مغربي (عبد قادر)
Al-Mughrebi (Abdul Qadir-) - Al-Mughrebi (Abdul Qadir-)

المُغْرَبيّ (عبد القادر ـ)

(1868 ـ 1956م)

 

عبد القادر بن مصطفى بن أحمد ابن عبد القادر بن عبد الرحمن المُغْربي، نائب رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق، عالمٌ باللغة والأدب، ومصلحٌ ديني واجتماعي.

وُلد في مدينة اللاذقية لأب كان قد عين فيها قاضياً، وهو من مدينة طرابلس الشام التي هاجر إليها جدّ الأسرة محمد بن درغوت من تونس في أواخر القرن الحادي عشر للهجرة، ومن ههنا جاء نسب هذا الجد مع أحفاده إلى المغرب.

وأسرة المغربي أسرة علمٍ ودين توارثت القضاء والفتيا في تونس ثُم طرابلس مدة طويلة، وكان الشيخ مصطفى المغربي والد عبد القادر تولى منصب الإفتاء في اللاذقية وطرابلس مدة خمس وأربعين سنة.

تلقى عبد القادر علوم اللغة والدين في طرابلس بعد عودة والده إليها، فختم القرآن وهو ابن عشر سنوات، وحفظ المتون العلمية المشهورة كالألفية والأجرومية والسنوسية وجوهرة التوحيد، ولزم الشيخ حسين الجسر علاّمة طرابلس ومؤسس المدرسة الوطنية فيها.

ثم انتقل إلى المدرسة الوطنية فيها، فالمدرسة السلطانية في بيروت ليتابع تحصيله العلمي، وفيها سمع أول مرة  بمجلة «العروة الوثقى» التي كان يصدرها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، فراح يلتقط أعدادها الثمانية عشر التي تفرقت عند بعض الأفاضل فنسخها جميعها إعجاباً بمضمونها.

وحين شب المغربي عين في إحدى وظائف القضاء الشرعي.

وفي عام 1892 رحل إلى الأستانة رغبة منه في دخول بعض معاهدها العلمية ومن ثم الانتظام في سلك القضاء الشرعي، وفيها التقى عدداً من رجال الفكر والعلم، وفي مقدمتهم جمال الدين الأفغاني، فلازمه سنة، وتلقى على يديه الدعوة إلى الإصلاح الديني والاجتماعي، وأغلب الظن أنه اتصل هناك أيضاً بالشيخ محمد عبده، وأفاد من صحبته.

وبعد سنة عاد المغربي إلى طرابلس ليعيّن عضواً في مجلس معارفها، فراح ينشر أفكاره، ويدعو إلى الحرية والتجديد، فضاق بأفكاره المتزمتون من العلماء، وضاقت أيضاً صدور الحكام العثمانيين، فأخذوا يراقبونه، ثم اعتقل في بيروت مدة تقارب سنة.

وحين أفرج عنه ارتحل إلى مصر والتحق بأنصار الشيخ محمد عبده الذي توفي بعيد وصول المغربي إلى مصر بقليل (سنة 1905).

وفي مصر أخذ المغربي ينشر مقالاته الجريئة في جريدة «الظاهر»، وبعد عام في جريدة «المؤيد»، وكانت مقالاته صدىً لأفكار شيخيه الأفغاني ومحمد عبده في الإصلاح الديني والاجتماعي، ونقد أوضاع المؤسسات الدينية؛ وفي مقدمتها الأزهر الشريف.

وشغلت أبحاثه في مصر الأوساط الثقافية، وبسببها قامت صلات مودة بينه وبين عددٍ من رجال الفكر والأدب ممن أعجبوا بجرأته وآرائه التي كان ينشرها أو يرددها في الندوات الخاصة.

وفي عام 1908 حين أعلن الدستور العثماني عاد المغربي إلى طرابلس، وأخذ ينشر مقالاته في شتى الصحف والمجلات، وظل يراسل الصحف المصرية كالمؤيد واللواء والشعب داعياً إلى نهضة اجتماعية شاملة.

وفي عام 1911 أصدر في طرابلس جريدة «البرهان»، واستمرت في الصدور حتى سنة 1914 حين نشبت الحرب العالمية الأولى.

وفي عام 1916 قررت الحكومة العثمانية في سورية إصدار جريدة عربية في دمشق باسم «الشرق»، واختارت الشيخ المغربي مديراً لتحريرها، فانتقل إلى دمشق واتخذها مقراً لإقامته، وأخذ ينشر في هذه الجريدة مقالات في الأدب والتاريخ والإصلاح الإسلامي.

وحين رحل الأتراك عام 1918 اختارته الحكومة السورية للمشاركة في النهوض بلغة الدواوين وتعريبها، ثم أصبح عضواً في ديوان المعارف الذي سمي فيما بعد المجمع العلمي العربي، سنة 1919 وكان واحداً من مؤسسيه الثمانية.

وقد وجد المغربي في المجمع ما يلبي آماله في خدمة اللغة العربية ومدّها بالمصطلحالت العلمية الجديدة، فعكف على وضع مصطلحات علمية وتصحيح أخطاء شائعة، وألقى محاضرات كثيرة ممتعة في مواضيع مختلفة من غير كلل أو ملل.

وفي عام 1933 كلف تدريس اللغة والآداب العربية في معهد (كلية) الحقوق بدمشق.

وفي عام 1941 انتخب المغربي نائباً لرئيس المجمع، وظل يشغل هذا المنصب حتى وفاته.

كان المغربي رائداً من رواد الاجتهاد  والإصلاح في جميع نواحي الحياة، وكانت غيرته على اللغة العربية لاحدود لها، ومتابعاته لأسرارها وخفاياها لا يكاد يضاهيه فيها أحد حتى سمي: إمام اللغة وحارسها الأمين.

وكان المغربي أكثر أعضاء المجمع نشاطاً وإنتاجاً ببحوثه اللغوية ومحاضراته الأدبية والاجتماعية، وقد جاوز عدد المحاضرات التي ألقاها في قاعة المحاضرات بمقر المجمع خمسين محاضرة.

ولدى تأسيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1932 أصدر الملك فؤاد مرسوماً بتسمية المغربي عضواً عاملاً في المجمع المذكور، فكان لا ينقطع عن السفر إلى القاهرة في شتاء كل سنة لحضور جلسات هذا المجمع والمذاكرة مع إخوانه الأعضاء في مواضيعه.

وانتخب أيضاً سنة 1941 عضواً في المجمع العراقي ببغداد، فكان يمد المجامع الثلاثة بآرائه وبحوثه التاريخية والأدبية واللغوية.

وبعد وفاته أقيم له حفل تأبين كبير على مدرج جامعة دمشق حضره رئيس الجمهورية آنذاك (شكري القوتلي) ووفود من مختلف الأقطار، وأعداد غفيرة من العلماء والأدباء.

ترك الشيخ المغربي عدداً كبيراً من المؤلفات والدراسات، وكلها تدور في فلك اللغة والاجتماع والأخلاق والدين، بعضها نشر في فترات مختلفة، وبعضها موزع في الصحف والمجلات وبعضها الآخر لم ينشر.

فمن كتبه المطبوعة: «الاشتقاق والتعريب»، وهو كتاب يبحث فيما يعرض للغة العربية من تكاثر كلماتها عن طريق الاشتقاق والتعريب، وهو أمر يراه المغربي طبيعياً في العربية وغيرها، ويرى أيضاً أن استعمال المعرَّب لا يحط من قدر فصاحة الكلام، خلافاً لمن يرى أنه من الواجب تنقية اللغة من المفردات المعربة الدخيلة وقصر الاشتقاق على ما كان قد سار عليه القدماء.

والمغربي برأيه الجريء كان يسعى إلى إبقاء العربية متطورة مع الزمن تطوراً صحيحاً، تأخذ من اللغات الحية ما تزيد به مفرداتها زيادة تجاري بها ركب العلم والحضارة.

ومن كتبه المطبوعة أيضاً «عثرات اللسان في اللغة» عرض فيه لطائفة من (الكلمات اليومية) مما يغلط الناس في ضبطها، من ذلك «يقولون حَلَوِيَّات، مجموعة الأطعمة الحلوة يفتحون اللام ويكسرون الواو ويشددون الياء خطأ، كأنها جمع حَلَوِيَّة، ولا يوجد في كلام العرب حلوية، وإنما : حَلْوَيات جمع حَلْوَى، بالألف المقصورة...«.

ومن مؤلفاته المطبوعة : «الأخلاق الواجبات»، و«تفسير جزء تبارك»، و«على هامش التفسير»، و«السفور والحجاب»، و«البينات».

ومن آثاره المخطوطة: «المعجم اللغوي للألفاظ العصرية»، و«كتاب أحسن القصص أو التاريخ النبوي المقدس»، و«رسالة العقائد الإسلامية»، و«شرح مقصورة ابن دريد»، و«تاريخ آداب اللغة العربية»، و«فنون البلاغة»...

 

نبيل أبوعمشة

مراجع للاستزادة:

ـ عدنان الخطيب، الشيخ عبد القادر المغربي حياته وآثاره (مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق د.ت).

ـ محمد أسعد طلس، محاضرات عن الشيخ عبد القادر المغربي (معهد الدراسات العربية العالية بجامعة الدول العربية، 1958).

ـ عبد الغني العطري، عبقريات وأعلام (دار البشائر 1996).


- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد التاسع عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 175 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة