logo

logo

logo

logo

logo

المقالة (عالمياً)

مقاله (عالميا)

Essay - Essai

المقالة (عالمياً)

 

المقالة essai و essayـ وتعني تجربة أو محاولة ـ هي أحد الأجناس الأدبية؛ كتب فيه كل كاتب يستحق الذكر، وقد تكون حول موضوعات متقاربة أو متباعدة إلى هذا الحد أو ذاك. كتب فيها القدماء والمتوسطون والمحدثون، ويمكن عدّ الأديب الفرنسي مونتيني[ر] عرّاباً لهذا الجنس الأدبي حين أطلق على بعض كتاباته تسمية «مقالة»، أو «محاولة»، ومن هنا تأتي طبيعتها المرنة المتحولة على الدوام والعصية على التأطير والتحديد والتعريف.

كتب في المقالة المؤرخون والفلاسفة والعلماء والأدباء؛ فموضوعاتها شاملة لمظاهر المعرفة كافة، وهي قد تُكتب نثراً أو شعراً، وقد تكون قصيرة في بضع صفحات أو طويلة على شكل كتاب. وهي أيضاً إما حرة (ذاتية) informal وإما منهجية (موضوعية) formal، إضافة إلى أنواع أخرى مثل الحميمية familiar أو ما يتعلق بالسِمات characters. ومن المطلوب أن تتوافر في المقالة  ـ مهما كان نوعهاـ صفات معينة مثل تقديم كاتبها وجهة نظر محددة، وأن تكون مكتوبة بأسلوب رصين رفيع. ومن أجل دراسة مستفيضة عن المقالة المكتوبة باللغة العربية يمكن الرجوع إلى مدخل الأدب العربي[ر].

كتب قدماء الإغريق في المقالة، ويمكن عدٌّ كتابات ثوكيديدس[ر] حول «الحرب بين البيلوبونيزيين والأثينيين» Hopoplemos tõn peloponnesiõn kai Athénaiõn من القرن الخامس ق.م مقالات في وصف أشخاص ذلك الوقت وأحداثه، كما يمكن عدُّ بعض كتابات أفلاطون[ر] وأرسطو[ر] في هذا الجنس. أما كتاب الفيلسوف ثيوفراستوس[ر] «الطبائع» charaktëres من القرن الثالث ق.م فهو من أبرز الأمثلة؛ إذ كتب فيه حول نماذج عديدة من الصفات البشرية حسنها وقبيحها، كما كتب بلوتارخس[ر] في كتابه «الأخلاق» Ethika من القرن الأول الميلادي في موضوعات مشابهة. أما الكتَّاب اللاتينيون من شيشرون[ر] وسنيكا[ر] إلى هوراتيوس[ر] وكوينتليانوس[ر]، وإلى ماركوس أوريليوس[ر] ـ في كتابه «التأملات» أو «إلى الذات» Ta eis heauton الذي كتبه باليونانية في اثني عشر كتاباً في القرن الثاني الميلادي ـ فقد ساروا على خطى الإغريق وكان لهم باع طويل في هذا المجال.

بدأ مع حلول عصر النهضة[ر] ظهور أشكال جديدة من الكتابات، أو المقالات النقدية باللغات المحلية، مثل «يوتوبيا» أو «المدينة الفاضلة» Utopia ت(1510) لتوماس مور[ر] و«دفاع عن الشعر» Defence of Poesie ت(1595) لفيليب سيدني[ر] بالإنكليزية. وكان لسكالجيرو الابن، وسكالجيرو[ر] الأب الذي كتب باللاتينية دور مشابه في إيطاليا. إلا أن البداية الفعلية الجديدة لهذا الجنس الأدبي كانت على يد مونتيني الذي نشر بين عامي1580- 1595 مؤلفه «مقالات» Essais في ثلاثة مجلدات حول موضوعات مختلفة مثل الكذب والروائح والكتب والصداقة وفن المحادثة، وصبت كلها في خانة السيرة الذاتية. وبتأثير مونتيني كتب الإنكليزي السير فرانسيس بيكون[ر] «مقالات» Essays ت(1597) قام بناؤها على «رسائل إلى لوكيليوس» لسنيكا، ويعدّه بعضهم مؤسس المقالة المنهجية الحديثة في اللغة الإنكليزية.

