» و«يوم الحساب» و«رسم الثالوث المقدس الجديد» كما يراه على أنه الفلاح والعامل والجندي، وبرزت المعالجة الدرامية الإنسانية في عمله التي تصور حالة استلاب الإنسان وضياعه في واقع مأسوي. وقد أتيحت الفرصة لأوروزكو، ليرسم لوحات جدارية عدة في الولايات المتحدة في المدة مابين 1927و1934 وأهمها لوحة «بروميثيوس» في كلية يومونة في كليرمون (كاليفورنية) وقد قدم شخصية بروميثيوس الأسطورية، التي ترمز إلى المخلّص الذي يضحي من أجل الناس، ليحصل لهم على النار والحياة. وفي عام 1931 رسم لوحة جدارية مهمة لمدرسة «البحوث الاجتماعية» في نيويورك وهي لوحة «الطاولة المستديرة» ومثل فيها شخصيات عدة شهيرة مثل لينين وغاندي. عاد أوروزكو إلى المكسيك فرسم لوحات عدة تبلورت فيها شخصيته الفنية المستقلة، واللغة التعبيرية ذات البعد السياسي، والحالات المأسوية للإنسان المعاصر ومن أهمها: ـ «نكبة العالم» في مبنى كلية الفنون الجميلة في مكسيكو عام 1934. ـ «الشعب والقادة المخادعون» في جامعة غوادالاخار  عام 1936. ـ «الإنسان والنيران» في قصر الحاكم في عام 1939. ـ «هزيمة الجهل وموته، والشعب يصل إلى المدرسة» عام 1948 وهي لوحة ضخمة بمساحة 380 م2. كان أوروزكو فناناً مبتكراً بأسلوبه، وموضوعاته، وقد أراد أن يعبر فن التصوير عن الوضع الإنساني المأسوي، والإنسان المسحوق في أمريكة اللاتينية، وضياعه، وقد تنبأ بأن وراء ذلك كله قوة ثورية تنبثق وتبعث الحياة وتجددها.   طارق الشريف   مراجع للاستزادة:   - Dicitionnaire Universel de la  Peinture. (V.5) (Paris robert. 1975). - Art and Artist Thames and Houd Son Dictionary of Art and Artist (Herbert Read).
المزيد »