مسيب علس
Al-Musayyb ibn Alas - Al-Musayyb ibn Alas

المسيِّب بن عَلَس

(… ـ …)

 

زهير بن علس الملقب بالمسيب، أحد أشهر ثلاثة من الشعراء المقلين في العصر الجاهلي.

وقد أجمع من ترجم له على أن اسمه زهير، واختلفوا في تسلسل نسبه، فمنهم من زاد في أسماء أجداده، ومنهم من اختصر.

وقد لقب الشاعر بالمسيب بكسر الياء، لأن أباه كلفه إبلاً يرعاها فسيَّبها، فقال له أبوه أحق أسمائك المسيب فغلب عليه، وقيل إنما لقب بالمسيب بسبب بيت شعر قاله وهو:    

فإن سَرّكم ألا تؤوبَ لقاحُكم                

                          غزاراً فقولوا للمسيب يلحق

وقيل إن لقبه المسيب بفتح الياء، لأنه أوعد بني عامر بن ذهل وقال لقومه ضبيعة: دعوني وإياهم، فقالوا: قد سيَّبناك والقوم.

عاش المسيب في أواخر أيام الجاهلية وقبل الإسلام بقليل، فقد كان ابن أخته الشاعر الأعشى راوية له، والأعشى وَفَد على الرسولr ولم يُسِلم.

كما أن المسيب مدح القعقاع بن معبد بن زرارة، والقعقاع وفد على الرسولr وأسلم مع جمعٍ من قومه، وليس في المراجع التي ترجمت للمسيب ذكر أنه أسلم. ومات المسيب مسموماً على يد بعض الأعاجم ولم يترك عقباً.

يعد المسيب من أشهر الشعراء المقلين في الجاهلية الذين لم يخلفوا شعراً كثيراً، ويشترك معه في هذه الخاصة كل من الشاعرين المتلمّس والحُصين بن حمام المُرّي. وقد جمع شعر المسيب وشرحه الآمدي، إلا أنه فُقِدَ (ضاع).

 ويمتاز شعر المسيب على شعر صاحبيه، ويتصف بالجودة والحسن، وقد أطرى الشاعر الأعشى الذي كان يلقب بصناجة العرب شعر خاله المسيب. بل إن الأعشى من إعجابه بشعر المسيب كان يغير على بعض شعره فيأخذ منه، حتى بلغ الأمر إلى تداخل شعرهما بعضه ببعض.

والدارس لشعره يجد أن موضوعاته لا تخرج عن البيئة التي يعيش فيها ويعانيها، والموضوعات التي كان يطرحها الشعراء آنذاك. وفي شعر المسيب الغزل ووصف الراحلة والفخر والمديح والتهديد والهجاء، وتعدّ قصيدة المسيب في مدح القعقاع بن مَعْبَد بن زُرارة من خيرة شعره فقد افتتحها متغزلاً بسلمى، وأبدى الحزن على فراقها ثم انتقل إلى وصف ناقته، ثم افتخر بشعره، وختم قصيدته بمدح القعقاع.

ومن شعره قصيدة متنازعة بينه وبين الأعشى يتحدث فيها عن الشجاعة والكرم والحكمة والرئاسة.

وكذلك الأمر في القصيدة التي مطلعها:

بكرتْ لِتُحِزنَ عاشقاً طَفْلُ

                وتباعدتْ وتجذَّم الوَصْلُ

فهي غزل ووصف للناقة ومدح للمُمَدَّح.

وقد تهيأت للشاعر معانٍ برع فيها، فأُعجب بها الشعراء بعده وأخذوها عنه، منها وصفه لثغر المرأة فهو يقول:

وكأنّ طعم الزنجبيل به

                إذ ذقته وسلافة الخمر

شَرِقاً بماء الذوب أسلمه

                للمبتغيه معاقلُ الدَّبْر 

(الدَّبْر: جماعة النحل)

وفي دراسة أسلوب المسيب في شعره يلاحظ أن مفرداته في أغلبها مألوفة، وتميل إلى الجزالة، ويحرص الشاعر على إضفاء جرس موسيقي في أبياته من تقطيع مفرداته، وإعطائها توافقاً في الوزن أو الأحرف، كما يكثر من إيراد التشابيه التي تضفي جمالاً وبهاءً على الأسلوب والمعنى.

وتكثر الكنايات التي قد تكون مشاركة للتشبيه، تؤدي إلى جودة المعنى وتوضيحه، وتتميز صوره الشعرية بأنها مجموعة خيالات مكوناتها من البيئة التي يحياها الشاعر فيربط بين عناصرها بأساليب البلاغة المعروفة ليكوّن من مجموعها خيالات يجتمع بعضها مع الآخر ليشكل الصورة الساحرة المعبرة التي تضفي الجمال على المعنى. وصوره في أغلبها كلية لا تعنى بإيراد الجزئيات ووصفها، وتكاد تخلو صوره من الألوان، ولكن الشاعر يعوض عن ذلك بالحركة التي تغني الصورة بالحيوية وتمنحها القدرة على التأثير.

محمد سعيد مولوي

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تحقيق أحمد محمد شاكر (دار الحديث، القاهرة 1418 - 1998).

ـ محمد بن سلام الجمحي، طبقات فحول الشعراء، تحقيق محمود محمد شاكر (مطبعة المدني، مصر، د.ت).

ـ عبد القادر البغدادي، خزانة الأدب (دار صادر، بيروت، د.ت).


- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثامن عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 624 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة