النفايات المشعة
نفايات مشعه
Radioactive wastes - Déchets radioactifs
النفـايـات المشِعَّة
تعريفها ومصادرها
النفايات المشِعَّةradioactive wasteهي كل مادة مشِعَّة أو ملوثة بالنظائر المشِعَّة ناتجة من ممارسات أو عمليات تدخّل، بغض النظر عن حالتها الفيزيائية، ولا يتوقع أن يكون لها أي استخدام مفيد، وتكون عادة محتوية على نظائر مشِعَّة يزيد تركيزها على المستويات المسموح بها التي تقررها السلطة المختصة في كل دولة، ويختلف نوع النفايات المتشكلة وحجمها من مركز إلى آخر طبقاً لنوع الممارسة التي يؤديها هذا المركز.
وقد أدى التطور السريع لصناعات المواد المشِعَّة والطاقة النووية وتزايد استخدامات المنابع والنظائر المشِعَّة في مختلف مجالات الحياة إلى تزايد كمية النفايات المشِعَّة المرافقة لكل هذه الأنشطة.
أنواعها ومبادئ تصنيفها
تكون النفايات المشِعَّة عادةً بأشكال مختلفة حسب مصدرها ونوع النظائر التي أدت إلى تشكلها، وتصنف في الغالب بحسب:
1ـ الحالة الفيزيائية:
ـ تقسم الغازية إلى ثلاثة أقسام يراوح نشاطها بين 73 × 013 و3.7 بكرل/م3.
ـ وتقسم السائلة إلى خمسة أقسام ثلاثة أقسام ضعيفة نشاطها أقل من 73 × 015 بكرل/ليتر، ومتوسطة نشاطها أقل من 73 × 0101 بكرل /لتر، وعالية يقع نشاطها في الحدود العليا من ذلك.
ـ أما الصلبة فتصنف حسب مقدار الجرعة على سطح الحاوية التي تضمها بغض النظر عن طبيعة النفايات في الحاوية، وتصنِّفها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أربع فئات، تتضمن الثلاثة الأولى منها I, II, III النفايات التي تصدر أشعة بيتا β وأشعة غاما γ وكميات ضئيلة من مصدرات ألفا α ولا تتجاوز الجرعة على سطحها 2R/h (2رونتجن في الساعة، والرونتجن هو1/100 من السيفرت)، في حين تُصنف في الفئة الرابعة النفاياتُ الصلبة التي تحوي مصدرات ألفا وكميات ضئيلة من مصدرات بيتا وغاما، ويقاس نشاط الفئة الرابعة بالكوري/م3 بشرط ألا تشكل كتلة حرجة. وهذا التصنيف لا يوفر معلومات كافية عن طبيعة النظائر المحتواة.
2ـ النشاط الإشعاعي النوعي: (منخفضة النشاط الإشعاعي ومتوسطة أو عالية النشاط الإشعاعي).
3ـ كما يمكن أن تصنف النفايات المشِعَّة الصلبة بحسب طريقة معالجتها:
أ ـ نفايات قابلة للاحتراق كالخشب والورق والكرتون.
ب ـ غير قابلة للاحتراق كالزجاج والأحجار والحديد.
ج ـ قابلة للانضغاط أو الكبس.
د ـغير قابلة للكبس أو التقطيع.
4ـ حسب الخواص الكيميائية للنفايات (ملح أكسيد، رطبة، جافة).
5ـ حسب الخواص البيولوجية (حيوانات تجارب).
إدارتها: جمعها وفرزها ونقلها
تتطلب قواعد التصرف السليم بالنفايات مايأتي:
1ـ التعامل مع النفايات المشِعَّة باتباع القواعد المحددة الخاصة بها، ويجب الحصول على رخصة من الجهة الوصائية قبل المباشرة بأيّ نشاط له علاقة بالنفايات المشِعَّة. ولا يحق لأيّ جهة دفن نفايات مشِعَّة إلا بموافقة من السلطات المختصة؛ لأنه لا يمكن تجنب خطر النفايات المشِعَّة بتغير خواصها الفيزيائية والكيمياوية (كما هي الحال في النفايات البيولوجية والكيمياوية)، لذلك لابد من عزلها وفق القواعد الموصى بها عن بيئة الإنسان وتحويلها إلى أشكال قابلة للعزل المأمون ومانعة للتسرب بحيث تبقى مستقرة إلى حين تدني مستوياتها الإشعاعية إلى الحدود المسموح بها أو خزنها أو تسليمها أصولاً.
2ـ إجراء عملية جمع النفايات المشِعَّة مباشرة فور تشكلها بعد فرزها بحسب الحالة الفيزيائية إلى نفايات قابلة للحرق أو غير قابلة للحرق. ويتم تبطين حاويات جمع النفايات المشِعَّة الصلبة والبيولوجية بأكياس من اللدائن منعاً لتلامس النفايات المشِعَّة مع سطح حاويات الجمع، أما النفايات المشِعَّة السائلة فتجمع في حاويات لدائنية خاصة أو توضع داخل خزانات من الفولاذ المقاوم للصدأ. ويُمنع وضع النفايات المشِعَّة السائلة في حاويات جمعت فيها النفايات المشِعَّة الصلبة أو النفايات المشِعَّة البيولوجية؛ إذ يخصص لكل نوع من أنواع النفايات المشِعَّة حاويات خاصة بها بمعزل عن الأنواع الأخرى. ويقع على عاتق منتج النفايات المشِعَّة تخصيص مكان معزول لجمع النفايات المشِعَّة وأن يحيطه بوسائل تخفف من شدة الجرعة الإشعاعية الناتجة، وكذلك يقوم بتسجيل كمية النفايات المشِعَّة التي تنتج لديه وتحديد:
أ ـ طبيعة النفايات المشِعَّة وحجمها وحالتها الفيزيائية ( صلبة ـ سائلة ـ غازية).
ب ـ نوع النظير المشع أو النظائر الموجودة في النفايات.
ج ـ النشاط الإشعاعي للنفايات.
د ـ شدة الجرعة على سطح حاويات جمع النفايات.
هـ ـ شدة الجرعة على مسافة متر واحد من النفايات.
وفيما يخص النفايات المشِعَّة التي لا يزيد عمر نصفها عموماً على 15 يوماً فإنها تحفظ لدى منتج النفايات المشِعَّة، ويقوم بتخزينها حتى تتفكك إشعاعياً، وينخفض نشاطها الإشعاعي إلى الحدود المسموح بها الموضوعة من قبل الهيئات الحكومية المختصة. ومن ثم يتم التخلص منها على أنها نفايات غير مشِعَّة، وتوضع النفايات المشِعَّة الكبيرة الحجم في حاويات كبيرة، أو يتم تقطيعها لتصغير حجومها وخزنها مؤقتاً حسب الشروط الخاصة بذلك.
ويجب أن تراعى أيضاً قابليتها للاحتراق أو للانفجار، ويجب عموماً ألاّ تزيد مدة الحفظ المؤقت على شهر واحد إلا إذا كانت كميتها أقل من خمسين لتراً؛ فيمكن أن تحفظ مدة أقصاها ستة أشهر، ويمكن الحفظ المؤقت أو النقل على مستوى المنشأة في حاويات أو صهاريج خاصة إذا كانت سائلة، وفي حاويات مزودة بتغليف أولي وأكياس لدائنية إذا كانت صلبة، وفي كل الأحوال يجب الرجوع إلى تعليمات الجهات الوصائية المختصة في البلدان الأخرى وإرشاداتها.
3ـ نقل النفايات المشِعَّة: تنقل النفايات المشِعَّة من قبل المختصين بوسائط نقل خاصة وضمن شروط تغليفٍ محددة توفر وقاية العاملين من الإشعاع، وتلبِّي معايير الأمان المتبعة عالمياً لنقل النفايات المشِعَّة، وبعد التسلّم تفرز الحاويات وفق نظام سبقت الإشارة إليه استعداداً للمعالجة حسب مواصفاتها وحسب نتائج الفحص الإشعاعي، ومن ثم تحفظ للتخزين المؤقت أو التخزين الطويل الأمد.
معالجة النفايات المشِعَّة
1ـ معالجة النفايات المشِعَّة الصلبة: وهي التي تتضمن بقايا معدنية تنتج في أثناء التعامل مع المعادن ومواد الفلترة (المرشحات)، وكذلك التجهيزات والمعدات والأنابيب التي لا يمكن إزالة تلوثها، مثل الأواني المخبرية والأخشاب ومواد البناء. وتعدّ النفايات الصلبة مشِعَّة إذا كان التلوث السطحي يزيد على 5 جزيئات ألفا في الدقيقة أو 50 جزيئة بيتا بالدقيقة لسطح مساحته 100سم2، أو كانت شدة أشعة غاما المنبعثة من السطح تزيد على 0.3 ميلي سيفرت/الساعة. ويفضل ألاّ تزيد الخلفية العامة لأشعة غاما في المكبات أو المخازن على الخلفية الطبيعية المسموحة للبيئة المحيطة بها، أي بحيث لا تتجاوز الجرعة الناتجة منها 0.1 ميلي سيفرت/الساعة(1).
وتستخدم الطرائق الميكانيكية الآتية في معالجة النفايات الصلبة:
ـ الكبس بمكابس خاصة.
ـ تقطيع التجهيزات الكبيرة كالخزانات ودارات التهوية والأفران وغيرها.
ـ حرق المواد الصلبة مثل الورق والقماش، ولاسيما أن هذه العملية تنقص الحجوم بحدود 50 ـ100مرة، وتقلل الكتلة بمقدار 10 ـ20 مرة، ولا يمكن حرق المواد المشكلة للغازات السامة أو حرق المواد القابلة للانفجار أو تلك المواد التي تصدر غازات تسبب تآكل المواد التصميمية لأفران الحرق.
2ـ معالجة النفايات المشِعَّة السائلة: تتطلب عمليات نقل النفايات المشِعَّة ومعالجتها وخزنها حل مشكلة النفايات السائلة المختلفة التراكيب والمختلفة النشاط الإشعاعي. إذا كانت كمية النفايات كبيرة، وتتجاوز عدة لترات في اليوم، فيجب أن ترسل إلى أماكن المعالجة من أجل فصل النظائر المشِعَّة الموجودة فيها وإعادة المياه بعد تنقيتها من أجل استخدامات فنية أخرى، ومن الطرائق المعروفة في معالجة النفايات المشِعَّة السائلة:
أ ـ الترسيب: من أجل الكميات الكبيرة.
ب ـ الامتصاص: التي تساعد على امتصاص النظائر المشِعَّة الموجودة في السائل.
ج ـ التبادل الأيوني: وتستخدم لمعالجة مياه التبريد الخاصة بالمفاعلات ولمعالجة المياه التي حفظ فيها الوقود المستهلك، ومعالجة المياه الملوثة بالنظائر المشِعَّة الناتجة من مراكز البحوث.
د ـ التبخير: لمعالجة النفايات المشِعَّة السائلة التي تحتوي على كمية كبيرة من الأملاح.
هـ ـ خزن السوائل ذات المستويات الإشعاعية المنخفضة في أحواض كتيمة أو تصليبها وإبقاؤها تحت سطح الأرض بعيداً عن المياه الجوفية والعوامل الجوية.
يتطلب الخزن ضمان الرصد الإشعاعي بعد إغلاق المخزن ائة عام على الأقل ومراقبة طبقات الأرض السطحية للنفايات المنخفضة المستوى الإشعاعي طبقاً للمواصفات الواردة في الوثيقة (الجزء 61) من «كود الأنظمة الفدرالية» -10 (10CFR61). والهدف الرئيسي لهذا «الكود» هو إجراء عمليات اختبار الموقع والتصميم والتشغيل والإغلاق، والرقابة بعد الإغلاق، بحيث يبقى التعرض الإشعاعي للإنسان دون الحدود المنصوص عليها في الأنظمة، ولابد من توصيف الموقع ونمذجته بحيث تكون السمات الهدرولوجية للموقع واضحة ومحددة بالأرقام. ولابد أن يكون هناك تصور مسبق لاتجاهات انتقال النكليدات المشِعَّة التي قد تنبعث من النفايات ومعدلاته، وقد لا يكون ذلك أمراً ممكناً في بعض المواقع، فعلى سبيل المثال، إذا ما تم وضع النفايات في صدوع صخور القاعدة (صخور الأديم) fractured bedrock؛ فإن المسارات التي يتخذها النشغ (الارتشاح) قد تكون غير محددة.
تخزين المواد المشِعَّة ودفنها
1ـ التخزين المؤقت للنفايات المشِعَّة: تجري عملية الحفظ المؤقت للنفايات المشِعَّة في مكان معزول ومخصص لهذا الغرض بحيث تحفظ النفايات المشِعَّة الحاوية على النظائر المشِعَّة القصيرة عمر النصف (أقل من 15 يوماً) فترة زمنية محددة حتى ينخفض النشاط الإشعاعي إلى القيم المسموح بها من قبل الهيئات الحكومية المختصة، ومن ثم ترمى مع القمامة العادية. ويجب ألا تزيد مدة الحفظ المؤقت للنفايات المشِعَّة المتشكلة في المنشآت المنتجة على الشهر، ومن الممكن السماح بفترة أطول لا تزيد على ستة أشهر على ألا تتجاوز الكمية 50كغ. أما فيما يخصّ النفايات المشِعَّة البيولوجية فيجب ألا تزيد مدة الحفظ المؤقت لها على خمسة أيام إذا لم تحفظ في مجمّدات أو محاليل خاصة.
2ـ التخزين الطويل الأمد للنفايات المشِعَّة: تُخزن النفايات المشِعّة في مستودع يلائم طبيعتها في منطقة تقع خارج التطور السكني المستقبلي المحتمل وخارج المناطق المستخدمة من أجل الراحة والاصطياف، وبعيدة عن المياه الجوفية، ويجب أن تكون المنطقة مستقرة جيولوجياً كالملاحات وبعض المناطق تحت السطحية المناسبة. ويجري تخطيط المستودع وحساب حجمه بحيث يمكن استيعاب ما ينتج من نفايات مشِعَّة مستقبلاً على أقل تقدير نحو عشرين سنة أو أكثر. وتوفر في مخازن النفايات المشِعَّة وسائل حماية العاملين وعامة الناس من أخطار الإشعاع المؤين الناجمة عن هذه النفايات المخزنة بوساطة التدريعات المستخدمة في بنائها (بيتون مسلح، الفولاذ الذي لا يصدأ، … إلخ). ويمكن أن توصف السعات التخزينية لمرافق النفايات منخفضة المستوى الإشعاعي بدلالة حجم النفايات أو كمية النشاط الإشعاعي. وبما أن تكلفة التخلص من النفايات ترتبط بالحجم أكثر مما تتأثر بمقدار النشاط الإشعاعي، فإن هذا يشجع على تقليص حجم هذه المواد.
دفن النفايات وتقييم أمان مخازن الدفن النهائية (المقابر)
يجب أن يعار موضوع الأمان في أثناء عملية إنشاء مدافن للنفايات المشِعَّة أهمية بالغة. فعند اختيار التشكيلة الجيولوجية المناسبة لإقامة المدفن يجب دراسة خواص جدرانه والطبقات الجيولوجية المجاورة لها، ويجب أن يتميز المدفن بالكتامة وخاصية حجز النكليدات المشِعَّة التي يمكن تهجر الحاوية بنتيجة تلفها بتأثير العوامل الجيولوجية والجوية المحيطة أو نتيجة التأثيرات الميكانيكية أو الاهتزازية مع توقع تعرّض موضع الدفن للمياه من مصادر طبيعية مختلفة والتسبب بهجرة النكليدات المشِعَّة إلى الوسط المائي، فتتركز فيه، ومن ثم تخترق جدران المدفن والصخور المحيطة، وتنشر بذلك التلوث الإشعاعي في الغلاف الحيوي، وعلى الرغم من أن الصخور تؤدي دوراً مهماً في إعاقة تسرب هذه النظائر، وأن انتشار هذه النظائر عبر مساماتها يتصف عموماً بالبطء الشديد؛ فإن سرعة هجرة هذه النظائر تعتمد أساساً على التفاعل المتبادل بين النظائر المشِعَّة المهاجرة والصخور المحيطة. ويتم عادة حساب معاملات الانتشار بحل معادلات الانتشار المختلفة، ولكثرة التحفظات لا توافق الدول وهيئات حماية البيئة على الدفن الطويل للنظائر طويلة عمر النصف في أراضيها.
وفي الوقت الحالي فإن المخطط الوحيد قيد الدراسة ـ للتخلص من النفايات العسكرية الضخمة ذات المستوى الإشعاعي العالي في الولايات المتحدة ـ يتمثل في تحويلها إلى نفايات صلبة ثابتة (بالإسمنت والبيتومين) ثم دفنها نهائياً في مستودعات جيولوجية دائمة
مصطفى حمو ليلى
الموضوعات ذات الصلة: |
العناصر المشعة ـ كاشف الإشعاع ـ المشعة (العناصر المصطنعة ـ) المفاعل النووي.
مراجع للاسـتزادة: |
ـ محمد غفر، نسيم عاصي، طرائق وتقنيات معالجة النفايات المشعة (هيئة الطاقة الذرية، دمشق 2002).
- D.D.KELLY, Radioactive Waste: Hidden Dangers (Extreme Environmental Threats) (Rosen Publishing Group 2006)
- RAYMOND LEROY MURRAY & KRISTIN L. MAN, Understanding Radioactive Waste (Battelle Press; 5th edition 2003).
- JAMES SALING, Radioactive Waste Management (Taylor & Francis; 2 edition 2001).
- التصنيف : الصناعة - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 765 مشاركة :