معود حكماء (معاويه مالك)
Muawwid al-Hukamma (Mu'awiyah ibn Malik-) - Muawwid al-Hukamma (Mu'awiyah ibn Malik-)

مُعَوِّد الحكماء (معاوية بن مالك)

 

معاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب ابن ربيعة بن عامر .... يرتفع نسبه إلى قيس عيلان بن مُضَر. ومُعوِّد الحكماء، بضم الميم وكسر الواو المشددة لقب غلب عليه. وفي تعليل تلك الغلبة يقول العلماء: وسُميّ معود الحكماء بقوله:

سَـأَحْمِلُها وَتَعْقِلها غنــيٌّ

                        وأورثُ مَجدها أبداً كِلابــا

أُعَوِّد مِثلَها الحكماءَ بَعْـدي

    إِذا ما الحقُّ في الأَشْيَاعِ نَابا

َولّما غلب على مفهوم الحقِّ عند العرب ما يلزمهم من الحمالات وقرى الأضياف، قام معاوية بحمل الدِّيات عن أهله، وعن قبيلة غني لكي يَرِث مَجْد فِعْلتِه، ويجعل من السبيل الذي انتهجه قاعدة يُعِّود حكماء العرب على فعلته، فهو بهذا المعنى مصلح اجتماعي.

ومعاوية بَعْدُ فارس وشاعر جاهلي، ورث المجد عن أبيه مالك، وأمه أم البنين بنت ربيعة بن عمر فارس الضحياء ابن عامر بن صعصعه، سليلة مجدٍ مؤثل لأبيها، وأحد خمسة أخوة كانوا جميعاً سادةً في قومهم، انفرد كلُّ واحد بخصلة حميدة غلبت عليه، فأخوه أبو بَراء عامر بن مالك شاعر وفارس لُقِّب بملاعب الأسنة لفروسيته وشجاعته، وطُفيل بن مالك فارس كرزل،(وكرزل اسم فرسه) كان فارساً مِقداماً أيضاً، وربيعة الملقب بربيع المقترين لجوده وكرمه؛ وهو والد لبيد بن ربيعة الشاعر صاحب المعلقة، وسلمى نزّال المضيق فارسٌ أيضاً.

تضنّ المصادر في كشف سنة ولادته ووفاته،والأخبار المتناثرة في المصادر لا تقارب تلك السنوات ولا تفصح كثيراً عن طبيعة حياته إلا ما جاء من أخباره في شعره، منها ما أداه من عمل جليل في رأب الصدع بين قبائل كعب، بعد أن ثارت بينهم الأحقاد وتفرقت بهم السبل، وبذل في سبيل ذلك دفع حَمالة القرشي، وفي ذلك يقول:

رَأَبْتُ الصَّدْعَ مِنْ كعبٍ فَأَوْدى

                            وكان الصّدْعُ لا يَعدُ ارْتِئابا     

فأَمسى كعبُها كعبـاً  وكانـتْ

                            مـن الشَّنآن قد دُعيتْ كِعابا    

حَمَلْتُ حَمالةَ القرشـيِّ عنهـم

                        ولا ظُـلماً أردْت ولا اخْتِـلابـا

تدل أشعار معاوية على إيثاره الحكمة والتعقل ولاسيما في مرحلة النضج والشيخوخة، إذ يُلِحّ على التحول عما كان من طيشه في أيام شبابه، وقد ذهبت بعض أبياته موضع التأمل والحكمة التي استقيت من تجاربه في الحياة، فنسب إليه الرياشي وابن الأعرابي القول:

ترى الرجلَ النَّحيْلَ فَتَزْدريْهِ

                        وفي أثوابـــــه لَيْثٌ هَصوْرُ      

وَيُعْجِبُكَ الطَّريْـرُ إذا تـراهُ

                        فَيُخْلِـفُ ظَنَّـَك الرجـلُ الطريـر

ومن شعره ما ذهب مذهب المثل يتناقله الناس جيلاً بعد جيل من ذلك قوله:

إذا نزل السَّحابُ بأرض قومٍ

                    رَعيْـناهُ وإن كانوا غِِضـابــا

يعدُّ معاوية من الشعراء المقلِّين في العصر الجاهلي، فقد روى له صاحب المفضليات قصيدتين، ونسب إليه الرياشي وابن الأعرابي قصيدته الرائية، وتذهب معظم أغراضه إلى التمدح بمحتده الذي تعاون في بنائه الأب والعم، ويجعل من قومه الذروة في عشيرتهم ولاسيما في حملهم للحمالات، وإطعامهم الضيفان في سنوات الجدب، وبأسهم في الحرب، وذهب بعض شعره إلى معاني الحكمة والتعقل والدعوة إلى الإصلاح ونشر الطمأنينة والأمن.

يعكس شعر الشاعر طيفاً من طبيعة حياة عرب الجاهلية وصورة لبعض أحداث عصره وتميزاً فردياً تبّدى في عمق المعاني، وسهولة التناول، وعذوبة الألفاظ، وقد يكون ذلك كله وراء تناثر أشعاره في كتب الأدب واللغة.

 

عبد الرحمن عبد الرحيم

مراجع للاستزادة:

ـ الأصفهاني، الأغاني (مؤسسة جمال للطباعة والنشر، بيروت د.ت ).

ـ البغدادي، خزانة الأدب (دار صادر، بيروت د.ت).

ـ البكري، سمط اللآلئ،تحقيق عبد العزيز الميمني (دار الكتب العلمية،بيروت د.ت).

ـ المفضل الضبي، المفضليات، تحقيق أحمد محمد شاكر، وعبد السلام هارون (دار المعارف، القاهرة د.ت).


- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد التاسع عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 121 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة