نفايات صناعيه
Industrial wasted - Déchets industriels

النفايات الصناعية

 

تقوم الصناعة باستخراج المواد المختلفة وتصنيعها بهدف تحويلها إلى منتجات مصنَّعة وسلع مختلفة أو مواد غذائية يمكن بيعها أو استهلاكها، وينتج من الصناعة أيضاً نواتج ثانوية، تسمى «النفايات الصناعية» industrial weste، ولا يمكن استهلاكها أو استخدامها، أو لم تعد هناك حاجة لها، ولابد من التخلص منها منعاً لتراكمها أو تأثيرها السلبي في البيئة، وتشمل الغازات والأبخرة الناتجة من خطوط الإنتاج وتوليد الطاقة وبقايا المواد المستخدمة في عمليات الإنتاج على نحو مباشر أو غير مباشر والمياه والسوائل الناتجة من تحضير المواد الأولية وتجهيزها أو من خطوط الإنتاج وأيّ مواد أخرى تدخل في النشاط الصناعي، إضافة إلى قطع الآلات وأدوات الإنتاج المستهلكة. وتتباين النفايات الصناعية تبايناً كبيراً في نوعيتها ودرجة خطورتها حسب نوع الصناعة وطرائق التصنيع وتكنولوجيا الإنتاج والمواد المستخدمة فيه.

تصنيف النفايات الصناعية:

1ـ حسب حالتها الفيزيائية:

ـ نفايات غازية: تشمل العديد من الغازات وأبخرة الأكاسيد المعدنية.

ـ نفايات سائلة: تشمل العديد من المركبات الكيمياوية مثل الحموض والقلويات والمذيبات الكيمياوية، إضافة إلى الماء الحاوي على أكاسيد المعادن بشكلها المنحل.

ـ نفايات صلبة: مثل اللدائن والمعادن والرمل المستخدم في عمليات صب المعادن والورق المستخدم في التغليف أو الناتج من النشاطات المكتبية.

2ـ حسب تأثيرها على البيئة والكائنات الحية:

ـ النفايات الخطرة: والتي تتصف بما يأتي:

ـ قابلية الاشتعال، تشتعل بسهولة في درجات الحرارة العادية.

ـ نشطة كيمياوياً: تتفاعل كيمياوياً بسهولة.

ـ أكّالة: قادرة على حلّ المعادن المختلفة كالحموض والأسس (القواعد).

ـ سامة: تسبب التسمم لمختلف الكائنات الحية، مثل الدهانات التي يدخل الرصاص في تركيبها.

ـ نشطة إشعاعياً: بسبب امتلاكها فعالية إشعاعية، وتشمل النفايات الناتجة من المفاعلات والصناعات النووية، إضافةً إلى بعض أنواع النفايات الطبية الناتجة من المعالجات بالنظائر المشعة.

ـ النفايات غير الخطرة: هي النفايات التي لاتملك أيّاً من الصفات السابقة.

مصادر النفايات الصناعية:

تنتج النفايات الصناعية من استخراج المواد الأولية من المناجم، ونحو تحضير المواد الأولية وتجهيزها؛ ومن مراحل الإنتاج المختلفة.

آثار النفايات الصناعية في البيئة:

مع التطور الذي رافق الثورة الصناعية وتركز السكان في مراكز صناعية كبيرة؛ تعرّف الإنسان مصادر جديدة للطاقة، مثل الفحم الحجري والنفط ومشتقاته، وبدأت تظهر مشكلات بيئية نتجت من تراكم النفايات بأشكالها المختلفة خاصة الصناعية منها، حيث بدأ لون مياه الأنهار والمصادر المائية يتحول إلى السواد تدريجياً، وتنطلق منها الروائح الكريهة، واختفت الأسماك منها، كما حصل في نهر الراين في ألمانيا. وبدأ تسجيل الكوارث الصحية الناتجة من تلوث الهواء. كما تراكمت النفايات الصلبة مثل الرماد الناتج من حرق الفحم والرمال الناتجة من صناعة التعدين بشكل أكوام كبيرة في ساحات المعامل وحول المدن. ومع بدايات القرن العشرين الذي تميز بالتطور السريع، تطورت الصناعات الكيمياوية كثيراً [ر. الكمياوية (الصناعات ـ)]، وأُنتجت مواد جديدة لم تكن معروفة من قبل، مثل اللدائن المختلفة التي يحتاج تفككها إلى زمن طويل قد يمتد إلى مئات السنوات، والتي انتشر استخدامها في مختلف النشاطات البشرية، كما تطورت صناعة المبيدات والمنظفات الكيمياوية، وطرأ تطور كبير على صناعة التعدين، وانتشرت محطات توليد الطاقة باستخدام الوقود الأحفوري (الفحم، النفط ومشتقاته) والطاقة النووية، وطُوِّرت وسائط جديدة للنقل تعتمد على استخدام محركات الاحتراق الداخلي.

وبدأ تسجيل عدد من حالات الاختناق الجماعي كما حصل في بنسلفانيا عام 1948 واستمر ثلاثة أيام، وفي لندن عام 1952 واستمر خمسة أيام، ونتجت الحالتان من ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون SO2إلى مايزيد على 1.5مغ/م3.

وظهر العديد من حالات التسمم بين الكائنات الحية والسكان. فعلى سبيل المثال حصل موت جماعي للطيور في السويد في خمسينيات القرن العشرين نتج من استخدام مبيدات كيمياوية منذ عام 1940، كما حصل تسمم جماعي للسكان في قرية ميناماتاباي في اليابان في بدايات خمسينيات القرن العشرين بسبب التلوث بالزئبق الناتج من معمل قريب.

ومن الآثار السلبية لتلوث الهواء بالنفايات الصناعية تشكل الأمطار الحامضية التي أدت إلى أذىً كبير للأبنية والمنشآت في العديد من مدن الدول المتطورة صناعياً، وإلى ضرر كبير في الغابات وموت الكائنات المائية في عدد من البحيرات في السويد.

التخلص من النفايات الصناعية:

يتم تصريف النفايات الصناعية يتم في مياه البحار والمجاري المائية، أو دفنها في مدافن تحفر، وتجهز لهذه الغاية خصوصاً، ويقدر عدد المدافن التي تم دفن نفايات خطرة فيها في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها بنحو 50 ألف موقع.

ولكن مع تزايد النشاط الصناعي تزايدت كميات النفايات الصناعية، وتزايدت من ثمّ مشكلات التخلص منها خاصة بعد أن أصدرت معظم الدول الصناعية قوانين مشددة لحماية البيئة، وأصبحت هناك حاجة ملحة لإيجاد طرائق جديدة للتخلص من النفايات الصناعية. وترتكز الاتجاهات الحديثة على تخفيض كمية النفايات الناتجة، ومن ثم معالجتها بهدف التخلص من خواصها التي تؤثر سلبياً في البيئة، وأخيراً التخلص النهائي منها، ويمكن تلخيص الخطوات المتبعة كالآتي:

1ـ الإنقاص من المصدر: هي مجموعة من الإجراءات المتبعة في المعمل مباشرة بهدف تقليل كمية النفايات الناتجة، ومنها ما يأتي:

ـ تحسين نوعية المواد الخام بحيث تحتوي كمية أقل من المواد التي تتبقى نفايات.

ـ تغيير تركيب المنتج بحيث ينتج كمية أقل من النفايات خاصة الخطرة منها.

ـ استخدام «الصناعة النظيفة»، ويشمل ذلك تطوير التكنولوجيا وخطوط الإنتاج المستخدمة، واستخدام مواد أقل سميّة وضرراً على البيئة مواد أولية أومساعدة في الإنتاج.

2ـ التدوير: هو إعادة استخدام بعض المواد المهمة والخطرة في كثير من الحالات والمشكلة للنفايات عوضاً عن رميها وتحويلها إلى ملوث للبيئة، ويشمل ذلك:

ـ إعادة الاستخدام في خطوط الإنتاج في الصناعة نفسها: يُعد هذا الشكل من إعادة الاستخدام الأفضل بيئياً واقتصادياً.

ـ إعادة الاستخدام مادةٍ أولية في صناعات أخرى: يُعدّ الرمل المستخدم في قوالب صب الحديد من المواد التي يمكن نقلها واستخدامها مادة بناء بعد معالجة مناسبة، ولا يُعدّ هذا الحل الأنسب بيئياً في كل الحالات بسبب الخطر الناتج من احتمال تسرب النفايات (خاصة الخطرة منها) في أثناء نقلها من معمل إلى آخر، كما أن كلفة إعادة الاستخدام تزداد بسبب الكلفة الناتجة من عملية النقل ذاتها وإجراءات الأمان الإضافية الواجب اتخاذها لمنع التسرب في أثنائها.

ـ تجهيز النفايات وتحويلها إلى منتجات ثانوية قابلة للاستخدام في الصناعة، ويندرج حرق النفايات بهدف توليد الطاقة (سواء في الصناعة نفسها أم في صناعات أخرى مثل صناعة الإسمنت) تحت هذا الشكل من أشكال إعادة الاستخدام شريطة عدم تلويث الهواء بالغازات الناتجة من الاحتراق.