أما في القرن السابع عشر فقد كان ملتون[ر] سيد المقالة المنهجية في كراساته السياسية مثل «حول التعليم» Of Education ت(1644)، كما كان كورني[ر] في فرنسا في «خطابات» Discours و«دراسات» Examens التي ضمنها في ثلاثة مجلدات من مؤلفاته في طبعة عام 1660، وبحث فيها في الفن الدرامي والوحدات الثلاث، وهو الموضوع الذي عالجه بوالو[ر] أيضاً في مقالاته الشعرية في «فن الشعر»L’Art poétique  ت(1674) وكان له كبير الأثر؛ وما كتب حوله درايدن[ر] في «مقالة في الشعر الدرامي» An Essay of Dramatick Poesy ت(1674). ثم كتب لابرويير[ر] «الطبائع لثيوفراستوس مترجمة عن اليونانية، مع طبائع أو أخلاق هذا القرن» Les caractères de Théophraste traduits du grec, avec les caractères ou les Moeurs de ce siècle ت(1688)، وبحث جون لوك[ر] في «مقالة حول الإدراك البشري» Essay Concerning Human Understanding ت(1690) مطولاً في طبيعة المعرفة وحدودها مؤكداً دور التجربة وقوانين الطبيعة فيها.

كان لظاهرة الدوريات التي بدأت في القرن الثامن عشر دور مهم في تطور المقالة، وكان لرتشارد ستيل R. Steele وجوزيف أديسون J.Addison الدور المحوري في ذلك؛ إذ أسسا دورية «تاتلر» The Tatler عام 1709 ثم «سبكتيتر» The Spectator عام 1711. تلا ذلك ظهور دوريات «مركور» Mercure و«سبكتاتور الفرنسية» Spectateur Français في فرنسا، وشبيهاتها في بعض دول أوربا الأخرى مثل ألمانيا وسويسرا والسويد، وصارت كلها منبراً لنشر المقالات بأنواعها، وخاصة الافتتاحيات. كتب مونتسكيو[ر] بعض مقالاته مثل «نظام للأفكار» Système des idées ت(1716)، وڤولتير[ر] «مقالة في الأخلاق وروح الأمم» Essai sur les moeurs et l’esprit des nations ت(1756)، وغوبينو[ر] «مقالة حول عدم المساواة بين العروق البشرية» Essai sur l’inégalité des races humaines ت(1853-1855)، وشاتوبريان[ر] «مقالة في الثورات» Essai sur les révolutions ت(1797). كذلك كتب سويفت[ر] مقالاته النقدية على صفحات الدوريات الإنكليزية، مثلما فعل بوب[ر] الذي نشر شعراً «مقالة في النقد» Essay on Criticism ت(1711) عالج فيها بروح الكلاسيكية الجديدة Neo-classicism موضوع الفطنة والطبيعة وتهذيبها والالتزام بالقواعد، كما نشر صموئيل جونسون[ر] مقالاته المنهجية في دوريات «رامبلر» Rambler ت(1750) و«آيدلر» Idler ت(1757). ثم تكاثرت هذه الدوريات في القرن التاسع عشر فظهرت دوريات مثل «فريزرز» Frazer’s و«كورنهيل ماغازين» Cornhill Magazine في إنكلترا أسهم  فيها كتّاب من أمثال سكوت[ر] وكارلايل[ر] وتوماس ماكولي Thomas Macaulay، و«هاربرز» Harper’s ت(1850) و«أتلانتيك مونثلي» Atlantic Monthly ت( 1857) في الولايات المتحدة حيث كان إمرسون[ر] وثورو[ر] وجيمس[ر] من أبرز كتّاب المقالة النقدية فيها.

كتب تشارلز لام Charles Lamb في المقالة الحميمية «مقالات عن إيليا» Essays of Elia ت(1823) وتعد من أفضل ما كتب في هذا النوع، وفي المقالة النقدية كتب كل من وردزورث[ر] «مقدمة قصائد غنائية» Lyrical Ballads ت(1800)، وكولردج[ر] «السيرة الأدبية» Biographia Literaria ت(1817)، وشلي[ر] «دفاع عن الشعر» Defence of Poetry ت(1821) وديكنز[ر] «صور قلمية لبوز» Sketches by Boz ت(1836). ونشطت مجموعة من كتّاب المقالة المنهجية في فرنسا مع نهاية القرن التاسع عشر ومنهم تين[ر] وأناتول فرانس[ر] وسانت - بوڤ[ر]. واستمرت كتابة المقالة على اختلاف أنواعها في القرن العشرين؛ إذ كتب فيها كبار الكتّاب  من سارتر[ر] وبارت[ر] وسانتيانا[ر] إلى فرجينيا وولف[ر] وآلدوس هكسلي[ر] وإليوت[ر] وموزيل[ر]. وبسبب الحاجة إليها تستمر المقالة بأنواعها كافة وبكل ألقها ورونقها.

طارق علوش

مراجع للاستزادة:

- ALEXANDER  J. BUTRYM, ed., Essays on the Essay: Redefining the Genre (University of Georgia Press 1990).

-  GRAHAM GOOD, The Observing Self (Routledge 1988).

 - JOHN C. PRATT, Writing from Scratch: The Essay (1987).


التصنيف : الأدب
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 245
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1046
الكل : 58481184
اليوم : 53698

توبليوس (ساكاري-)

المزيد »