logo

logo

logo

logo

logo

يرقان الوليد

يرقان وليد

Icterus neonatorum - Ictère des nouveau-nés

يرقان الوليد

 

اليرقان icterus هو اصطباغ الجلد واللحف المخاطية وصلبة العين (بياضها) sclera، باللون الأصفر الضارب إلى البرتقالي أو الأخضر بصباغ البيليروبين bilirubin الناجم غالباً عن انحلال الكريات الحمر في الجسم. واليرقان عرض وليس مرضاً، ويبدو واضحاً عند العرق الأبيض، ويصعب تمييزه في البشرة الداكنة.

آلية حدوث اليرقان

للكريات الحمر عمر يقدر بنحو 120 يوماً، تنحل بعدها. يقوم الكبد بالتخلص من الصباغ الأصفر الناجم عن الانحلال اليومي الطفيف بتعديله إلى شكل جديد قابل للانحلال في الماء، ومن ثم طرحه في البول وفي الأمعاء على شكل مادة صفراء يعاد امتصاص جزء منها إلى الدم، ويطرح الباقي في البراز. أما إذا زاد الانحلال عن الحد أو أصيبت الخلايا الكبدية بمرض أو انسدت الطرق الصفراوية التي تطرح الصفراء فيعجز الكبد عن تصريف الصباغ الزائد، ويتراكم في الدم ويرتشح في النسج المختلفة ومنها الجلد.

أكثر أنواع يرقان الوليد شيوعاً

هو اليرقان الوظيفي، وهو سليم لا يؤذي ولا يعدي. ويرى عند 60% من كل الولدان مكتملي النمو (المولودين بين الأسبوعين 38-40 من الحمل)، يظهر في اليوم الثاني والثالث من العمر، ويزول خلال 4 ـ 5 أيام ولا يزيد مقدار البيليروبين (الحر أو غير المباشر) في الدم على 10 ـ 12ملغ/لتر. يرى اليرقان الوظيفي أيضاً عند 80% من الخدج (أي المولودين قبل الأسبوع 37 من الحمل) في اليوم الثالث أو الرابع ويزول في اليوم السابع إلى التاسع، ولا يتجاوز بيليروبين المصل فيه 15 ملغ/لتر، ويكون أشد عند ولدان العرق الأصفر.

أسباب حدوث هذا النوع من اليرقان

ـ نقص عمر الكريات الحمر الجنينية ـ الزائدة على اللازم ـ بسبب عدم الحاجة إليها بعد الولادة مع انفتاح الرئتين ووفرة الأكسجين مما يسبب انحلالها.

ـ عدم اكتمال نضج الكبد وخمائره (مثل الغلوكورونيل ترانسفراز) التي تصرف الصباغ بتحويله إلى شكل قابل للطرح.

ـ تأخر التبرز الأول (وهو العقي meconium ويكون بلون أخضر يضرب إلى السواد) مما يؤدي إلى إعادة امتصاص الصباغ المطروح في الصفراء من الأمعاء إلى الدم. إن إرضاع الوليد من الحليب اللزج المسمى اللبأ (الصمغة) colostrum ـ وهو أول الرضعات بعد الولادة ـ يؤدي إلى دفع العقي من أمعاء الجنين، ومن ثم تخف حدة اليرقان، إضافة إلى غنى اللبأ بالعناصر المناعية والغذائية.

اليرقان المرافق للإرضاع الطبيعي

قد يكون حليب الأم قليلاً في الأيام الأولى من العمر، مما بسبب قلة الوارد والتجفاف، فيزداد البيليروبين إلى 15 ـ 17 ملغ/ 100 مل مصل، وهو دون الحد الخطر على أي حال.

قد يظهر اليرقان بعد نهاية الأسبوع الأول من العمر، أو يستمر مدة طويلة بسبب حليب الأم ذاته، لا بسبب نقص الوارد منه، وذلك عند نحو 2% من الولدان المعتمدين على حليب أمهاتهم، مما يرفع البيليروبين الحر في الأسبوع الثالث من دون وجود دليل على انحلال الدم. ويستمر الارتفاع بين 3 ـ 10 أسابيع. إن هذا اليرقان على الرغم من شدته أحياناً غير مؤذٍ، ويزول بسرعة إذا أوقف الإرضاع مدة يومين إلى أربعة أيام، ولا يعود البيليروبين إلى الارتفاع.

أول ما يظهر اليرقان في العينين والوجه، ثم ينزل إلى الصدر والبطن فالطرفين السفليين كلما اشتد، وحينما يتراجع يزول بعكس الطريق الأول أي من الأسفل إلى الأعلى. أما سبب اليرقان هنا فهو وجود مواد تعمل على رفع البيليروبين بإعاقة عمل الخلايا الكبدية (مثل هرمون 5 بيتا برغنان 3 ألفا 20 بيتا ديول التي تثبط عمل خميرة الغلوكورونيل ترانسفراز في الكبد)، إضافة إلى وجود خميرة الغلوكورونيداز التي تعيد البيليروبين المطروح في الأمعاء إلى الشكل المباشر فيمتص ثانية ويعود إلى الدم.

يبدو الوليد المصاب بهذا النوع صحيحاً معافى يزداد وزنه ولا تبدو عليه علامة مرضية. ولا يبدي فحص الدم علامات انحلال الدم. وتذكر هنا الحالة المخيفة التي تدعى «يرقان النوى القاعدية الدماغية» kernicterus التي لا ترى حتماً في اليرقان الناجم عن حليب الأم، بل في حالات مرضية أخرى، وفيها تبدأ الأعراض بالخبل والرخاوة وضعف المص، ثم يحدث بكاء حاد عالي الطبقة مع قيء. فتظهر بعد ذلك تشنجات واختلاجات وتسوء الحالة كثيراً. وعواقب هذا اليرقان وخيمة على الحياة أو مستقبل الدماغ.

حدود الخطر والخوف من العشرين

تم تحديد رقم العشرين (20ملغ/لتر) على أنه حدّ الخطر في ارتفاع البيليروبين المباشر. ومصدر الخطر هو احتمال تأثر الدماغ الغني بالشحوم التي يعشقها البيليروبين المباشر عشقاً مدمراً مؤذياً، يتركز في النوى القاعدية الدماغية. لكنه يصيب الدماغ كله. هذا كقاعدة، غير أن لهذه القاعدة استثناءات كثيرة. فالخطر المذكور قليل ولا يحدث إلا عند 1ـ 3% ممن يتجاوز رقم البيليروبين عندهم العشرين إذا كانوا بصحة جيدة ووزن كامل. وتزداد النسبة بازدياد اليرقان وسوء حالة الوليد، فيبدو كما لو عانى اختناقاً عند الولادة أو حماضاً أو خمجاً، وكذلك كما لو كان خديجاً أو ناقص الوزن بشدة. في مثل هذه الحالات يحدث الأذى الدماغي في أرقام أقل. وعلى الرغم من ذلك فإن اليرقان الوظيفي الشائع لا يؤذي وكذلك اليرقان الناجم عن حليب الأم.

ـ يرقان اليوم الأول: هو يرقان انحلالي حتى يثبت العكس، وفيه تنحل الكريات الحمر عند الوليد بسبب:

 ـ تنافر الزمر الدموية بين الأم ووليدها: وهنا تكون الأم ذات زمرة O وابنها ذا زمرة A أو B. أو تكون الأم ذات زمرة سلبية العامل الرصّي (عامل ريسيوس Rh) وابنها ذا زمرة إيجابية. لا يؤلف وجود اختلاف الزمر شرطاً مؤكداً لحدوث الانحلال، فالانحلال يحدث عند نسبة قليلة منهم.

 ـ الخمج: وهو خطر سواء أكان مكتسباً من الأم داخل الرحم (مثل الحميراء rubella، والمقوسات (التوكسوبلازما)، أم كان مكتسباً من الطريق التناسلي عند الولادة، أم من الأدوات الملوثة في جناح الولادة، أو ما بعد الولادة.

 ـ عوز الخمائر: وأشهرها عوز خميرة G6PD التي يعدُّ عوزها أشهر مرض وراثي وهو الفوال favism ويسبب انحلال الدم واليرقان الشديد.

 ـ تكور الكريات الحمر أو التلاسيميا: وهي أمراض وراثية ويندر أن تسبب اليرقان في مرحلة الوليد.

ـ اليرقان بعد اليوم الأول: وهو غالباً وظيفي، لكنه قد يكون انحلاليا أو خمجياً أو كبدياً أو استقلابياً (الغلكتوزيميا).

تشخيص اليرقان

يشخص اليرقان بفحوص مختلفة أولها البيليروبين:

ـ ارتفاع البيليروبين المباشر: ويرى في الأخماج بأنواعها، وانحلال الدم الشديد، وآفات الكبد من التهاب أو انسداد، والتليف الكيسي، والغلكتوزيميا galactosaemia وعوز ألفا 1 آنتي تربسين والتيروزينيميا.

ـ ارتفاع البيليروبين غير المباشر: ويميز بين زمرتين تبعاً لإيجابية فحص كومبس :Coombs

 ـ كومبس إيجابي: انحلال الدم لاختلاف الزمر والعامل الرصي.

 ـ كومبس سلبي: في حالة الخضاب العالي وينجم احمرار الدم فيه عن نقل الدم بين التوائم أو من الأم أو تأخر ربط السرر، كما يشاهد عند الوليد الصغير الناقص النمو، أما في حالة الخضاب الطبيعي أو الناقص يجري تحري نسبة الشبكيات، فإن كانت مرتفعة دلت على انحلال كما في الفوال وتكور الكريات أو الأخماج أحياناً، وإن كانت طبيعية والكريات الحمر طبيعية الشكل فهناك نزف باطني أو زيادة الدورة المعوية الكبدية (إمساك، انسداد معوي) أو قلة الوارد الحروري، أو اختناق الوليد حول الولادة.

التشخيص التفريقي لليرقان المديد

عند حدوث يرقان مديد يشك أن سببه حليب الأم لابد من نفي عدة أمراض محتملة منها:

ـ آفات الكبد المختلفة (التهاب كبد، انسداد الطرق الصفراوية…): وفي هذه الحال يبدو الرضيع عليلاً، وتتضخم الكبد ولون اليرقان يميل إلى الخضرة. وقد يكون البراز شاحباً مبيضاً فيما ترتفع خمائر الكبد الدالة على الالتهاب في حال وجوده.

ـ قصور الغدة الدرقية: وهي حالة نادرة لكنها خطيرة لأن عدم اكتشافها باكراً يؤدي إلى التخلف العقلي. الملاحظ هنا أن الوليد دائم النوم والخمول ضعيف الرضاعة وقد يكون جلده فضفاضاً وبكاؤه ضعيفاً ذا بحة ولسانه كبيراً، وقد يشاهد فتق سري. يثبت التشخيص بتصوير الركبة شعاعياً (وفيها تغيب نواة عظم الفخذ السفلية مما يدل على غياب هرمون الدرق ونقص النضج العظمي)، وبعيار هرمونات الدرق والهرمون النخامي الحاث للدرق. وريثما يتأكد التشخيص يعالج الوليد بإعطائه هرمون التيروكسين. ومن الملاحظ أن مسح الولدان لكشف قصور الدرق الخلقي في الدول المتطورة أمر عادي ومنوالي.

ــ تضيق عضلة البواب: ويتظاهر بالقيء النافوري بعد الأسبوع الثاني أو الثالث من العمر، ويثبت بالتصوير الشعاعي الظليل أو بأمواج فوق الصوت ولابد فيه من علاج جراحي.

ـ مرض الغالاكتوزيميا: وهو مرض خلقي نادر الحدوث لكنه خطير جداً على الدماغ. لأن الوليد ـ بسبب غياب خمائر معينة ـ لا يستطيع الاستفادة من سكر الحليب (الغلكتوز) في أي حليب بشري أو حيواني. وعندئذٍ يصبح هذا السكر ساماً للدماغ والكبد والأنسجة الأخرى، فيظهر اليرقان وينقص سكر الدم وقد تحدث اختلاجات. ولابد من التنبه لهذه الحالة ـ التي تمسح أيضاً في البلدان المتقدمة - كي تعالج بحليب خالٍ من الغلكتوز واللاكتوز (سكر اللبن).

ـ المنغولية.

ـ أمراض نادرة مثل داء جلبرت وكرغلر نجار.

علاج اليرقان

يعالج اليرقان حسب سببه. فيتم علاج الخمج أو مداواة قصور الدرقية… أما اليرقان الوظيفي الشائع فيجب أن تتوافر فيه الإماهة والرضاعة الطبيعية، ولا يعالج إن لم يحدث ما يدعى (فرط البيليروبين) الذي يتجاوز المقرر في المخططات حسب العمر والوزن والحالة السريرية، وهنا يمكن أن يعالج بالعلاج الضوئي، أو بتبديل الدم الذي يحتاج إلى أماكن متخصصة، أو نقل الدم أو غير ذلك.

الممارسات الخاطئة في يرقان الولدان

ـ عدّ حليب الأم ساماً أو غير مناسب للولدان: وهذا خطأ فادح فحليب الأم مفيد وضروري لتغذية الوليد ولتخفيف حدة اليرقان الوظيفي.

ـ الاعتماد على المحلول السكري في علاج اليرقان: لقد درجت أقسام الولادة فيما مضى على إعطاء المحاليل السكرية (الغلوكوز) للولدان في الأيام الأولى غذاءً وعلاجاً لليرقان… وتبين اليوم أن هذه المعالجة أقل فائدة بكثير من إعطاء الحليب. والحليب هو السائل المثالي لإصلاح التجفاف، وهو أغنى بالطاقة اللازمة للكبد في مكافحة اليرقان، فإن تعذر إعطاء حليب الأم يعطى مؤقتاً الحليب المجفف بوساطة الكأس أو الملعقة، كيلا يتعلق الطفل بغير ثدي الأم.

ـ العلاج الضوئي داخل المنزل: يعالج أطباء الأطفال اليرقان بالضوء الأبيض في حالات معينة داخل المستشفى. والضوء الأبيض ضوء خاص ينبعث من مصابيح خاصة ترسل موجات ضوئية محددة تؤثر في البيليروبين في الجلد وتحوله إلى شكل يسهل طرحه. إن «النيونات» المنزلية لا تفيد، وأشعة الشمس مفيدة لكن يخشى من تأثيرها الضار في الجو الحار.

إن اليرقان عند الولدان عرض شائع لا يستدعي الخوف في أغلب الأحيان. ولابد من مراقبة كل الولدان في أجنحة ما بعد الولادة ليوم واحد على الأقل، ومعرفة كل المعلومات عن الأم بما يفيد حالة الوليد.

غالب خلايلي

الموضوعات ذالت الصلة:

 

الخديج ـ الوليد ـ اليرقان.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ غالب خلايلي، أطفالنا بين الصحة والمرض (المجمع الثقافي، أبو ظبي 1998).

- NELSON, Textbook of Pediatrics, (17th edition, 2004).


التصنيف : طب بشري
النوع : صحة
المجلد: المجلد الثاني والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 493
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1046
الكل : 58481076
اليوم : 53590

بورتر (كاثرين آن-)

بورتر (كاثرين آن ـ) (1890 ـ1980)   كاثرين آن بورتر Katherine Anne Porter كاتبة قصص قصيرة وروائية أمريكية. ولدت في إنديان كريك Indian Creek، في ولاية تكساس، وتلقت تعليمها في مدرسة للراهبات، إلا أنها رفضت ما كان يقال عنها بأن خلفيتها الفكرية هي تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. ذهبت إلى المكسيك في عام 1920 لدراسة الفن، وأبان إقامتها هناك انخرطت في الحركات السياسية الثورية اليسارية.
المزيد »