ومن أشكال التدوير استخلاص المواد المهمة من النفايات، مثل استخلاص المعادن الثمينة كالفضة والذهب والكروم من النفايات السائلة الناتجة من صناعة التلبيس الغلفاني للمعادن، ومثل الحصول على اللانولين الذي يعد من المواد المهمة في صناعة مواد التجميل من النفايات الناتجة من دباغة الجلود.

من أهم المواد التي يمكن تدويرها:

ـ البلاستيك (اللدائن): وهو يمتاز بثبات مركّباته حيث يحتاج تفككها في الطبيعة إلى زمن طويل جداً قد يمتد إلى مئات السنين مما يؤدي إلى تراكم المنتجات البلاستيكية في الطبيعة. يتم طحن بقايا الإنتاج والمنتجات المخالفة للمواصفات وإعادتها إلى خط الإنتاج في المعمل نفسه بعد خلطها بنسب محددة مع المادة الأولية، أو يمكن استخدامها في معامل أخرى في صناعة الألعاب ومواد التغليف إلا أنه يوجد العديد من أنواع البلاستيك غير القابلة للتدوير.

ـ الورق: حيث يمكن إعادة استخدام بقايا العلب الكرتونية والورق المستخدم في التغليف والأعمال المكتبية في صناعة عجينة الورق.

ـ الحديد: مثل بقايا الآلات والبرادة وقطع الحديد الناتجة من الصناعة.

ـ المعادن الأخرى: مثل النحاس (المستخدم بكثرة في تجهيزات التبريد والتكييف والتجهيزات الكهربائية) والألمنيوم والزئبق والتوتياء.

كما يعدّ الزجاج وزيوت المحركات من المواد المهمة التي يمكن إعادة تدويرها.

 إن للتدوير وإعادة الاستخدام العديد من الفوائد، فهما يساعدان على الحد من استنزاف الموارد الطبيعية والإقلال من كمية النفايات الواجب التخلص منها، ومن ثمّ الحد من تلوث البيئة بالمواد السامة، وفي العديد من الحالات تخفيض كلفة الإنتاج والطاقة المستهلكة على محو ملحوظ.

3ـ المعالجة والتخلص من الخواص السلبية: حيث يتم تفكيك المواد الداخلة في تركيب النفايات أو تغيير تركيبها عبر سلسلة من الخطوات التكنولوجية والتفاعلات الكيمياوية التي تُنفَّذ في منشآت خاصة بحيث يتم التخلص من خواصها الضارة بالبيئة والكائنات الحية وتحويلها إلى مواد يمكن أن تدخل في الدارة الطبيعية للمواد في البيئة من دون آثار سلبية (يستمر تفكيكها في البيئة، وتتحول بعد زمن مقبول إلى مركبات ومواد بسيطة من المركّبات الأساسية للبيئة).

4ـ الحقن في الأرض: يمكن في بعض الحالات الخاصة السماح بحقن بعض أشكال النفايات السائلة في آبار النفط التي انتهى استثمارها (المياه المالحة والنفايات الناتجة من تصنيع النفط على سبيل المثال) شريطة عدم حصول أيّ تلوث للتربة أو المياه الجوفية.

5 ـ الطمر الصحي: هناك أنواع من النفايات الخطرة لا يمكن معالجتها حالياً، أو تنتهي خواصها السلبية بعد زمن محدد قد يمتد إلى عشرات السنين (العديد من أشكال النفايات الناتجة من الصناعات الكيمياوية، المواد المشعة)، فتخزن ضمن براميل وحاويات خاصة لا تسمح بتسربها أو تسرب أبخرتها أو الأشعة الناتجة منها، وهي لا تتآكل بتأثير النفايات، وتمتاز بعمرها الطويل، وتوضع في حفر عميقة مجهزة لهذا الغرض خصوصاً، بحيث يتم عزلها عزلاً كاملاً عن البيئة بانتظار تطوير الوسائل المناسبة لمعالجتها، أو الانتهاء من خواصها السلبية مع الزمن.

محمد بشار المفتي

 الموضوعات ذات الصلة:

 

التلوث البيئي ـ الكيمياوية (الصناعات ـ) ـ النفايات المشعة.

 

 مراجع للاستزادة:

 

- INC. WOODARAD & CURRAN, Industrial Waste Treatment Handbook, (Butterworth- Heinemann 2005).


- التصنيف : الصناعة - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 763 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة